الفصل 6 : الهرب
بقيت متسمّرة في مكاني لدقائق، أو ربما لساعات، لم أستطع حساب الوقت في ذلك الموقف. لقد كنت مدهوشة، وشعرت بأحاسيس مختلفة: الفرح لأنني تخلّصت منها، والغضب لأنني تدنّيت إلى مستواها، والخوف من أن يكتشفني أحد، وأخيرًا الذنب لأنني أزهقت روحًا بشرية.
صفعت نفسي صفعات متتالية، فأصبح وجهي متورّمًا أكثر مما كان، وقلت بجدية: "تشجّعي يا فتاة، أنتِ بالغة. لنركّز على الهرب أولًا."
أخذت زفيرًا قويًا وانطلقت. فتحت الباب، لم يكن هناك أحد. هبطت السلالم، وكان الظلام يعمّ المكان، لكنني استطعت الرؤية بطريقة ما.
استمررت في طريقي، كان المكان مهيبًا، استطعت رؤية النقوش الذهبية وأبواب الغرف الضخمة. قلت بتساؤل: "ما هي هوية العائلة التي تجسّدت فيها بالتحديد؟"
وأنا أبحث عن طريق للخروج، وجدت نفسي في المطبخ. تجاهلته، لكنني تذكّرت أنني سأكون بحاجة للطعام.
تقدّمت بخطوات بطيئة، بدأت أبحث هنا وألتقط هناك، وفي النهاية كانت الحصيلة: بعض الخبز، قارورتان من الماء، لحم مقدد، وبعض الفاكهة.
اعتمدت في خياراتي على الأكل الذي سيبقى معي لمدّة. غادرت المطبخ وتوجّهت نحو الخارج، ووجدت الباب أخيرًا بعد أن نزلت ثلاث طوابق.
لكن الرياح لا تجري بما تشتهيه السفن...
جاءني صوت من الخلف، التفتُّ لأجد ذلك الخادم العجوز الأنيق. نظر إليّ بنظرات غريبة، يمكن أن نكون نحن الوحيدين اللذين نفهم معناها.
ما زلت أتذكّر صورته عندما حملني وجاء بي إلى هنا، وهمس لي بذلك الكلام...
التفت وقال: "يبدو أنني كبرت لدرجة أنني أصبحت أتوهم، ههه هذا العجوز يجب ان يتقاعد فريبا"
. لم أعلّق، وغادرت من الباب المفتوح، ذلك الباب الذي دخلته بحثًا عن السعادة، ها أنا أغادره بحثًا عن الحرية.
تمشّيت بحذر شديد، كان هناك بعض الفرسان في دورياتهم، لكنني استطعت تجنّبهم بفضل عينَيّ اللتين تنبّهاني قبل قدومهم.
وهكذا، من هنا إلى هناك، بقيت أتسلّل. وصلت إلى البوابة الرئيسية، ولم أكن لأستطيع الهرب منها.
سمعت صوت أشخاص يتحدّثون، فاختبأت بين بعض الأشجار. مرّوا من أمامي، وسمعتهم يقولون:
"لِمَ نقوم بهذه المهمة أصلًا؟ من يجرؤ على التسلّل إلى منزل الأرشيدوق فالون إكستر، وهو حامي الإمبراطورية؟"
فأجابه الرجل بجانبه: "اصمت، إذا سمعك أحد فستُعدم. من أقسم بالولاء لعائلة إكستر يجب أن يقوم بواجبه دون سؤال."
فردّ الآخر بضجر: "حسنًا، حسنًا، سأحذر."
صُدمت. ماذا؟ كيف؟ هل يُعقل أنني أنتمي إلى أرشيدوقية؟ هذا مذهل!
ولسوء حظّي، كان صوت دهشتي قويًا بما يكفي ليسمعه الفرسان. قالوا: "أظهري نفسك، من تكونين؟"
تبا! لماذا أنا سيئة الحظ إلى هذه الدرجة؟
ركضت محاولة الهرب، ولما رأوا جسمي الصغير قالوا بصدمة: "طفلة؟"
كانت تلك الثواني بين استعدادهم لرشدهم ومطاردتهم لي كافية لأجد مكانًا للاختباء.
اختبأت في دفيئة كانت قريبة نسبيًا. المكان الذي كنت فيه كان مخيفًا، لكن الموت كان أكثر رعبًا.
دخلوا إلى الدفيئة، وقالوا: "لا تقلقي أيتها الطفلة، لن نؤذيك. هيا تعالي، لدينا بعض الحلوى، هل تريدينها؟"
هؤلاء... هذه خدعة قديمة، لا تنطلي عليّ.
حاولت التحرّك عكس اتجاههم، لكن فجأة لمست شيئًا معدنيًا. نظرت للأسفل، لم أجد شيئًا غير العشب.
تحسّسته، فرأيت مقبضًا معدنيًا صغيرًا. إذا كان هو ما أفكّر فيه، فسأهرب بسلام من هنا...
*منظور ثالورين إيكارت:*
تبا! أين هي تلك الخادمة؟ لماذا لم تعد بعد؟
قلت وأنا أعضّ أظافري بتوتر: "يجب أن تكون قد عادت الآن بعد قتلها تلك الفتاة غير الشرعية."
صرخت بغضب: "تسك! أنتِ، اذهبي إلى العلية وتفقّدي الأمر!"
فأجابتني بصوت مطيع: "أمرك، سموّك."
مرت دقائق حتى جاءتني لاهثة ومرتعبة، وقالت: "سموك، رئيسة الخدم ماتت!"
"هاه؟ ماذا؟"
صعدت بسرعة إلى العلية، وهناك وجدتها ملقاة على الأرض في بركة من الدماء.
كانت يدها ممدودة، وعيناها مفتوحتان في نظرة رعب.
كانت الطعنة الأولى في يدها، والثانية في بطنها، والثالثة في عنقها.
تراجعت إلى الوراء، كانت هذه أول مرة، كامرأة نبيلة، أشاهد شيئًا كهذا.
شعرت بغصّة في قلبي، أردت أن أقول: "أنا مرعوبة، أنا خائفة"، لكن من المستحيل أن أفعل شيئًا كهذا أمام الخادمات.
قلت وأنا أرتدي قناع وجه بارد: "تخلّصوا منها، واستدعوا الحراس."
ردّوا برعب: "مفهوم، أمركِ سيدتي."
عدت إلى غرفتي وأنا أحاول نسيان ما رأيته.
تبا، ربما سأحلم بكوابيس الليلة.
تنهدت وقلت بحيرة: "لكن لم أتوقّع من فتاة صغيرة أن تقتلها..."
مسكت رأسي كرحّال تائه وسط متاهة.
انتظرت أربع سنوات فقط ليحدث هذا؟ يا إلهي، ماذا أفعل؟
طرق الباب.
"ادخل"، أجبت.
دخل حارسان وقالا: "مرحبًا سيدتي، سمعنا عمّا حدث، سنبحث عن الفاعل على الفور."
قلت بتهديد: "هل أنتم أغبياء؟ لماذا سأستدعيكم من أجل خادمة كهذه؟ أنا أريد تلك الفتاة التي قتلتها!"
أجابني أحدهم، قصير القامة: "سيدتي، هل تقصدين طفلة صغيرة ذات شعر أبيض؟"
نهضت من مكاني، وقلت بذهول: "هل تعرفون أين هي؟"
أجاب الأطول بجدية خالصة: "لقد اختفت."
"ماذا؟"
(مرحبا جميعا شكرا على القراءة في رأيكم هل الخادم حليف لم عدو و الكلمات التي همس لها سابقا و ما سبب هوس ثالورين بقتل بطلتنا ألقاكم في فصل. قادم )