في شفق صباحٍ ملؤه الأمل والقلق، تنبض "آفا" في قلبها بجملة من المشاعر المختلطة. كانت قد استيقظت لتوها، لتكتشف أن العالم قد تحوّل إلى قطعة موسيقية تتناغم فيها الآمال والأوجاع، حيث تلامس أشعة الشمس الهادئة خيوط الأيام الجديدة. كانت الليلة التي مضت قد ملأت أفق حياتها بألوان جديدة، فهي قد شهدت تجدد الروح تحت ضوء القمر، لكن خلف هذا الضوء كانت تخفي سراً كبيراً، نبضات قلب صغير بدأت تتشكل في أعماقها.

مرت الأيام مثل أفلام زمنيّة تتداخل فيها الفصول، وكل فصل يحمل معه تحديات جديدة. بدأت "آفا" تشعر بتغيرات غامضة في جسدها، كأنها تتنقل عبر عالم غامض من الأعراض التي لم تكن تعرف عنها شيئاً من قبل. الشعور بالغثيان والتعب أصبحا رفقاءها الدائمين، وبدأت تلك التغيرات تؤثر على كل جانب من حياتها، وكأنها تسير في طريق مليء بالأشواك بينما تحاول أن تخفي ما تمر به عن "دافيد".

كانت تجلس في غرفتها، تراقب الضوء الذي يتسلل من خلال النوافذ، يحاول أن يبدد ظلمة الهموم والأسرار. كان جسمها يعاني من الضعف، لكنه كان عقلياً من الصعب عليها أن تعترف بتلك الحقيقة التي تجعلها في حالة من الصراع الداخلي. كانت تُلقي نظرات سريعة إلى صورها على الجدران، تشاهد كيف كان كل شيء يبدو مثالياً، ثم تنظر إلى بطنها المتنامي، الذي كان ينمو كحلم بعيد، غير مدرك لمستقبل مظلم ينتظره.

بينما كانت "آفا" تتجنب المناسبات الاجتماعية وتفضل العزلة، كان "دافيد" يشاهد تغييرات في سلوكها. كان يشعر بالحيرة والقلق، لكنه لم يكن يعلم كيف يعبر عن ذلك. بدأ يتساءل عن الأسباب الحقيقية وراء تلك التصرفات الغامضة، حيث كان يجد نفسه يراقبها من بعيد، يشعر بالعزلة وكأنما كان هناك جداراً غير مرئي يفصل بينهما.

كانت "آفا" تتجنب المحادثات العميقة، وكلما حاول "دافيد" أن يفتح موضوعاً ما، كانت تستجيب بصمت مريب. كان يشعر أن هناك مسافة تتسع بينهما، مما جعله أكثر توتراً. بدا وكأن كل حوار يصبح كحبات الرمال التي تتساقط من بين أصابعه، لا يستطيع الإمساك بها أو فهم حقيقتها.

في أحد الأيام، بينما كان "دافيد" يحاول أن يكون داعماً، بدأ يشعر بالضياع. كان يجد نفسه يتحدث إلى "آفا" بأسئلة لا يجد لها إجابات واضحة، ويشعر بأن كل شيء أصبح غير متماسك. كلما مر الوقت، كانت مشاعره تتغير، حيث بدأ تأثير الجرعة السحرية يتلاشى، وكانت الحقيقة تتسلل ببطء إلى عقله. بدأ يتساءل عما إذا كانت مشاعره السابقة نابعة من قلبه أم من تأثير السحر.

كانت ليالي "آفا" طويلة، تحمل فيها كل آلامها وحدها. في إحدى الأمسيات المظلمة، حيث كانت السماء مغطاة بظلال الغيوم، كان الألم يشتد عليها. شعرت بأن كل حركة تؤلمها، وكل نفس كان يمثل تحديًا. حاولت أن تتجنب "دافيد"، لكن الألم كان يلاحقها، حيث كان يثور في بطنها كعاصفة لا يمكن السيطرة عليها.

توجهت إلى غرفة نومها، حيث حاولت أن تجد بعض الراحة بين الوسائد. كلما سكنت لحظة، كانت أفكارها تتجول في عالم الخوف والقلق. كانت تشعر بأن كل لحظة تمر هي بمثابة اختبار لثباتها وقوتها. كانت تتمنى أن تجد القوة لمواجهة هذا السر، لكنها كانت تخشى من تأثيره على علاقتها بـ"دافيد".

ذات ليلة، جاء "دافيد" إلى غرفة "آفا"، حيث كانت الغرفة مضاءة بضوء خافت، يخلق هالة من الهدوء والحزن. اقترب منها، وعيناه مليئتان بالقلق. "آفا،" قال بصوت مختلط بالتوتر، "أحتاج إلى أن أفهم. هناك شيء غير صحيح، وأنتِ تبتعدين أكثر فأكثر. لماذا تظلين صامتة؟"

تجمدت "آفا" في مكانها، كانت الكلمات التي كانت تخفيها عن "دافيد" تتردد في عقلها، لكن لم يكن لديها الشجاعة لتفصح عنها. نظرت إلى "دافيد"، محاولة أن تعبر عن أوجاعها بأعمق كلماتها. "مولاي, ليس الوقت مناسباً بعد. أعدك أنني سأكون صادقة معك عندما يأتي الوقت المناسب."

لكن كلماتها لم تكن كافية لتهدئة "دافيد"، الذي كان يشعر بخيبة أمل وصدمة. بدأ يشعر بالغضب والقلق، وكانت مشاعره تتضارب بين الحب والخيانة. "آفا،" قال بصوت مليء بالألم، "كيف يمكنني أن أثق بك إذا كنت تخفين عني الحقيقة؟ لا أستطيع أن أعيش في ظل الأكاذيب."

كان هناك صمت طويل، حيث كانت الكلمات تتجمد في الهواء. كان "دافيد" يشعر بالضياع، بينما كانت "آفا" تحاول أن تجد الكلمات المناسبة لتفسير ما لا تستطيع أن تقوله. كل لحظة كانت كحبة رمل تتساقط في بحر الهموم، حيث كان الألم يتصاعد بينهما.

مع مرور الأيام، كان "دافيد" يلاحظ تغيرات واضحة في سلوك "آفا"، بينما كانت هي تعاني في صمت. بدأ تأثير الجرعة السحرية يتلاشى، وكانت المشاعر تتبدل. كان "دافيد" يشعر بالقلق من أن علاقته بـ"آفا" قد تكون مبنية على السحر وليس على الحب الحقيقي، وكان يحاول أن يفهم مشاعره الحقيقية.

وفي تلك الأيام المظلمة، كانت "آفا" تحاول أن تتحمل أعباء الحمل، بينما كانت تتجنب الكشف عن الحقيقة. كان الألم يزداد، وكان الألم العاطفي يتزايد أيضاً. كل يوم كان يمثل تحديًا جديدًا، وكل لحظة كانت تجلب معها عبءاً إضافياً.

كانت "آفا" تعيش في ظل من الصمت والخوف، بينما كان "دافيد" يعاني من صراع داخلي. كان هناك شعور عميق بالحاجة إلى الشفافية، ولكن الوقت لم يكن مناسباً بعد للكشف عن الحقيقة. بينما كان كل منهما يحاول أن يتعامل مع التحديات التي تواجههما، كان الأمل لا يزال يتلألأ في الأفق، كنجمة بعيدة تشع في سماء مستقبل مظلم.

2024/08/03 · 18 مشاهدة · 785 كلمة
نادي الروايات - 2025