تجولت آفا في أرجاء الحديقة الملكية، تستنشق عبير الزهور العطرة وتستمتع بالسكينة التي توفرها الطبيعة. كانت الحديقة ملاذها، حيث يمكنها أن تفكر وتحلم بمستقبل أفضل لمملكتها.
فجأة، شعرت بلمسة خفيفة على شعرها. اعتقدت للحظة أنها فيوليت، خادمتها الوفية، لكن عندما التفتت، وجدت دافيد يقف خلفها، وفي يده وردة حمراء جميلة.
“لقد وجدت هذه الوردة وظننت أنها ستليق بكِ،” قال دافيد، وهو يثبت الوردة برفق في شعر آفا.
“شكرًا لك،” ردت آفا بحذر، غير متأكدة من نواياه.
“آفا، لقد كنت أتحدث مع اليكس عن الأوضاع الحالية في الإمبراطورية. هناك الكثير من التحديات التي نواجهها، وأنا أعلم أنكِ قلقة بشأن دوركِ في كل هذا.”
“نعم، لقد عهدت بالولاء والطاعة لك، وأنا مستعدة للقيام بدوري،” قالت آفا، محاولة إخفاء توترها.
“أريدكِ أن تعلمي أنني أقدر ذلك, ما رأيك أن تمثلي قاعدة لجيشي بوحشكي سام, ستكون فرصة للقضاء على الذين لا يحترمون عائلتنا الإمبراطورية ”
ما كان أمام آفا سوى الإستسلام أمام قراره و موافقة أو ستكون أحد الرؤوس المعلقة في مخزونه
. “أنا أيضًا ملتزم بحماية مملكتكِ وشعبكِ. سنعمل معًا لتحقيق السلام والازدهار. ”
كانت كلمات دافيد مطمئنة، وشعرت آفا ببعض الراحة. ربما كان هناك أمل في أن يكون هذا التحالف أكثر من مجرد زواج سياسي
تدربت آفا بجهد لتقديم خطاب ممتاز من أجل مأدبة مجيئها للقصر
--------------
بدأت الأمسية بابتسامات متكلفة وأحاديث سطحية، لكن الجو تغير عندما اقتربت منها النبيلة إليانور، المعروفة بلسانها السليط ونظرتها الحادة.
“آفا ميلر، أرى أنك تحاولين تقليد الرجال بلباسك. ألا تعلمين أن الأزرق هو لون القوة والسيطرة في الجنوب؟ أو ربما تحاولين إرسال رسالة؟” قالت إليانور بسخرية.
شعرت آفا بالغضب يتصاعد داخلها، لكنها حافظت على هدوئها. “الأزرق هو لون السماء والبحر، رمز للحرية والإمكانيات اللامتناهية. وهو اللون الذي اخترته لأمثل مملكتي.”
“أوه، لا تخدعي نفسك، عزيزتي. أنتِ لستِ سوى خاتم في إصبع دافيد، وسيلة لأغراضه العسكرية. لا تظني أنكِ أكثر من ذلك.”
كلمات إليانور كانت كالسهام التي تخترق القلب. وعندما حان وقت الخطاب ،وقفت آفا أمام الحشد، والكلمات تتعثر على لسانها. كانت تشعر بالعيون الحادة تحدق بها، والهمسات تتناقل بين الحضور. كلمات النبيلة إليانور كانت ترن في أذنيها، مما جعلها تفقد تركيزها.
“أنا… أنا…” بدأت آفا، ولكن الكلمات لم تأتِ. شعرت بالعرق يتصبب من جبينها، والصمت الثقيل يخيم على القاعة.
فجأة، خطا دافيد إلى الأمام، وقف بجانبها، ووضع يده على كتفها “اسمحوا لي أن أتحدث نيابة عن زوجتي المستقبلية، الأميرة آفا.”
كان صوته قويًا وواثقًا، وبدأ يلقي الخطاب الذي كان من المفترض أن تقوله آفا. تحدث عن الوحدة والقوة، وعن الأمل الذي تحمله آفا للإمبراطورية. تحدث عن الشراكة بين المملكتين وكيف ستؤدي إلى مستقبل مزدهر للجميع.
وبينما كان يتحدث، شعرت آفا بالدفء ينتشر في قلبها. لكن عندما انتهى دافيد من الخطاب، التفت إليها بتعابير تمثل عدم الرضا.
“لا تتوقعي الكثير مني، آفا. لم أقم بهذا إلا لأنني لا أريد لسمعة اسمي أن تتدنى بسبب تلعثمك.”
----------
في الأروقة البعيدة للقصر، حيث تتمازج الظلال مع الضوء، كانت الإمبراطورة الأم تنتظر دافيد بصبر. عندما وصل، كانت نبرة صوتها حازمة ومليئة بالتوقعات.
“دافيد، حان الوقت لتفكر في مستقبل العائلة. يجب أن تنجب طفلاً من آفا. نحن بحاجة للتأكد من أنها ستكون الأم المناسبة لوريث العرش.”
رد دافيد ببرود، “أمي، لقد فرضتم عليّ هذا الزواج. لا يمكنكم الآن أن تأمروني بما يجب أن أفعله في حياتي الشخصية.”
“لا تنسى من أنت، دافيد. أنت ولي العهد، ومع كل لقب تأتي مسؤوليات. إذا لم تفعل ما أطلبه، فقد تجد نفسك بدون عرش لترثه.”
كانت الكلمات كالصفعة، ولكن دافيد لم يظهر أي علامات الضعف. “سأفعل ما يجب فعله، لكن ليس لأنك أمرتِ بذلك.”
بعد اللقاء، أمر دافيد آفا أن تأتي إلى غرفته. كانت الغرفة مضاءة بضوء خافت، والأجواء مشحونة بالتوتر.
“آفا، هناك أمور في هذا العالم لا تحدث كما نريد. وهناك قرارات يجب أن نتخذها، حتى لو كانت ضد رغباتنا الشخصية.”
نظرت آفا إليه بحيرة، “ما الذي تقوله، دافيد؟”
“أمي تريد حفيدًا، وريثًا للعرش. وهي تريد التأكد من أنكِ الأم المناسبة. لا أقول هذا لأنني أريده، ولكن لأنه يجب أن يحدث.”
كانت الكلمات قاسية، وشعرت آفا بالبرد يسري في عروقها. لم تكن تتوقع هذا النوع من الحياة عندما وافقت على هذا الزواج. لكن الآن، أمامها قرار يمكن أن يغير مصيرها ومصير الإمبراطورية بأكملها
كانت تلك الليلة قاسية تحمل الكثير من المشاعر
استيقظت آفا و هي تكاد تحس برجليها و....