استيقظت آفا مع شروق الشمس، وهي تشعر بثقل في جسدها، وكأن كل خطوة تتطلب جهدًا جبارًا. الليلة الماضية كانت مليئة بالأحداث التي لم تكن تتوقعها، وكلمات النبيلة إليانور لا تزال تتردد في ذهنها كنغمة مستمرة.

“أنتِ لستِ سوى خاتم في إصبع دافيد، وسيلة لأغراضه العسكرية.”

هذه الكلمات كانت كالوقود الذي أشعل فيها نار العزم. وقفت أمام المرآة، تنظر إلى انعكاس صورتها، وترى في عينيها لمعة تحدٍ جديد. لن تكون مجرد وسيلة في يد دافيد، بل ستكون الشريكة التي لا يمكنه الاستغناء عنها.

“سأجعله يقع في حبي، ليس لأنني أريد العرش، ولكن لأنني أريد قلبه،” قالت لنفسها بصوت خافت.

وضعت خطة لتبدأ بها، تعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، لكنها كانت مستعدة للمخاطرة. كانت تعلم أن دافيد ليس بالرجل الذي يسهل فهمه، لكنها كانت مصممة على كشف الطبقات التي تحيط بقلبه.

بدأت بالتحضير لليوم بعناية، اختارت أجمل ملابسها وتزينت بأبهى حليها. كانت تعلم أن الجمال وحده لن يكفي، لكنها كانت تريد أن تظهر بأفضل صورة ممكنة.

عندما خرجت من غرفتها، كانت تحمل نفسها بكل كبرياء وثقة. كانت تعلم أن اليوم سيكون بداية معركتها الجديدة، معركة للفوز بقلب دافيد، وربما، بقلب الإمبراطورية بأكملها.

جلست آفا على مائدة الطعام، تحاول أن تبدو هادئة ومتحكمة في مشاعرها. كان دافيد يجلس على الطرف الآخر، يتناول طعامه بصمت، ويبدو مشغولًا بأفكاره.

“دافيد، لقد سمعت أن الحصاد كان وفيرًا هذا العام في الجنوب. ربما يكون هذا فرصة لتخفيف الضرائب على الفلاحين،” بدأت آفا بمحاولة لفتح حوار.

نظر إليها دافيد للحظة، ثم عاد إلى طعامه. “الأمور المالية معقدة أكثر مما تبدو، آفا. ليس كل حصاد وفير يعني فائضًا في الخزينة.”

شعرت آفا بخيبة أمل من رده البارد، لكنها لم تدع ذلك يظهر. “بالطبع، لكن الشعب سيقدر أي تخفيف لأعبائهم.”

“سأأخذ ذلك في الاعتبار،” قال دافيد بنبرة محايدة، واصل تناول طعامه كأن الأمر لا يعنيه.

تحاول آفا استخدام موضوع تعتقد أنه قد يثير اهتمامه، لكن دافيد يظل غير مبالٍ.

“دافيد، هل سمعت عن الفنان الجديد الذي وصل إلى القصر؟ يقال إن لوحاته تحكي قصصًا مذهلة عن تاريخ الإمبراطورية.”

دافيد، دون أن يرفع نظره من طبقه، يرد ببرود، “أه، الفن. نعم، لقد سمعت. لكن لدينا أمور أكثر أهمية لننشغل بها.”

تشعر آفا بخيبة أمل من عدم اهتمامه، لكنها تحافظ على هدوئها وتستمر في تناول طعامها، متسلحة بالصبر والعزم على إيجاد طريقة أخرى للتقرب منه.

“لكن!-”

“آفا أنت تتكلمين كثيرا في وقت خطأ,ربما يجب قطع لسانكي”

”أ.أعتذر سموك..لن أعيد نفس الخطأ” و واصلت بتناول طعامها بهدوء و قلبها مكسور و عقلها مليء بأفكار عديدة

------

بينما كانت آفا في المكتبة تبحث عن كتاب يساعدها لدخول قلب دافيد ,خلال جولتها في الأرشيف القديم للقصر، تعثر على خريطة قديمة تشير إلى وجود كنز مخفي أسسه أحد أسلاف دافيد.

في زوايا الأرشيف القديم، حيث تتراكم الأتربة على الرفوف المليئة بالمخطوطات والكتب العتيقة، وجدت آفا نفسها تتنقل بين الظلال والضوء الخافت. كانت تبحث عن مراجع لمشروعها الجديد عندما لفت انتباهها مخطوط مهمل في ركن مظلم. كانت الصفحات مصفرة والحبر متآكلًا، لكن الرسومات الدقيقة للخرائط كانت لا تزال واضحة.

بينما كانت تتفحص الخريطة، لاحظت علامة غريبة مرسومة بعناية بجانب وادٍ مجهول. كانت هناك ملاحظة مكتوبة بخط يد رفيع: “حيث يستريح الذهب القديم، ينتظر الوريث الشجاع.”

مدفوعة بالفضول ورغبة في إثبات قيمتها، قررت آفا أن تتبع الخريطة. جمعت مجموعة صغيرة من الخدم الموثوقين وبدأت رحلتها في الفجر التالي، متسلحة بالشجاعة والأمل.

دافيد، الذي يلاحظ غيابها المتكرر والغامض، يبدأ في الشعور بالقلق والفضول , لذا قرر اللحاق بها

تخللت رحلتهم الغابات الكثيفة والوديان العميقة، بحثًا عن الكنز الذي تشير إليه الخريطة القديمة، كان الهواء يتردد بأصوات غريبة. الأشجار العالية كانت تخفي السماء، والضباب الخفيف يلف الأرض بستار من الغموض.

“يجب أن نكون قريبين،” همست آفا لرفاقها، وهي تشير إلى علامة على الخريطة تتطابق مع تكوين صخري ظاهر أمامهم.

فجأة، اهتزت الأرض تحت أقدامهم، ومن بين الأشجار المظلمة ظهر وحش ضخم، عيناه تتوهجان بلون الياقوت الأحمر، وأنيابه تبرز من فمه كسيوف قديمة. صرخ الخدم بالرعب، لكن آفا وقفت ثابتة، قلبها ينبض بقوة.

“ابتعدوا!” صاحت، وهي تسحب من ثوبها قلادة صغيرة كانت تخفيها دائمًا تحت ملابسها. كانت القلادة تحمل حجرًا أزرق اللون، ينبض بضوء خفي.

“سام، أحتاجك!” نادت آفا بصوت مليء بالإصرار.

في لحظة، انبثق من القلادة ضوء ساطع، وتجسد الوحش سام أمامها، مخلوقًا مهيبًا بجناحين عريضين وعينين تشعان بالحكمة. وقف سام بين آفا والوحش الغاضب، وأطلق صرخة قوية أرسلت موجة من الطاقة السحرية.

الوحش، الذي كان يبدو لا يقهر، تراجع تحت قوة سام. بعد صراع عنيف، تمكن سام من إخضاع الوحش وإرساله بعيدًا إلى الغابة، حيث اختفى بين الظلال.

نظرت آفا إلى سام بامتنان، “شكرًا لك، لقد أنقذتنا.”

“أنا دائمًا هنا من أجلك، آفا. لكن تذكري، قوتك الحقيقية تأتي من داخلك،” قال سام، قبل أن يذوب في الضوء ويعود إلى القلادة. وقف دافيد في الخلفية، شاهد كل شيء. لم يكن يعرف عن وجود سام، ولم يكن يتوقع أن تمتلك آفا مثل هذه القوة. شعر بالدهشة

“كيف لها أن تخفي وحشا كهذا عني ها؟”همس دافيد و في عينيه نظرة استغلال

2024/07/01 · 37 مشاهدة · 780 كلمة
نادي الروايات - 2025