ارتجفت يدا آفا قليلاً وهي ترتب المكونات القديمة على طاولتها. كانت رائحة الأعشاب المجففة والمكونات السحرية الغامضة تعبق في هواء غرفتها. لقد أمضت أسابيع في البحث وجمع كل ما تحتاجه، لكن التحدي الحقيقي بدأ الآن: صنع جرعة تكون دقيقة بما يكفي لتجاوز دفاعات دافيد القوية.

"الحب هو توازن دقيق من المشاعر"، همست، مستعيدة حكمة الكيميائي القديم الذي استشارته في الوديان المخفية. "الجرعة التي تحفزه يجب أن تكون بنفس القدر من الدقة، تؤثر على القلب بلطف، على مدى الوقت."

أخذت آفا نفسًا عميقًا، مهدئة أعصابها. لم يكن بإمكانها تحمل أي أخطاء. بدأت بطحن بتلات زهرة القمر إلى مسحوق ناعم. كانت زهور القمر معروفة بخصائصها التي تطلق تأثيراتها ببطء، وهو أمر ضروري لتأثير الجرعة التدريجي. بعد ذلك، أضافت بضع قطرات من خلاصة نبتة النجوم، وهي مكون نادر وقوي يُعرف بتحريكه لأعمق المشاعر.

بينما كانت تعمل، تشتت أفكار آفا نحو دافيد. كانت قوته وذكاؤه لا مثيل لهما، مما يجعله حليفًا قويًا وعدوًا خطيرًا. لقد أعجبت به من بعيد، لكن قلبه كان يبدو غير قابل للاختراق. كانت هذه الجرعة أملها الأخير لكسب مودة، لكنها يجب أن تكون مثالية.

بحركات دقيقة، أضافت قطعة صغيرة من قلب التنين، والتي حصلت عليها بمخاطرة شخصية كبيرة. كان هذا المكون يضمن قوة الجرعة، ويمنحها شغفًا ناريًا. ومع ذلك، كان استخدام الكثير منه يمكن أن يكون كارثيًا، إذ قد يطغى على حواس دافيد ويجعله مشككًا. استخدمت الكمية المناسبة لإشعال لهب بطيء وملتهب داخل قلبه.

كان المكون الأخير هو الأكثر دقة: دمعة واحدة من فتاة عاشقة، جُمعت تحت ضوء القمر المتناقص. كانت هذه الدمعة ضرورية لربط الجرعة بهدفها المقصود، موائمة إياها مع نقاء وإخلاص الحب الحقيقي. انتظرت آفا العديد من الليالي لجمعها، وقلبها يعتصر ألمًا بمعرفة أن الدمعة جاءت من حزنها الخاص.

بينما كانت تجمع المكونات، تلاشت الجرعة بوهج ذهبي ناعم. همست آفا بتعويذة، صوتها ثابت رغم ارتجاف قلبها. استقرت السائل على نبض لطيف، يحاكي ضربات القلب التي كان من المفترض أن تؤثر عليها.

صبت آفا الجرعة بحذر في قارورة صغيرة، وأغلقتها بسدادة منحوتة من خشب مسحور. رفعت القارورة إلى الضوء، مشاهدة الجرعة وهي تتماوج بداخلها. كانت جميلة وخطيرة، شهادة على مهاراتها وأملها اليائس.

الآن، ما بقي هو جعل دافيد يشربها. كانت آفا تعلم أنها يجب أن تكون ماكرة. قررت إقامة تجمع صغير، احتفالًا بانتصاراتهم الأخيرة، حيث يمكنها تقديم الجرعة متنكرة في صورة نبيذ نادر. ستقوم بالنخب لنجاحاتهم المستمرة وصداقتهم، مراقبة بعناية عندما يأخذ دافيد الرشفة الأولى.

بينما كانت تستعد للمساء، كانت أفكار آفا تتسابق مع الاحتمالات والمخاوف. لقد التزمت بهذا الطريق، ولا يمكنها التراجع الآن. الجرعة جاهزة، وقريبًا، ستعرف ما إذا كانت مقامرتها قد آتت ثمارها. كان قلبها ينبض بتوقع، كل نبضة تعكس الأمل بأن دافيد سيرى أخيرًا فيها ليس فقط رفيقة، بل المرأة التي أحبته بعمق.

---

كانت الأنوار الخافتة تملأ القاعة، مزيجة بين الشموع المتلألئة والتعاويذ القديمة التي تحافظ على الأجواء الساحرة للمكان. تجمعت الشخصيات النبيلة والمحاربين المخلصين حول الطاولات المزينة بأفضل أنواع النبيذ والطعام. كان الاحتفال بانتصاراتهم الأخيرة، وبدا الجميع في مزاج مرح ومتفائل.

آفا، التي كانت ترتدي فستانًا أزرقًا فاخرًا يعكس ضوء الشموع، كانت تتحرك بين الضيوف بمهارة ورشاقة، تبتسم وتتبادل الأحاديث بخفة. لكنها كانت تراقب دافيد بعناية. كان جالسًا بالقرب من الطاولة الرئيسية، يتحدث مع بعض الجنرالات، وعيناه تلمعان بالحماس والطاقة.

اقتربت آفا من دافيد، حاملة كأسين من النبيذ. "إلى انتصاراتنا المستمرة وإلى علاقتنا،" قالت بابتسامة مشرقة، مقدمة الكأس لدافيد. أخذ دافيد الكأس باشمئزاز و اخذ يشرب جرعتها السحرية

ارتشفت آفا من كأسها، وشاهدت دافيد يأخذ رشفة كبيرة من النبيذ. شعرت بنبضات قلبها تتسارع، لكن ملامحها ظلت هادئة ومتزنة. كان عليها

ارتشفت آفا من كأسها، وشاهدت دافيد يأخذ رشفة كبيرة من النبيذ. شعرت بنبضات قلبها تتسارع، لكن ملامحها ظلت هادئة ومتزنة. كان عليها أن تنتظر، أن تكون صبورة، لأن الجرعة تحتاج إلى وقت لتبدأ في التأثير.

مع مرور الليلة، شعرت آفا بالتوتر يزداد داخلها. لم يظهر أي تغيير فوري في دافيد، لكنه بدا أكثر راحة وأقل تحفُّظًا معها. تحدثا وضحكا معًا، وكانت هناك لحظات قصيرة عندما كانت عيونهما تتقابل، حيث شعرت بشيء مختلف، شيء يأمل أن يكون بداية التأثير البطيء للجرعة.

في الوقت نفسه، كانت هناك عيون أخرى تراقب المشهد. كان هناك مستشارون وجنرالات يشعرون بالقلق من قرب آفا من دافيد. لقد عرفوا أنها تمتلك قوة سحرية، وكانوا يتساءلون عن نواياها الحقيقية. في زوايا القاعة المظلمة، بدأت المؤامرات تحاك بصمت.

بينما كانت آفا تستعد لمغادرة القاعة في وقت متأخر من الليل، استوقفها أحد الجنرالات. "مولاتي، لحظة من فضلك." قالت بصوت هادئ ومحدد. توقفت آفا والتفتت نحوه، وجهها يظل هادئًا. "نعم؟"

"أنا قلق بشأن تأثيرك على سموه. نحن جميعًا نقدر جهودك، لكن بعضنا يتساءل عن نواياك الحقيقية. ولي العهد قائدنا ونحن ملتزمون بحمايته بأي ثمن."

شعرت آفا ببرودة تجتاح قلبها، لكنها أجابت بثقة، "أنا هنا فقط لدعم دافيد والامبراطورية. كل ما أفعله هو لصالح الجميع."

لكن الكلمات لم تهدئ الشكوك. كانت تعرف أنها تحتاج إلى المزيد من الحذر، وأن تأثير الجرعة يجب أن يكون لطيفًا وبطيئًا، كي لا يثير الريبة. وهي عائدة إلى غرفتها، كانت أفكارها مشوشة بين الأمل والخوف. كان عليها أن تكون قوية، لأن المستقبل كان يعتمد على نجاح جرعتها.

2024/07/22 · 33 مشاهدة · 796 كلمة
نادي الروايات - 2025