تسللت أشعة الشمس الذهبية عبر ستائر النوافذ الحريرية، تراقصت على وجنتي "آفا" كأنها ترسم قبلة الصباح. استيقظت "آفا" ببطء، تشعر بأنفاس الفجر تعانق بشرتها، وعيناها تتوقان لرؤية "دافيد". كانت الليلة الماضية مليئة بالهمسات والوعود، بين سحر القصر وأسرار العشق المخبأة بين الجدران.
على مقربة من سريره الملكي، كان "دافيد" غارقًا في أحلامه، قلبه يئن تحت وطأة الشكوك والمخاوف. في أعماق ليله، كانت صراعات الحب والسلطة تتشابك كخيوط العنكبوت، تلتف حوله بلا رحمة. لم تكن "آفا" سوى بوصلة تحاول أن ترشده بين متاهات القصر وسحر القلوب.
قررت "آفا" أن تواجه مصيرها بجرأة، أن تقف أمام مرآة الحقيقة بكل شموخها، فجمعت شعرها الأشقر كأشعة شمس صيفية وأسدلت ثوبها الأبيض كرمز للنقاء والأمل. خطت نحو الغرفة المجاورة، حيث كان "دافيد" يجلس على شرفته المطلة على حدائق القصر. الهواء مشبع بعطر الورود، وكأن الطبيعة كلها تتآمر لنقل رسالة الحب والعتاب.
"دافيد،" نادت بصوت مفعم بالحنان، كأنها ترسل بأوتار قلبها نغمًا خفيًا يحمل آلام العشق والأمل. استدار "دافيد" ببطء، عينيه مليئتين بالتساؤلات التي لا تنتهي. تقدمت "آفا" نحوه، وكل خطوة تخطوها كانت كقصيدة مكتوبة بعناية، تروي حكاية حب معقدة وأحلام مشتركة.
"أعلم أن هناك الكثير بيننا،" بدأت كلامها، ونبرات صوتها تتماوج كأمواج البحر الهادئة. "أريد أن نفهم بعضنا بشكل أفضل، وأن نكون صادقين مع أنفسنا ومع بعضنا."
نظر "دافيد" إلى "آفا"، وكأن الزمن توقف للحظة، تلاقى في أعينهما شوق الماضي وأمل المستقبل. لكنه لم يكن مستعدًا لتقبل أي اعتذار أو تفسير. مشاعر الغضب والشك كانت لا تزال حاضرة في قلبه، وكان يعلم أن هناك أشياء يجب أن تُقال، وأشياء يجب أن تُفهم قبل أن يتمكن من المضي قدمًا.
---
وفي ذلك الصباح الهادئ، قررت "آفا" أن تأخذ "دافيد" إلى مكان خاص بهما في حدائق القصر، حيث اعتادا الجلوس تحت شجرة الكرز القديمة، يستمعان إلى أغاني الطيور ويتبادلان الأحاديث المليئة بالذكريات والأحلام.
بينما كانا يسيران بين أزهار الزنبق والياسمين، بدأت "آفا" تروي له قصصًا عن طفولتها، وعن أحلامها التي كانت تحلم بها قبل أن تصبح جزءًا من حياة القصر. كانت كلماتها تنساب كالماء الصافي، تحاول أن تجلب له الطمأنينة. لكن "دافيد" كان يشعر بثقل الغموض الذي يحيط بها، وكان يعرف أن هناك شيئًا لم تقله بعد.
"آفا،" قال بصوت منخفض ولكنه حازم، "هناك الكثير من الأمور التي لا تزال غامضة بالنسبة لي. أشعر أنني لا أعرفك كما يجب."
نظرت "آفا" إلى "دافيد"، وعيناها تملؤهما الحيرة والتردد. كانت تعرف أنه لا يمكنها الإفصاح عن كل شيء الآن، وأن الوقت لم يحن بعد للاعتراف بكل ما تخفيه.
"دافيد،" قالت بنبرة جادة، "أريدك أن تعرف أنني أقدرك وأحبك، وأنني سأفعل كل ما بوسعي لنكون معًا. فقط أعطني بعض الوقت."
أومأ "دافيد" برأسه، لكنه لم يكن مقتنعًا بالكامل. كان يعلم أن هناك الكثير من الأمور التي تحتاج إلى توضيح، وأن العلاقة بينهما قد تتطلب المزيد من الصبر والفهم.
---
ومع مرور اليوم، بدأ "دافيد" و"آفا" يقضيان الوقت معًا في حدائق القصر، يتبادلان الأحاديث والضحكات. شيئًا فشيئًا، بدأت حواجز الصمت تتلاشى، وبدأت الثقة تعود بينهما. كان "دافيد" يرى في "آفا" امرأة تحاول بكل جهدها أن تكون صادقة، رغم أنها لم تكشف كل أسرارها بعد.
عندما حل المساء وأضاءت النجوم سماء القصر، قررت "آفا" أن تجعل هذا الليل مميزًا. أعدت عشاءً خاصًا تحت ضوء القمر، وزينت الطاولة بالورود والشموع. كان الجو مفعمًا بالرومانسية، وكأن الكون بأسره يتآمر لجعل هذه اللحظة خالدة.
جلسا معًا، يتناولان الطعام ويتحدثان عن أحلامهما وأمالهما. كان "دافيد" يشعر بشيء جديد يتولد بينهما، شعور بالأمل والتفاؤل لم يعهده منذ فترة طويلة. بعد العشاء، تجولا في حدائق القصر، تحت ضوء القمر الفضي، يتبادلان الهمسات والضحكات.
وفي نهاية الليل، عندما عادوا إلى جناحهما الملكي، كان "دافيد" يشعر بقرب "آفا" أكثر من أي وقت مضى. كانت ليلة مليئة بالعواطف، ومليئة بالأمل. تحت ضوء الشموع، تجددت وعود الحب بينهما، وكان "دافيد" يشعر بأن روحًا جديدة قد وُلدت في قلب علاقتهما.
تلك الليلة، اتحدت أرواحهما بجسد واحد، في لحظة حب خالدة، كانت بداية لحياة جديدة تنبض في رحم "آفا". كانت تلك اللحظة التي ستغير مجرى حياتهما إلى الأبد، وستكون بداية جديدة لعلاقتهما، مليئة بالأمل والحب والمستقبل المشرق.