القصر الامبراطوري
في غرفة النوم الغارقة في الظلام، ينيرها ضوء القمر الخافت،
جلس الأمير الرابع على سريره، ملامحه تغمرها الضبابية بسبب الضلام.
كان يرتدي بذلة نوم أنيقة من الحرير الأسود، شعره الكثيف الأسود وعينيه البارزتان الحالمتان تضفيان عليه طابعًا مغريًا ومخيفًا في آن واحد.
إلى جانبه واقف شاب غض السن، بملامح جذابة وشعر بني ناعم و مجعد. عيناه العسليتان مثبثتان على الارض ، كان الأمير يحدق في الشاب بصمت،
كان يبدو كما لو ان الوقت توقف في ذالك المكان، حيث لم يبادر اي احد بالكلام.يوجد ذلك الصمت المحرج فقط
اول من كسر الصمت ، كان الامير الرابع ويليام
_ اذن...هل وصلت الرسالة ؟
قال ذالك بصوت هادئ و منخفض، جفل الشاب عند سماع صوته ثم أجاب بعجالة
_ اه..ن..نعم وصلت يا سيدي... و قد حصل عليها بالفعل...
صمت مجددا كما لو انه يفكر او يتأمل و قال بعد دقائق...
_هل انتشرت اي شائعات مرتبطة بالقصر؟
_ بالفعل... انتشرت شائعات بشأن اكتئاب الأميرة التاسعة و حبسها لنفسها بغرفتها حزنا على الإمبراطور، و كذلك الامير الثاني..
_ الثاني مكتئب؟
نضر الشاب الى ويليام مباشرة لأول مرة منذ دخل الى الغرفة ، حدق به باعينه العسلية الناعسة و قال مترددا
_ ارجو...ان تمنحني الإذن لقول ذلك ...
_ انطق..
_ انه خائف.. لسبب ما... يبدو أنه خائف من انهم قد يعودون له... لا اعرف ما السبب لكن...ربما..
تردد عند ذالك الحد و اخفض رأسه
صمت الاثنان مجددا
_ اه كدت انسى...
تحدث الشاب بسرعة و اكمل
_وردتنا معلومات من جواسيسنا ان مملكة سوفيس تنوي ارسال اميرهم لحضور جنازة الإمبراطور... كعلامة على الحزن و حسن النية بيننا و بينهم....
و قف الامير و لم يتغير وجهه بينما اشتدت حدة صوته...
_هانز... كدت تنسى أمرا بهذه الاهميه ؟
جفل الشاب و ابتلع ريقه بينما حاول إخفاء توتره لكن الارتعاش في صوته قد خانه
_ا...انا اعتذر....
وضع ويليام يده على كتف الشاب ...
_ ما المعلومات الأخرى التي نسيتها.. هانز؟
_ الأميرة الثانية جوليانا....جائت لاحد أفرع نقابتنا و طلبت منا البحث عن الامير السابع....و أيضا هناك شائعات بشأن مرض السيد الفين....
_السيد الفين مريض؟ الم تتحقق من صحة الشائعات؟
_ لا يمكن لموضفينا دخول قصر سير الفين...
صمت الامير الرابع و ابعد يده من على كتف الشاب المرعوب و توجه للنافذة، قام بتحريك اصبعه للشاب في إشارة له ليتبعه ، و وقف الاثنان أمام النافذة
_ بشأن الامير السابع لوكاس..... الغي الطلب...
استمع الشاب دون مقاطعة الاخر...
_ لا فائدة من البحث عن شخص ميت....
سمع صوت رعد قوي من الخارج و اضاء فجأة ملامح الامير المظلمة و اعينه السوداء الميتة و بدأت تمطر بقوة
_ لقد تأكدت من موته بنفسي على أي حال...
استدار الشاب بسرعة بسبب سماعه لصوت إغلاق الباب
و قابل تلك الأعين الحمراء الكبيرة و المتعبة
أضاء البرق لحضة كاشفا عن ملامح المرعوبة و مصدومة، تلك الشخصية ذات العيون الحمراء و الشعر الاحمر الفوضوي ، بملابس نوم وردية....
أدار الامير وجهه الباهت و كشف عن تعبير متفاجئ
_ سيرا؟
تراجعت خطوة ثم اثنتين ثم قالت شيء بصوت منخفض و هربت
تبعها هانز بسرعة و حاول امساكها لكنها كانت اسرع منه و استطاعت الافلات منه ، صعدت بسرعة الدرج للطابق العلوي لكنها توقفت، الامير الرابع كان أمامها مباشرة
يقف أعلى الدرج بملامح من الملل و اللامبالاة
ما أن رأته حتى غيرت وجهتها و حاولت النزول لكنها تعثرت و سقطت ، امتدت ادرع سوداء من سحر الامير ويليام ناحيتها لامساكها قبل السقوط لكنها كانت متأخرة..
_ تبا....
شتم ويليام حضه و سارع للاميرة الملقات على الارض
اختلط لون دمها بشعرها الاحمر بينما استخدم تعويدة لوقف النزيف
خرجت الأميرة الثانية جوليانا حاملة سيفها بسرعة من غرفتها بعد شعورها بالسحر و جائت للدرج و قابلت ويليام يحمل الأميرة الصغرى..
_ سيرا؟؟؟ ويل...مذا حدث ؟؟
قبل أن يتحدث استدارت جوليانا بسرعة و عبست
_ دخيل؟؟
ركضت لاسفل الدرج و تركت الأمراء بمفردهم
**************
في حديقة القصر الامبراطوري، اختبئ شاب بعيون عسلية خلف بعض الأزهار و اخرج خاتم اسود من جيبه و قال لاهثا
_ عائلة مخيفة.... بجدية.... الا تتعب تلك الأميرة ... ايمكن اعتبارها امرأة؟
تنهد و مسح شعره المبتل من المطر و قال
_ انتهى تقرير اليوم بأمان على الاقل... لم امت... ياي...
و اختفى بعد ان ضغط على حجر في الخاتم
*********************
نضرت من النافذة للجو العاصف.... يبدو بانها ستمطر قريبا... أدارت وجهي ناحية الامير الأول الذي دخل الى غرفة اقامتنا انا و لويس
_ ليون... انت بخير؟ اهناك مشكله؟
كان تعبيره مضلما
_وصلت رسالة من القصر الامبراطوري. حصل الكثير ،أيضا يجب أن نذهب لحضور الجنازة... لم يدفنوه لان الأمراء ليسوا موجودين جميعا... عمنا جوناس يريد استلام العرش ،و هناك بعض المبعوث من مملكة يرغبون بحضور الجنازة أيضا...
خرج بعد ان أعطاني رسالة بها 6 أوراق من الأخبار و أحوال المملكة
كان النبلاء مستائين من انه لم يتم دفن الإمبراطور بعد
و كانوا يثيرون ضجة بهذا الشأن...
يجب منحه الراحة و احترام حرمته كميت، و انتقلوا الأمراء الذين تأخروا عن فعل ذلك..
أيضا كانوا يثيرون ضجة بشأن الإمبراطور المستقبلي او المؤقت... و قد انتشرت شائعات انني ميت بالفعل.. رغم انهم ينفون ذالك طوال الوقت
يمكنني أن افترض انه يتم الضغط على الأمراء الرابع و الخامسة و الثانية لأجل أن يتنازعوا عن العرش
و افترض أن عمي العزيز... أراد استغلال الفرصة و الاستيلاء على العرش...
و بالنسبة للمبعوثين فهي مشكلة حقا... رفضهم قد يتسبب في حرب
سأشرح...
نحن على علاقة سيئة معهم ، ارسال المبعوثين لأجل الجنازة لحضور الجنازة هو اهانة مباشرة للامبراطورية...
لذا لو قمنا بطردهم فسيكون الامر مثل
" أردنا تقديم احترامنا لكنهم طردونا،لا يمكن ان نسكت على هذه الاهانة"
اما لو استقبلناهم فسيكون الامر مثل
"يالها من إمبراطورية، تقوم بتمجيد اعدائهم، حقا هم بدون كرامة"
لذلك ايا كان ردنا فسيكون مفيدا لهم...
نمت تلك الليلة و انا افكر
********
في الصباح غادرت مع لويس برفقة سائق العربة، و الامير الأول مع بعض الفرسان القليلين
دخلنا عبر الغابة الثلجية، كان الجو جميل و هادئ ، لويس الذي كان معي في العربة نام و هو يعانق سيفه بينما بقيت انا و ليون ننظر إلى المنظر من الخارج
الثلج يغطي كل شيء بطبقة بيضاء نقية، وكأنما الطبيعة قد لفت نفسها في بطانية من الجليد.
الأشجار الشاهقة تتمايل بهدوء، وكأنها ترقص رقصة أنيقة في الهواء الخفيف.
ينعكس ضوء الشمس الخافت على البلورات الثلجية المتكاثفة على الأغصان و يجعلها تلمع مثل الكرستال ، مضفيًا لمسات من البريق والتألق على المنظر.
يسود الهدوء والسكينة في كل مكان. لا يُسمع سوى همهمة الرياح الخفيفة وأحيانًا صوت طائر ينطلق في رحلته عبر الغابة. تبدو الطبيعة وكأنها في حالة سبات شتوي عميق، متأملة في جمال هذا المشهد البديع.
تشعر بالراحة والاسترخاء في هذا المكان، وكأنما الوقت قد توقف هنا. هناك إحساس بالسلام والجمال الساحر في كل زاوية من زوايا هذه الغابة الثلجية الخلابة.
بقيت اتأمل المنظر حتى شعرت بشيء غريب، شعور مؤلوف...
هل هذا... هل.. هل هو ما اضن انه هو؟؟؟؟
هل عاد سحري الي؟
غمرت موجة من الفرح الغامر قلبي عندما شعرت بعودة المانا مرة أخرى تدفقها في جسدي مجددا
اه كم افتقدتك يا سحري..
. لم استطع إخفاء ابتسامتي العريضة
. شعرت بأني قد استعادت ذاتي الحقيقية بعد أن فقدتها لفترة. غمرتي موجة من الحماس والنشاط ، امتلأ قلبي بالفخر والثقة ،
الان اي كانت هذه اللعنة.. يمكنني حلها يمكنني حل جميع مشاكلي، انا لم أعد دون فائدة
لاحض ليون ابتسامتي و سألني
_ ما خطبك؟
_ليون...انا...
لم استطع اكمال جملتي لانه فجأة توقفت العربة و فتح لويس عينيه و امسك بسيفه بشدة و عبس
اطل السائق برأسه لداخل العربة و أخبرنا انه توجد مشكلة
خرج لويس و كان هناك وحش أمام العربة كان يبدو نائما
سحلية ضخمة بحراشف و جلد قاسي ،ديله كان ملفوفا على جسده الأزرق ، كانت تسد طريق العربة
احد الفرسان الذين كانوا معنا تراجع محاولا عدم اصدار صوت لكنه تعتر بجدع شجرة و سقط ،
ايقض صوته الوحش الذي نهض بسرعة و نضر الينا بشراسة بدأ يصدر صوت هدير منخفض كتهديد
سحب لويس سيفه من غمده و ليون حمل رمحه و قبل أن يتحرك صرخت بحماس
_ سحلية قبيحة.. سأتولى أمرها!
استدار لويس لناحيتي بوجه متفاجئ و قبل أن ينطق باي كلمة ، أنشأت دائرة سحرية حمراء
_تعويدة النجم الثاقب!
هذا ما أردت لكن الدائرة توسعت بسرعة و أصبحت أضخم اكثر و بدل نور ساطع ضعيف يذهب للهدف و يتسبب بالضرر ،خرجت وابل من الكرات النارية الضخمة، التي كانت تبدو كالنيازك التي تدمر الغابة
بالطبع الوحش تحول إلى لحم مفروم و مشوي و كان يمكن سماع أصوات وحوش و حيوانات أخرى ، الطيور التي كانت في الغابة بدت كما لو انها تقوم بهجرتها السنوية
انتهى الهجوم السحري تاركا حطاما و نيران مشتعلة في مكان يفترض انه غابة جليد... تبعه صمت ثقيل
السائق كان يقف بتعبير مذهول و كذلك الفارسان و ليون...
اما لويس نضر الى قليلا و قال بابتسامة
_ مسرور انك استعدت سحرك لكن أكان من الضروري التسبب بكل هذا الدمار جلالتك؟
ما استطعت إخراجه من فمي هي فقط هذه الكلمات
_لويس....انا...سحري ليس بخير
يبدو بأن سحري لم يعد كما كان في السابق... شعرت بخيبة امل و رغبة في البكاء فقط
_هل لديك شيء لتدافع به عن نفسك؟
..._
........_
و هكذا تم تدمير اكبر غابة في الإمبراطورية خلال عدة ثواني
*
*
*