---
"أنا دائمًا أفكر في الجانب الجيد من الشخص الذي أُكنّ له انطباعًا جيدًا، ولا أرغب في إيذائه. لكنها مجرد أمنيات من طرف واحد." تذكر دين القصص الكثيرة التي سمعها في السجن. بعضهم وُلد شريرًا، وبعضهم تم تلفيق التهم له، وآخرون تعرضوا للخيانة من إخوتهم وأقاربهم. جميعهم كانوا يعتقدون بسذاجة أن الطرف الآخر لم يقم بذلك حقًا.
"إذا كان هناك انطباع جيد، فستقوم بالتغطية عليه. لهذا السبب الحب جميل جداً." تذكر دين فجأة كلمات أحد الأشرار الذين تم إعدامهم في السجن، فبدأ جرس الإنذار يرن في ذهنه.
لكن ما حيره هو أنه مجرد شخص عادي. فإذا كانت آيشا تملك دوافع خفية، فما الذي يمكن أن يكون؟
هل كانت تحاول الحصول على شيء منه؟
استغلاله؟
أم تحاول الإيقاع به؟
لم يستطع التفكير إلا في هذه الاحتمالات الثلاثة إذا كانت نواياها سيئة. لكن هذا ما جعله في حيرة، لأنه وفقًا لقوة آيشا، لم يكن من المجدي أن تقوم بتلفيق التهم له. فالتلفيق وسيلة خسيسة يستخدمها الضعفاء ضد الأقوياء، بينما كان بإمكان آيشا قتله بسهولة في مواجهة مباشرة.
أما إذا كانت تريد شيئًا، فهو لا يملك أي شيء ذو قيمة.
"إذا كانت تريد استغلالي، فلا يبدو أن لدي أي فائدة. هل من الممكن أنها تعرف هويتي، وتريد استخدام المنطقة التاسعة من الكنيسة المظلمة لمساعدتها في بعض الأمور؟ أو تستخدمني لفعل شيء ضد الدير؟" لمع بريق في عيني دين وهو يتأمل.
بعد لحظة من التفكير، توقف فجأة، وازداد بريق عينيه.
"هل تتبعني لتحميني أم لأغراض أخرى؟ لنجرّب وسنعرف!" ظل محافظًا على وضعه السابق، لكن عينيه بدأت تبحثان في الأرجاء. وبعد لحظات، وجد بقعة من العشب. امتلأ قلبه بالفرح، فتوقف، ثم جلس في العشب، ومد يده ليمسك بالحشائش.
لم يكن هذا العشب عاديًا، بل نوع من الأعشاب القاسية ذات أطراف مسننة.
أخذ دين يفرك الأعشاب بين أصابعه بينما يقتلعها. استخدم أظافره ليقرص اللحم الطري في مفاصله ويُحدث جرحًا بسيطًا. لم يعره اهتمامًا أثناء اقتلاعه للعشب. ثم بدأ بنسج العشب ليصنع فراشين وحبالًا، ووضع الفراشات داخل حقائبه، وثبّت ثلاث طبقات على ظهره لتجنب تمزقها أثناء الحركة العنيفة.
ثم تابع طريقه، لكن هذه المرة بخطى هرولة.
توقف بعد الجري لسبع أو ثماني دقائق. أخذ يلهث بهدوء، ثم تقدم بوتيرة أسرع.
لاحظ وجود العديد من الأجسام الحمراء ورائحة براز الوحوش في الجو.
"هيا بنا ..." قالها في نفسه.
قبض يديه قليلًا، وأبقاهما تضغطان على الجرح في مفاصله لمنع الشفاء وتكوّن القشرة.
انتشرت رائحة الدم الطازج في الهواء. استمر في الهرولة، وبعد مسافة قصيرة، بدا عليه الإرهاق.
وفي ذات الوقت، لاحظ جسمًا بيضويًا أحمر يبلغ قطره أربعة أو خمسة أمتار. لم يعرف نوع هذا الوحش، لكنه أدرك أن مستواه القتالي ليس منخفضًا.
وفي هذه اللحظة، بدا أن الوحش البيضوي شمّ رائحة الدم وبدأ يتحرك ببطء نحو دين.
"هيا." قالها في قلبه.
فجأة، قفز ظل أسود من بين الأعشاب وهو يمر. فتح فمه المليء بالدماء وانقض على دين، ينفث نفسًا كريه الرائحة كريه كأنّه ريح فاسدة.
صُدم دين!
لقد صُدم حقًا!
كان يراقب الوحش البيضوي ولم ينتبه لوجود وحش آخر يختبئ في الجوار!
لم يُصدر هذا الوحش حرارة، وكان جسده أخضر داكنًا، مندمجًا تمامًا مع الأعشاب المحيطة. ودين، الذي اعتاد على الرؤية الحرارية، لم يكن مستعدًا، فتفاجأ بشدة.
لحسن الحظ، استعاد وعيه خلال أقل من نصف ثانية. كان قلبه يخفق بشدة، وجسده أصبح باردًا، وشعر أن عقله لم يلحق بردة فعله. لكنه اندفع غريزيًا إلى الخلف.
ضربة!
ضرب الوحش الأسود الشبيه بالأفعى كتف دين وطرحه أرضًا.
رآه دين يندفع مجددًا كالسهم، فسارع إلى التراجع. وفي ذات اللحظة، لاحظ أن آيشا لا تزال تتبعه من قرب خلف الجدار العملاق.
كانت هذه فرصة لا تُعوّض.
رفع رأسه ونظر إلى الأفعى السوداء العملاقة. تعرّف عليها على الفور، كانت "الأفعى الشيطانية آكلة الذهب"، من المستوى 33. تتغذى على المعادن، وسمّها يحتوي على عناصر معدنية ثقيلة تُسبب الدوخة والشلل المؤقت.
في هذه اللحظة الحرجة، اتخذ دين قراره بسرعة. وعندما كانت على وشك أن تعضّه، أظهر وجهًا مذعورًا، ورفع يده وضرب فكّها لكبح فتحته.
ثم أسرع باحتضان رأسها بيده الخلفية ليتجنب العضة. فحتى وإن كانت بنيته أقوى منها، فإن تسمّمه كان سيصيبه بالدوار، وهنا ستكون الخطر الحقيقي.
ومع ذلك، ولكي يؤكد شكوكه، خاطر بنفسه.
ضربتان!
عندما أمسك رأسها، بدأت الأفعى تلتف بعنف وتهوي على الأرض، مخلفة خندقًا عميقًا.
كان جسد الأفعى العملاقة يتلوى بقوة، وتضرب الأرض بعنف محاولة التخلص من قبضة دين. لكن دين شدّ ذراعيه بقوة حول رأسها، مثبتًا إياها، بينما يحاول تفادي ضربات ذيلها المدمّرة.
في خضم الاشتباك، بدأ يفقد قوته تدريجيًا، وعضلاته ترتجف من التوتر. لم يكن بوسعه الاستمرار على هذا النحو طويلًا. لكنّه كان يعلم أن الوقت الآن هو العامل الحاسم، وكان عليه أن يرى... هل ستتدخل آيشا أم لا؟
كان يراهن بحياته على هذه اللحظة.
وبينما كانت الأفعى تلتف حوله بقوة أكبر، وتبدأ في عصر جسده، شعر بألم حاد في ضلوعه. كاد أن يصرخ، لكنه تماسك، وركز بصره نحو الاتجاه الذي كانت آيشا تراقبه منه، لا يزال يترقّب تدخلها.
فجأة، صدر صوت حاد في الهواء.
صوت تمزق قوي، تبعه اهتزاز عنيف في جسد الأفعى.
ثم، سقط رأس الأفعى أمامه، مفصولًا عن جسدها تمامًا.
نظر دين ببطء، ليجد آيشا واقفة هناك، سيفها مغطى بدم الأفعى، ووجهها خالٍ من أي تعبير.
كانت نظراتها باردة وثابتة، لكن دين استطاع أن يلمح شيئًا خفيًا في عينيها.
تنفّس بعمق وهو لا يزال مستلقيًا على الأرض. لم يكن يعلم هل يشعر بالراحة، أم القلق.
لقد أنقذته… إذن هل هذا يعني أنها لا تملك نوايا سيئة؟
أم أنها فقط لا تريد موته… بعد؟
جلس بهدوء، ممسكًا بجنبه المصاب، وقال بصوت منخفض:
"شكرًا…"
لكن آيشا لم ترد، بل أدارت ظهرها ببطء، وقالت بهدوء دون أن تنظر إليه:
"لا تختبرني مجددًا، دين. في المرة القادمة، قد لا أكون موجودة."
ثم اختفت بين الأعشاب، تاركة خلفها دم الأفعى يتبخر تحت أشعة الشمس.
أما دين، فظل جالسًا هناك، مشوش الفكر. لم يعرف بعد هل أجاب هذا الموقف على شكوكه…بالطبع، إليك تكملة الترجمة لبقية المشهد بنفس الأسلوب الأدبي:
---
بقي دين جالسًا لعدة دقائق، يحدّق في الدماء التي لطّخت يديه وملابسه، وفي جثة الأفعى العملاقة الملقاة على الأرض. خفق قلبه لا يزال يتردد في صدره، ليس فقط من القتال… بل من الحقيقة التي بدأت تترسخ في أعماقه.
"لقد تدخلت…" قال في نفسه.
لكن هل أنقذته لأنها لا تزال تثق به؟ أم لأنها لا تزال بحاجة إليه؟ أم لأنها ببساطة لا تسمح لأحدٍ غيرها أن يقتله؟
كل هذه الأسئلة تدور في ذهنه كإعصار، تضربه بلا رحمة.
نهض ببطء، يمسح الغبار والعرق عن جبينه، شعر بالدوار للحظة، لكنه تماسك. لم يكن يستطيع التراجع الآن. لقد بدأ لعبة خطيرة، وعليه أن يكملها حتى النهاية.
أخذ نفسًا عميقًا ثم نظر في الاتجاه الذي اختفت فيه آيشا.
"لا تختبرني مجددًا، دين…" صدى كلماتها لا يزال يتردد في أذنه.
ابتسم ابتسامة باهتة وقال بصوت خافت:
"لكنني سأفعل… لأنني لا أستطيع أن أعيش وأنا لا أعلم."
ثم أكمل طريقه، هذه المرة بهدوء أكثر، وعيناه تراقبان كل شيء. العشب، الهواء، الروائح… وحتى الصمت.
فكل شيء أصبح الآن جزءًا من الاختبار.
اختبار الثقة… والخوف… والحقيقة.
__________
مرحبا هذا اول فصل اترجمه في حياتي واتمنى ان يعجبكم
كان معكم KURO