بعد مدة وصل كايروس إلى المكان، الطاقة الروحية كانت تملأ الأجواء كأمواج خفية تتدفق في كل اتجاه، جليد يكسو الأرض كطبقة بلورية لامعة، ورياح عاتية تمزق الصمت بصافرة حادة تتردد بين الصخور.
تمتم وهو يتأمل المشهد، وعيناه تلمعان بترقب:
ان هذا ناتج عن ولادة أنثى التنين… يبدو أنها تستعمل عنصري الجليد والرياح، دعنا نحاول العثور عليها.
أطلق حسه الذاتي ليمسح المنطقة، كانت موجاته تنتشر كخيوط من الوعي تخترق الضباب البارد، ظل يبحث بدقة حتى شعر بمكان تتجمع فيه الطاقة الروحية أكثر من أي موضع آخر، وكأنها بؤرة متفجرة من النبض الخفي.
ابتسم قائلًا:
لقد وجدت مخبأك أيها التنين… آمل فقط أن تكون قد غادرت، فكما سمعت، التنانين تترك بيضها حتى لا يعتاد الجنين على الحنان واللطف… مخلوقات غريبة لكنها قوية، ويمكنها اتخاذ هيئة بشرية عند بلوغها.
تحرك بخفة، مفعّلًا مهارة الشبح الخفي، فتلاشت خطواته في الصمت، وظله ينساب بين الكتل الجليدية.
وعندما وصل، أصيب بالدهشة… فقد كان أمامه بيضتان يكسوهما بريق سحري خافت، تتسرب منهما ذبذبات طاقة تدغدغ روحه.
كيف يعقل هذا؟ التنين لا يبيض إلا بيضة واحدة كل عشرة أعوام، فكيف أجد اثنتين هنا؟
تأكد بحسه من خلو المنطقة من الأم، ثم اقترب من البيضة الأولى وفحصها، كان سطحها باردًا كثلج سماوي ينبض بالمانا… وما إن بدأ حتى اجتاحه شعور مذهل:
خمسة عناصر…! هذا غير معقول… يا للحظ العجيب!
ابتسامة النصر علت وجهه وهو يضع البيضة في خاتمه، حيث توهجت قبل أن تختفي داخله:
هذا ربح عظيم… بيضة أقوى تنين قادم على وجه الأرض.
انتقل نحو البيضة الثانية، كانت مختلفة في الشكل واللون، تحيط بها هالة دافئة تحرق الجليد من حولها ببطء.
مد يده ليفحصها، فتجمد مكانه من الذهول:
هذه بيضة العنقاء العنصرية! وحش روحي من المستوى الثامن… كيف يمكن أن أمتلك مثل هذا الحظ؟
واصل الفحص ليكتشف أنها تحتوي على ثلاثة عناصر: النار، الجليد، والجاذبية… كان قلبه يخفق بقوة مع كل نبضة من تلك الطاقة.
عنصر الجاذبية؟! لا يوجد أي وحش في هذا العالم يمتلكه، هذا أمر إعجازي.
لكن فرحته انقطعت فجأة عندما شعر بنية قتل قوية خلفه… الأم قد عادت!
انطلقت صرختها تمزق المكان كبركان جليدي يثور فجأة:
أيها الوغد، أتسرق أطفالي؟ أعدهم فورًا!
أجواء العش انقلبت إلى عاصفة جليدية، والرياح القاسية تدور حولها كدوامة تلتهم كل ما في طريقها.
رد كايروس بثبات، وعيناه تضيقان:
أتظنين أنني سأخاف منك؟
في داخله أدرك أن المعركة أمام مخلوق في المستوى السابع، هزيمتها مستحيلة، لكن ربما يمكنه مجاراتها قليلا حتى يجد فرصة للهرب.
هدر التنين الأم وتقدمت، وكل ما حولها يتفتت تحت قوتها، الجليد يتشقق، والصخور تتحطم، والهواء يثقل من الضغط.
تقدم كايروس بدوره، ركز ماناه، وأطلق لكمة الجحيم الأسود، فاهتز الجبل بانفجار ضخم جعل الأرض ترتجف، وشقوق النيران السوداء تمزق الغلاف الجليدي.شعر جميع من على هذا الجبل بهذه الهالة القاتلة لقد ظنو ان نعاية العالم قد حلت عليهم
فقط روزا زيلكارن من عرفت ان كايروس يواجه خطرا محدق ، بدأت تدعو لنجاته وقد اوشكن على ذرف الدموع
اما هنا ورغم الهجمة، لم تصب الأم سوى بأضرار طفيفة، بينما كان كايروس مغطى بدمائه، يتنفس ببطء وسط بخار ساخن يتصاعد من جسده… هزيمة واضحة منذ البداية.
قالت وهي تتقدم وعيناها مشتعلة بالغضب: ضعيف مثلك يجرؤ على محاولة مس أطفالي؟ استعد للموت.
ابتسم ماكرًا، ونظرو جنون تعلو ملامحه: ما زلنا في البداية… لا تتسرعي في الحكم.
جمع طاقته حتى انتفخ صدره، والهواء حوله بدأ يهتز كأنه يصرخ، ثم أطلق صرخة ملك الموت… موجة مرعبة جعلت حتى الأم تتراجع خطوة وتصرخ من شدتها، والسماء تهتز بصدى الصوت.
بعد ثوانٍ انتهى الهجوم، وكايروس يتنفس بصعوبة، العرق يتصبب منه على شكل قطرات باردة تتساقط على الجليد.
لقد استنزفت هذه الهجمة نصف قوته تقريبًا… إن لم يجد حلا فستكون نهايته.
ردت الأم ببرود جليدي: لديك بعض القوة، لكن هذا لن يكفي.
ابتسم قائلا، والشرر يتطاير من عينيه: لم يكن هذا سوى إحماء… استعدي لما هو قادم.
أجابت بسخرية، ونفسها يخرج كسحب ثلجية: بل أنت من عليه الاستعداد الآن.
فتحت فمها مشكّلة كرة مانا تجمع عنصري الجليد والرياح، تتسع وتدور كعاصفة مصغرة، الضوء الأزرق يتوهج من داخلها… أقوى مهارة تملكها التنانين، نفس التنين.
الهالة التي انبعثت منها وصلت إلى كل ذرة في الجبل، حتى أضعف الكائنات شعرت بالرعب والركب المرتجفة.
أطلق كايروس دفاعه الأقوى: درع الألف طبقة، مهارة إمبراطور السحر العظمى، فتصاعدت جدران مانا شفافة كألواح زجاجية عملاقة تحيط به.
ارتطمت الكرة وبدأت تحطم الطبقات واحدة تلو الأخرى بصوت انفجارات متتالية، الدماء تتساقط من فمه، لكنه استمر في المقاومة كصخرة وسط طوفان.
أطلق كرات مانا من مختلف العناصر، لكنها كانت تتبخر قبل أن تصل، والكرة استمرت في التقدم…
تبقى مئة جدار… ثم خمسون… ابتسم كايروس وهو يفكر: إن كان هذا وقت نهايتي فليكن، لكن لدي خطة أخيرة.
صرخ مخاطبًا الأم: قبل أن أموت، لدي سؤال… من أين حصلتِ على بيضة العنقاء العنصرية؟ ولماذا وضعتها بجانب بيضك؟
ردت وهي تواصل هجومها، صوتها يختلط بهدير الرياح: كانت صديقة عزيزة، ماتت متأثرة بجراحها بعد قتال ضد أربعة من قادة العائلات السبعة في إمبراطورية الظلال… عهدت إليّ بإرثها، فأخذته ,وداعا الان يا فتى.
ابتسم كايروس وعيناه تتوهجان بالأحمر، وابتسامة الانتصار تتسع: آسف… لكنني لا أنوي الموت هنا.
تساقطت الجدران: تسعة… ثمانية… سبعة… حتى واحد.
وفي اللحظة الأخيرة، نطق بكلمات غامضة، صوته يتردد مع الرياح: الثا مورا…
صاعقة هائلة ضربت المكان، السماء اسودّت، والهجمة اختفت وكأنها لم تكن.
صُدمت الأم: ما هذه البوابة؟ ماذا فعلت؟
أجابه بهدوء، عيناه تلمعان، ونبرته كحد السيف: لا يحق لك المعرفة… وداعًا.
قفز كايروس داخل البوابة، ليجد نفسه في كهف إمبراطور السحر، جدرانه مرصعة ببلورات مانا تتلألأ كنجوم.
جسده كان مليئًا بالجراح، وسيحتاج لعام كامل ليتعافى حتى مع مهارات شفائه الفريدة.
تنفس بعمق قائلا: نجوت بأعجوبة… ظننت للحظة أنني سأموت. لكن لا بأس، سأمكث هنا لأتعافى وأرعى البيضتين، فمن المفترض أن تفقسا بعد عام بفضل الطاقة الروحية العالية في المكان.
جلس متأملا البيضتين ثم قال: حان الوقت لأمنحهما عناصر الفريدة.
أطلق عناصره نحو بيضة التنين، والنار والرياح نحو بيضة العنقاء… ثم بدأ عملية الشفاء الطويلة.