بما أنه يريد قطع الفضاء، فهناك عناصر محددة قادرة على ذلك، وأنا أمتلك أحدها… عنصر الجاذبية، تأثيره يقع على الفضاء غير المرئي ذاته.
تابع كايروس بصوت متهدج:
"إذا دمجت عنصر الجاذبية مع مهارات سيفي، فلا بد أن ينجح… لكن ما يحيرني، ما الفائدة إن كان حل هذا الاختبار بهذه السهولة؟!"
تنهد ثم قال بحزم:
"على كل حال، علي أن أجرب."
أخرج سيفه القديم إذ إن الآخر يتماشى مع عنصر الجليد فقط ورفعه نحو السماء. بهدوء قاتل، أنشأ حقلًا ضخمًا من الجاذبية غطّى المكان المظلم بأسره، ثم صرخ:
"المهارة السابعة… سيمفونية الفناء الكوني!"
دوى صوت حاد، أشبه بصرخة صقر شاهين محلق، ثم انفجر كل شيء. انفجار مهيب قسم كل ما لمسه إلى نصفين… لا غبار، لا أثر، وكأن الوجود نفسه انمَحى. حتى الإمبراطور المراقب من بعيد من دون علم كايروس قد اندهش من هذه القوة.
لكن… لم يتحقق المطلوب.
زمجر كايروس:
"اللعنة! حتى هذا لم يقطع الفضاء… كيف أفعلها إذن؟!"
ظل يعيد المحاولة يومين كاملين بلا توقف، حتى سقط مغشيًا عليه.
… بعد يوم استيقظ صارخًا:
"أيها العجوز الشاب! لا أريد هذا الاختبار، تعال وواجهني أنت!!!"
جاءه صوت غامض من العدم:
"أتظن أن الحصول على إرثنا سيكون سهلًا؟ استمر، ولا تتذمر."
صرخ كايروس غاضبًا:
"لكنني لا أعرف شيئًا عن الفضاء، فكيف أقطعه؟!"
ضحك الصوت باستهزاء:
"هاهاها… حتى الأباطرة الذين سبقوك لم يعرفوا، لكن عناصرك بحد ذاتها معجزة قادرة على تشويه الفضاء أيها الغبي. أنت لم تستعمل حتى واحدًا بالمائة من قوتك."
تجمد كايروس مذهولًا، ونظر إلى يديه:
"أيمكن أن تكون عناصري قوية لهذه الدرجة؟… لكنني ضعيف جدًا في التحكم بها. كيف أنجح في تمزيق الفضاء؟"
رد الصوت بابتسامة خفية:
"استمر في التفكير لحل هذه المعضلة."
ثم اختفى مجددًا.
مر أسبوع كامل وكايروس غارق في الحيرة، حتى صاح فجأة:
"إذا كان كل عنصر وحده لا يكفي، فلماذا لا أدمجها معًا؟! صحيح أنه شبه مستحيل… لكن لا بد أن أجرب."
رفع يده، فانفجر الظلام بنيران سوداء قاتمة، ثم انقدح برق أبيض أعمى الأبصار، تلاه جليد فضي متلألئ، تعالت عواصف أرجوانية، وأخيرًا تدفق ماء عذب تحوّل إلى نهر يلتف حولهم. خمسة عناصر متنافرة اجتمعت في دائرة فوضى مروعة، تدور كعجلة دمار بلا رحمة.
"صعب… لكن ليس مستحيلًا!"
حاول الدمج… فانفجر المكان بانفجار عظيم كاد يبتلعه إلى عالم اللاعودة. جحيم من الفوضى أحرق جسده وأصابه بجروح خطيرة.
صرخ متألمًا:
"إنها تنفر من بعضها تمامًا! كيف أدمج الفوضى ذاتها؟!"
فجأة سمع صوت الإمبراطور مجددًا:
"عينك اليمنى… أيها الشقي."
ظنها هواجس عقله، ثم تذكر:
"صحيح! البرق الأرجواني للجبال السبعة يحمل جوهر التدمير، والدمار يعيد صياغة الأشياء… فلنجرب."
أعاد تشكيل الدائرة، وعينُه اليسرى لمعت ببرق مهيب يقشعر له البدن.
صرخ:
"المهارة الأساسية الثانية… شعلة البرق المدمر!"
ظهرت شعلة برق أرجوانية في قلب الدائرة، وبدأت تسحب العناصر الخمسة واحدًا تلو الآخر. وحين اندمج آخر عنصر، انفجر شعاع صخم غطى الجبال كلها.
تجلّت طاقة مجهولة، لا تُعرف أهي نار أم برق أم جليد أم شيء آخر، وبدأت تتضخم حتى دمّرت مصفوفة الحماية ذاتها. ضغط رهيب جعل كل الأباطرة يرتجفون خوفًا، ما عدا إمبراطور الجليد.
اندفعت الطاقة إلى يد كايروس اليمنى، فأحرقته بلهيب أسود. صرخ صرخات تقشعر لها الأرواح، استمرت سبعة أيام ولياليها حتى لم يعد قادرًا على الصراخ حتى الد اعدائه لا يتمنى له هذا. لكن فجأة خف الألم، وتجسدت النار في كفه، تاركة نقشًا غريبًا حول شعلة برق.
نظر مذهولًا:
"هذا… رمز؟! في الوسط شعلة من برق، وحوله خمس علامات… نار، برق، جليد، ريح، ماء… إنها العناصر الخمسة التي دمجتها!"
اختبرها فورًا. ركّز طاقته في يده، فانبثق سيف من الطاقة الغامضة. رفعه عاليًا وضرب:
"المهارة السابعة… سيمفونية الفناء الكوني!"
لكن هذه المرة، كان الأمر مختلفًا… فقد شعر وكأنه ضرب شيئًا غير ملموس، شيئًا يتجاوز العالم. رفع بصره ورأى القمر نفسه ينشطر نصفين، قبل أن يعيد الفضاء تشكله. كل ما لمسته الضربة اختفى تمامًا.
ظهر الإمبراطور مصفقًا:
"لقد نجحت… وأداؤك كان مهيبًا، يا لك من موهبة فذة."
انحنى كايروس فورًا:
"شكرا سيدي… لولا إرشادك لما نجحت."
ضحك الإمبراطور:
"لا داعي لهذا الاحترام الآن، ألم تكن تناديني بالعجوز الشاب وتلعنني؟ هاهاها."
احمر وجه كايروس بخجل واعتذر.
قال الإمبراطور:
"بما أنك نجحت، خذ مكافأتك. إرثي أصبح ملكك… خصوصًا عيني الفريدة، ذات التسعة مستويات. درّبها جيدًا، وكن على قدر المسؤولية. ولتعلم أنك فقدت الوعي شهرين كاملين."
"شهرين؟! … لا بأس، الأهم أنني نجحت. لكن، سيدي… هل متم أنتم؟ لماذا اختفيتم فجأة؟"
ابتسم الإمبراطور بخفوت:
"لا تشغل بالك. لكن تذكر، عليك أن تتطور وتتجاوزنا. فأنت من سيجمع كل إرث الأباطرة، ما استغرق منا قرونًا لصنعه. لم يبق سوى ألف عام على الأكثر… وعليك أن تصل لمستوانا أو تتفوق علينا. لا تنسَ هذا… أيها المنقذ."
اختفى صوته، تاركًا كايروس في صمت.
… وللمرة الثالثة، ورث كايروس قوة إمبراطور جديد، حتى صارت عيناه تلمعان: اليمنى بالأرجواني، واليسرى بالأزرق. رفع رأسه نحو القمر المنشطر، وتمتم:
"المنقذ…؟ ماذا سيحدث بعد ألف عام؟ وما هذا القدر الذي يلاحقني؟"
تنفس بعمق وقال بصرامة:
"لا يهم الآن… ما يهم هو التطور، والانتقام ممن قتلني."
عاد إلى عزلته، مركزًا كل طاقته على صقل عين التنين السماوية حتى يبلغ مستواها الرابع، وعين الفضاء حتى يصل إلى المستوى الثالث.
لكن… ما الذي ينتظره بعد هذه العزلة؟
لنكتشف ذلك في الفصل القادم.