الفصل: القتال الثاني – هايبر هوانكو ضد صنديد زيغاروس
تقدّم هايبر هوانكو إلى الحلبة بخطوات ثقيلة، الأرض تهتز تحت قدميه كأنها تستجيب لندائه. جسده العريض مغطى بالندوب، وصوته العميق يدوّي في أرجاء المكان:
"سوف أسحقك تحت قدمي كما تُسحق الصخور!"
في المقابل، وقف صنديد زيغاروس هادئًا، قبضته مشدودة، هالته تتدفق من جسده مثل نهر من العنف. قال ببرود، وصوته كالصخر البارد:
"لا توجد صخرة لم أفتتها بقبضتي من قبل… ولن تكون استثناءً."
رفع الحكم يده عاليًا، ثم صرخ:
"ابدأوا!"
في اللحظة نفسها ضرب هايبر قدميه بالأرض، لتظهر جدران صخرية شاهقة وتحيط بصنديد كقفص من الحجر.
"سوف أدفنك هنا للأبد!" صاح هايبر.
لكن صنديد رفع قبضته، وأطلق هالة كثيفة، ثم هوى بيده على الجدار الصخري.
بووووم!
تحطم الجدار بأكمله وتناثرت الشظايا في الهواء، وكأن الصخر ليس سوى تراب أمامه.
اندفع صنديد مثل وحش كاسر، قبضاته تصرخ وهي تشق الريح:
"أسلوب زيغاروس… القبضة المتفجرة!"
اصطدمت قبضته بصدر هايبر، فاهتز جسد الأخير وسقط على ركبتيه للحظة، لكن الأرض ارتجت من تحته، وأعمدة صخرية ارتفعت فجأة لتصد الهجوم.
رد هايبر بصرخة مدوّية:
"الأرض لا تخون أصحابها!"
وضرب يديه بالأرض فارتفعت مئات الحجارة، تحولت لسهام صخرية أطلقت نحو خصمه كعاصفة.
صنديد لم يتراجع، تقدم وسط العاصفة الصخرية، جسده يتلقى الضربات، الدم يتناثر من كتفه وذراعه، لكنه واصل التقدم بلا خوف.
صرخ وهو يلوّح بقبضته:
"قبضة الانفجار الأرضي!"
ضربة واحدة مزقت عشرات الصخور وحطمت الدفاعات، ليندفع مباشرة نحو هايبر.
ارتجت الحلبة بالتصادم، قبضات صنديد تصطدم بجدران من الصخر، بينما هايبر يرد بجسد صلب يصد الهجمات. كل ضربة كانت تحدث انفجارًا يهز المكان، الدخان والغبار ملأ الأجواء، ولم يعد يُرى سوى ومضات القبضات والصخور المتطايرة.
الجمهور وقف مذهولًا، بعضهم يصرخ إعجابًا والبعض يضع يده على فمه غير مصدق. كانت المواجهة أقرب لمعركة بين وحشين لا يعرفان الرحمة.
بعد دقائق من القتال الطاحن، كان الاثنان غارقين في الدماء. هايبر يتنفس بصعوبة، يده اليسرى ترتجف بشدة، بينما صنديد بالكاد يقف على قدميه، صدره يعلو ويهبط بسرعة، وجسده كله مليء بالكدمات.
لكن صنديد ابتسم ببرود وقال بصوت خافت:
"حان الوقت لإنهائها."
جمع هالته كلها في قبضته، حتى بدت وكأنها كتلة نيزك مضيئة.
اندفع بكل قوته، صرخ بصوت هزّ الساحة:
"قبضة زيغاروس… القاضية!"
هايبر رفع ذراعه لصد الضربة، صرخ بكل ما تبقى من قوته:
"الأرض معي!"
لكن…
كرااااااك!
صوت تكسير عظمي مدوٍ دوّى في المكان، ذراع هايبر انفجرت دمًا وهو يصرخ ألمًا، جسده ارتطم بالأرض بعنف مروّع.
سقطت يده تتدلى بلا حركة، مغطاة بالدماء، والدم ينزف بغزارة حتى غطى الحلبة.
صنديد نفسه كان على وشك السقوط، ركبته تنزف وصدره مليء بالكدمات، لكنه رفع قبضته أخيرًا وقال بصوت متقطع:
"انتهى الأمر."
أعلن الحكم بعد لحظة صمت ثقيل:
"الفائز… صنديد زيغاروس!"
انفجرت المدرجات بالهتاف، لكن خلف الصرخات كان هناك صمت خفيّ يخيّم على القلوب. ما حدث لم يكن مجرد قتال، بل كان إعدامًا بطيئًا لرجل فقد ذراعه وكل كبريائه.
كان الجميع يتوقع صدمة من إسكانور هوانكو، والد هايبر، حين رأى ابنه يسقط غارقًا في دمائه ويده مقطوعة. لكن الرجل لم يبدُ عليه أي انفعال.
نظر ببرود شديد، وعلق بكلمة واحدة فقط:
"أحمق… لا فائدة ترجى منه."
تجمّد البعض من قسوته، بينما آخرون لم يجرؤوا حتى على التعليق.
لكن في زاوية أخرى، كان كايروس يراقب بصمت، عيناه تلمعان بشيء مختلف. تمتم بصوت منخفض سمعه القريبون فقط:
"رجل بلا مشاعر يكنها لعائلته لن يصل إلى القمة أبدًا… فالمشاعر هي جزء من الإنسان، لا بد من تعزيزها لا دفنها. فلا فرق بين الميت والحي إذا اختفت المشاعر."
كلماته سقطت مثل نصل بارد وسط الأجواء المشتعلة.
البعض التفت نحوه بدهشة، وآخرون شعروا أن ما قاله لم يكن مجرد رأي، بل نبوءة لمستقبلٍ سيهزّ هذا العالم.
أما هايبر وصنديد… فقد بقيا راقدين على الأرض بإصابات خطيرة، شاهديْن على قتال دموي سيُحكى عنه طويلًا.