الفصل:"القتال الرابع - اليسيا جينجي ضد ميكيلا نيفارا

وقف الحشد في صمت مشوب بالترقب، فالمواجهة هذه المرة مختلفة تماماً. لم يكن الطرفان مجرد مقاتلين عاديين، بل كانتا وريثتين لأسرتين عريقتين، إحداهما ابنة إمبراطور الجليد وأخرى من سلالة نيفارا المعروفة بالسيطرة على الحيوانات الروحية.

تقدمت أليسيا جينجي بخطوات هادئة، شعرها الفضي يتطاير بخفة تحت هبوب النسيم البارد، وعيونها الزرقاء كانت كسيفين جليديين يبعثان على الخشية. في المقابل، رفعت ميكيلا نيفارا يدها اليمنى نحو السماء، ومن دائرة روحية انطلقت هالة بيضاء ضخمة قبل أن تهبط أمامها اللبؤة البيضاء، وحشها الروحي من المستوى الرابع، يكسوها الفراء اللامع كبلورات الثلج، فيما عينيها تشتعلان بوحشية لا تقل عن هالة سيدتها.

قالت ميكيلا بابتسامة واثقة:

"لن يكون النصر سهلاً عليك يا أليسيا… هذه اللبؤة أُعدّت لتمزق خصومها."

لكن أليسيا لم ترد، بل رفعت يدها برفق، فانبثقت هالة جليدية قوية جعلت الأرضية تحت قدميها تتجمد، وارتفعت شظايا الثلج كأنها جيش من الرماح الصغيرة يحيط بها.

بدأت المباراة بإشارة الحكم، فانطلقت اللبؤة البيضاء بقوة صاعقة، مخترقة الأرض بأقدامها، لتهاجم بسرعة هائلة. في اللحظة ذاتها، ضربت أليسيا بقدمها الأرض، فانفجر جدار جليدي هائل بينهما. ارتطمت اللبؤة به بقوة، فتناثر الجليد كالعواصف، لكن الوحش لم يتوقف بل مزّق الجدار بمخالبه، واستمر في الاندفاع.

أليسيا، دون أن تهتز، مدت يدها نحو الهواء وأطلقت تعويذة قصيرة، ليتشكل رمح جليدي ضخم اندفع مباشرة نحو اللبؤة. قفزت ميكيلا بنفسها للأمام، وصفقت بيديها على ظهر الوحش، فاشتعلت هالة بيضاء حوله وغطّت جسده بصفائح من الطاقة الروحية الدفاعية، ما جعل الرمح ينكسر لحظة الاصطدام.

"أنتِ سريعة… لكنك لن تصمدي أمام هجماتنا المشتركة!" صاحت ميكيلا، قبل أن تهجم مع وحشها في آن واحد.

تراجعت أليسيا خطوات قصيرة، ثم فجّرت الأرضية تحت قدميها فجأة، لتخرج منها عشرات المسامير الجليدية الحادة التي اندفعت كالعاصفة. اللبؤة تراجعت جانباً بخفة، فيما قفزت ميكيلا فوقها لتستعمل الوحش كمنصة للانقضاض المباشر. كانت ضربتها قوية، يرافقها سيف من الهالة البيضاء، لكن أليسيا تصدّت برفع ذراعها، ليظهر درع جليدي ساطع حول جسدها. الاصطدام جعل الساحة بأكملها تهتز، وتطاير الثلج والغبار في كل مكان.

ارتفعت هتافات الجماهير بدهشة من شدة الضربة وصمود أليسيا، لكن ملامح الأخيرة بقيت هادئة، وكأنها ما زالت تحتفظ بالكثير من قوتها.

"ظننت أنكِ مجرد متجمدة باردة، لكنكِ أشد صلابة مما توقعت." قالت ميكيلا وهي تلهث قليلاً، فيما اللبؤة تستعد لجولة جديدة.

أغلقت أليسيا عينيها للحظة، ثم فتحتهما بوميض أزرق بارد، وقالت بصوت خافت:

"أنا ابنة إمبراطور الجليد… هل تظنين أنني أخاف من وحش أبيض؟"

مع هذه الكلمات، تغير الجو فجأة. غيوم جليدية تكاثفت فوق الساحة، وبدأت الثلوج تتساقط بكثافة غير طبيعية، حتى أن أنفاس الحضور تحولت إلى بخار أبيض. اللبؤة البيضاء توقفت للحظة، ارتبكت من برودة الهواء، فيما أليسيا رفعت يديها إلى السماء. من بين الغيوم تكوّنت بلورة جليدية عملاقة بحجم منزل، سقطت نحو الساحة بسرعة مهولة.

صرخت ميكيلا: "لبؤة، اقفزي!"

قفز الوحش الشرس للأعلى، وحاول أن يحطم البلورة بمخالبه، لكن قوة السقوط والجليد الطاغية فاقت قدرته، فانفجرت البلورة إلى آلاف الشظايا التي غطت الساحة بالكامل، لتغدو كأنها غابة من السكاكين المثلجة.

سقطت ميكيلا أرضاً متضررة، وجسدها مليء بالجروح السطحية، أما اللبؤة فكانت تترنح، أنفاسها ثقيلة وهالتها بدأت تضعف تدريجياً. ومع ذلك، لم تتراجع ميكيلا، بل عضّت على شفتها حتى سال الدم، وصاحت:

"لن أسمح بالخسارة…! قومي مجدداً!"

لكن اللبؤة البيضاء، رغم صرختها، بدت على وشك الانهيار. لم تكن الهالة قادرة على الصمود أكثر أمام الجليد القاسي الذي يملأ المكان. عندها، خطت أليسيا خطوة للأمام، سيف جليدي يتشكل بيدها، استعداداً لتوجيه الضربة النهائية.

أطبقت الصمت على الساحة، وكأن الجميع ينتظر نهاية دامية. غير أن ميكيلا رفعت يدها فجأة، وأعلنت بصوت مرتجف لكنه واضح:

"كفى… أعلن انسحابي!"

ساد الذهول بين الحضور، حتى الحكم تجمد لثانية قبل أن يرفع يده مؤكداً الانسحاب. اللبؤة البيضاء اختفت تدريجياً داخل دائرة روحية باهتة، فيما جلست ميكيلا على الأرض تتنفس بصعوبة، عينيها ممتلئتان بالعناد رغم الخسارة.

أما أليسيا، فقد أنزلت سيفها الجليدي ببطء، وهالتها تلاشت، لتعود مجرد فتاة واقفة ببرود ملكي. لم تتفوه بكلمة، بل التفتت مغادرة الحلبة بخطوات هادئة، تاركة خلفها ساحة يغمرها الصمت والثلج المتساقط، وصورة انتصار لا تقبل الشك. تقدمت نحو كايروس وضربت يدها في يده وكانها تقول انها ادت المهمة

انتهى الفصل

2025/08/23 · 8 مشاهدة · 648 كلمة
نادي الروايات - 2025