الفصل:"القتال الخامس والسادس - التوأمين"
تقدّم زابورا زيكرزي بخطوات مترددة نحو الساحة، ملامحه شاحبة، وكأن قلبه يدرك المصير الذي ينتظره. كان خصمه كلارس زينوس يقف ثابتًا في مكانه، عيناه تلمعان بهدوء مخيف، وعضلاته متوترة كوحش على وشك الانقضاض. شهرت عشيرة زينوس في فن القبضة جعلت الجميع يعلم أن زابورا في موقف لا يُحسد عليه.
ابتسم كلارس بسخرية وقال بصوت هادئ لكنه يقطر احتقارًا:
"ألا يوجد من هو أضعف منك في هذه العشيرة؟ أم أنكم جميعًا هكذا؟"
شدّ زابورا قبضته محاولًا أن يخفي ارتجاف يديه، ثم هتف بعزم:
"حتى إن كنت وحدي... سأقاتل حتى النهاية!"
لم يمنحه خصمه حتى فرصة التقاط أنفاسه. في لحظة خاطفة، اختفى كلارس من مكانه ليظهر أمام زابورا، ولكمة واحدة اخترقت دفاعه الهزيل. ارتطم جسده بالأرض بقوة جعلت الغبار يتطاير من تحت جسده. حاول النهوض بصعوبة، لكن كلارس لم يتوقف، بل انهال عليه بسيل من الضربات السريعة التي لم يُتح لزابورا حتى التفكير في صدّها.
صرخة أخيرة تمزقت من حنجرته وهو يتلقى الضربة الحاسمة التي حطمت أضلاعه وألقت به أرضًا بلا حراك. لم يكتفِ كلارس، بل تقدم نحو جسده الملقى، قبضته تتوهج بهالة مميتة. وقبل أن يتمكّن أحد من التدخل، اخترقت قبضته صدر زابورا مباشرة.
ارتجّت الساحة بصمت ثقيل، قبل أن يسقط جسد زابورا بلا حياة، وعيناه مفتوحتان تحدقان في الفراغ.
ارتسمت ابتسامة باردة على وجه كلارس وهو يتمتم:
"ضعفاء... لا مكان لهم في هذه الساحة."
سقط الصمت على الجمهور، قبل أن يُستدعى خصمان جديدان. زاكوري زيكرزي تقدّم هذه المرة، وعيناه مليئتان بالغضب والحزن على موت أخيه. أمامه وقف إيمالوين كريثيوم، شاب من عشيرة السيوف الأقوى، هالته أشبه بشفرة قاتلة تتأهب لقطع كل ما يقف في طريقها.
هتف زاكوري بغضب:
"سأجعل دمك يدفع ثمن أخي!"
لكن إيمالوين لم يعره اهتمامًا، بل رفع سيفه بخفة وقال ببرود:
"إن لم تكن أقوى منه، فلن يكون مصيرك مختلفًا."
اندلع القتال بانفجار طاقة هائل. أطلق زاكوري قوة الجاذبية، فاهتزت الأرض تحت أقدامهم، وكأن الهواء نفسه يثقل على جسد إيمالوين. ومع ذلك، تحرّك الأخير بسرعة مذهلة، يقطع الهواء بسيفه في خطوط متوهجة. اندفع زاكوري بكل ما يملك، قبضته محاطة بهالة الجاذبية، محاولًا سحق خصمه في ضربة واحدة.
لكن وميض السيف كان أسرع. اندفعت ضربة إيمالوين بقوة، اخترقت دفاع زاكوري مباشرة، وأصابته في عينه اليسرى. صرخة ألم مروّعة ملأت الساحة، والدم يتفجر من محجر عينه، جسده يرتعش بقوة، وسقط على ركبتيه يكاد يفقد وعيه.
رفع إيمالوين سيفه عاليًا، ملامحه قاسية لا تعرف الرحمة، استعدادًا لإنهاء حياة خصمه.
لكن في اللحظة الأخيرة، دوّت هالة عظيمة غطت الساحة. الزمن نفسه بدا وكأنه تباطأ، والجاذبية تضاعفت بشكل جنوني حتى اضطر الجميع للتراجع.
ظهر توماس زيكرزي، إمبراطور الجاذبية، واقفًا أمام ولده، عيناه تشعّان بغضب رهيب.
قال بصوت ثقيل اهتزت له الأرض:
"كفى… لن أسمح بموته."
ارتجف إيمالوين قليلًا تحت وطأة الضغط، لكنه لم يتراجع، بل قال ببرود:
"لقد أصبت عينه بنفسه، كان عليه أن يعرف عاقبة تحدّي عشيرة كريثيوم."
مدّ توماس يده، وسحب زاكوري من الأرض بجاذبية لطيفة، فيما بقيت عيناه تحدقان بإيمالوين. الصمت عاد ليخيم على الساحة، والجميع أدرك أن هذه المعركة انتهت قبل أن تتحول إلى مأساة أخرى.