ولادة العائلة الجديدة
وقف كايروس بين الناجين، جسده ما زال متعبًا، لكن عينيه المتوهجتين بالبرق الأبيض والنار السوداء أشعلتا قلوب الجميع رهبة وإعجابًا. نظر إلى أولئك الذين كانوا يُعرفون يومًا بـ"العبيد"، والآن يقفون أمامه وقد فقدوا رفاقهم، يحدّقون فيه بعيون دامعة، منتظرين منه كلمةً تحدد مصيرهم.
تقدّم خطوة للأمام وقال بصوت عميق:
"أنتم لستم عبيدًا بعد الآن... لن أناديكم بهذا الاسم مرة أخرى. من هذه اللحظة، أنتم أفراد من طائفتي... من عائلتي. لكل واحد منكم الحق في العيش بحرية، في أن يمتلك مسكنًا، حياةً، ومستقبلًا. لقد نزفتم الدماء بجانبي، خسرتم إخوتكم، وصمدتم حتى النهاية. أنتم لستم أدوات، أنتم رفاق درب، ولن أسمح لأي أحد أن ينظر إليكم كأقل من ذلك."
تردّد الهمس بين الصفوف، بعضهم لم يصدق ما سمعه، الدموع انسابت على وجوه الآخرين. حتى شادو وبايلي تبادلا نظرة صامتة، وابتسامة فخر ارتسمت على محيّاهما.
رفع كايروس يده وأكمل:
"لكن اعلموا جيدًا... الحرية لا تعني الراحة. أنتم الآن تحملون راية طائفتي، ويجب أن تكونوا مستعدين للتضحية والنهوض. من هذه اللحظة، ستتدربون بجد تحت إشراف شادو وبايلي. هما قائداكم، وسيتأكدان أن كل واحد منكم سيصقل قوته ليصبح سيفًا حادًا في وجه أعدائنا."
ارتفعت أصوات الهتاف، صادقة وقوية، تردّد صداها في المكان وكأنها إعلان ولادة عائلة جديدة. ستة من الناجين التفوا حول كايروس، أعينهم متلألئة بالأمل، بينما مجموعة بايلي العشرة وشادو العشرة، ثم التوأمان العجيبان، انحنوا برؤوسهم احترامًا وولاءً.
ابتسم كايروس، ابتسامة نادرة مليئة بالدفء:
"أنتم لستم وحدكم بعد الآن. ابتداءً من هذه اللحظة... نحن عائلة واحدة. دم واحد، قلب واحد، طريق واحد."
صرخ أحد الناجين بصوت مبحوح:
"سنسير خلفك يا سيد كايروس... إلى أينما تأخذنا!"
تبعته الأصوات الأخرى:
"نحن طائفتك!"
"نحن عائلتك!"
عندها، رسم كايروس بيديه بوابة ضخمة في الفضاء، دوّامة من الألوان الخمسة الفريدة التي تمثل عناصره. الهواء اهتز بقوة، والجميع شعروا بجاذبية المكان الجديد.
قال بنبرة حاسمة:
"لقد حان الوقت... سنبني طائفتنا في جبال التنين."
تجمّد الجمع، الدهشة بدت على الوجوه. جبل التنين لم يكن مكانًا يجرؤ الكثير على الاقتراب منه، فكيف بالقمة التي لم تطأها سوى قلة من الأساطير؟
لكن قبل أن يخطو إلى البوابة، صرخ شادو:
"لن نتركك وحدك!"
وأضاف بايلي بابتسامة واثقة:
"إنها عائلتنا جميعًا... إن كنا سنبني طائفة، فسيكون ذلك معًا."
أومأ كايروس، عينيه امتلأتا بالرضا. ثم التفت إلى الجميع وقال:
"فلنذهب إذن... نحو مستقبلنا الجديد."
دخلوا جميعًا البوابة، ليجدوا أنفسهم في أرض مهيبة: جبال شاهقة تغطيها الغيوم السوداء، البرق يلمع في السماء، والرياح تعصف بلا رحمة. في قلب هذا المشهد المرعب، ارتفع جبل التنين شامخًا، وكأنه يحدق فيهم من علٍ.
وقف كايروس أمام القمة المهيبة، ابتسامته مليئة بالعزم:
"من هنا... ستولد طائفتنا. ومن هنا... سيبدأ كل شيء."
لكن فجأة… اهتزّت الأرض تحت أقدامهم اهتزازًا خفيفًا، وكأن الجبل نفسه يتنفس. ارتفعت الرياح بشكل جنوني، والبرق مزّق السماء في خطوط كثيفة كأنها غضب سماوي.
تجمّد الجمع، عيونهم شاخصة نحو القمة، حيث ظهر وميض ذهبي مخيف وسط الغيوم. كان أشبه بزوج عيون عملاقة تحدّق بهم من الأعالي، تتوهج بسطوة مهيبة.
ابتسم كايروس ابتسامة غامضة، كأنه كان ينتظر هذه اللحظة
وقال بصوت منخفض:
"لقد شعر بقدومنا… تنين القمة."