الفصل: اختبار الروح-من انا؟؟!
تقدّم كايروس إلى الأمام، فوجد بابًا ضخمًا جديدًا يحمل عبارة "الروح".
قال كايروس متأمّلًا:
"ممم... الروح؟ يا ترى ماذا يقصد؟ هل يعني أن هذا اختبار لقوة روحي؟ لكنني لم أشكّل روحي بعد..."
صمت قليلًا، ثم تابع:
"لكن، ليس بالضرورة أن يقصد تلك الروح تحديدًا... ربما يقصد الروح الأساسية، فجميعنا نملك روحًا داخلنا. لكن عند الوصول إلى طبقة القلب الروحي، تتجسد تلك الروح في هيئة خاصة بصاحبها. أعتقد أن هذا هو المقصود... لكن لا يمكنني الجزم، فقد أجد روح شخص قوي وأُجبر على قتالها... دعنا ندخل ونرَ ما يخبّئه لنا هذا العجوز!"
وما إن دخل كايروس الغرفة حتى تحوّل كل شيء إلى اللون الأبيض، لا يوجد شيء سوى مرآة كبيرة.
تقدّم نحوها، حتى سمع صوت رجل عجوز يقول:
"أووووه، لقد أتى شخصٌ أخيرًا... لم يدخل أحدٌ هنا منذ قدوم ذلك الطفل الصغير..."
حاول كايروس فحص هذا العجوز، لكنه لم يستطع رؤية أي شيء من خلاله... صقله مرتفع وقوته هائلة. بدا شديد الخطورة.
انحنى كايروس وقال باحترام:
"تحياتي، أيها السيد الكبير."
ضحك الرجل العجوز وقال:
"هاهاها، حذر للغاية... قمت بفحصي، وما إن أدركت أنك لا تستطيع رؤية صقلي، أظهرت الاحترام فورًا. إذًا، ما الذي أتى بك إلى هنا؟"
رد كايروس:
"سيدي، أرسلني إمبراطور السحر لأتمم الاختبار الثاني من بين ثلاثة... للحصول على إرثه. هل لديك فكرة عن طبيعة هذا الاختبار؟"
قال الرجل العجوز متنهّدًا:
"أوووه، ذلك الشقي... بدأ يستعملني كاختبارٍ أيضًا؟! حسنًا... يبدو أن ذلك اليوم يقترب..."
قال كايروس بحيرة:
"سيدي... عن أي يومٍ تتحدث؟"
رد العجوز:
"لا داعي لمعرفته الآن، ستفهم لاحقًا... ألم تأتِ من أجل الاختبار؟"
تابع:
"دعني أشرح لك. أرأيت تلك المرآة هناك؟ إنها مرآة الروح. ستساعدك على فهم ذاتك.
إن نجحت في معرفة من تكون حقًا... ستعود روحك إلى جسدك. وإن فشلت... ستفنى روحك داخلها.
هل أنت مستعد لأخذ هذه المخاطرة؟"
رد كايروس دون تردد:
"ما من خيار آخر... يجب علي ذلك. لدي الكثير من الأهداف لأحققها، ويجب أن أصبح أقوى مهما كلّفني الأمر. ولا أظن أن الرفض مسموح بعد اجتيازي أول اختبار... أليس كذلك؟"
ضحك الرجل العجوز وقال:
"لقد أرسل الشقي شابًا مثيرًا للاهتمام... شجاع، ذكي، ويعرف متى يتقدم ومتى يتراجع. أتمنى لك النجاح حقًا."
تقدّم كايروس نحو المرآة، وما إن نظر إلى انعكاسه حتى شعر بذعرٍ غريب... شعور بالحرية يسحب روحه إلى الداخل... وفقد وعيه.
استيقظ كايروس في مساحةٍ بدت وكأنها جنةٌ لا مثيل لها...
سماءٌ زرقاء صافية، وأرضٌ مغطّاة بالخضار والورود بمختلف الأشكال.
قال كايروس وهو يتلفّت:
"منظرٌ رائع... لكن أين أنا؟ يبدو أنني فقدت الوعي في الطريق.
لكن... كيف سأتعرف على نفسي هنا؟ لا فكرة لدي عن ماهية هذا المكان. لم أشعر بهذا القدر من الحيرة في حياتي السابقة كلّها."
ظل يسير في تلك الأرض، واكتشف أمرًا عجيبًا...
لم يستطع لمس أي شيء، وكأنه غير موجود، مجرد مراقب لهذا العالم.
وفجأة... ظهر له شخصان!
تفاجأ كايروس وقال بدهشة:
"هذ... هذان... إنهما أنا! واحد من حياتي السابقة، والآخر من حياتي الحالية! ما الذي يحدث؟! ولماذا يبدوان في صراع؟!"
قاطع تفكيره صوتٌ مألوف... صوته هو عندما كان كارين:
"أنا هو مالك هذا الجسد الآن، عليك أن تتقبل ذلك وترحل بهدوء. أفهمت يا سيفر؟"
رد الآخر غاضبًا:
"أيها اللعين! هذا جسدي! كيف تجرؤ على أخذه بهذه السهولة؟! أعده لي! أعده أيها اللعين!!"
واستمر الصراع بينهما يومين كاملين، بينما ظل كايروس يراقب.
قال في نفسه:
"من أنا الآن؟ أأنا كارين؟ أم أنني سيفر؟
لو كنت سيفر، لبقيت ذكرياتي. لكن كل ما أعلمه هو ما أذكره من حياة كارين... إذًا، ربما هذان الاثنان هما من يشكلان الصراع داخل نفسي...
لكن... من أنا حقًا؟"
قضى كايروس شهرًا كاملًا وهو يبحث عن إجابة، بلا جدوى. حتى سمع صوتًا يقول:
"أوووه... يبدو أنك لم تجد حلًا بعد، أليس كذلك؟ لماذا تستغرق كل هذا الوقت في التفكير؟"
ردّ كايروس لا إراديًا:
"لا أعلم... لا أعرف شيئًا... لا أعرف حتى من أكون!"
قال الصوت:
"وهل هذا مهم إلى هذه الدرجة؟ هل يجب أن تكون أحد هذين؟"
قال كايروس مذهولًا:
"كيف؟! كيف أعيش دون أن أعرف من أنا؟!"
قال الصوت في كلماته الأخيرة:
"هذه إجابة أنت فقط من يستطيع معرفتها. أنت أدرى بنفسك... ليس أنا."
ثم اختفى...
ظل كايروس يتأمل في تلك الكلمات، ثم قال:
"أنا أعرف نفسي أكثر من أي أحد... هذا صحيح... هدف هذا الاختبار هو أن أفهم من أكون.
أنا... أنا لست كارين، ولست سيفر فقط.
أنا كايروس نوفارين.
أنا من جمع بين حياة كارين السابقة وجسد سيفر الحالي.
أنا شخصٌ جديد... نعم، أنا كايروس نوفارين، وريث القوة الحقيقية.
لا يجب أن أقيد نفسي بحياةٍ مضت، أو بجسدٍ لم أختره...
أنا من اختار أن يحمل الاثنين معًا. أنا وريث القوة الحقيقية!"
وما إن أنهى كايروس كلماته، حتى بدأ الشخصان يختفيان، وهما يبتسمان له ويقولان:
"أخيرًا... استطعت التغلب علينا، رغم أن ذلك استغرق وقتًا طويلًا.
وداعًا... عليك أن تسلك طريقك بنفسك من الآن فصاعدًا."
ضوءٌ قوي غطى المكان... كل شيء اختفى، وبدأ كايروس يشعر بنفس الشعور الذي أحسّ به عند دخوله المرآة.
استفاق داخل جسده وقال:
"أوه... يبدو أنني عدت.
هل... هل نجحت؟!"
فسمع صوت الرجل العجوز:
"أووووه، لقد نجحت يا فتى. إذًا، هل عرفت من تكون؟"
قال كايروس بابتسامة:
"نعم، سيدي. لقد كانت تجربة مذهلة... ساعدتني على فهم ذاتي حقًا، ومعرفة من أنا، وما هو الطريق الذي يجب أن أسلكه."
قال العجوز:
"الشقي ينتظرك بالخارج... اخرج من ذلك الباب."
قال كايروس متسائلًا:
"سيدي... أنت تنادي أحد أباطرة القمم السبعة، إمبراطور السحر الأسطوري، بـ(الشقي)!
وتمتلك قوة عالية لدرجة أنني لم أستطع حتى رؤيتك... من تكون؟!"
ابتسم الرجل وقال:
"أنا؟... أنا مدرّب ذلك الشقي... ووالده الروحي.
ولا مزيد من الأسئلة الآن.
تقدّم للاختبار التالي. وداعًا، أيها الشاب."
قال كايروس وهو ينحني:
"أقدّم تحياتي مرة أخرى، سيدي...
وشكرًا لما قدمته لي.
وداعًا..."