الفصل 6 من المجلد 2 : لقد أصبحتُ سيدًا (الجزء الثاني)
بينما كنتُ أدرس هذه الأمور، مرّت بضعة أشهر.
أنا أنمو بسرعة. تُرى، كيف سأبدو في النهاية؟
وأخيرًا، وصل المرشحون ليكونوا مرافقيّ.
هل يُفترض بي أن أختارهم بعناية…؟
“يورشيا، هؤلاء هم الأطفال.”
أحضر والدي أربعة أطفال، حدّقوا بي للحظة وكأنهم أغبياء… ربما أخفتهم.
“أنا الابن الثاني للبارون السابق روث، إسمي نواه. أرجو أن تقبليني كمتدرب خادم يا يورشيا-ساما.”
نواه-كن، عمره ثماني سنوات. شعره بني داكن… هل يُعدّ كستنائيًا؟ يتحدث بأدب، لكنّ لون عينيه الرماديتين الحادتين يثير الريبة.
“أنا الأخت التوأم لنواه، إسمي نينيت. أُمم… هل يمكنني أن أكون متدربة حارسة؟”
نينيت-تشان، عمرها ثماني سنوات. لدي شعور بأنه لا ينبغي فصلهما. هل تسعى لتكون فارسة متدربة؟
“أنا الابنة الكبرى للفيكونت السابق سيرودا، إسمي كريستينا. متدربة خادمة.”
كريستينا-تشان، عمرها ست سنوات. من مواليد نفس عامي. هذه أول مرة أرى فيها تجاعيد الشعر الشقراء منذ وقت طويل.
“أنا الابنة الثالثة للبارون السابق روهان، إسمي فونتين. مثل كريس-تشان، متدربة خادمة.”
فونتين-تشان، عمرها خمس سنوات. بشعر فضي وعيون زرقاء، تعطي انطباعًا بأنها مدللة.
بجانب نواه ونينيت، نحن الثلاثة – أنا وكريستينا وفونتين – في نفس الفئة العمرية.
كل هؤلاء الأطفال هم من النبلاء السابقين الذين انحدروا من العائلات التي دُمرت بعد حادثة الاستدعاء الشيطاني الثانية.
“نعم، أنا يوروشيا. سررتُ بلقائكم جميعًا.”
““نعم.”” “…حسنًا.” “أرجو رعايتكِ.”
هؤلاء الأربعة هم المرشحون ليكونوا حاشيتي، أليس كذلك؟ آمل أن ننسجم معًا.
*
خرج الأطفال الأربعة.
لا بأس بهم، لا يُظهرون كرهًا لي أو للعائلة. ليسوا أطفالًا مشاغبين. لكن… هناك شيء غريب فيهم قليلًا.
“الأميرة يوروشيا، معلمة الإتيكيت ستأتي هذا الصباح.”
“حسنًا.”
نواه-كن، هل هذا كل ما في الأمر؟ لماذا تحدق؟ ألا يوجد ما تفعله؟
تحطّم!
“أوه، أميرتي، أعتذر بشدة. عذرًا.”
نينيت-تشان الخرقاء أسقطت مزهرية. لا بد أن من الصعب التحرك وهي ترتدي سيفًا خشبيًا ضخمًا على خصرها.
“ن-نعم، فهمت…”
بالمناسبة، ليست لدي مهارات خاصة. ولا أتمتع بقدرة كافية على الانتباه لهؤلاء الأطفال… هؤلاء سيكونون حرّاسي؟ هل تمزحون معي؟
“نينيت، نظفي المكان بسرعة.”
لا تفعل عمل الآخرين، نواه-كن. هذا تصرف غير جيد، أليس كذلك؟
“نـعم، سأستدعي الخادمات حالًا~.”
“أرجو أن تعذري أختي، أيتها الأميرة الشابة. لا بأس في الأمر. إن خسر الدوق مزهرية أو اثنتين، فلن يُشكل ذلك فرقًا.”
… ها؟ ماذا يقول هذا الطفل؟
“أرى، كما هو متوقع من دوق. يشرفني أن أخدم الأميرة.”
“… حسنًا. لنترك هذا الآن… أنتما الاثنان.”
أفترض أن الفتاتين بعمر الخامسة، وهذه تجربتهما الأولى.
“كريس، أريد شايًا.”
لا أحب طعمه، لكنه سيروي عطشي.
“أميرتي، اسمي كريستينا. ما نوع الشاي الذي تفضلينه؟”
“أي نوع من شاي الأعشاب…”
لا تحبين الألقاب المختصرة؟ هذه الطفلة تؤدي عملها رغم عمرها… إنها بارعة للغاية، أليس كذلك؟ هل هذا رهافة أم لا؟
“بالمناسبة، أين فونتين؟”
“لا أعلم. سأُحضّر شايًا عشبيًا مناسبًا.”
“… فهمت.”
“لن أكون سيئة؟” تبدين نقية فعلًا. على ما يبدو.
لا أرى الخادمة الصغيرة الأخرى خلال النهار.
“فيل، هل رأيتِ فونتين؟”
“تلك الطفلة كانت تحفر حفرة صباحًا بجانب أحواض الزهور… ألم يكن ذلك بأمر من يورو-ساما؟”
“آه، يورشيا-ساما، كانت تأكل بعض الحلوى في المطبخ منذ قليل…”
“رأيتها تسير وهي تحمل بطانية.”
“تلك الطفلة كانت تبدأ الأكل قبل الغداء دومًا، أليس كذلك؟”
“أمم… كنت قد أعطيت فونتين دفتر التلوين والأقلام، لكنها استعملته بالفعل.”
كانت الخادمات يراقبنها… ما الذي تفعلينه، فونتين-تشان؟ وكأنكِ تلعبين في منزل أقاربك. تعيش على طريقتها الخاصة…
ومع ذلك، من بين الأربعة، فونتين هي الأفضل.
فقط تلك الطفلة استطاعت التحدث معي بشكل طبيعي. لا يمكنهم العمل إذا لم نتحدث.
أنا واثقة أن البقية سيجدون مواضع مناسبة لهم لاحقًا.
عندما يكبر هؤلاء الأطفال، سيكونون أفرادًا محترمين في حاشيتي.
… أتساءل، أين حدودي أنا؟
وهكذا، سأبلغ السادسة قريبًا.
ولمساعدة والدي، سأزور المناطق الإقليمية كابنة الدوق.
… وأخذنا هؤلاء الأطفال معنا.
***
في يوم من الأيام، تلقّت سيري، الابنة الكبرى للفيكونت فارن، دعوة عبر البريد.
“هـ-هذه…”
أطلقت سيري صوتًا مذهولًا وهي تمسك الرسالة بين يديها.
كانت سيري من النبلاء الريفيين، وتدرس في السنة الخامسة في أكاديمية السحر بالعاصمة الملكية. عائلتها لم تكن تملك منزلًا ثانويًا فيالعاصمة، لذا كانت تعيش في السكن الداخلي للأكاديمية.
أبناء العائلات النبيلة الثرية أو التجار الناجحين كانوا يذهبون لحفلات الشاي يوميًا، أما سيري فلم تُدعَ كثيرًا. لم يكن لديها أصدقاءمقربون، لذا كانت تحتسي الشاي وحدها في غرفتها بالسكن.
المواضيع اليومية كانت تدور حول الشائعات أو الفتيان الجذابين. أخت تاماني-سينباي الكبرى دعتها أخيرًا لما كانت تتوق إليه بشدة: [حفلةشاي].
وكان ما تتوق إليه أكثر من أي شيء هو [حفلة الشاي تحت ضوء القمر] التي تُقام ليلًا فقط.
وتبدأ دائمًا بـ [دعوة] مفاجئة.
الدعوات التي تصل إلى الفتيات قليلات المعارف كانت بمثابة نعمة من ابنة الكونت أوبر. والفتيات اللواتي حضرن تلك الحفلات كنّ يتحدثنعنها لغيرهن بعيون حالمة، متأملات أن ينلن دعوة يومًا ما.
يرافقك خادم شاب جميل إلى حديقة مزينة بالورود، ويُقدّم لك شاي وحلويات لا مثيل لها.
وسيدة الحفل تُعرف بـ الأميرة الفضية، ميلاين، ذات الجمال الآسر.
لكن كانت هناك قواعد غير مكتوبة بخصوص حفلة الشاي تحت ضوء القمر:
لا يجوز لأي شخص غير المدعوة رؤية الدعوة.
لا تتحدثي عن الدعوة مع أي أحد.
عندما تصل العربة، يجب ألا تكوني برفقة أي شخص.
إذا خالفتِ أيًّا من هذه القواعد، فلن تأتي العربة مجددًا، ولن تصلك دعوة ثانية أبدًا.
“ل-لقد وصلت…”
احتضنت سيري الدعوة التي وُضعت تحت باب غرفتها، وكأنها تمسك بكنز، ثم أخفتها بسرعة بين ملابسها الداخلية.
“… أُووو~… أريد إخبار أحدهم~…”
لكن لم يكن لديها الشجاعة للحديث. تجاهلت جوعها، وادّعت المرض حتى لا تخرج مع صديقاتها للعشاء.
وهكذا، في تلك الليلة…
“… واو.”
وصلت سيري إلى حديقة غريبة، تستقل عربة تجرها الخيول، تمامًا كما كانت تحلم وهي صغيرة.
الورود البيضاء تملأ المكان، وموسيقى أنيقة تداعب أذنيها.
عند الطاولات البيضاء، تجلس فتيات مثلها، ويخدمهن شاب وسيم بوجه ساحر كفيل بإذابة أي فتاة.
اقتربت منها فتاة ترتدي فستانًا أسود وأرجوانيًا، أنهت حديثها مع الأخريات، ثم قالت بلطف:
“شكرًا لحضوركِ، سيري-ساما.”
“شـ… شكرًا.”
شعر فضي يلمع كالقمر. بشرة بيضاء ناصعة.
جمالٌ يخطف الأنفاس…
حدّقت سيري في عينيها البنفسجيتين الساحرتين، وذابت ملامحها تمامًا كما حدث مع الأخريات…
وفي صباح اليوم التالي، استيقظن الفتيات في أسرّتهن. ولإثبات أن ما حدث لم يكن حلمًا، وجدن على صدورهن [مزهرية الوردة البيضاء]،كدليل على حضورهن لـ [حفلة الشاي تحت ضوء القمر]… لكي يُخبرن الآخرين عنها، ويحلموا بدورهم بروعتها.
الجميع… باستثناء فتاة واحدة لم تعد.
وداعًا، سيري.
ترجمه: سنو
انستا : soulyinl
واتباد : punnychanehe