11 - لفصل الحادي عشر: الجزء الثاني من قصة قديمة

في قاعة ملكية فخمة مزخرفة، جلس الملك والكهنة ونبلاء مصر، يراقبون وسط الغرفة بتعبيرات غامضة. لا سخرية، لا تعاطف، لا غطرسة. أما السحرة، فقد أظهر بعضهم صدمة، والبعض الآخر غضبًا أو خوفًا، وقليل منهم بالكاد أخفى رضاه.

لقد شهدوا جميعًا ما حدث للتو - الساحر الذي أطلقوا عليه اسم "معجزة"، خليفة برج السحر الأول، قد هُزم بسهولة. كان على بُعد خطوة واحدة فقط من تحقيق أعلى لقب بعد وصوله إلى المستوى السادس - وهو إنجاز لم يقترب منه أحد منذ قرون. ومع ذلك، فقد سقط بيد شخص لم يصل حتى إلى مستوى المبتدئين بين السحرة.

ذلك الساحر، الذي كان يُعتقد يومًا أنه عبقري لا يُقهر، لم يستطع استيعاب ما حدث. أطلق تعاويذ من المستوى الثالث، ثم الخامس، وأخيرًا واحدة من أشد التعاويذ تدميرًا القادرة على محو مدينة بأكملها. ومع ذلك، لم يكن لأي منها أي تأثير. في هذه الأثناء، لم يستخدم ذلك المتدرب الغامض سوى كرة نارية صغيرة. ولكن مع اقترابها، شعر الساحر بضعفٍ عارم، كما لو أن وجوده ينهار - كما لو أنه لم يكن سوى ذرة صغيرة أمام انفجار الكون. لم يكن أمامه خيار سوى الاستسلام.

صرخ عقله:

"هل هذا ممكن؟ هل هو مجرد وهم؟ كيف لم أكن حتى نداً له؟! لقد حاربت تنانين، ونجوت من معارك لا تُحصى، والآن... أخسر هكذا؟!"

قبل أن يستوعب صدمته وإنكاره، قطع صوت رئيس الكهنة الصمت، هادئاً ولكنه ثقيل كالصخر:

"أما زلت لا تفهم؟ الموت هو الأهم."

حدّق الساحر في الكاهن بذهول، لكن الأخير أكمل قبل أن يتمكن من الرد:

"انظر إلى ذلك المتدرب. إنه الأضعف بين طلاب المعبد، ومع ذلك هزمك بسهولة. هل تعلم كم متدربًا لدينا؟ تخيّل لو كان الخلود حقيقيًا - هل تعتقد أن الكهنة سيسمحون للمتدربين بوراثته؟ لماذا يتخلى شيخ خالد عن سلطته وثروته ورفاهيته؟"

ثم ازداد صوته حدة:

"حتى لو فعلوا، ماذا سيحدث؟ ستمتلئ المعابد بالشيوخ الخالدين، كلٌّ منهم يكدس الثروة والموارد بينما يكافح المتدربون للنمو. ستتسع الفجوة، ويصبح عامة الناس مجرد أدوات لرغباتهم. سينتشر الفساد، وتصبح السلطة قانونًا. وعندما يرغب شيخ خالد في فتاة صغيرة، ثم يكتشف أنها تحب شخصًا آخر، ما الذي سيمنعه من أخذها؟ لا شيء. سينهار العالم."

"والأسوأ... حتى لو كان عدد الخالدين صغيرًا، كيف ستشعر عندما ترى صديقك، أخاك،أو أن ينال حبيبك الخلود وأنتَ محكومٌ عليكَ بالموت؟ ألن تحسدهما؟ ألن تكرههما؟ ألن تحاول قتلهما أو سرقة سرهما؟ لن يكون هذا عالمًا، بل جحيمًا.

حاول الساحر، رغم صدمته، أن يجادل:

"لكن لو علم الجميع أنهم سيموتون، ألن يغرقوا في الفوضى أيضًا؟ إذا كانت الحياة قصيرة، فلن يكترث أحد بالعواقب."

ابتسم الكاهن، وكأنه يتوقع السؤال:

"صحيح... لكن هناك فرق. بعد الموت، هناك حساب. وعندما تعلم أنك ستُحاسب، تُفكّر قبل أن تُقدم على فعل."

ثم أضاف بصوت أكثر هدوءًا وحزمًا:

"الحياة مجرد رحلة، والموت هو غايتها النهائية. إذا حاولت الفرار منها، ستجد نفسك تركض بلا نهاية، متشبثًا بالحياة بأي وسيلة. لكن في النهاية... ستدرك أنك تهرب من المحتوم. وإذا نظرت إلى الشيء الذي يحملك، ستجد أنه قد مات هو الآخر - فهذه هي الحياة. حتى لو ركبت حصانًا خالدًا وركضت لملايين السنين، ففي النهاية... ستنظر إلى العالم وترى أنه قد مات. لأنه حتى العالم نفسه سيفنى يومًا ما."

توقف الكاهن للحظة قبل أن يعاود الكلام، بصوتٍ ثابت:

"أنت ومجموعتك - لا يهمنا أمركم. سواء فاز هذا المتدرب أم خسر، فلا أهمية لذلك. نحن لا نضيع وقتنا مثلكم. كل من في هذه القاعة يفكر في شيء واحد فقط: كيف سيترك بصماته قبل رحيله. لسنا مثلكم. لم نُظهر أدنى فرحة بخسارتكم، لأنه ببساطة... لم يكن الأمر مفاجئًا."

انتهى الاجتماع، وغادر الساحر مع مجموعته، لا يزال في حالة ذهول، وأفكاره تدور في دوامة. كان فهمه للعالم ينهار أمامه - كابوس لن يستيقظ منه أبدًا. لم يدر ماذا يفعل، فأرسل تقريرًا إلى "أرض السحر"، حيث قوبل بدهشة بالغة. لكن الرد الوحيد الذي تلقاه كان:

"يجب أن نكشف سر الكهنة المصريين ومصدر قوتهم".

على مدى قرون، حاول السحرة التسلل إلى المعبد، لكن جميع محاولاتهم باءت بالفشل. حتى عندما أصبح "سيد برج السحر الأول"، ظلّ هدفه الأساسي كشف السر.

ومع ذلك، لم ينجح أحد. من السيد الثاني إلى الخامس، لم يقترب أحد حتى من الحقيقة.

ثم، في عهد السيد السادس لبرج السحر، حدث أول اختراق حقيقي. تمكن أحدهم من لمح جزء من السر. ولكن قبل أن يتمكن من استيعابه، تم اكتشافه - ومُحيت ذاكرته تمامًا.

وعندما حاولوا استعادتها بالسحر، لم يجدوا شيئًا... باستثناء رسالة واحدة أرسلها قبل القبض عليه:

"قوة مختلفة عن المانا... نظام مختلف... سر الآلهة... والخطة... الوقت يقترب".

ثم توقفت الرسالة فجأة، تاركةً إياهم دون فهم واضح.

مرّت العصور، وتغيّر أسياد برج السحر، لكن لم تظهر أي اكتشافات جديدة. لكن عندما اختفى الكهنة فجأةً وحل محلهم آخرون، بدأ كل شيء يتغير.

وفي غضون قرن واحد فقط، انهارت مصر، وضاعت معها أسرارها...

في تلك اللحظة، حدّق جميع من في القاعة الكبرى - المدربون الخالدون والشامان والسحرة - في حالة من الصدمة. ترددت في أذهانهم فكرة واحدة:

"كيف يُعقل هذا؟ المستوى السادس، الذي لم يصل إليه أحد منذ آلاف السنين، هُزم بهذه السهولة؟!"

المحطة التالية: والآن، بعد هذه الصدمة... ما هي الخطوة التالية؟

-----

هل استمتعتم بهذا الفصل؟ شاركوني أفكاركم، وإذا كان هناك أي شيء يثير فضولكم، فلا تترددوا في السؤال!

2025/04/27 · 17 مشاهدة · 810 كلمة
نادي الروايات - 2025