ساد الصمت الغرفة بينما كان زاك يحدق في مصطفى، منتظرًا سماع الحل الذي قد ينقذ الولايات المتحدة من الأزمة. لم يكن هذا مجرد حل اقتصادي، بل مسألة بقاء. هيمنة أمريكا العالمية في خطر، وللمرة الأولى، لم يكن أمامها خيار سوى التعاون مع مصر.
أما مصطفى، فراقبه بهدوء، وكأنه يقرأ أفكاره، مُدركًا تمامًا للضغط الذي يتعرض له في واشنطن. وقال بابتسامة واثقة:
لا تقلق يا سيد زاك. لقد وجد علماؤنا المصريون بالفعل طريقة لنقل الطاقة إليك دون الاعتماد على روسيا أو وسائل النقل التقليدية عبر محطات الطاقة والبحار.
اتسعت عينا زاك قليلاً في شكوك. لقد حاولت بلاده حلولاً مماثلة من قبل، لكن جميعها باءت بالفشل. لهذا السبب أعادت أمريكا النظر في علاقتها بمصر وسعت إلى تعويض أخطاء الماضي. لكن حقيقة واحدة باتت واضحة الآن: مصر ليست دولةً يُستهان بها.
وتابع مصطفى، مستغلاً التوتر المتزايد لدى زاك:
وأنت تعلم يا سيد زاك أن جهود العلماء جديرة بالتقدير. وبما أن مصر تساعد الولايات المتحدة في مواجهة التحالف الصيني الروسي، فمن الطبيعي أن يكون هناك اتفاق يضمن حقوق جميع الأطراف.
شعر زاك بتزايد الضغط. لقد قلب مصطفى الموقف لصالحه، مستخدمًا الدبلوماسية والاقتصاد بدقة متناهية. أراد زاك خنق الرجل الجالس أمامه، لكنه بدلًا من ذلك، اصطنع ابتسامة دبلوماسية وقال:
بالطبع، سيد مصطفى. نحن نقدّر بشدة عمل العلماء المصريين ونفهم أهمية التعاون. إذن، ما الذي تقترحه كتعويض عادل لهم ولمصر؟
مسح مصطفى ذقنه بعمق، وكأنه كان يتوقع هذا السؤال بالضبط، ثم ابتسم بخفة.
"لا تقلقوا، نحن لا نطلب الكثير، ولن نفرض شروطا مستحيلة على شريكتنا الولايات المتحدة".
ثم تابع بهدوء:
"أنت تعلم أن العلماء الحقيقيين لا يسعون إلى الثروة أو الشهرة؛ بل يسعون إلى المعرفة. علماؤنا يعملون بجد - ليس من أجل الجوائز أو التقدير، بل من أجل مصر والعالم."
حدق زاك فيه بدهشة، وكانت أفكاره تتسابق.
من قال إنه ليس سياسيًا ماهرًا؟ هذا الرجل أخطر من أي دبلوماسي قابلته. إنه لا يعرض صفقة... بل يفرض أمراً واقعاً!
حاول زاك استعادة رباطة جأشه، وقال:
أحترم هذا التفاني يا سيد مصطفى. فما الذي تعتقد أنه مناسب لهؤلاء العلماء؟
لم يُخفِ مصطفى رضاه. كان يُوجِّه الحديث نحو هذه اللحظة طوال الوقت. وبتعبير هادئ، قال أخيرًا:
لأنهم يعشقون العلم، فإننا لا نطلب سوى الدعم التكنولوجي المناسب. نريد من الولايات المتحدة أن تسمح لمصر بإنشاء مصانع لتصنيع الرقائق الدقيقة، وتوفير أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، وضمان تبادل مفتوح للتطورات التكنولوجية لدعم أبحاث علمائنا.
ساد الصمت. رفع زاك حاجبه وهو يستوعب ما سمعه.
"رقائق دقيقة... ذكاء اصطناعي... اللعنة! هل يظنني غبيًا؟!"
كان عقل زاك يتسابق.
إذا حصلت مصر على هذه التقنيات، فستصبح قوة اقتصادية وعلمية هائلة. يُدرّ إنتاج الرقائق الدقيقة وحده مليارات الدولارات يوميًا - ماذا لو استفادت أيضًا من طاقة الهرم؟ هذا لن يجعلها دولة متقدمة فحسب، بل سيجعلها قوة لا تُقهر!
لكن التراجع لم يكن خيارًا. أخذ زاك نفسًا عميقًا وسأل:
وماذا عن مصر؟ كيف نُقدّر مساهماتها كما ينبغي؟
ابتسم مصطفى وكأنهم وصلوا أخيرا إلى الجزء الأكثر أهمية من المفاوضات.
لا تقلق يا سيد زاك. مصر لا تطلب الكثير. نحن نؤمن بالسلام ولا نستغل الآخرين. ومع ذلك، نريد بعض الأمور البسيطة: نريد انسحاب الولايات المتحدة الكامل من الشرق الأوسط ووقف تدخلها في الشؤون الإقليمية. نريد أيضًا مقعدًا دائمًا في مجلس الأمن الدولي... وأخيرًا، السماح لنا بتطوير أسلحة نووية لحماية مصالحنا.
شعر زاك بأن الغرفة تدور. "هذا ليس طلبًا بسيطًا... هذا جنون!"
أدرك الآن أن مصطفى لم يكن يدفع مصر للأمام فحسب، بل كان يضعها كقوة عظمى عالمية على قدم المساواة مع أمريكا وروسيا والصين. لم يكن رفض الصفقة سهلاً أيضًا. لم يكن الوقت في صالح الولايات المتحدة. إذا اتجهت مصر نحو روسيا والصين، فستُطرد أمريكا من المعادلة تمامًا.
زفر زاك ببطء، وحافظ على وجهه محايدًا، وقال:
"موافق يا أستاذ مصطفى. هذا هو المكان الذي تستحقه مصر وعلماؤها."
ورغم كلماته، فإنه كان يعلم أن بلاده خسرت للتو هذه الجولة.
ظهرت ابتسامة خفيفة على وجه مصطفى وهو يقول:
ممتاز. سنصوغ الاتفاقية أولًا، ثم سأكشف لكم عن حل لمشكلة الطاقة. بالطبع، نثق بكم، لكن يجب علينا ضمان حقوقنا كحلفاء.
لم يكن أمام زاك خيار سوى الامتثال. بمجرد توقيع الاتفاقية بين مصر والولايات المتحدة رسميًا، لم يعد بإمكانه كبح فضوله. سأل بلهفةٍ كاد أن ينطفئ:
"والآن أخبرني... ما هو الحل؟"
نظر إليه مصطفى بابتسامة المنتصر وقال ببساطة:
"سنقوم بنقل الطاقة عبر الأقمار الصناعية... تمامًا مثل الإنترنت."
اتسعت عينا زاك بصدمة حقيقية. "كيف لم نفكر في هذا؟!"
لكنه أدرك فورًا أن هذا لم يكن مصادفة، فقد خططت مصر لهذا منذ البداية!
---
المحطة التالية: كل العيون على مصر - ماذا ستفعل بعد ذلك؟
-----
إذا استمتعت بهذا الفصل، فأخبرني بأفكارك!
هل توقعت الحل؟ ما رأيك فيه؟
أنا دائما في انتظار تعليقاتكم، لذلك لا تنسوا مشاركتنا آراءكم.
بالإضافة إلى ذلك، من فضلك لا تنسى تقييم القصة ومراجعتها - تعليقاتك وتقييماتك تساعدني في تحسين الرواية بناءً على اقتراحاتك!
[ملاحظة المؤلف]
نظرًا لعدم تعليق أي شخص على الفصل السابق، فلن أذكر أي أسماء هذه المرة.
ولكن في المرة القادمة سأذكر أسماءكم إن شاء الله!
والآن السؤال لهذا الفصل:
هل تفضل أن تعقد صفقة مع شيطان أم مع مصطفى؟
وما رأيكم فيما سيحدث في الفصل القادم؟