في مكان مجهول أشبه بالسجن، يسود جوٌّ كئيب، وتعصف به رياحٌ عاصفة. حراسٌ منتشرين في كل زاوية، يراقبون كل شيء بحذر، مستعدون لإطلاق النار في أي لحظة. التوتر واضح، والإجراءات الأمنية مشددة.
داخل السجن، في غرفة استجواب، يجلس ثلاثة رجال في جوٍّ مشحون بالتوتر. اثنان منهم يراقبان الرجل الثالث، الذي يبدو أنه تعرض لتعذيب وحشي. وجهه مشوه، وعيناه مشوشتان، يملؤهما اليأس والغضب. يداه مقيدتان، وآثار الحقن المتكررة تغطي ذراعيه. تبدو أعصابه وأوردته متضررة. جسده هزيلٌ بسبب سوء التغذية، ومع ذلك، وللغرابة، يُظهر قدرةً ملحوظةً على التعافي بسرعة.
يتحدث أحد المحققين بصوت حاد: "للمرة الأخيرة... ما هذه الطاقة الغريبة التي انبعثت من الهرم؟ وما هي خطط منظمتك؟ تعاون معنا، وسنطلق سراحك."
ركّز الرجل المُقيّد قليلاً، ثم حدّق بهم بنظرة قاتلة، وغضبه يغلي تحت ملامحه المشوّهة، مما جعله يبدو كوحش لا يرحم. ثم أجاب بصوت بارد:
وللمرة الأخيرة، أقول لكم... لا أعرف شيئًا، ولستُ عضوًا في أي منظمة. أنا مجرد رجل عادي، كأي شخص آخر شاهد الأخبار وشهد لحظة انطلاق مشروع استخراج الطاقة في الهرم الأكبر. لكن حدث خطأ ما، فانطلقت تلك الطاقة في الفضاء، واصطدمت بحاجز غير مرئي أصبح مرئيًا فجأة. انتشرت الطاقة، وظهرت بوابات، ومعها جاء السحرة والشامان والمتدربون الخالدون. اسألوهم، فهم بالتأكيد يعرفون شيئًا.
تبادل الرجلان نظرات سريعة، مدركين أن كلماته لا تحمل أي جديد. لكن أحدهما عاد ليتحدث بنبرة تهديد: "يبدو أنك ما زلت غير متعاون، لذا سنلجأ إلى كل الوسائل الممكنة لإجبارك على الكلام... أيها الكائن الفضائي!"
يضغط الرجل المُقيّد على أسنانه بغضب. إنه ليس ساذجًا، فهو يعلم أن هذا الاستجواب مجرد غطاء لتبرير التجارب اللاإنسانية التي تُجرى على البشر الخارقين.
يضغط أحد المحققين زرًا على الطاولة أمامه، فيدخل حارس السجن. يصدر المحقق أمرًا باردًا: "أعيدوه إلى زنزانته".
أطاع الحارس، واقتاد الرجل بعيدًا. حالما غادرا، ساد الصمت الغرفة، تاركًا المحققين وحدهما.
تنهد أحدهم وسأل الآخر: "لماذا كل هذا؟ نعلم أنهم ليسوا جزءًا من منظمة، ولا يعرفون بعضهم البعض حتى. وثائقهم تؤكد ذلك. هم ليسوا كائنات فضائية أيضًا. فما فائدة هذا الاستجواب إذا كنا سنجري عليهم تجارب أصلًا؟ ولماذا نفعل هذا أصلًا؟ أليسوا أبطال هذا العصر؟ ألا يجب أن نرى إن كانوا قادرين على دخول البوابات وأن يكونوا مفيدين؟"
يبتسم الآخر ساخرًا: "يا أحمق. علينا تبرير ما نفعله. علينا توثيق كل شيء بدقة ليبدو قانونيًا. أما كونهم أبطالًا، فهذا مفيد لنا. عندما نقرر الإفراج عنهم، يمكننا عقد صفقات معهم وتقديمهم للجمهور كأبطال، مما يضمن ألا يُنظر إلينا كأشرار. وإذا حاول أي منهم مقاضاتنا، فسنبرر أفعالنا بالادعاء بأننا كنا نحقق في تهديد فضائي محتمل أو منظمة سرية خطيرة تحاول تدمير العالم."
ثم يضحك ضحكة مكتومة، ويضيف: "أليس هذا سياسة قذرة؟ ولكن الأقذر... أن الناس سيصدقونها ويسعدون بها أيضًا!"
ثم نظر حوله بحذر، ناظرًا يمينًا ويسارًا قبل أن يميل نحو زميله ويخفض صوته: "أما لماذا نجري عليهم التجارب... فلدي صديق في منصب حكومي رفيع. كنا نتحدث في حفلة خاصة، وسألته عن هذا الأمر. فأخبرني بشيء مُقلق".
يتوقف قليلًا قبل أن يتابع بجدية: "بسبب ظهور السحرة والشامان والمتدربين الخالدين، أصبح قادة العالم العظماء قلقين من فقدان السيطرة. يخشون أن تصبح دولهم مجرد بيادق في أيدي هؤلاء البشر الخارقين، وأن يفقدوا سيطرتهم على العالم. عندما ظهر هؤلاء البشر الخارقون، كانت صدمة الشامان والسحرة أعظم مما توقعوا. لقد ملأتهم حسدًا - كيف يمكن لهؤلاء الناس أن يمتلكوا هذه القوة الغامضة وهم عاجزون؟"
تنهد قبل أن يضيف: "في البداية، اعتقد السحرة والشامان والمتدربون الخالدون أن المصريين وحدهم قادرون على التحكم بهذه الطاقة. ولكن عندما ظهر بشر خارقون من جنسيات مختلفة، تغيرت حساباتهم تمامًا. حاولت هذه القوى الثلاث الكبرى كشف سر هذه الطاقة بأي ثمن، لكن أسبوعين مرّا دون أي تقدم. في حالة من اليأس، لجأوا إلى وسائل مروعة... اغتصبوا النساء اللاتي أظهرن قدرات خارقة، وقتلوا العديد منهن، واستنزفوا طاقة حياتهن بطرق وحشية."
استمع زميله بصدمة، لكنه استعاد رباطة جأشه ليسأل: "إذن... لهذا السبب نجري التجارب؟ هل لإيجاد طريقة لتسخير الطاقة قبل أن يفعلها السحرة والشامان والمتدربون الخالدون، أم لخلق بشر خارقين لمحاربتهم؟"
أومأ الآخر: "بالضبط. لكن رغم كل شيء، لم نحرز أي تقدم. تقنياتنا ليست متطورة بما يكفي لكشف أسرارهم. لا نستطيع حتى إجبارهم على دخول البوابات لأننا لا نعرف ما يكمن وراءها. نخشى أن تزيدهم البوابات قوة أو تمنحهم وسيلة للانتقام. والمشكلة الأكبر... لا أحد يعلم حقيقة ما يحدث في العالم الآن لأن مصر لم تكشف أي تفاصيل والتزمت الصمت. هذا دفع القوى العظمى إلى حالة من الهياج، متلهفة للحصول على أي معلومة."
صمت زميله لحظة قبل أن يسأل بتردد: "هل صحيح أن مصر تستقبل الأبطال الخارقين المفقودين؟ هل يحمونهم؟ ولماذا يُصرّون على إنقاذ الأطفال تحديدًا، وليس الأبطال الخارقين أنفسهم؟ هل لديهم سرّ، أم يريدون استغلال الأبطال الخارقين من خلال أطفالهم؟"
تجمد الآخر في مكانه قبل أن يهمس بحذر: "اصمت! لا تقل هذا بصوت عالٍ. لا أحد يعلم إن كانت مصر وراء ذلك حقًا، ولكن بالنظر إلى مهارتهم ودقتهم، نفترض أنهم كذلك. علاوة على ذلك، تختلف معاملة مصر للبشر الخارقين اختلافًا كبيرًا عن معاملة الدول الأخرى. وقد أثار هذا قلق العلماء والمسؤولين، ولذلك بدأوا بإجراء تجارب مروعة حتى على أطفال البشر الخارقين، بحجة أنهم أبناء كائنات فضائية أو منظمة خطيرة تسعى إلى تدمير العالم، مما يجعلهم تهديدًا مستقبليًا".
حدّق به زميله في رعب، مما دفعه إلى مواصلة حديثه بصوت خافت: "رغم كل التجارب المروعة التي أُجريت على هؤلاء الأطفال الخارقين، لم نجد أي دليل يُثبت أنهم كائنات فضائية أو مختلفون عن البشر العاديين. مع ذلك، سرعة والديهم، وشفائهم، وقوتهم، وقدراتهم العقلية... كلها تُشير إلى شيء غريب. أما الأطفال؟ لا شيء. إنهم مجرد بشر عاديين، ويموتون بسرعة تحت وطأة التعذيب."
ثم أضاف: "لا أعتقد أن مصر تُبقيهم للاستغلال. لو كان الأمر كذلك، لما أطلقت مهمات إنقاذ سرية تُركز فقط على أطفال البشر الخارقين الذين أُعدموا. ما زلنا لا نفهم السبب".
ويصمت لبرهة قبل أن يختتم حديثه قائلا: "لكن مهما كانت الحال، يبدو أن مصر عازمة على إنقاذ هؤلاء الأطفال بأي ثمن، حتى لو كان ذلك يعني مداهمة السجون أو مختبرات الأبحاث".
في هذه الأثناء، بينما يُقتاد الرجل المُقيّد عبر ممرات مظلمة كريهة الرائحة، يمشي ببطء، مُتظاهرًا بالإرهاق، لكنه سمع كل كلمة تُقال في الغرفة التي يُفترض أنها عازلة للصوت. يهمس لنفسه بكلمة واحدة، تحمل في طياتها الأمل واليأس:
"مصر..."
تتدفق الذكريات في ذهنه - عائلته، لحظاتهم السعيدة، وصراعاتهم اليومية - قبل أن يتحول كل شيء إلى كابوس. يتذكر بوضوح كيف قُتلت عائلته بوحشية، وكيف اغتصبت زوجته أمام عينيه على يد أحد المتدربين الخالدين. ومع ذلك، وسط هذه الذكريات المظلمة، يبرز وجه واحد... وجه ابنته الوحيدة، ربما لا تزال على قيد الحياة.
يرتجف قلبه لفكرة أن ابنته ربما تكون قد وقعت في أيديهم، وتحولت إلى مجرد فأر تجارب. لكنه سرعان ما يزيح هذا الخوف جانبًا. عليه أن يُخبر زملاءه السجناء بما سمعه. إنهم ضعفاء، لكنه يعلم أن الوحدة والأمل في نجاة أبنائهم هما فرصتهم الوحيدة للنجاة.
بينما يمشي عبر الممر الضيق، تتألق عيناه بتصميم غريب.
ما زال المجهول ينتظرنا، والمستقبل يبقى غامضا، ولا أحد يعلم ماذا ستحمل الأيام القادمة.
----
على مدى الأسبوعين الماضيين، قُتل وتعذيب العديد من البشر الخارقين - إلى جانب أطفالهم وعائلاتهم.
بعضهم أخفى قواه وعاش متنكراً، بينما فر آخرون إلى أماكن مجهولة، أو إلى مصر، على أمل البقاء على قيد الحياة.
لكنهم يعيشون في خوف دائم، قلقين من أن يُقبض عليهم وتُذبح عائلاتهم في أي لحظة. لا يمضِ وقت طويل حتى يواجه كلٌّ منهم أفرادًا غرباء يظهرون أمامهم وكأنهم يعرفون سرّهم - فذعرهم الأولي يجعلهم يعتقدون أن هذه القوى تطارد البشر الخارقين.
ومع ذلك، سرعان ما يتضح أن هؤلاء الوافدين الجدد ليسوا صيادين ولا حلفاء. يخيم الشك - هل يُعقل أن يكونوا من مصر؟ يلوح في الأفق بصيص أمل، ممزوج بالحذر والخوف. ومع ذلك، يدركون أن أي شخص سيكون أفضل من الحكومة، أو الشامان، أو المتدربين الخالدين، أو السحرة.
لكن-
لم يطل الانتظار، فقد بدأ الحدث الثالث بالفعل.
-----
المحطة التالية: الحدث الثالث... الأخطر على الإطلاق، والذي سيغير العالم إلى الأبد.
-------
إذا استمتعتم بهذا الفصل، شاركونا آراءكم! استغرق تحضيره وقتًا طويلًا، لذا أرغب بسماع رأيكم.
ما رأيكم بهذه الشخصية الجديدة ومصير ابنته؟ وما توقعاتكم للحدث الثالث؟
[ملاحظة المؤلف]
حسنًا، يا عزيزي القارئ، هذه الملاحظة لك. لاحظتُ قلة التعليقات، وأظن أن هناك مشكلة - مع أنني ما زلتُ أحاول فهمها. فلماذا لا تكون أول من يكسر حاجز الصمت؟ هل من مشكلة في أن تكون أول من يُعلق؟ فقط استرخِ، وانغمس، ولا تُكثر من التفكير! سواءً كنتَ أول من يُعلق أو آخر من يُعلق، يُسعدني سماع آرائك الصادقة.