63 - الفصل 63: مجلس السلالات – عالم سيريس (الجزء الثاني)

في القاعة المهيبة العملاقة، التي تطل على مساحات واسعة من المناطق المتوسطة، بدا وكأن جدرانها تتحدث بفخر عن قوة وذكاء السلالات المتوسطة التي بنتها.

جاءت جميع السلالات المتوسطة من كل أنحاء المناطق متوسطه، القوي منها والضعيف، وحتى السلالات المحبة للسلام، فلم يستطع أحد تجاهل هذا النداء. كان الجو مشحونًا بمزيج من التوتر والحزن، وجنون العطش للقتال، والخوف في آنٍ واحد.

جميعهم جاؤوا من أجل سبب واحد… الحرب قادمة.

لذلك حاولت كل سلالة أن تعرف كيف تفكر السلالات الكبرى، وأي تحالف ستنضم إليه لتحمي نفسها، لأن دوامة الحرب ستبتلع كل شيء، ولن ينجو منها سوى أقوى السلالات وأكثرها تمسكًا بالبقاء.

---

أمام البوابة الكبرى للقاعة، وصلت مواكب ملوك السلالات المتوسطة واحدًا تلو الآخر. كل ملك جلب وريثه معه ليتعلم ويشهد ما سيحدث في هذا المجلس، فربما يصبح الملك التالي ويحتاج هذه الخبرة.

كان المشهد يبرز مكانة كل سلالة، سواء كانت ضعيفة أو قوية، لكن لم يهتم أحد بالمظاهر كثيرًا، لأن ظل الموت أصبح يخيّم على الجميع، ولن يفرق بين قوي وضعيف.

في أحد المواكب، كان ملك إحدى السلالات المحبة للسلام يبدو عليه القلق والضعف، وكان يفكر بجدية. التفت إليه وريثه بفضول وسأله:

"أبي… لماذا يجب أن نخوض الحرب؟ إذا كان البشر سيأتون إلينا فعلًا، لماذا لا نتحالف معهم ونقوي أنفسنا؟ عدونا الحقيقي هم إمبراطوريات العوالم المتعددة، هم من يطمعون في عالمنا."

ضحك الملك قليلًا على قلة خبرة وريثه، ورأى نفسه فيه وهو صغير، ثم تنهد قائلًا:

"يا بني، لا يوجد شيء اسمه سلام أو حرب مطلقة. إذا أرادت القوى الكبرى القتال، من سيمنعهم؟ نحن ضعفاء، وحتى لو توحد جميع الضعفاء فلن يتمكنوا من منافسة سلالات القويه.

وإن أرادت تلك القوى الكبرى السلام، سيعم السلام حتى لو أرادت السلالات الضعيفة الانتقام لمقتل أحبائها… فلن تستطيع فعل شيء.

المشكلة ليست في البشر أو أي سلالة أخرى، بل في نفوذ السلالات العليا والفائقة، التي لن تسمح للبشر بالعودة إلى قمة السلالات كما في الماضي السحيق. وبما أن المصريين منحونا فرصة للقتال كي نصبح السلالة المميزة المتفردة ونحكم الكون، فالجميع سيستغل هذه الفرصة."

حزن الوريث قليلًا، لكنه تمالك نفسه وقال:

"إذن يا أبي، لا مفر من الحرب… كم منا سيموت، وكم منا سيبقى حيًا؟"

ضحك الملك مجددًا، ونظر إلى وريثه قليل الخبرة وقال:

"هناك مفر يا بني، أنت فقط لا تفكر جيدًا. إذا أرادت القوى الكبرى الحرب، فلن يوقفها شيء سوى قوة أخرى تنافسها وتجبرها على إيقاف الحرب. السلالات ليست غبية لتهلك نفسها في معركة بلا نهاية."

استغرب الوريث وسأل:

"لكن كيف ستظهر هذه القوة؟ ألم تخبرني أن السلالات الضعيفة، حتى لو اجتمعت، لا تستطيع منافسة السلالات القوية؟"

أجابه الملك بهدوء:

"ألم تخبرني أننا لماذا لا نستطيع تحالف مع البشر؟ هذه القوة التي نتحدث عنها ستكون البشر أنفسهم بالتأكيد. السلالات هنا ستقيّم الموقف، وبعضها قد يتحالف مع البشر ويقاتل إلى جانبهم. هذا المجلس ليس من أجل الحرب فقط، بل لمعرفة أي جانب من الحرب ستقف هذه السلالات، وأي تحالف سيمنحها الموارد والقوة."

ثم نظر الملك إلى وريثه بجدية وأكمل:

"اسمع يا بني، لا توجد سلالة غبية حقًا. سيجعلونك تعتقد ذلك لتقلل حذرك، وفي النهاية يضربونك. وحين تطالب بحقك سيقولون: نحن أغبياء، لم نقصد!

ونحن كسلالات متوسطة نكره السلالات العليا، لذلك هناك سلالات تفكر بالفعل بالتحالف مع البشر، خصوصًا المصريين الأسطوريين الذين لم يرهم أحد منذ زمن."

ابتسم الوريث وهو يتذكر القصص القديمة عن المصريين القدماء، وكيف حاربوا وحدهم ضد إمبراطوريات العوالم المتعددة ولم يخسروا أبدًا. كل طفل صغير من أي سلالة كان يحلم أن يرى هؤلاء الأبطال، بل ويقاتل معهم يومًا ما.

ابتسم الملك أيضًا، وتذكر تلك القصص وكيف كانت سلالتهم تمجّد المصريين في الماضي. تذكر أيضًا لقاؤه العابر بملك مصر في عالم سيريس… نظراته التي تخترق الأرواح، وقوته التي تبعث على الرهبة.

قال الملك لوريثه:

"الآن فهمت يا بني؟ ستشهد اليوم كيف تخطط السلالات، وسترى المكر والخداع، وكيف ستجبرنا سلالة التنانين على القتال. لا تندفع، فهم سيحاولون استغلال قلة خبرت و الورثه ويجعلونهم تتمرد علي ملوكهم لتدفع السلالة للحرب من أجلهم حتي موت."

سأل الوريث باستغراب:

"إذن لماذا جلب الملوك ورثتهم معهم وهم يعلمون أن هذا قد يحدث؟"

ابتسم الملك وقال:

"غبي! إذا لم يجلبوا ورثتهم، ستخسر السلالة مكانتها في المستقبل. لأن أي وريث يظهر قوة أو موهبة، ستستثمر السلالات القوية فيه و يظهر أنه معهم… بينما في الحقيقة لا.

والملوك ليسوا أغبياء، لديهم خطط احتياطية إن خانهم الوريث."

قلق الوريث وهو ينظر إلى والده وقال:

"أبي… هل سأكون بخير؟"

ابتسم الملك بصمت، واكتفى بالنظر إلى ابنه. في تلك اللحظة، شعر الوريث أن والده ليس مجرد أب… بل ملك قبل كل شيء.

تمالك نفسه وقال:

"يبدو أنني دخلت في دوامة كبيرة، يجب أن أكون حذرًا."

ثم تردد قليلًا قبل أن يسأل:

"ألن تعرف السلالات القوية أننا – الورثة استغلون سلالات القويه؟"

أجاب الملك:

"يعرفون، لكنهم لا يهتمون، لأن الورثة سيؤدون مهامًا معينة في مقابل الحصول على ما يريدونه… وهذا يصب في مصلحتهم."

تنهد الوريث وقال بإعجاب:

"هذه المحادثة أفضل من أي كتاب… سأتعلم منها الكثير."

نظر إلى والده بدهشة، لم يكن يتوقع منه كل هذا الدهاء.

ثم تذكر شئ جعله يستغرب

ثم سأله باستغراب شديد:

"أبي… ألسنا سلالة محبة للسلام؟ كيف تفكر بهذا المكر وكأنك تحارب كل يوم؟ أنت بالكاد تخرج من غرفة العرش!"

ابتسم الملك بهدوء وأومأ:

"يبدو أنك كشفت سرنا يا بني. أول ملك لسلالتنا اختار أن نكون محبين للسلام لأن السلام أفضل وسيلة لنكون مستعدين لأي حرب محتملة. نحن لا نعترف بالحرب أو السلام كحقيقة مطلقة، بل نحن سلالة محبة للسلام في نهايه وجهزين لاي شئ."

نظر الوريث إلى والده في ضوء جديد، وقال في نفسه:

"إن كان أبي بهذه الحكمة والدهاء… فكيف ستكون مكائد السلالات الأخرى؟"

ولكن يعود وجه الملك الي مكان عليه قلق و الضعف

وقبل أن يكمل الوريث تفكيره، اقترب الموكب من بوابة القاعة. جاء الحارس التنين وتأكد من هويتهم، ثم سمح لهم بالدخول.

دخل موكب السلالة، وتوقفت العربة عند المكان المخصص لهم. نزل الملك ووريثه، ورافقهم الخدم حتى وصلوا إلى مقاعدهم في اماكنهم الخصصه.

نظر الوريث إلى القاعة العملاقة، التي مقسمة إلى أربعة أماكن: منطقة الجليد، منطقة البراكين، منطقة الغابة، ومنطقة الجبال. أمام كل منطقة كرسي أو كرسيان كبيران، مخصصان لسلالات القوى الكبرى في تلك المناطق.

التي تشبه تقسيم مناطق الوسطه و جغرافيتها

جلس الملك ووريثه في مكانهما في مناطقة الغابه، وببطء دخلت باقي السلالات، يحيي كل منهم أصدقاءه وحلفاءه، لكنهم يتجنبون الاقتراب من مناطق السلالات الأخرى حتى لا يُتهموا بالخيانة.

امتلأت القاعة تدريجيًا، لكن لم تظهر أي سلالة قوية بعد. وعندما امتلأت تمامًا، دخلت سلالة التنانين أولًا، وجلست في منطقة الجبال، معلنة أنها رئيسة المنطقة وقائدة هذا المجلس.

دخل بعدها زعماء السلالات القوي الأخرى تباعًا، لكن فاضل السلاله الكبرى وحيده لم تأتِ بعد. لم يجرؤ أحد على الكلام أو بدء الاجتماع.

ثم دخلت سلالة اليتي أخيرًا. ظهرت هالة الملك القوية التي جعلت الجميع يحذره، ثم نظر مباشرة إلى قائد التنانين يبتسم، قبل أن يتوجه إلى مقعده رئيس منطقة الجليد ويجلس.

قال الملك اليتي بغطرسة:

"شكرًا على انتظاركم… لقد جئت. يمكنكم بدء المجلس الآن."

امتلأت القاعة بمشاعر مختلطة. بعضهم تمنى أن تكون سلالته قوية مثل اليتي، بينما بدا القلق على آخرين. ابتسم ملك التنانين وكأنه لا يهتم، لكنه أظهر قليلًا من الانزعاج، ثم رفع يده معلنًا:

"يبدأ المجلس الآن."

---

المحطة التالية: البقاء للأقوى… والأذكى.

----

أهلاً بالجميع! ما رأيكم بالفصل وتخطيطه؟ كيف تتوقعون تطور القصة من الآن فصاعداً؟ هل لدى أحدكم أفكار حول فكرة الرواية أو حبكتها؟ إذا كانت لديكم أي أسئلة، فأخبروني وسأجيب عليها! ولا تنسوا دعم الرواية وتقييمها.

2025/09/08 · 5 مشاهدة · 1164 كلمة
نادي الروايات - 2025