في مناطق الفائقة
هذه المناطق هي الأقوى في العالم، وتختلف عن أي منطقة أخرى. الموارد هنا أقوى وأفضل، وأقل شيء فيها يُعد كنزًا يتحدى السماء مقارنة بالمناطق الدنيا، أو حتى المتوسطة والعالية.
وبسبب أن مساحة هذه المناطق هائلة – ضعف مساحة أي منطقة أخرى – ومع الموارد القيّمة، أصبحت مناطق الفائقة ذات ثقل عظيم.
وعلى الرغم من أن المناطق الأخرى تعيش في سلام نسبي، ولا تقاتل بعضها كثيرًا إلا عبر تحالفات محدودة، فإن مناطق الفائقة تعجّ بالصراعات والحروب، ويكره أهلها بعضهم البعض بشدة.
السبب بسيط:
سلالات الفائقة قليلة جدًا، وبالرغم من قلتهم فإن تحت أيديهم مساحات هائلة وموارد وفيرة. هذه المساواة في القوة والموارد جعلتهم غير قادرين على التطور أكثر، فبدأوا يطمعون في التغلب على بعضهم البعض ليصبحوا أقوى.
وطبعًا، هذا ما يراه الجميع على السطح. أما الحقيقة فهي أعمق بكثير…
---
في مكان خفي داخل مناطق الفائقة
تظهر قاعة فخمة، تتحدى قاعة المناطق المتوسطة في الجمال والأناقة والهيبة و الفخامة.
داخل القاعة يجلس عدد قليل جدًا من الأشخاص، لكنهم أقوى أشخاص في هذا العالم – رؤساء سلالات الفائقة.
كان صوت النقاشات يملأ المكان، مع بعض الضحكات هنا وهناك. ولو شاهد أحد من سلالات المناطق العالية أو المتوسطة، أو حتى الاعضاء العاديين في سلالات الفائقة، هذا المشهد، لذهل تمامًا.
فهؤلاء الرؤساء معروف عنهم أنهم يكرهون بعضهم البعض، ويتوعدون الآخرين بالموت. الانتقام بينهم لا يوصف، وأقل واحد فيهم قتل الكثير من أبناء السلالات الأخرى، بل ربما قتل إخوة أو آباء أو حتى أبناء الرؤساء الآخرين.
ومع ذلك، الآن من ينظر إليهم يراهم وكأنهم لا يحملون أي ضغينة، بل أصدقاء أوفياء!
وحتى وجوههم لم تظهر، وكأنهم يخفونها لسبب ما.
---
تمر دقائق قليلة…
تفتح عين شخص يبدو أنه كان نائمًا في سبات طويل. لحظة استيقاظه جعلت القاعة تصمت تمامًا، وتتحول الأنظار فورًا نحو الباب.
الباب يُفتح…
يخرج منه شخص لا يُرى وجهه، يتجه بهدوء وهالته التي ملئه المكان بالفعل إلى المقعد الأعلى في القاعة ويجلس عليه.
عندها ينحني الجميع – رؤساء السلالات – و يقولون تحيةً لملك مناطق الفائقة وتهنينا علي استيقاظك من سباتك أخيرًا.
هذا الملك هو أقوى شخص في العالم – بل في الكون كله حاليًا – وأكبرهم عمرًا. لا أحد يعرف عمره الحقيقي.
هو الرئيس الخفي لمناطق الفائقة، وسر وجوده لا يعرفه سوى رؤساء السلالات أنفسهم.
ينظر إليهم الملك بصمت، ثم ينطق بكلمة واحدة:
"ماذا حصل؟"
---
يتقدّم أحد الرؤساء بخضوع ويقول بهدوء:
"ردًا على سؤالك أيها الملك: سلالات المناطق العالية أرادت الخروج من خطة المصريين القدماء ومنع البشر من العودة لحكمنا من جديد.
لقد وضعوا خطة محكمة وذكية، فشغلوا المناطق المتوسطة والبشر بالصراعات، ليتفرغوا لمهاجمتنا بينما نحن مشغولون بقتال بعضنا البعض."
تنهد الجميع بأسف، فخطة السلالات العالية كانت قوية بالفعل.
ويتابع الرئيس قائلاً:
"نحن نعلم جيدًا أن الهروب من خطة المصريين القدماء مستحيل. أعمارنا أطول منهم، بل إن بعضنا عاش في زمن قريب جدًا من عصر المصريين القدماء والحرب الكونية الأولى.
ومهما حاولنا، لم نتمكن أبدًا من الهرب من خطتهم أو من لعنة الفراعنة، لذلك لم نهتم كثيرًا بما يفعلونه. تركناهم وشأنهم.
لكن من كان يتوقع أن خطتهم هي نفسها جزء من خطة المصريين القدماء؟!
لقد جعلوا ملك اليَتي يرتقي و يتضح أنه قطعة أساسية في تلك الخطة. والآن أصبح ملك المناطق المتوسطة رسميًا، ومنذ ذلك الحين انقطعت أخبار المناطق المتوسطة تمامًا.
يبدو أن ملك اليتي كان يعرف أماكن الجواسيس، فتركهم حتى انتهى من حاجته إليهم، ثم قضى عليهم."
---
ينهي الرجل حديثه وينظر إلى الملك، لكن ملامح الملك لا تكشف سوى عن اهتمام طفيف.
يتدخل شخص آخر قائلًا:
"كما قال المستشار أيها الملك: بسبب هذه الخطة ظهر نسر أزوريس مجددًا في سماء كما في المعابد المصرية. ومنذ ظهوره شعرنا جميعًا أن قوتنا تضاعفت، وأن سلالاتنا أصبحت أنقى وأقوى.
لقد شعرنا أن الحاجز الذي كان يمنعنا من الارتقاء قد اختفى نصفه فقط. تقدمنا نصف خطوة للأمام… لكن هذه النصف خطوة متبقية هي أصعب ما يمكن بلوغه."
نظر الجميع إلى الملك بفضول شديد، فهم يعرفون أن سلالته هي الأكثر نقاء، وأنه الأقرب إلى الارتقاء الكامل.
لكن الملك لم يرد، وظل صامتًا.
هو يعلم ما يفكرون به، لكنه لم يهتم، فقد كان متفاجئًا بدوره من هذه القوة المفاجئة التي جعلت سلالته تعود إلى أصلها. يعلم أنها مسألة وقت فقط قبل أن يرتقي تمامًا، لكنه كان حذرًا، يقمع فرحته و يقمع قوته لكي لا يرتقي، لأنه يعلم أنه قد يكون مجرد قطعة شطرنج في يد المصريين القدماء.
خيب صمته آمال الجميع.
---
قال أحد الحاضرين بصوت متهكم:
"من كان يتوقع أن آلهة المصريين القدماء كانت تقصد أن تسمح لنا بالتطور والارتقاء هكذا؟
لقد ظننا أنهم يقصدون أن نقاتل بعضنا البعض ونحاول الارتقاء بالقوة. لكن طوال هذه السنوات لم يُسمح لأي سلالة بالارتقاء… حتى الآن.
الآن نحن، الذين فقدنا الأمل في التقدم، أصبح لدينا فرصة حقيقية لنصبح أقوى!"
تنفس الجميع الصعداء بسعادة، فقد شعروا أنهم خرجوا من حالة الجمود التي عاشوها لآلاف السنين. كانوا مواهب عظيمة توقفت عن التطور، مجرد شيوخ ينتظرون الموت. والآن عادت إليهم الحياة مجددًا.
امتلأت القاعة بالإعجاب والرهبة تجاه المصريين القدماء، فقد عاش هؤلاء الرؤساء في زمن قريب منهم بعد نهايتهم بفترة قصيرة، ويعرفون جيدًا قوتهم وحقيقتهم.
---
لكن أحد الحاضرين غضب قليلًا ثم قال موجّهًا كلامه للملك:
"أيها الملك، عندما كنت نائمًا، وقبل ظهور النسر والخطة، شعرنا جميعًا بقوة إله مصري قديم. لكننا لم نستطع تحديد من هو.
نعتقد أن هذا وريثه، ومعروف أن الآلهة المصرية لم تترك أي وريث لها.
لذلك، ربما يكون هذا الوريث هو المفتاح والقطعة الأخيرة في خطة الآلهة المصرية القديمة."
نظر الجميع إليه بغضب، لكنهم لم يعترضوا.
تدخل المستشار سريعًا:
"هذا صحيح يا مولاي، شعرنا بذلك جميعًا، لكن لم يكن بإمكاننا إيقاظك، فانتظرنا استيقاظك لنخبرك."
تنفس الجميع براحة، فهم يعرفون أن غضب الملك لا يمكن الاستهانة به، وأن العقاب سيكون قاسيًا إن أساءوا التصرف.
---
أصبح الملك جادًا فجأة. أدرك معنى الكلام، أن هذا الوريث قد يكون القطعة الأخيرة في خطة المصريين القدماء.
حتى لو لم يكن قويًا أو هذا الهه مصري قديم عادي وليس قوي، لكن يكفي كونه إلهًا مصريًا.
أصبح الملك قلقًا: هل سيكون هذا الوريث عدوًا له؟ أم حليفًا؟
لا يعرف شخصيته، ولا ما يخبئه المستقبل.
أخيرًا تكلّم الملك مجددًا:
"إذن، ماذا تقترحون أن نفعل مع هذا الوريث؟"
نظر الجميع إلى بعضهم قبل أن يرد أحدهم بسرعة:
"ما رأيكم أن نؤسس طائفة دينية أو منظمة شريرة على الأرض، هدفها قتل هذا الوريث أو جعله ضعيفًا؟"
أُعجبوا بالفكرة لكنها بدت صعبة التنفيذ.
عندها ابتسم الشخص الغاضب سابقًا وقال:
"ما رأيكم أن نتحدث إلى شعوب الأرض وملوكهم ورؤسائهم؟
نعطيهم الموارد والقوة، ونخبرهم أن هذا الشخص لعنة ستسبب دمار العالم، وأن عليهم قتله."
انصدم الجميع من بساطة الفكرة وسهولة تنفيذها، فهي لا تتطلب سوى القليل من الموارد والقوة، وستجعل البشر يقومون بالمهمة دون تدخل مباشر منهم.
كانت خطة قاسية… لجعل هذا الوريث مكروهًا من العالم أجمع.
---
المحطة التالية: وريث ثانٍ؟!؟
---
ما رأيكم بالفصل؟ إذا أعجبكم، فأخبروني - لقد وصلنا إلى الفصل 70، ولم أرَ تعليقاتكم بعد! أعلم أيضًا أننا انتهينا من بعض أقواس القصة وبدأنا أقواسًا جديدة، ولكن على أي حال... شاهدوا بأنفسكم واستمتعوا!