في المكان الخفي داخل مناطق الفائقة…
ساد صوت متوتر في القاعة، ولا أحد يعرف إن كان الملك سيوافق على هذه الخطة أم لا.
كان الشخص الغاضب الذي اقترح الخطة في قمة سعادته، مقتنعًا أن كل شيء سيسير كما أراد.
لكن مرت دقيقتان، ولم يتحدث الملك بعد.
فهم المستشار ما يعنيه صمت الملك، فتقدم بخطوات ثابتة وقال:
"لماذا علينا أن نجعل الوريث مكروهًا من العالم؟ وحتى إن مات، هل تظنون أننا سننجو من خطة المصريين القدماء؟"
تنهد المستشار وأكمل:
"هل نسيتم ما حدث عندما قتلنا إحدى قطع خطة المصريين القدماء؟"
ارتجف الحاضرون وهم يتذكرون تلك الحادثة، وشعروا بالقشعريرة تسري في أجسادهم.
تابع المستشار:
"حينها ظهرت قطعة أخرى، قامت بنفس ما قامت به القطعة التي قتلناها، لكنها كانت أقوى. تلقينا ضربة قاسية استمرت آثارها ألف سنة.
كان الأمر مفاجئًا لنا جميعًا، ومنذ ذلك الحين قررنا ألا نقترب من القطع مرة أخرى، لأننا لا نعرف عددها ولا نعرف إن كان هناك قطع احتياطية أم لا.
ماذا لو كان هناك وريث آخر ونحن لا نعلم؟
ولماذا، برأيكم، شعرنا بهالة هذا الإله المصري القديم أصلًا؟
هل تظنون أن آلهة المصريين القدماء لا تستطيع إخفاء هالتهم أو حتى خططهم؟
لو أرادوا ذلك لما شعرنا بشيء… لكننا شعرنا به، والآن نريد قتله أو إضعافه!
ماذا لو أن هذا بالضبط جزء من خطتهم؟ أن نجعل هذا الوريث أقوى بحقده علينا فيعود لينتقم منا جميعًا عندما يصبح أقوى؟
لا تنسوا أننا لا نساوي شيئًا أمام المصريين القدماء. ظننا أننا اقتربنا من قوتهم، ثم ظهرت ظاهرة النسر والقوة التي جعلتنا اقوي وجعلت سلالاتنا أنقى.
أتعلمون ما معنى هذا؟
هذا يعني أن آلهة المصريين وصلت إلى مستوى لم يسبق له مثيل. كنا نظن أننا أصبحنا نوازي الإمبراطوريات في العوالم الأخرى، لكننا اكتشفنا أننا ما زلنا أقل منهم بكثير.
لذلك مهما تطورنا وارتقينا، لن نستطيع هزيمتهم.
وجود هذا الوريث قد يكون ضروريًّا لحماية هذا العالم، فهل تريدون تدميره بأيديكم؟"
نظر المستشار في أعينهم واحدًا واحدًا، يقرأ مشاعرهم، ثم التفت إلى الملك وقال:
"أيها الملك، شعرت بهالة هذا الإله المصري، لكنها كانت شريرة وفوضوية، كأنها تعلن تمردها على العالم، وتعلن أنها عادت من جديد بغطرسة. وهذا أمر غريب…
لا يوجد آلهة مصرية شريرة كثيرة، وأقواهم هو ست، لكن من المستحيل أن يكون له وريث بسبب عُقمه واختفائه قبل الحرب الكونية الأولى.
لذلك أظن أن هناك وريثًا ثانيًا، بهالة نقية وقوية تقابل هذه الهالة الفوضوية.
لهذا أطلب منك يا مولاي أن تتروى، فلا يجب أن نجعل وريث الإله الشرير عدونا. ربما نستطيع استغلاله لمواجهة إمبراطوريات العوالم الأخرى، بل وحتى لمواجهة الوريث الآخر."
ساد الذهول القاعة، وتساءل الجميع في أنفسهم:
"لماذا لم نفكر في هذا من قبل؟ هل من الممكن أن اجتماعنا نفسه جزء من خطة المصريين القدماء؟"
تذكروا فجأة أنهم يكرهون هذا الوريث رغم أنهم لم يقابلوه بعد.
فكروا: أليس من الممكن أن نكون حلفاء بما أن عدونا واحد، وهو الإمبراطوريات الأخرى؟
شعر الجميع بالرعب من الفكرة: أن يكونوا مجرد بيادق في خطة المصريين القدماء.
نظروا إلى المستشار بإعجاب واحترام، وأدركوا مجددًا لماذا اختاره الملك مستشارًا شخصيًّا له.
وافق الجميع على كلام المستشار، ثم نظروا إلى الملك ينتظرون أمره.
لكن الشخص الغاضب لم يستسلم. كان يعلم أن فكرته ستفشل فقال:
"أنا أتفق مع المستشار، لكن ماذا لو كان كلامه نفسه جزءًا من خطة المصريين القدماء؟ يريدوننا أن نظن ذلك حتى لا نقترب من الوريث.
نحن لا نعرف شيئًا ولا نعرف الحقيقة.
لذلك يجب ألا نترك الوريث لينمو بمفرده. علينا إما مساعدته وتقويته أو قتله لندفع الوريث الآخر – صاحب الهالة الطيبة – إلى الظهور.
من الأفضل أن نساعد إلهًا مصريًا طيبًا وقويًّا على أن نساعد إلهًا شريرًا فوضويًّا."
ساد الصمت لبرهة، والجميع يحاول استيعاب كلماته.
بعضهم وجد كلامه منطقيًّا، وازدادت الحيرة أكثر.
لكن الجميع لاحظ وجود منافسة غريبة بين هذا الشخص والمستشار، ولا يعرف احد ماذا يحصل .
تعجبوا من ذكاء هذا الشخص، فالمستشار هو الأذكى والأقوى والأكثر خبرة في التعامل مع خطط المصريين القدماء، فكيف استطاع أحد آخر الوصول لنفس الفهم؟
تبادل الرؤساء النظرات فيما بينهم، وأصبحوا حذرين منه.
أما المستشار فنظر إليه بنظرة جادة لم يفهم أحد معناها، ثم قال:
"لم أتوقع أن يوجد بينكم شخص يفهم خطط المصريين القدماء بهذه الدقة… إذن هل حان وقت تقاعدي؟"
تفاجأ الرجل الغاضب في داخله وقال:
"اللعنة! لقد تسرعت… الآن يشكون بي!"
فكر بسرعة ثم قال بخشوع وهو يخفي غضبه:
"لا أجرؤ يا مستشار. كل ما أفعله بدافع خوفي وقلقي على سلامة الملك، ورغبتي في مساعدته. كل ما فعلته كان بدافع ولائي."
أجابه المستشار بهدوء:
"ولاؤك إذن؟ سأحترم ذلك. لكن لدي سؤال واحد، وأريد منك الإجابة بصراحة تامة:
لماذا أنت مصمم على عرقلة هذا الوريث أو حتى قتله؟ هل لديك ضغينة شخصية ضده؟"
صُدم الرجل بالسؤال، وشتم في عقله قبل أن يجيب:
"أنا فقط أضع كل الاحتمالات في حساباتي، وليس لدي أي ضغينة. كل ما أريده ألا يعود البشر لحكمنا من جديد."
ابتسم المستشار وقال:
"وهل تظن إن قتلنا هذا الوريث لن يأتي غيره؟ أو أن خطة المصريين القدماء يمكن كسرها ببساطة عبر قتله؟
وهل تظن أن البشر جميعًا سيقفون مكتوفي الأيدي بانتظار شخص واحد ليعيد حكمنا عليهم؟
هل نسيت أن آلهة المصريين ليست شخص واحد ولكن الهه كثير، وايضا هناك آلهة أخرى من حضارات بشريه أخرى لكن اقوياء هم المصريون القدماء؟
نحن لا نعرف الحقيقة الكاملة."
أصبح الرجل صامتًا، وفي داخله لم يتردد سوى شعور واحد: "لقد فشلت."
حاول أن يبرر نفسه، لكن صوته علا قليلًا.
وفي تلك اللحظة لم يرَ المستشار، بل وجد الملك أمامه فجأة، قريبًا جدًا منه، دون أن يفهم كيف.
شعر بيد الملك على رقبته، كأنه سُحب إليه قسرًا، بينما لم يتحرك الملك من عرشه.
شعر الجميع بالضغط الهائل من هالة الملك التي جعلتهم وكأنهم يُسحقون تحت ثقلها.
قال الملك بصوت بارد:
"يبدو أني كنت متساهلًا معكم حتى نسيتم النظام وترتيبكم الخاص."
تجمد الجميع في أماكنهم، شعروا وكأن الموت أمامهم مباشرة.
أما الرجل الذي أمسكه الملك فبدأت عيناه تنزف دمًا من شدة الضغط.
واصل الملك كلامه دون أن يكترث بما يشعر به أحد:
"اسمعوا جيدًا: هذا الوريث لا يهمني. حتى لو قتلني شخصيًا، لن أبالي.
المهم الان أنني أصبحت أشعر أن كل الأشرار والأبطال والسلالات المنفية استيقظوا.
وسيعم الدمار والفوضى في عالم سيريس، في كل المناطق.
لذلك آمركم بالتوقف عن الحروب، وتطهير كل السلالات المنفية والأشرار، ومحاولة ضم أقوى الأبطال إليكم.
لا تقلقوا، فمع هذه القوة المفاجئة سيحدث قليل من الفوضى على الأرض. ربما كان هذا جزءًا من خطة المصريين القدماء منذ البداية: نشر الفوضى ليقوى هذا الوريث."
ثم سأل بصوت مهيب:
"هل سمعتم أمري؟"
ركع الجميع تحت ضغط هالة الملك وقالوا بصوت واحد:
"نحن نتبع أوامر الملك!"
ثم نظر الملك إلى الرجل الذي يمسك به وقال ببرود:
"كم عدد من قتلتهم من سلالاتكم؟"
أجاب الحاضرون واحدًا تلو الآخر:
"لقد قتل اثنين من أبنائي."
وقال آخر: "قتل أبي وخطف وقتل أختي."
وقال ثالث: "قتل أخي والعديد من أفراد سلالتي المميزين."
ابتسم الملك وقال:
"يبدو أنك جعلت نفسك مكروهًا أكثر من اللازم. ما رأيكم بخطة يتحد فيها زعماء السلالات الفائقة لقتلك؟
أو أن تبحث عن فرصة في مكان خفي، ليقتلك أحد الأشرار أو إحدى السلالات المنفية، وبذلك تتوحد كل السلالات الفائقة لصد هذا الهجوم؟"
ارتعد الرجل من الخوف وقال:
"أقسم أنني لن أكرر ذلك!"
لكن الملك لم يهتم بكلماته، ورماه بقوة إلى الحائط.
ثم نظر إلى أحد الحاضرين، الذي فهم ما يريده الملك فورًا.
اشتعلت نار غريبة في القاعة، وخرجت سموم شريرة من أجساد الجميع، تظهر علي ارض و تحرقها هذا نار.
قال أحدهم مصعوقًا:
"هذا السم… مجددًا!"
لكن الملك تجاهلهم وقال:
"انصرفوا."
ثم نظر إلى مكان بعيد وابتسم ابتسامة غامضة.
---
المحطة التالية: فوضى في كل مكان!
---
ما رأيكم بهذه الأحداث؟ هل لديكم أي أفكار حول الفصل، والمستقبل، وما يخبئه لنا هذا الفصل من أحداث؟ أود سماع آرائكم. لا تنسوا تقييم الرواية ودعمها، فالأمور أصبحت صعبة للغاية.