الفصل (2): ضربه واحدة قاضية



داخل غرفة واسعة مجوفة بداخل الكهف، تنتشر النيران حول حوائطها لتنير المكان.

يرتسم ظل التنين النائم على الجدار الخلفي، رغم اشتعاله أيضاً إلا أن حجمة العملاق يحجب ضوء النار تلقائيا، ومع ارتفاع الرطوبة ورائحة أشبه ببول الكلاب أو سمك فاسد.

رغم انغلاق الكهف بالكامل على التنين ونيكولاس؛ إلا أن تلك الأمور لم تكن نداً لنظر نيكولاس الخارق، وبالأخص عينه اليمنى.
(تنين!!؟ هل وجودي طويلا داخل حجرة التبريد عطل خلايا مخي وأصابني بالهلاوس!؟

اهدأ نيكولاس، اهدأ وسيطر على دقات قلبك، اهدأ وتذكر تدريباتك.......

تبا للتدريبات!!! لا استطيع السيطرة على نفسى أمام وهم حقيقي مثل هذا!


لأول مرة منذ زمن تكون حواسى مستيقظة بالكامل، وثاني مرة أشعر بالخوف في حياتي كلها بعد وقوفي أمام سيد الحرب الاعظم، ومع هذا؛ ابتسامتي لن تغادر وجهى.)

"تبا! ذلك الاحمق ارميخوفيس، أرسلني لعالم مثير حقا! يبدو انني سوف أحصل على متعة لا توصف، وقد أجد هنا من يستطيع قتلى هاهاهاهاهاها......"


قالها بصوت عالٍ، وتعالت ضحكاته أكثر لتقلق منام التنين العملاق ويبدأ بالتحرك وتتزلزل الارض تحت أقدام نيكولاس.

فينتصب التنين واقفاً بشموخ يلتفت على جانبيه ثم أمامه لينتهي إلى الأسفل فينظر، الى نيكولاس الذى أصبح بحجم الجرادة أمامه،

اندهش التنين فعلاً، ليس من وجود بشري أمامه؛ بل لأن البشرى يقف امامة ولا يوجد اي ذرة للخوف تعتلى ملامحه! فتمنى في قلبه شيئاً ما مع نظرة وبريق يلمع في عينيه كأنه عثر على ما كان يبحث عنه منذ زمن.
فرد جناحيه وحرك يديه وأرجله في المكان والتف حول نفسة لفتين ومد يديه للأمام وأقدامه للخلف وتمدد مثلما تفعل جميع الحيوانات بعد استيقاظها من نوم طويل، وعاد لجلوسه وكأنه لا يأبه لنيكولاس.

نظر اليه قائلاً:
"بشرى هممممم اذاً مازالت تلك الكائنات الطفيلية تعيش حتى الان! يا ترى كم لبثت في هذا الكهف نائماً حتى يعثر عليّ ابناء ادم؟"
زادت علامات الاندهاش على وجه نيكولاس مما زاد الادرينالين في قلبه:

"وااااااااه! انت عملاق ورغم هذا تتحدث!؟ حقاً انا في عالم غريب!!"

طبع نيكولاس هو عدم الخوف، الا أنه وبطبيعة الحال في موقف كهذا يستعمل السخرية للتهرب من خوفه.
ضاقت عينا التنين قائلاً بتفاجؤ :

"ومن أي عالم أنت يا بشرى؟"
"انا من الأرض"
"وأنا ايضا من الأرض!! أقصد من أي بعد أنت أيها الأحمق!!؟"
"تدعونى بالأحمق وأنت لم تسألني بطريقة أفضل لأفهمك!؟ فمن منا هو الاحمق يا كتله اللحم؟"


نفخ التنين من انفة هواء كاد يجعل نيكولاس يطير، مع ابتسامة شريرة؛ أطلق ضحكته (التى تردد صداها فى الكهف فكاد يقع ) فجأة:
"هاهاهاهاهاهاهاهاها ... أنت من البعد السابع بالتأكيد، أنت لست من هذا البعد"
"وكيف تعلم !!؟"(قالها بتعجب)
" لأنه لا يوجد بشرى هنا شجاع كفاية للوقوف أمامي أنا ملك التنانين
"انت تعترف بشجاعتي!؟"
"لا بل اعترف بغبائك المستفحل، أخبرني كيف اتيت هنا؟ لكن اولاً من أي عصر انت؟"
"أنا من روسيا من عصر الأمم المتحدة وهى في الأصل متحاربة" (قال بازدراء )
"روسيا!! اممم.... كان لي قريب في روسيا يدعى ادهينيليل؛ هل سمعت عنه؟"

"لم اسمع عنه، لكن لم اسأل صديقي الضفدع ايضاً..... هل أنت أحمق أم تتحامق معي!؟ وهل لبشرى أن يعرف تنين أو حتى يتحدث عنه؟؟" (قالها بسخريه)

" اتسخر منى يا بشرى!؟ اعلم ايها البشرى الوضيع، انت لا تعلم شيئاً عن التاريخ الحقيقي لبعدك السابع! اتى عليكم زمان كان التنانين والبشر مثل سيف ودرع نعيش ونتعاون مع بعضنا لنحمى الارض من الدمار، وقله ممن خسروا الحرب أو تم أسرهم ونفيهم إلى هنا، وأنا كنت أحدهم.

ومن هنا بدأنا عالمنا الخاص في البعد الخامس. هنا يا فتى لن تجد عنصريه ما بين جن او شياطين أو بشر أو تنانين، الجميع هنا يعيش في سلام. على ما اعتقد.... يبدو انني نمت هنا منذ قرون، اكيدٌ تغيرت الحياة" (قال الجملة الاخيرة بصوت منخفض يملأه الشك)
"يبدو أن امر الحرب هو نفسه فى اي زمن أو بعد! اذا ما كان سبب نومك طوال كل تلك المدة؟"
"مات حاملي" (قالها بعد تردد وتفكير -وبدت انها كذبة ملفقة).

"لم افهم؟" (هنا استشعر نيكولاس شيئاً من كذب التنين).

"كما أخبرتك؛ التنانين كانوا السيوف والدروع للبشرية في تلك الايام، من كان يستطيع هزيمة تنين كان يجعله تابع له، وإن لم يستطع فكان يصبح وجبه للتنين.

حقبتنا الدموية تختلف عن حقبتك كثيرا، ويوجد الكثير من الامور التي طمسها الزم ن"

" إن استطاع بشري هنا اخضاع تنين مثلما تقول هل ينصاع اليه؟ "

" تماماً، لكن للأسف من حجمك عرفت من أي زمنٍ أنت، فأحجام أجدادك كانت أكبر منك بعشرات المرات"

"ولو في زمني كنت أستطيع اخضاع اي شيء، يبدو أنك لا تعلم من أي زمن انا، وأنت كثير الكلام حقا!

" بل انت من اخر الزمان يا فتى وحظك التعيس ألقاك أمامي وفى عريني وجعلتني استيقظ، والأسوأ: انني استيقظت جائعاً، شكراً لك ايتها الوجبة الخفيفة" (قالها بغضب)

"اويا اويا.... يبدو أنني سوف أموت في النهاية! هاهاها... هل لي بفرصة أيها التنين العظيم؟ (يجب ان أوفر لنفسي بعض الوقت، وإلا ذلك التنين الابله قد يأكلني فعلاً! هل قطعتُ كل تلك المسافة من أجل ان يلتهمني شيء كهذا؟"

" الان أنا تنين عظيم هاهاهاها... حسنا ماذا تريد؟ (ذلك الماكر)"

" فقط اتركني على قيد الحياة اكون شاكر لك (تبا هل هذا ما وجده عقلي!)"

" لا اعتقد هذا ولكن، سوف أتركك على قيد الحياة في حاله واحدة ( لنعلب ايها الفتى)"

" ماهى؟

" ان استطعت إطاحتي أرضاً بلكمة واحدةٍ منك. (لكن لا تعتقد أنني سوف أجعلها لعبه سهله عليك!)

" يبدو اننى سوف أموت حقاً! فكيف لي اطاحة سحليه عملاقة مثلك!؟"

"سحليه!؟ لا اعلم ماهي، ولكن اعتقد أنك تسخر منى! "

" لا تقل هذا ايها المعظم، فأنا اعتقد انك حقا سحليه عملاقة، فما تطور من التنانين فى عصري قد أصبح سحالي! هل تعلم ماذا نفعل بالسحالي؟ (الآن فرصتي لاختبار ذراعي المحسنة!)"

اندفع نيكولاس مسرعا وقفز عالياً قفزةً أكاد اقسم ان رأسه سوف تهدم سقف الكهف، فقال آخر جملة وهو يطير من اندفاع القفزة بكل جبروت وقوة وثقة وعدم تردد! ويكفى تلك النظرة التي تجعل الجسد يشعر بقشعريرة يرتجف منها.

قالها بكل قوة وبأعلى صوت : " نأكلها يا غبى"

اتسعت عيون التنين في ذهول مما يشاهد، فهو كنمله أمام حجم التنين الهائل، إلا أنه بقفزة واحدة يكاد يلمس سقف الكهف، انتظر لحظة لقد لمسه حق اً........ لا لا لا، ماااااااذا!!؟ لقد اصطدم بالسقف وهوى أرضاً بأعنف الطرق:

(ما هذا الأحمق؟ لقد سقط أرضا بأبشع الطرق! وعلى رأسه التي التصقت في سقف الكهف منذ قليل!) قال التنين في نفسه.

" بفــفـفـف بففه هواهاهاهاهاهاهاهاهاهاها لقد فاجأتني للحظة ههههههه ...يا رجل، البشر حقا يفاجئونني كل مرة!

حسنا أعطيتك فرصة وأضعتها يا ابن ادم، حان وقت حكمي عليك؛ وهو بالموت."

اقتربت مخالب التنين من نيكولاس وتكاد تنهش لحمة إلا أنه وبدون أي صوت أو أثر اختفى وكأنه انتقل آنياً. رفع التنين كفة من على الأرض ليبحث عن جثمان نيكولاس، إلا أن كفه كان نظيف ولا يحتوي إلا على القليل من الصخور:

"ماذا؟ ذلك اللعين! إنه سريعٌ حقاً! لكن كيف؟ حتى وإن كان بشري سليل لآدم مباشرةً لن يكون له تلك القوة وتلك السرعة!!"

تتجول عيون التنين في مقلتيه باحثتان عن نيكولاس تحت وفوق شمالا ويمينا.... لكنه وجده امام عينيه مباشرة محلقاً في الهواء بقفزة طويله تتحدى قوانين الجاذبية!

اتسعت عيون التنين بدهشة خانقة تظهر على شفتيه العملاقة التى تكاد تلتصق في انفه

"هـهـــ ـــ ل - هل قفز مرة اخرى ؟"

" اصطدامي مرتين على راسي مؤلم أيتها السحلية الغبيه! حان وقت الثأر.. وإن مت.... فسوف أموت وأنا راضٍ عن نفسى لاني سألكمك لكمة واحدة على الاقل...."

"اذاً... وأنا سوف أتلقاها منك بكل شجاعة يا بشرى، فأعطني أقوى ما تملك أيها المتعجرف. (تبا مالذي أقوله!؟ ذلك الفتى يبدو قويا حقا! ليس مهم، ما يهم الآن هو تعزيز دفاعي، لا يجب أن أستهين بهذا القرد النطاط )."

رغم فارق الحجم المهول والأكثر مما يبدو انه فرق ما بين السماء والأرض في القوة! فكيف للقرد أن يتسلق شجرة مملؤة بالشوك؟ بالطبع لأنه قرد غبي

" انهاااا نهايت ك.................. اتمنى "!

دوى صوت عظيم زلزلَ أركان الكهف مثل قذيفة أُطلقت فيه وتبعها أصوات سقوط صخور وصوت متألم بصرخة مفزعة........

ثم سكون تااااااااااااااااااااااام.

-------------------------------------

شكر خاص لأخي إكسوس لدعمه المستمر وتشجيعه لي لأكمل الرواية .



تأليف: عبد الخالق عبد المنعم.

2018/07/17 · 428 مشاهدة · 1273 كلمة
X,O
نادي الروايات - 2024