بدأت السماء تتلبد بالغيوم الكثيفة، وتحولت الرياح الهادئة إلى زوابع عاتية، تزمجر حول ساحة المعركة كأنها تُنبئ بالخطر الذي على وشك الانطلاق. كانت عيون الجميع متوجهة نحو فالين، الذي بدا وكأنه يتحول إلى قوة تتجاوز سيطرته، وقوته المتصاعدة لا يمكن للأثير الأسود مقاومتها.

ازداد ضغط مانا فالين، لتتكون حوله هالة حمراء داكنة، وألسنة لهب رمادية راحت تلتف حول جسده، كأنها تجسّد غضبه وكبرياءه المجروح. خلفه، بدأ يظهر كيان غامض؛ عيون متقدة باللهب وجسد ظلّي مهيب، وكأنه يقف على حدود بين الوجود والعدم. وتحت قدميه تشكّلت دائرة سحرية معقدة، تشع طاقة غامضة تثير الرهبة في القلوب.

صرخ يامي بقوة، مخاطباً الجميع بنبرة مزيجة بين القوة والتحذير: "الكل، استعدوا! فالين على وشك فقدان السيطرة، وإذا حدث ذلك... لن يبقى شيء من مقر الاثيران الأسود."

رأى الجميع خطورة الموقف، لكن القلق لم يكن قابلاً للإخفاء، إذ تملّك الرعب قلوبهم؛ هم يدركون قوة فالين الحقيقية، وتردّد الجميع قبل الاصطفاف بجانب بعضهم لمواجهة هذه القوة المدمّرة.

في وسط هذا الاضطراب، بدأ فالين يهدر بكلمات غامضة، خرج صوته مشوهاً بالغضب والألم، بينما ازداد وهج "عالم لهب الفوضى" حوله، وبدأت دوائر سحرية ضخمة تظهر في السماء، ممتدة نحو الأرض كأنها تلقي ظلالاً من الدمار فوقهم. النيران الرمادية التي انبعثت منها لم تكن فقط نيرانًا، بل كان لها بُعدٌ ينشر الرعب، وقد احتشدت حوله كأمواج العاصفة العاتية.

أخذ فالين يوجه نظراته نحو لوك، الذي وقف بثبات حذر، كعادته في انتظار المعركة. لكن شيئًا ما في عيني فالين المشؤومتين أيقظ في لوك شعورًا مرعبًا لم يكن قد شعر به من قبل، وكأن تلك العيون تنبئ بموتٍ محقق.

تسارَع نبض قلب لوك، وتحولت ثقته إلى تردد، وهو يراقب اندفاع اللهب الرمادي نحوه بسرعة كاسحة. صرخ بصوتٍ مهتزٍ بالرعب: "هذا ليس كأي قتال... هذا جنون!"

تجمّد جسده، وتملّكه شعور بالخطر؛ تحولت تلك اللحظة إلى كابوس، ولم يجد سبيلاً للتراجع. كانت أمواج النيران الرمادية تنحدر عليه كإعصار لا يمكن الهروب منه، وهنا شعر بضعفٍ لم يعرفه من قبل.

أطلق أستا صرخته، محاولاً الوصول إلى فالين قبل أن تتدهور الأمور: "فالين! توقف! نحن هنا من أجلك!"

لكن فالين لم يسمع، لم يجد نداء أستا طريقًا للوصول إليه، وكأن الرجل قد غرق في بحرٍ من القوة والفوضى اللذين لا سبيل للخروج منهما.

اشتعلت الدوائر السحرية بكامل قوتها، وصرخ فالين صرخة قاسية، لتندفع نيران الفوضى نحو لوك بكل ضراوة، مطلقةً انفجارًا أرعب الجميع. اهتزت الأرض تحت أقدامهم، وتحولت الساحة إلى بركة من اللهب الرمادي المدمر، وكأنها جحيم لا نهاية له.

وفي تلك اللحظة، قرر يامي التدخل وتكلم بي هدوء .

"سيكون من صعب عليكم اقفها و هو غائب عن وعي لذلك هنا و الاين سوف ترون قوتي و كيف اتجوز حدودي"

أمسك بسيفه، وتقدّم بخطى ثابتة وسط اللهب العنيف. رفع سيفه الأسود و أخذ نفس عميق وصاح بتركيز: "سحر الظلام: قطع الأبعاد!"

أطلق يامي قطعًا هائلًا من الظلام، لتندفع موجة عميقة من الطاقة تخترق بحر النيران الرمادية، فتخلق صدعًا في اللهب وتفتح مسارًا نحو فالين. انطلق يامي بسرعة خاطفة، متجاهلًا الحرارة الشديدة، وسرعان ما وجد نفسه أمام فالين، عازمًا على إنهاء هذا الجموح المدمر.

بهدوء حذر رفع يامي يده وضرب عنق فالين بدقة، ليسقطه على الأرض دون أذى كبير، لكن بقوة كافية لإيقاف هذا الجنون. بدأ اللهب الرمادي يخفت تدريجيًا، وانحسرت الدوائر السحرية حول فالين، لتعود الساحة إلى سكونها المهيب.

بينما سقط فالين علي ارض امسكه يسرعة حيث رفع يامي فالين وألقاه على كتفه، ثم قال بصوت خافت : "فالين... كنت قاب قوسين أو أدنى من فقدان نفسك. لا تدع هذا يحدث مجددًا."

تسللت مشاعر الراحة إلى قلوب الجميع، رغم أنها كانت مشوبة بالتعب والرهبة. وبينما كان لوك واقفًا يتنفس بصعوبة، تحولت نظراته الممتلئة بالثقة إلى نظرات ملؤها الأسى.

أخذ الجميع يراقبون لوك، وقد بدت على ملامحهم مشاعر متضاربة من التعاطف والاستنكار لما حدث. شعر لوك بأن كل الأنظار متوجهة نحوه، مما زاد من ثقل مشاعره.

انحنى لوك قليلاً، وعيناه تفيضان بالندم، وقال بصوت مختنق بالكلمات: "هذا كله... خطئي. كانت مجرد معركة عادية، لكنني لم أستطع قبول الهزيمة. دفعتُه إلى ما وراء حدوده، ولم أدرك... لم أدرك أنني كنت أضغط عليه بهذا الشكل. فالين لم يكن سوى يستجيب لما كنت أطلبه، لكن عندما فاز و قرر توقف عن قتال انا لم أستطع تحمل ذلك ...أما أنا... كنت أحمقًا متغطرسًا."

تردد صوته بين الرجاء والخجل، كان يسعى بين كلماته لتبرير فعلته، لكنه يعرف في داخله أنه هو المسؤول. تأمل الجميع وجه لوك، ورأوا في عينيه الألم العميق والندم الذي يفوق الوصف، كان يحاول جاهداً استعادة اتزانه، لكن روحه القتالية التي كانت دوماً مصدر فخره بدت اليوم مثقلة بعار لم يعتده.

وفي لحظة قصيرة من الصمت، شعر الجميع أن هذا اليوم سيبقى محفورًا في ذاكرتهم، يومٌ رأوا فيه القوة الحقيقية لفالين، وكيف أنها قادرة على هزّ أعمق مخاوفهم.

كما أن أعضاء فريق الأثيران الأسود يعرفون حالة لوك أو شيطانه الداخلي، الذي ليس شيطانًا حقيقي بل هو هوس بالفوز. منذ طفولته، كانت أمه تطلب منه الفوز باستمرار لتكون سعيدة. نتيجة لذلك نشأ شيطان داخلي في قلبه.

وفي الحقيقة، حتى فالين لديه هوس، وهو الفوز وقضاء على أعدائه. لذلك عندما أغشي عليه، تحرك عقله بطني بشكل غير عقلاني بهدف واحد، وهو القضاء على لوك لأنه تسبب في جرحه. لأن فالين منذ تجسده في هذا العالم لم يُجرح بفضل خصيصة سحر لهب أساسي الذي حصل عليه عندما امتص كتابه فاكهة الشيطان "ميرا ميرا نومي" (جسد اللهب).

وأيضًا، هذه الخصائص تجعله ضعيفًا تجاه الإصابات، ولذلك لم يُصاب من قبل.

لكن هذه المعركة ستجعل فالين يدرك ضعفه، رغم قوة جسده، لأنه اعتمد كثيرًا على تعويذة جسد اللهب، مما جعله ينسى شعور الإصابة.

2024/11/14 · 231 مشاهدة · 870 كلمة
Mohamed 2004
نادي الروايات - 2025