استمتعو🗿🚬🔥

....

تردد للحظة، عينه تتابع حركة البطانية المنتفخة وكأنها تتحرك من تلقاء نفسها.

اقترب بحذر، ولاحظ شكلًا صلبًا يختبئ تحت القماش المرقّع…

فجأة، ارتسمت ملامح الجثة أمامه.

تجمد مكانه، لم يجرؤ على الاقتراب أكثر، وهو يلاحظ تفاصيل الجثة: اليدان ممدودتان بلا حراك، والبطانية المشوهة تلتف حوله كأنها تحاول إخفاء شيء أكثر رعبًا.

الرائحة الكريهة تزداد قوة مع كل خطوة يقترب بها.

تراجع خطوة إلى الوراء، قلبه ينبض بسرعة، ويده تتصبغ بالدماء من النزيف الذي لم يتوقف بعد.

أمسك رأسه بيديه للحظة، وهو يفكر:

"ما هذا المكان؟ ومن هو هذا؟ وما الذي حدث له…؟"

ثم أمعن النظر في الإصابات على الجثة، وهمس لنفسه:

"يبدو أن شيئًا ما قد أصابه… شيء يشبه قوة خارقة… ولكن هل هناك حقًا قوة خارقة في هذا العالم؟ أنا لا أعلم أي شيء عنها بعد. لذلك لا أستطيع أن أحكم بعد!"

أخذ نفسًا عميقًا، وعينه تتلمس الجثة بحذر:

"ولكن… عليّ أن أفحص الجثة… سوف أنهب كل شيء فيها… هيههيه." ضحك شياو بينغ بضحكة شيطانيه.

"لكن لا تقلق، بعد أن أفحصك سأحرص على أن تحظى بدفن لائق بك." سحب ضحكاته الشيطانية واستبدلها بموقف حازم.

وبدأ بالفحص.

رأى أن الجثة كانت ترتدي زيًا قتاليًا مزخرفًا بتصاميم دقيقة، مما يوضح أنه رجل في منتصف العمر، شعره مختلط بين الأبيض والأسود.

أول ما فعله، غطى أنفه بمنشفة، إذ لم يعد قادرًا على التحمل، وكانت عيناه الخضراء الباهتتان تدمعان وقد احمرتا من شدة الرائحة.

هبت رياح باردة مرة أخرى من النافذة المكسورة، ولكن هذه المرة جلبت معها الضباب إلى الكوخ، حتى بدا أن كل شيء اختفى أمام نظر شياو بينغ.

"سحقًا… هذا ليس ضبابًا، بل مجرد دخان من المصانع." قال ذلك وهو يهرول للخارج ليستنشق الهواء العذب.

"كح… كح…"

كان يسعل بغزارة، فالروائح الكريهة للجثة والدخان زادت الأمر سوءًا.

"اللعنة… غدًا سأذهب إلى هذا المصنع وسأحاسبه!" ضغط على يده المجروحة، تسبب له بالألم، لكنه لم يهتم.

لم يكن يرى شيئًا، والمدخل يبعد عنه حوالي عشر خطوات، فعاد بسرعة قبل أن يضيع أو يسقط من على الجرف.

"هيهيه… لن يوقفني شيء الآن." كشر عن ابتسامة شيطانية مختلطة بالقوة والعزم.

قام، ببطء وحرص شديد، بإدخال يده في أحد الجيوب على جانب البذلة القتالية للجثة. لم يجد شيئًا، لكنه استمر في تمرير يده إلى جيوب أخرى.

"يا رجل، كم كان لديك من الأشياء لتختار مثل هذا الزي المليء بالجيوب؟" تمتم بسخرية لنفسه.

بعد السخرية، استمر بتحريك يده بحذر شديد، فحتى لو كانت جثة، ماذا لو تحولت إلى زومبي؟ كانت هذه أفكاره، لأنه لم يخرج بعد إلى العالم ليواجهه.

فجأة توقف، وأخرج بعض المخطوطات الغريبة. أزاحها جانبًا لأنه شعر بشيء معدني. حرك يده أكثر وأخرجه… كانت ساعة قديمة تشبه الساعات العتيقة الغالية.

كانت العقارب الخاصة بها جميلة للغاية وجذابة، وتملك سلسلة فظة يبلغ طولها حوالي 20 سنتيمترًا.

فحص شياو بينغ الساعة أكثر، واكتشف وجود كلمات مكتوبة بلغة غريبة، فلم يفهم شيئًا منها.

"أعتقد أنها لغة خاصة بهذا العالم فقط… لكن هذا لا يعني أنني سأرمي بهذه الساعة العتيقة، قد أبيعها أو أحتفظ بها." قال ذلك وهو يفكر.

ثم أدخل يده مرة أخرى في جيب الجثة الداخلي تحت الزي، وخرج بشيء غريب.

"أوه… ماذا لدينا هنا؟" تمتم بدهشة.

كان الشيء يشبه مكعبًا، عليه طلاسم غريبة أو رموز غامضة. امتنع شياو بينغ عن محاولة قراءتها، فقد يخاطر بجلب شيء خطير لنفسه.

بعد عدة دقائق، أكمل الفحص، ولم يبق في زي الجثة سوى بعض الأشياء:

مسدس ذو تصميم غريب.

الساعة العتيقة، التي قرر الاحتفاظ بها معه.

علبة سجائر غريبة، لا تشبه أي سجائر عرفها، مع ولاعة.

وأهم شيء وجده، المكعب ذو الطلاسم الغريبة.

وقف للحظة يتأمل كل ما جمعه، وهو يشعر أن هذه الأشياء ليست عادية، وأنها قد تحمل سرًا غامضًا في هذا العالم الجديد.

"إذاً، حان الوفاء بوعدي… سوف أدفنك." تمتم في نفسه.

خرج أولًا من الكوخ، وخطى خمسة عشر خطوة للأمام، كان يحسبها بعناية، كي لا يضيع في هذا الدخان الكثيف.

عاد بعدها إلى الكوخ للبحث عن مجرفة، ولكنه لم يجد شيئًا.

"تبا… هذا العالم لا يريد أن يراني إلا وأنا أعاني." صرخ بصوت عالٍ. كان غاضبًا، وفي الوقت نفسه أدرك كم كان صاحب هذا الجسد يعاني.

"ليس لدي خيار آخر…" قال لنفسه، وخرج مرة أخرى، وعاد لحساب خمس عشرة خطوة قبل أن يتوقف.

بدأ بالحفر، مستخدمًا يديه، لم يكن يريد أن يخلف بوعده، حتى لشخص ميت. وحتى لو كان ميتًا، فقد حصل شياو بينغ على أشياء كثيرة منه، نصفها قيم، حتى أنه أخذ منه مسدسًا للدفاع عن نفسه. لذلك قرر أن يضحي بكل شيء ليفي بوعده.

استمر بالحفر، ويداه تنزفان بسبب فتح الجراح التي أصيب بها من كسر المرآة، وبدأ قلبه يؤلمه بسبب الرصاصة التي لم يخرجها بعد.

صر على أسنانه وتحمل الألم الذي يعتصره:

"تباً… هوف… هوف… هوف…" كان يلهث كما كان من قبل، بل أكثر.

كان الجسد ضعيفًا جدًا، لا يتحمل شيئًا… حتى المشي أربع خطوات يرهقه. عانى صاحبه السابق من سوء التغذية، لذلك كان وجهه شاحبًا جدًا.

بعد ساعتين، وكان الوقت الآن الثامنة مساءً، أصبح من الصعب الرؤية بسبب ظلام الليل والدخان المنبعث من المصانع القريبة.

نهض شياو بينغ، وكل جسده مغطى بالطين، وكان البعض ملطخًا بالدماء حيث امتزجت مع الطين، لكنه لم يهتم بذلك. تقدّم نحو الكوخ وهو يحسب خطواته.

دخل الكوخ، وبحث عن بعض الخشب لإشعال النار، ليتمكن من رؤية الطريق. وبما أن الكوخ مظلم، استخدم الولّاعة لتضيء على فترات معينة، حتى لا يستنفذها، والغريب أنها لم تظهر عليها علامات النفاد.

دخل إلى المطبخ، لكنه لم يجد سوى خشب متفح داخل الموقد ووعاء مملوء بالماء، تجاهله شياو بينغ.

ثم عاد إلى الغرفة وغطى أنفه بكمه، فقد كانت الرائحة مروعة، ومع أن النوافذ مفتوحة للتهوية، إلا أن رائحة الجثة كانت لا تُطاق.

توجه إلى المكتب الصغير، ونظر إلى الأرض. رأى الكرسي المحطم، فأخذ منه بعض الخشب، ثم خرج للخارج.

كان الظلام والضباب يغطيان الطريق ويعيقان الرؤية.

وضع أولى الخشبات بالقرب من المدخل، ثم حسب أربع خطوات أخرى ووضع خشبة ثانية. كرر هذه العملية حتى وصل إلى الخامسة عشر، ووضع خشبتين: واحدة على الجانب الأيسر من القبر، والأخرى على الجانب الأيمن.

ثم بدأ بإشعالها، مستغلًا أن الدخان يحتوي على مادة الكربون سريعة الاشتعال، ما جعل إشعال الخشب أسهل.

وعندما وصل إلى الخطوة الخامسة عشر، نظر خلفه ورأى ثلاث أعمدة صغيرة من الضوء تتلألأ في الظلام والضباب، كأنها علامة على نهاية مهمته المؤقتة.

أخذ زفيرًا عميقًا، وتقدم نحو الجثة. كان قد ربط قطعة قماش على أنفه وفمه.

"سووش…" هبت رياح بارده على جسده المتعب

تألّق شعره الأسود والذهبي القصير بينما كان يمشي باتجاه الكوخ مع الرياح الباردة.

دخل الكوخ، مرتديًا معطفًا أسود مملوءًا بالطين وملطخًا ببقع الدماء، والقميص الأبيض بدا أسوأ حالًا، لكنه لم يهتم الآن، بل تحرك باتجاه السرير.

حاول حمل الجثة، لكنه لم يستطع؛ جسده كان منهكًا… لكن هذا لم يجعله ييأس، صر على أسنانه ورفعها بكل قوته، وظهرت عروق السواعد على وجهه.

شياو بينغ عبس قليلاً، فقد ارتجفت قدماه، وقدرته على التحمل كانت تتناقص. أسرع نحو المخرج، حاملاً الجثة بشكل عمودي كي لا تصطدم بالباب، فقد كانت طويلة جدًا.

مع كل خطوة، كان وجهه يزداد احمرارًا، وعروقه تظهر، والجروح تنزف أكثر مما كانت عليه أثناء الحفر. الألم ازداد، لكنه لم يرَ سوى هدفه: دفن هذا الرجل بأسرع ما يمكن، ليفي بوعده.

تقدم خطوة بخطوة، حتى بقيت سبع خطوات فقط، وفي تلك اللحظة، تجمعت سحب سوداء في السماء وأصدرت هديرًا:

"دووووم…"

شق البرق السماء وأضاءها، وهطل المطر، مما جعل الدخان ينقشع وكشف القمر الأحمر المناطق أمام شياو بينغ.

كان هذا شيئًا جيدًا له، لكنه أيضًا سيء؛ الجيد أنه أتاح له الرؤية، والسيء أن المطر كان سيطفئ الخشب، وكان للكوخ فتح في السقف، لكنه لم يهتم لذلك.

استمر في التقدم، والمطر يهطل بلا رحمة، يغسل الدماء والطين عن جسده، وشعره الأسود والذهبي أصبح مبللًا بالكامل، وغسل أيضًا الجثة بيديه.

تقدم، ولم يتبق سوى خطوتين، لكنه فجأة شعر أنه لم يعد قادرًا على التحمل:

"أنا آسف… ولكن يبدو أنني لا أستطيع فعل هذا."

جمع شياو بينغ كل قوته، ورمى بالجثة داخل القبر، الذي امتلأ بمياه الأمطار المتسربة من المنحدرات والأشجار القريبة.

انخفض، وجمع التراب بيديه، ودفعه للقبر، ثم دفع المزيد بقدمه، حتى أغلقه بالكامل. نظر يمينًا ويسارًا، ولاحظ زهرة ذات لون بنفسجي سماوي، غريبة بألوانها المتعددة، بالقرب من صخرة متوسطة الحجم تحت شجرة عملاقة. اقترب منها ووضع الصخرة عند مقدمة القبر، والزهره أمامها، لتكون لمسة بسيطة من الجمال وسط المأساة.

"أوه، نسيت… ستكون جميلة للقطط هذه."

ركض نحو الكوخ، وعاد وهو يحمل قبعة الصيد، وسقطت بطاقة هوية على الأرض دون أن يلاحظ.

تقدم نحو القبر، نزع القبعة بيده اليمنى وأنزلها لخصره، غطى نصف شعره على عينه اليمنى بسبب المطر، فبقي يرى بعينه اليسرى فقط. انعكس ضوء القمر القرمزي على عينه الخضراء الباهتة وهو ينظر للقبر.

تنهد وقال بعبارة حزينة:

"أنا لا أعرفك، سيدي، لكنك قدمت لي معروفًا كبيرًا. كنت بحاجة لهذه الأشياء وقد وجدتها لديك.

لا أعلم إذا كنت ستنزعج إن كنت تسمعني الآن، لكن شكرًا لك… أيًا كان اسمك، فلترقد بسلام.

سأدرس تلك المخطوطات وسأنتقم لك إذا استطعت، وإذا لم أستطع فهذا لكوني ضعيفًا."

ثم أعاد القبعة، وعاد إلى الكوخ، نقل السرير إلى الزاوية الأخرى، ونظفه من رائحة الجثة، وتخلص من البطانية واستبدلها بالمعطف الأسود، ليمنع تسرب مياه الأمطار من الثقوب في السقف.

أسرع إلى المطبخ، أخذ القدر وتخلص من الماء الموجود فيه، ووضعه تحت السقف مباشرة لمنع تسرب المياه، ثم أخذ دلوًا ووضعه في الزاوية الأخرى. كان هناك صوت تقطير واضح ومزعج، ومع ذلك استمرت المياه بالتقطير.

الكوخ كان في ظلام دامس، ولم يكن لدى شياو بينغ سوى ضوء القمر والولّاعة، لكنه امتنع عن استخدامها، وقرر الاعتماد على ضوء القمر وحده.

كان يسمع فقط تقطير المطر على السقف، على القدر، وعلى الدلو.

رمى جسده على السرير، منهكًا عقليًا وجسديًا من الانتقال لهذا العالم، ومن عمله الشاق في الحفر وحمل الجثة، لكنه سرعان ما طرد كل الأفكار من رأسه، أغلق عينيه، وتغطى بالمعطف، ونام.

2025/08/18 · 5 مشاهدة · 1532 كلمة
متلاعب
نادي الروايات - 2025