تم تقييد إيزابيلا أيضًا بواسطة أغصان الأشجار.
حدث الشيء ذاته لكل من كان معها؛ الجميع تم أسرهم دون أي وسيلة للهرب من هذا المأزق.
«مـ… ماذا يحدث…؟ أليس… أين أنتِ…؟»
تمتمت إيزابيلا بصوت ضعيف. كانت تشعر بأن الأغصان تمتص ماناها ببطء. أرادت استعادتها، لكنها لم تكن تملك سيطرة كافية على ماناها.
لم يكن في وسعها فعل شيء.
كل ما يمكنها فعله هو الأمل بأن أليس بخير.
---
"قارة الهول بأكملها معزولة عن الفضاء الخارجي، أليس كذلك؟"
قالت أليس بصعوبة وهي تمسك بكتفها بينما يتدفق الدم منها دون توقف.
قدرات طفيليها على الشفاء بدأت تتباطأ، مما يعني أنها وصلت إلى حدودها القصوى. كانت تعلم أنه بمجرد توقف قدرتها على التجدّد، فإن هذا الرجل سيقتلها بلا شك.
لقد استمر القتال بينهما لنصف ساعة. تبادلا عشرات الآلاف من الضربات، لكن حالة راجنيس كانت أفضل من حالتها، حتى مع امتلاكها لقدرة تجدد هائلة.
لقد استُنزفت قوتهما العنصرية بالكامل، وهما الآن في هيئتهما الأصلية. في هذه اللحظة، ربما كان بوسع بضعة مقاتلين من الرتبة S القضاء عليهما بسهولة، فقد تحطمت دفاعاتهما الطبيعية وتراجعت مقاومتهما إلى الحد الأدنى.
"أجل، لهذا السبب لا أحد منكم سيتمكن من مغادرة هذا المكان. أنتم فقط تعقّدون الأمور على أنفسكم. لن ينال أحد منكم موتًا هادئًا."
أجاب راجنيس بابتسامة وهو يمسح الدم عن زاوية فمه.
رغم أن حالته كانت أفضل من أليس، إلا أنه لم يكن بخير. كان قتال خبير في نطاق القيدين مع قدرة شفاء خارقة أمرًا بالغ الصعوبة، وقد اضطر إلى استنفاد كل ما لديه.
أليس اتكأت على رمحها، ونظرت إليه بعينين مليئتين بالإصرار.
لن تفشل هذه المرة.
"ما زال لديكِ الرغبة في القتال؟"
ضيّق راجنيس عينيه، منزعجًا من إصرار خصمته على القتال رغم أنها لا تملك أي فرصة حقيقية للفوز.
"إن كنتِ ترغبين في الموت، فلتأتِ!"
"من قال إنني لا أستطيع هزيمتك؟!"
رفعت أليس صوتها، وانفجرت طاقتها كقنبلة، تبعثرت معها الأتربة والحطام المحيط بها.
وفي اللحظة التالية، عمّ الظلام الأرض والجدران والسقف.
كل شيء تحوّل إلى عتمة، بينما كانت طاقتها تستمر في التزايد.
غطى الظلام جسدها، وظهب لهب أزرق متوهّج على جبينها.
"أنتِ…؟!"
تراجع راجنيس خطوة إلى الخلف لا إراديًا وهو يحدق بأليس وعيناه متّسعتان من الصدمة.
أوهــــم…
خرجت أليس من الظلال، كاشفة عن هيئتها الحقيقية:
زوج من الأجنحة الشيطانية على ظهرها، ذيل أسود طويل، وقرنان يبرزان من جانبي رأسها. كانت بشرتها شاحبة وكأن الدم لا يجري في عروقها، وذراعاها وساقاها بدآ في التحول إلى اللون الأسود، مع فراء قاتم يرفرف عند معصميها كاللهب المتمايل.
أظافرها نمت وتحوّلت إلى مخالب حادّة تشبه مخالب الوحوش.
"أنـ… أنتِ… شيطانة؟!"
صاح راجنيس مذهولًا.
"أجل، وهل هناك مشكلة في ذلك؟"
ردّت أليس بثقة وهي تخطو نحوه.
نظر راجنيس إلى يديه المرتجفتين.
الشيطانيون جلبوا الرعب إلى هذه الأرض، خصوصًا على أطراف القارة، حيث ذاق أولئك السكان ويلات الحرب التي حتى الدول الكبرى كانت تخشى خوضها.
"موتي!"
فجأة، ومضت أليس واختفت عن الأنظار، وظهرت أمامه بضربة مفاجئة مزّقت جسده.
بــانغ!
تحطم راجنيس واصطدم بالجدار، ناشرًا شقوقًا كخيوط العنكبوت.
تابعت أليس هجومها وضربته مجددًا برمحها.
بــانغ!
كل ضربة لها كانت تتبعها رياح باردة وظلال مظلمة.
انهمرت عليه بسلسلة من الهجمات المتتالية، مصمّمة على إنهاء القتال سريعًا.
> [هالة الشيطان السماوي]!!
انفجر الظلام من حولها، مهتزًا في كل أرجاء الكهف كأنه على وشك الانهيار.
> [ماسحة الظلال]!!
انطلقت كرات من الظلام من يديها، تتبعت راجنيس حتى انفجرت معًا.
> [ظلام التجميد]!!
لم تُعطه فرصة للرد، واستمرت في استنزاف ماناها، مستخدمة التعاويذ والفنون القتالية دون توقف.
أغــــخ!
تقيأ راجنيس دمًا ورأى ساقه وهي تتدحرج في الهواء، ناثرة الدماء في كل اتجاه.
علم أنه في وضع سيئ، وإن استمر هذا الحال، فسيموت خلال دقائق.
"أنتِ…! إن اكتشفوا هويتك… سيطاردك الملايين!!"
قال راجنيس بأسنانه المطبقة، محاولًا صد كرات الظلام.
بــانغ!
"ولهذا السبب سأقتلك!"
صرخت أليس بصوت مملوء بنية القتل.
لا يمكنها السماح لأي أحد بكشف هويتها، وإلا سيجلب ذلك الكوارث على سوتا والبقية.
أما شعب أستروس فليسوا مشكلة؛ فهم تحت سيطرة سوتا عن طريق الطفيليات.
> [تقنية سرّية: خطوة الظلام للشيطان السماوي]!!
تحركت بسرعة مذهلة، تاركة وراءها أثرًا من الظلال.
"أيتها الشيطانة اللعينة!!"
زمجر راجنيس وهو يشهر خنجريه ويصبّ كل ما يملك في هذه الضربة الأخيرة.
سـوووش!
بـــووووم!!
اصطدمت ضرباتهما، مطلقة موجة صدمة اجتاحت كل شيء حولهما.
انتشرت التموجات في الهواء، وشظايا من البرق والظلام تطايرت بين الهجمتين.
بـــانغ!
تلت ذلك انفجارات متتالية. اهتزت الشجرة الغامضة، واختفى الحاجز البرقي المحيط بها.
سـوووش!!
انتشر الدخان والغبار.
أزاحت أليس الغبار بحركة رمحها، ونظرت إلى راجنيس الذي كان ممددًا على الأرض.
"هذه هي النهاية…"
قالت بهدوء وهي ترفع رمحها وتوجهه إلى عنقه.
"هاه… اناضلي كما تشائين، أيتها الشيطانة. حاكمنا سيعود قريبًا… وستلقين حتفك مع كل سكان قارة الهول…"
ابتسم راجنيس وهو يحدّق في عينيها.
أغلقت أليس عينيها ثم غرست رمحها في عنقه، منهية حياته على الفور.
ثم استعادت هيئتها البشرية، ووجهت نظرها نحو الشجرة الغامضة.
كانت متأكدة أن هذه الشجرة مهمة لخطة محرك العنصر، وإلا لما وُكل شخص قوي مثل راجنيس لحمايتها.
وكان عليها تدميرها.
ركّزت ما تبقى من ماناها في رمحها.
انبعث منه دخان أسود وضباب أزرق.
بدأ العنصران يلتفان حول بعضهما قبل أن تهوي بالرمح بكل قوتها.
بــانغ!
اهتزت الشجرة، تلاها صوت يخترق الأذان دوّى في الكهف بأسره.
ركعت أليس أرضًا، ووضعت يديها على أذنيها وهي تحدق بالشجرة.
تــهـووه!
بدأت الشجرة ترغو كأنها كائن حي. ثم انبثق منها الدم، قبل أن تنفجر إلى شظايا صغيرة.
"ما هذا…؟"
تمتمت أليس وهي تلتقط رمحها.
لقد انفجرت الشجرة بطريقة غريبة أربكتها.
لم تكن تعرف إن كان ذلك أمرًا جيدًا أم لا، لكنها وثقت في حدسها الذي أخبرها أن تدميرها ضروري.
"أنا… مرهقة…"
بدأ بصرها يضطرب، وجفونها تثقل، والعرق يغمر جسدها.
كانت منهكة، وجراحها ما زالت تنزف.
قدرات طفيليها بلغت حدّها، ولم تعد تعالج جراحها.
"لقد… فعلت ما بوسعي…"
وبتلك الكلمات، سقطت أليس على الأرض، فاقدةً الوعي في أعماق الكهف.
كانت ترغب في مواصلة القتال… لكنها انهارت.
ذلك الذي يُدعى "الحاكم" منحها شعورًا غريبًا.
شعور كأنها تقف وجها لوجه مع الموت.
---
في الجانب الآخر من الشبكة القرمزية…
كان نظام نجمي كامل غارقًا في الفوضى.
سوتا كان ممددًا في بركة من الدماء، وجسده مغطّى بالجراح العميقة.
أنفاسه كانت متقطعة كأنه على حافة الموت.
أغــــخ!
تقيأ سوتا دمًا، وحدق بالشخصية الواقفة أمامه.
لم يعد قادرًا على فتح عينه اليسرى، ويده اليمنى كانت مفقودة، والجرح ينزف باستمرار.
«يينكسا… أنتِ… استوليتِ على جسدها… سأ…»
قال ذلك بصعوبة، بالكاد قادرًا على تحريك جسده.
الشخصية التي تقف أمامه لم تكن سوى يينكسا… لكنها لم تكن هي.
لقد استولى حاكم بلا إله، قائد محرك العنصر، على جسدها.
"أنا هو حاكم بلا إله… وهذا الجسد لي."
قال ذلك بنبرة هادئة وهو يقبض على كفه بإحكام.
______________________________
ترجمة=الفارس الملعون