---
"وهل ما زلت تعتقد أن الإمبراطور بلا حاكم تهديدٌ أخف؟ لقد رحلت الحملان العظيمة، ولم يعد هناك من يستطيع احتواؤه بعد الآن." ابتسمت أليتيا.
"مهما يكن، سأوقفكِ أولًا. وسأتولى أمره لاحقًا." أجاب جريم وهو ينظر إليها بحزم.
"افعل ما يحلو لك... تعالَ، وسأريك لماذا لا تزال مجرد بشري." رفعت أليتيا قبضتيها.
...
في مكانٍ ما من الإمبراطورية، كان الجسد الحقيقي لأليتيا جالسًا على العرش، وعيناها مغلقتان بإحكام.
مرّت ثوانٍ قليلة، وانفرجت زاوية شفتيها بابتسامة باهتة.
"بشري مثله يظن أنه قادر على اللحاق بالعصر القادم... ربما كان يحاول الصعود، لكن ذلك لن يكون بالسلاسة التي يتخيلها."
فتحت عينيها ببطء، ليظهر أمامها رجل يرتدي معطفًا أسود طويلًا، ذو شعر أزرق قصير وعينين زرقاوين.
"ما الذي تفعله هنا يا أورجان؟" سألت أليتيا وهي تنظر إليه بهدوء.
أدار أورجان ظهره لها، وقال:
"إنهم يحاولون إيقاظ الإمبراطور بلا حاكم. ظهرت الشراهة، لكنه لم يحرك ساكنًا بشأن الختم. بقية الحكّام يراقبونه ترقّبًا لعودة الإمبراطور."
"وماذا تحاول أن تقول؟" رفعت أليتيا حاجبيها.
"هل ستبقين هنا تراقبين بينما يفعلون ما يحلو لهم؟" سأل أورجان.
"لديّ خططي الخاصة... إلى جانب ذلك، لن يصمد إمبراطور الحكم طويلًا بمجرد خروجه من جبل ختم السماء." قالت بابتسامة خفيفة.
فجأة خطرت فكرة في ذهن أورجان، فنظر إليها قائلًا:
"أتعنين...؟"
أومأت برأسها:
"أجل. ستحاول قارة الحكّام إرسال عدد من الآلهة لختم الإمبراطور مجددًا. في الوقت الراهن، أقل من عشرة منهم فقط يُحكمون الشبكة القرمزية."
"هممم... إذًا هذه نيتكِ." نظر في عينيها، متأملًا.
لم تخفِ أليتيا الأمر، بل كشفت له جزءًا من خطتها:
"بمجرد أن يتخلصوا منه، سأتدخّل بنفسي، وأقضي على جميع هؤلاء الآلهة قبل أن تصل إليهم أي تعزيزات."
"هل تنوين إشعال حرب بين الآلهة؟" فهم أورجان مغزاها.
"أليس هذا ما فعله ذاك الرجل من الزودياك في ذلك الوقت؟" سألت بهدوء.
"لكن الوضع مختلف. ما فعله كان خارج الإمبراطورية... أما أنتِ، فستُظهرين قوتك هنا، في هذه الأرض. هل ستستخدمين كامل طاقة الشبكة؟"
"إذا لزم الأمر، نعم. وإن لم يلزم، فسأمتنع." ثم نظرت نحو جبل ختم السماء.
"وأنت يا أورجان؟ ما الذي تنوي فعله؟"
"أنا؟ أخطط للبقاء على الهامش." أجاب ضاحكًا.
"لا تجرؤ على الوقوف في طريقي... وإلا سأُجبر على قتلك." قالت أليتيا ببرودٍ قاتل.
"سنرى إن حدث ذلك. على كل حال، لا تقلقي بشأني. أنا مشغول بمراقبة الفوضى في أرض الخراب البائد." قال أورجان، قبل أن يتلاشى في الهواء تمامًا كما ظهر.
"أرض الخراب البائد... أورجان، وصيّ الإيمان... يا له من حاكم مزعج." تمتمت أليتيا وأغلقت عينيها مجددًا.
...
على خطوط المواجهة في وادي المناجم...
لا تزال قوات مجلس التنين تقاتل قبائل الغابات الترابية. وعلى الرغم من الوضع الحالي، إلا أن القبائل كانت لا تزال مُصمّمة على الاستيلاء على وادي المناجم.
كان الأمر يُوحي بأن تلك القبائل قد تكون على تنسيق مع قاعة القوة. فبين جميع مناطق سهول الحكم، كانت الغابات الترابية هي الوحيدة التي توحّدت ولم تتكبّد خسائر كبيرة خلال الأشهر الماضية.
كانت إيليش وبقية رؤوس مجلس التنين يقودون المعركة.
ومنذ انضمام إيليش والبقية، بدأت الكفة تميل لصالحهم. في ظهورهم الأول وحده، دمّروا ثلاثة عشر معسكرًا من معسكرات العدو.
نظرت إيليش إلى ساحة المعركة بوجه عابس. كانوا يحققون النصر تلو الآخر، لكنها لم تكن مرتاحة. كان هناك شعور يُراودها... وكأن العدو ما زال يؤمن بفرصة للفوز.
وإن كان الأمر كذلك، فلا بد أنهم يخفون ورقةً ما... شيئًا قد يُغيّر مجريات المعركة.
أدارت رأسها نحو الجبل الشاهق البعيد في الأفق.
"أتراهم بخير؟" تمتمت.
كانت المهمة التي أوكلها إليها سوتا قبل مغادرته واضحة: القضاء على قبائل الغابات الترابية، وإجبارهم على الخضوع باسم الأستروس.
لكنها لم تكن تُقاتل منظمة واحدة، بل منطقة كاملة من سهول الحكم، منطقة تُضاهي أرض الربيع من حيث القوة.
لا تزال القبائل تملك العديد من الخبراء، لكنهم لم يظهروا بعد. بعضهم في مملكة القيود، وينتظرون اللحظة المناسبة للظهور.
ولهذا السبب، كانت إيليش حذرة. وكذلك بقية الرؤوس في المجلس.
بوووم!!
انفجار هائل دوّى على بُعد عدّة كيلومترات.
أدارت إيليش رأسها فورًا وحدّقت في الاتجاه، ضيّقت عينيها، وحاولت استشعار أي اضطرابات في الطاقة.
فوووش! فووش!
ظهر شخصان إلى جانبها. كانا الرأس الرابع والرأس الثامن. كلاهما مسؤول عن تنسيق الأمور الحربية في المعركة ضد قبائل الغابات.
"هذا الانفجار الهائل... إن لم يكن من سلاح، فلا بد أن أحد خبراء القيود خلفه." قال جوفي، الرأس الرابع، بصوت منخفض.
نظرت إليهما إيليش وأومأت. كانت تشاركهما نفس الفكرة.
"يبدو أن خبراءهم لم يعودوا قادرين على تحمّل المزيد من الخسائر." قال الرأس الثامن، ثم التفت إلى جوفي وأضاف:
"سأذهب الآن. العدو لا يعلم أنك هنا، لذا من الأفضل أن تبقى متخفيًا."
"سأذهب أيضًا،" قالت إيليش.
"حسنًا، فلننطلق." قال الرأس الثامن، وانطلق في السماء بسرعة هائلة.
فوووش!
تبِعته إيليش، وسحبت عصاها السحرية، وبدأت التحضير بصمت لأي تعويذة قد تحتاجها.
راقبهم جوفي لبرهة قبل أن يختفي بدوره، ليُراقب الوضع من الخلف. فربما كان الانفجار مجرّد فخ لاستدراج أقوى مقاتلي مجلس التنين.
قريبًا، بدأت قوات المجلس بالتحرك أيضًا نحو موقع الانفجار.
وصلت إيليش والرأس الثامن إلى المكان. كانا يطفوان في السماء على ارتفاع مئات الأمتار، وعيونهما ترصد الأرض بحذر.
مسحوا الأرض المدمّرة بنظراتهم، ورأوا عشرات الجثث. ومن مظهرها، عرفوا أنها تعود لأفراد من مجلس التنين.
"تذبذبات الطاقة هنا شديدة... لا شك أن خبيرًا من مملكة القيود هو من فعل ذلك." قال الرأس الثامن.
"لقد وصلوا." همست إيليش.
فوووش!!
هبّت رياح قوية، وبدّدت سحب الدخان، لتمنحهم رؤية أوضح.
خمسة أشخاص كانوا يقفون أسفلهم، أربعة رجال وامرأة واحدة. جميعهم يمتلكون هالة تعود لمستوى القيد الواحد.
نظر الرأس الثامن إلى إيليش وسألها:
"هل ترغبين في تولّي الأمر؟"
"لا، سأتركهم لك." هزّت إيليش رأسها.
فكلاهما في مملكة القيود المزدوجة، أي أنهم يتفوقون بسهولة على من هم في قيدٍ واحد. كانت إيليش تفضّل الاحتفاظ بطاقتها لعدوٍّ أقوى لاحقًا.
"حسنًا، سأقضي عليهم." قال الرأس الثامن وهو يضم قبضتيه، ثم اندفع بسرعة نحو الأرض.
فوووش!
استعدّ الخصوم الخمسة للمعركة.
بوووم!!
اندلع القتال على الفور بين الرأس الثامن والخمسة.
بانغ! بانغ!
كانت إيليش تراقب المكان بحذر، تتساءل عن السبب وراء إرسال خمسة خبراء من قيد واحد دفعة واحدة.
خمسة من هذا المستوى تُعدّ قوة كبيرة... ولا يُمكن التضحية بهم هكذا.
هممم...
أبقت تركيزها على المعركة، وفي الوقت ذاته، كانت تستشعر محيطها بعناية.
وخلال نصف دقيقة فقط، بدأ الرأس الثامن يتفوّق تمامًا، وقد قتل أحد الخصوم بالفعل. لم يتبقَ سوى أربعة، ولم يتمكنوا حتى من مجاراته.
الفارق بين مملكة القيد الواحد والقيود المزدوجة كان هائلًا.
وفجأة، اتسعت عينا إيليش. رفعت عصاها بسرعة وشكّلت حاجزًا دفاعيًا.
فوووش!
مقذوف أُطلق من مسافة بعيدة، وانفجر بمجرد ملامسته للحاجز.
بووووم!!
حدث الشيء ذاته مع الرأس الثامن. لحسن الحظ، كانت إيليش قد أحاطته بحاجزٍ هي أيضًا.
"ما هذا...؟"
تفاجأ الرأس الثامن قليلًا، إذ كان منشغلًا في المعركة ولم يلاحظ أن أحدهم استهدفه من بعيد.
وكانت إيليش تفكر في نفس الشيء — المسافة بين المقذوف وموقعهم كانت حوالي خمسين كيلومترًا.
"كما توقعت تمامًا... إنه فخ." تمتمت.
"كنا محظوظين أنني كنت أراقب، وإلا لكان ذلك قد أنهى الأمر."
______________________________
ترجمة=الفارس الملعون