منظور"إيرين براون"
في أرض ساخنة ملتهبة كأنها جوف فرن متقد؛ كثبان من الرمال تكاد تجزم ان لا نهاية لها؛ وبعض الوحوش التي تتجول هنا وهنالك....
كنت أسير انا وماي باتجاه نقطة التجمع؛ المكان الذي اتفقنا فيه مع البقية؛ لكي نجتمع فيه بعد مرور ساعتين....
"في النهاية لقد تفوقت عليك بكل سهولة"
"أنت تعلمين انك كنتي تغشين؛ تطلقين على الوحوش قبل أن أراهم؛ او يصبحوا في مجالي"
قلت لماي وقد بدأت أفكر بجدية في أن أبحث عن مهارة أعين للمسافات البعيدة؛ لكن هذا لوقت لاحق....
"الفوز هو الفوز"
تحدثت ماي ويمكن ملاحظة بعض علامات السعادة التي تتسلل إلى وجهها؛ كيف لا وقد تفوقت علي بعد ذلك التحدي الصغير الذي كان بيننا....
" حسنا؛ انتي تفوزين ولكن في المرة القادمة فلتلعبي بعدل"
واصلنا السير في اتجاه نقطة التجمع ولا زلنا نتناقش
رنين! رنين!
فجأة أخرجنا صوت رنين جهاز الاستغاثة من محادثتنا؛يبدو أن رين ولوكاس قد وقعوا في ورطة؛ وهذا جعلني حقاً أشعر بالقلق...
. فنحن نتحدث عن اثنين من اقوى الأشخاص الذين أعرفهم؛ ولو احتاجوا إلينا فهذا يعني ان هذا شيء سيء حقاً....
"إيرين" تحدثت ماي بنبرة قلقة
"أعلم؛ فلنسرع"
بدأنا بالركض باتجاه الموقع المحدد على الجهاز؛ ولقد لاحظت انني يجب أن أعمل على سرعة الركض لدي؛ أعني ان ماي تركض بنفس سرعتي وهي رامية سهام...
حسنا هي مقاتلة قريبة المدى لكن الفكرة وصلت؛ هل يجب أن ابحث عن مهارة للسرعة أيضاً؛ حسنا هذا ليس مهما الآن....
" إيرين؛ هنالك شيء أمامنا"
توقفت عند سماع صوت ماي التي تتحدث بنبرة خطيرة؛ وفي نفس الوقت أخرجت رمحي وبدأت بجمع المانا من حولي....
وفعلت ماي نفس الشيء بقوسها.....
بدأت بمراقبة محيطي بحذر؛ هنالك ذالك الإحساس الغريب بالخطر؛ كأننا يتم مراقبتنا.....
فجأة أطلقت ماي سهم باتجاه يبدو عشوائياً بالنسبة لي؛ لكنني أعلم أن ماي لا تطلق سهم طائش....
ففعلت الشيء ذاته وبدأت بتجميع المانا حول رمحي ثم هممت بالانطلاق إلى الاتجاه الذي أطلق فيه السهم....
كل ذلك حدث في بضع لحظات؛ لكن تعرضت لشيء غريب؛ أعني تم تجميدي في مكاني؛ بجدية تم تجميد الرمال بالكامل....
حتى ماي علقت معي ولم تسطع الرد على ما حدث هنا...
"رائع رائع رائع؛ وصل بقية الجمهور لمشاهدة المسرحية"
التفتنا لمعرفة مصدر الصوت الغريب لنتفاجأ بشخصية غريبة الشكل؛ كيف أصفها حسناً؛ مهرج أكثر كلمة مناسبة لما أراه أمامي....
جلد أسود متفحم؛ عينان حمراوان مشتعلتان؛ ووجه مغطى بالبياض....
هنالك شخصية واحدة في الرواية لها هذه المواصفات....
إنه ما يحب تسمية نفسه بالجوكر.....
حسناً إنه شخصية مختلة قليلاً؛ كثيراً في الحقيقة؛ شيطان عقل من الرتبة الرابعة؛ يحب رؤية ذكريات ضحاياه وبالأخص المراهقين والشباب؛ ولديه هوس بالأعمال الخيالية....
في الرواية تعلق بعدة شخصيات وبدأ بالجوكر؛ ولكنه سرعان ما يغير الشخصية حين ينظر إلى ذكريات المؤلف....
"ما انت وما هدفك"
تحدثت ماي بأكثر نظرة عدائية اشاهده منها في حياتي؛ وهذا ذكرني بجزء من الرواية؛ الجزء الخاص بها؛ ولكن هذا ليس الوقت المناسبة....
"على رسلك آنستي؛ هذا ليس تصرف فتاة شابة؛ أين اللباقة والهدوء"
تحدث المهرج وهو ينحنى بأسلوب كبير خدم....
"انا لا اريد سوى فعل شيء واحد...
وهو قتلكم بالطبع"
اضاءت عيون المهرج وهو ينظر إلينا مما ارسل قشعريرة سرت في كامل جسدي؛ بالأخص مع فرق الرتب بيننا.....
" أين رفاقنا"
تحدثت وعقلي يتسارع في البحث عن حلول للخروج من هذا المأزق الذي وقعنا فيه....
"أوه؛ رجل شغوف بالأصدقاء؛ تعجبني سأبدأ بك أولا"
تحدث المهرج وهو يمد يده ويرفعها عاليا ثم ينزلها ويسير إلي...
"الآن لنرى بعض الذكريات أولا"
فجأة انطلق شعاع أحمر من يد المهرج وبدأ يتجه إلي مباشرة....
قد تسأل لماذا أنا هادئ جدا؛ حسنا هذا يعود بوضوح لوجود عقل القارئ؛ أقوى مهارة ضد شياطين العقل بالإضافة إلى أنه استهدفني اولا فهذا يعني انني يمكنني أخيراً التحرر من هذه الرمال؛ فطاقته تضعف حين يركز على الذكريات....
فجأة تحولت رؤيتي إلى ظلام...
"اللعنة"
..........
فتحت عيناي لأجد نفسي أقف فوق ما يشبه المدينة؛ مدينة من عالمي الأصل لو سألتني؛ يمكن تمييز ذلك من التطور التكنلوجي؛ ففي المدينة التي أراها يمكن بوضوح معرفة انها أقل بكثير من ما أعيشه الآن....
السؤال هو كيف وصلت إلى هنا؛ ولماذا لم تعمل عقل القارئ؛ هذه أول مرة لا تعمل هذه المهارة؛ وبجدية هذا ليس جيداً؛ فأنا اساساً فقدت الثقة بأغلب ما أراه في هذا العالم؛والآن افقد الثقة بمهاراتي حتى.....
"حسنا نلتقي أخيرا يا أيها المختار؛ أم أقول إيرين براون"
أخرجني صوت عذب دوى في رأسي فوراً؛ لألتفت لأرى شخصية باهية الجمال؛ شعر أحمر طويل كالحرير؛ جسد ممتلئ مثالي؛ وأعين صفراء تشعر انها تنظر إلى أفكارك....
تطابقت هذه الأوصاف مع التنين الذي أهداني قلبه عند وصولي إلى هذا العالم.....
سيليفيا بيليسيرون
" ك..كيف؛ ألستِ ميتة؟ "
تحدثت بأول ما خطري في بالي حين رؤية هذه الإمرأة؛ كيف لا وانا اعيش بسبب قلبها حرفياً.....
"حسنا ليس لدينا الكثير من الوقت؛ ولو لا هذا الهجوم العقلي؛ وإضعاف مهارتك الأخرى لما تمكن من الإلقاء بهذا الشكل؛ ولكن تجمعت الظروف المثالية معا بإحكام لكي نلتقي بهذا الشكل"
"من انتي وما علاقتك بي ولماذا نلتقي أساساً؛ وأهم شيء ماذا يحدث في الخارج"
تحدثت بكل مخاوفي دفعة واحدة؛ قد تسأل لماذا أتحدث هكذا دون تحفظات؛ حسنا حتى انا لا أعلم؛ أشعر بألفة غريبة مع التنين؛ يمكن أن يكون تأثير القلب؛ ولكن هذه مجرد تكهنات.....
"يمكنك القول ان الوقت في الخارج قد توقف تقريباً؛ ونحن هنا لاستعادة بعض من ذكريات ماضيك؛يمكن اعتبار هذا خطوة ضرورية"
"اي ماضٍ جميع ذكرياتي في هذا العالم موجودة؛ ومالم يعبث بها أحد وهذا ما ارجحه فليس هنالك داعٍ لذلك"
هذا صحيح فماضي إيرين ليس فيه شيء مميز تقريباً سوى بضعة أشياء غير مهمة حالياً.....
" من قال انني اقصد هذا العالم "
تحدثت سيليفيا وابتسامة مغرية تتشكل على وجهها الجميل...
" سنرى ما حدث هنالك في الماضي "
حالما قالت سيليفيا ذلك تحول المكان الذي نحن فيه إلى إحدى المنازل الموجودة في إحدى أطراف المدينة؛ وقد تعرفت عليه فوراً؛ كيف لا وقد عشت في هذا المكان أول عشرة أعوام من حياتي....
ودعني أقل انها لم تكن أفضل حياة؛ فقد كنا فقراء في هذه الفترة وقد انتهت بكارثة...
"ألن نذهب إلى الداخل"
تحدثت سيليفيا وهي تتجه إلى باب المنزل؛ ويمكن ملاحظة أن الباب مهترئ قليلا؛ ولكن هي اخترقته مباشرة بدون أن تلمسه؛ وهذا ذكرني اننا لسنا في عالم حقيقي....
تبعتها إلى الداخل وفاجئني منظر زوجين شابين يبدوان في منتصف العشرينات؛ كلاهما شعرهم أسود وأعينهم سوداء كذلك......
الصفة المشتركة بينهما ان علامات التعب والفقر بادية على وجهيهما....
كانت الفتاة تحمل رضيع نائما؛ ونعم لم يكن والديّ يحبانني كثيراً؛ كيف أقولها؛ حسناً لقد كانت ولادتي هي بداية الفأل السيء عليهما.....
فحين ولادتي مباشرة تم فصل والدي من وظيفته بسبب خطأ مطبعيٍ بسيط......
وثم بنفس الطريقة تم فصل والدتي من وظيفتها أيضاً بسبب خطأٍ لا أذكره ولكنه كان تافهاً......
هذا والعديد من الحوادث
"أليس ذلك الرضيع اللطيف أنت سابقا يا إيرين"
رفعت رأسي على كلمات سيليفيا لكنني لم أجبها؛ فقد بدأت ذكريات غير سارة بالعودة إلى محياي.....
"هل يعقل ان يكون ما يحدث بسبب..... ابننا"
تحدث الرجل وهو يلقى نظرة خاطفة على الرضيع النائم حالياً بين يدي المرأة.....
" كيف تقول هذا ياعزيزي؛ إنها فقط فترة صعبة ولكنها ستنتهي قريباً؛ انا واثقة من ذلك"
تحدثت الزوجة بابتسامة طفيفة؛ ولكن علامات الشك ظهرت على وجهها حين نظرت إلى طفلها؛ لم يلاحظ الرجل ذلك ولكننا لاحظناها بكل وضوح......
"حسنا سنتقدم قليلا الا ينبغي ذلك"
تحدثت سيليفيا وهي تخرج من الباب؛ وقد تبعتها ليس قبل أن القى نظرة خاطفة على والدي مرة أخيرة......
حين خرجت من الباب تغير المكان مباشرة من منزل مهترئ إلى ما يشبه حضانة أطفال؛ وهذا ذكرني بشيء حدث في طفولتي؛ ليس ذكرى سارة إطلاقاً.....
" ما معنى هذا "
تحدثت إلى سيليفيا وانا انظر حولي؛ هذا المكان لا يشعرني بالراحة أبداً؛ أعني انا أذكر جميع هذه الذكريات تقريباً....
"ألم تسأل نفسك كيف تذكر هذه الأشياء وقد كان عمرك فقط عام عند حديث والديك؛ وثلاثة أعوام في هذه الحضانة"
حسنا أصابني إدراك مفاجئ لشيء كنت أعتقد أنه طبيعي تماماً.....
"ماذا يعني هذا"
تمتمت بما كنت أفكر فيه تماما وبدأت الأسئلة تدور في ذهني؛ فهي محقة تماما؛ لا يمكن للطفل الطبيعي عادة ان يتذكر هذه الأشياء في مثل هذا العمر......
" لا تقلق ستكتشف هذا قريباً"
قالت وهي تبتسم ابتسامة فاتنة؛ ثم وجهت انتباهها نحو الحضانة؛ حيث كان هنالك طفل في الثالثة من عمره يقف بعيداً عن بقية الأطفال؛ يلعب بلوح شطرنج يبدو قديما نوعا ما؛ والأمر الملاحظ أنه وحيد تماماً.....
فجميع الأطفال الباقين ليس هنالك أحد قريب منهم.......
اقتربت فتاة صغيرة أيضا من الطفل وتبدو خجولة قليلة؛ حين رأيتها شعرت بحنين إلى الماضي؛ وعادت إلى ذهني ذكريات صديقتي الوحيدة في هذه الحياة........
إيميلي
"مرحبا؛ ماهذه اللعبة التي تلعبها"
تحدثت الطفلة بنبرة فضولية وهي تنظر إلى لوح الشطرنج.....
"تدعى الشطرنج؛ وهي لعبة تعتمد على الذكاء والاستراتيجية؛ هل ترغبين باللعب"
تحدث الطفل وتبدو عليه السعادة؛ حسناً يمكنك القول انني كنت سعيداً حقا في ذلك الوقت؛ كيف لا وقد كانت أول شخصاً يقترب مني منذ ولادتي؛ حتى والديّ لم يقتربا مني......
"أجل من فضلك؛ بالمناسبة أدعى إيميلي وانت "
" انا إسمي هو جون؛تشرفت بمعرفتك"
قال ذلك الفتى؛ او انا بابتسامة كبيرة وهو يصافح إيميلي.....
..........
مرت الأيام بسرعة؛ وقد بدأ الأطفال يقتربون من جون وإيميلي ويتعلمون لعب الشطرنج؛ وقد بدأ جون بتكوين صداقات مع أغلب الأطفال حتى اتي يوم حلت فيه الكارثة.....
كان الوقت صباحا والساعة العاشرة تقريبا؛ وقد كان موعد فسحة الإفطار......
بينما كان الأطفال يجتمعون حول الطاولات لتناول الطعام وفجأة وبدون سابق إنذار سمع صراخ مدوٍ لإمرأة؛ اللعنة إنها بداية المآسي بالنسبة لي....
"أركضو الغرفة تحترق"
..........
حسنا خمنوا من عاد....
اولا تم اغتصابي في الاختبارات وهذا متوقع في أغلب الأوقات
ثانيا وبحمدالله لقد انتهيت وهذا يعني عودة الرواية ونحاول الوصول إلى التوب ثانية
أخيرا رأيكم بالفصل واعذروني على الأخطاء
وسأحاول العودة إلى جدول التنزيل القديم بإذن الله
نلتقي في الفصول القادمة