في نفس حضانة الأطفال التي كان يتواجد فيها إيرين والبقية؛ كان هنالك رجل غامض يقف أمام بوابة الحضانة في الخارج.....
كان الرجل يرتدي بدلة رسمية ويحمل مظلة يغطي بها شكل وجهه؛ ولكن يمكن رؤية أثار دخان السجائر التي يحملها في يديه....
كان الرجل يقف الآن لمدة دقيقتين أمام تلك البوابة؛ ويبدو انه ينتظر شيء أو شخصا ما....
اقترب منه رجل يرتدي ملابس غير رسمية ويحمل ظرفاً مغلقا؛ ويمكن ملاحظة ان ذلك الظرف كتب عليه اسم ما؛ ولكن تم تغطيته بيد الرجل.....
"هل جمعت معلومات كافية عن الهدف"
تحدث الرجل الأول وهو ينزل المظلة كاشفاً عن تعابير وجهه؛ والتعبير الوحيد الواضح على وجهه كان اللامبالاة.....
"نعم سيدي؛ لم يكن صعباً؛ فذلك الطفل فقير ويمكن إغراء عائلته بمجرد مالٍ فقط"
" حسنا فلتستعد لتنفيذ الخطة؛ سنأخذه الليلة ونضع اللوم على تقصير من العمال في حضانة الأطفال"
تحدث الرجل؛ وابتسامة تتكون على وجهه؛ ثم رفع الظرف الذي كان فيده ونظر إليه ويمكن ملاحظة اسم كتب على الغلاف.....
ذلك الاسم كان جون!
................
منظور"إيرين براون"
" اسرعو ايها الأطفال سنذهب إلى الخارج"
تحدثت إحدى المعلمات وهي تجمع الطلاب في مكان واحد؛ وفي نفس الوقت تبعدهم عن ألسنة اللهب التي وصلت إلى قاعة الطعام؛ او يجب أن أقول غرفة.......
"حسنا الجميع فلتمسكو بأيدي زملائكم؛ سنخرج من هنا بالترتيب"
تحدثت معلمة وهي تحاول جعل الأطفال هادئين ومنظمين؛ حتى يخرجوا من هنا.....
"لكن يا معلمة المخرج مغلق بالنيران"
تحدثت أحد الأطفال وهو يشير إلى الباب الذي تبتلعه النيران
"أعلم ذلك ياصغيري سنخرج من مخرج الطوارئ"
"حسناً يا إيرين؛ ما رأيك بما يحدث حتى الآن"
تحدثت سيليفيا وهي تنظر إلي؛الشيء الذي اربكني نوعاً ما؛ حيث لم أفهم ما تقصد....
"هذا ما حدث حينها تماما لا أفهم ماذا تقصدين"
قلت لها بنبرة مستغربة منها؛ أعني انا لا أفهم ماذا تقصد....
" الا تلاحظ شيئاً غريبا في هؤلاء الأطفال"
نظرت إلى الأطفال مجددا؛ ولا يسعني ملاحظة اي شيء غريب فيهم....
"لا"
جاوبتها ولا زلت انظر إلى الأطفال حتى أصابني إدراك مفاجئ....
"المعذرة أيتها المعلمة؛ إيميلي ليست هنا"
تحدث أحد الأطفال بما يجول في خاطري تماماً......
" ك... كيف أذكر ان ماي كانت معنا تماماً"
تمتمت وانا اتذكر ما حدث في هذا المكان؛ هل يعقل ان تكون ذكرياتي خاطئة.....
"أجل انه ما تفكر به تماماً؛ لقد تم التلاعب بذكرياتك؛ ولكن من الشخص او الأشخاص الذين فعلو ذلك. الأمر متروك إليك"
"ماذا تقصدين"
حسنا لقد سئمت من هذا حقا؛ اولا يتم التلاعب بي من طرف عدة أشخاص حتى أشارك بشكل فعال في مخططاتهم؛ ثم يتم التلاعب بذكريات حياتي السابقة؛ ؛اللعنة ماذا هنالك أيضا.....
نظرت إلى سيليفيا وقلت لها بصوت منخفض قليل....
" هل انتي معهم أيضا"
"ماذا تقصد"
"هل انتي أيضا تخدعينني"
صحت بصوت مكتوم وانا انظر إلى سيليفيا؛ بدأت أشعر بالمرض حقا؛ كأن شيئاً ما بداخلي يتحرك؛لم أعد أستطيع السيطرة على الوضع الذي أمامي.....
وانا الذي ظننت ان هذه الحياة ستكون ممتعة؛لأكتشف انني لعبة شخص آخر؛ بل عدة أشخاص؛ رائع. رائع حقا....
" إهدأ يا إيرين؛ إنني بجانبك ولو كان العالم بأكمله ضدك؛ أليس قلبي ينبض في صدرك"
تحدثت سيليفيا وهي تضع يدها على ظهري؛ لكنني لم أكن أركز عليها بل ما لفت انتباهي شيء يحدث أمامي...
انا ارى إيميلي محتجزة بين النيران؛ واقفة فوق طاولة صغيرة في زاوية الغرفة او الفصل؛ والنيران تقترب منها بمعدل ينذر بالخطر؛ وفي المقابل هنالك طفل صغير يحاول إخراجها من تلك النيران؛ هذا أنا لكن المشكلة أن هذا جديد علي نوعا ما......
نظرت إليهم بتمعن أثناء محاولتهم للخروج من النار؛ والموقف الذي هم فيه يوحي بأنهم لن يفعلوها؛ وبما أنني عشت بعد هذا حسب ذكرياتي وكذلك إيميلي أيضاً؛فهذا يعني أن هنالك شيئا ما قد حدث......
"إيميلي اقفزي إلي سوف أمسك بك"
مد الطفل جون يده باتجاه إيميلي وهو يحثها على القفز؛ لكن ماذا أقول هي طفلة يستحيل ان تقفز باتجاه النيران وهذا ما حدث تماما؛ حيث بدأت بالبكاء والصراخ بصوت عالٍ......
"أمي؛ أبي"
كانت إيميلي تصرخ وهي تحاول الاحتماء من النار حتى حدث شيء مفاجئ؛ حيث ركض جون باتجاه النار؛ وقفز مباشرة باتجاه إيميلي الخائفة؛وبدأ يحاول حملها وفي نفس الوقت يسابق الزمن كي لا يحترق هو وإيميلي.....
"مدهش"
تمتمت بصوت منخفض وانا أتعجب من شجاعتي في هذا الموقف؛حسنا يبدو أنه لم يتم تغيير ذكرياتي فحسب....
"كنت طفلاً رائعاً في السابق أليس كذلك"
اخرجني صوت سيليفيا من دهشتي وكانت تنظر إلى الطفلين وهم يخرجان من النار....
"هل أحضرتني إلى هنا لكي أشاهد هذا فقط"
سألت سيليفيا بعد استجماع أفكاري وتصفية ذهني قليلا......
"حسنا يمكنك القول نعم؛ ولا. لا زال هنالك شيء واحد"
تحدثت سيليفيا وهي تشير بإصبعها إلى باب الغرفة.....
"هناك"
تمتمت سيليفيا بصوت منخفض وهي تشير إلى باب الغرفة...
" هذا هو ما أردت منك معرفته حالياً"
نظرت إلى الاتجاه الذي أشارت إليه ووجدت ان هنالك شخصاً آخر موجودٌ في الغرفة معنا كيف لم ألاحظ هذا حتى الآن؛ والأهم من ذلك ماذا يفعل هنا بحق الجحيم.....
بدأ ذلك الشخص التحرك باتجاه الطفلين وفعل شيئا مفاجئاً جدا؛ لقد ضربهما من الخلف بعصاً كان يحملها معه وقد ارداهما فاقدين للوعي مباشرةً......
"ما معنى هذا"
تمتمت بصوت منخفض وانا أشعر بالصدمة من ما يحدث أمامي
"هذا هو أول أسباب التغير الذي حدث في ذاكرتك وسبب إحضاري لك إلى هنا؛ لكي أحاول مساعدتك على التذكر"
تحدثت سيليفيا، لكنني لم أكن أركز معها حاليا؛ بل كنت انظر إلى الرجل وهو يأخذني أنا وإيميلي ويخرج من نفس الباب الذي أتى منه....
كان لدي فكرة واحدة في رأسي وهي ما تمتمت به. سابقاً......
سحب الرجل الطفلان ووضعهما في حقيبة جلدية كبيرة نوعا ما؛ ثم سحب الطفلين وخرج من الباب......
بدأت بالركض خلفه حتى اعرف إلى أين يتم أخذنا؛ وحين خرجت من الباب رأيته يسلم الحقيبة إلى رجل آخر؛ كان على ما يبدو ينتظره في الخارج.....
.
لم أستطع رؤية الرجل لأنه كان يحمل مظلة تغطي وجهه تماما؛ ولكن هنالك شيء واحد مميز يمكن ملاحظته فيه؛ إنه طويل؛ طويل حقاً يكاد طوله يقارب المتران وهذا مرتفع حقاً......
بعد أن أخذ الرجل الطفلان صعد إلى سيارة وصلت في وقت مثالي بشكل غريب؛ أكاد أجزم انها لم تكن هنا حين وصلنا.....
حاولت اللحاق به حتى أرى إلى أين يختطفوننا؛ ولكن حدث شيء حطم كل أفكاري. حرفياً......
بدأت السماء بالتشقق وبدأت التفت يمينا ويساراً في ذعر واستغراب؛ أعني ليس في كل يوم تشاهد السماء والمباني والواقع يتشقق ويتحطم كالزجاج.....
"يبدو أن وقتنا انتهى يا إيرين؛ سنلتقي في وقت قريب مجددا؛ وآمل ان تكون في حالة أفضل في المرة القادمة"
نظرت إلى سيليفيا ولم أعرف حتى ماذا أقول لها؛ كيف لا وقد أدركت ان حياتي كذبة ولعبة في يدي شخص ما أو عدة أشخاص.....
لم أستطع الرد على سيليفيا حتى وقد بدأت رؤيتي تتحول إلى ضبابية حتى أصبحت ظلاماً تماما.....
.............
في مكان فارغ وكل ما يحيط به لونه أبيض تماما؛ يمكن رؤية إمرأة باهرة الجمال؛ شعر أحمر طويل كالحرير وجسد مثالي وأعين صفراء باهية.....
كانت تلك المرأة هي سيليفيا ويمكن ملاحظة أنها تقف أمام شخص مجهول لا يظهر من شكله سوى الظلام؛ ولا يمكن معرفة انه إنسان سوى من إطار جسده.....
"لماذا فعلتي هذا يا سيليفيا"
تحدثت الرجل الذي يقف في الظلام ويمكن تمييز الغضب في صوته.....
"كان كل هذا ضرورياً؛ حتى يتخذ الخيار الصحيح؛ ولو لم توقفني لأريته ما تبقى من ماضيه؛ السؤال هنا لماذا منعتني"
تحدثت سيليفيا ولا يمكن ملاحظة اي من موقفها الطبيعي المغري؛ بل ما حل محله نظرة من الجدية والحزم....
نظر إليها الرجل ثم تحدث بصوت منخفض قليلا..
"حالته العقلية لا تسمح له بمقابلة الماضي في هذه الأوقات؛ كنت سأريه ماضيه حتى لو لم تحاولي؛ ولكن الآن سيكون في حالة من الفوضى؛ ومع عدم استطاعتي لاستعمال قوتي لن أستطيع فعل اي شيء لمساعدته"
"حسنا أختلف معك في ذلك؛ حيث أعتقد أنه يجب عليه أن يواجه ماضيه مبكرا لكي لا تعود أخطاء الماضي وتصبح نقمة عليه وننجو من هذا المستقبل القاتم أليس كذلك؛ يا من تسمي نفسك (عقل القارئ) أم يجب أن أقول....... لوكاس "
ابتعد الظلام عن وجه الرجل كاشفاً عن أعين حمراء مشعة في الظلام...
" فلنأمل ان يكون خيارك صحيحا"
............
فصل جديد والآخر قادم قريباً
التعليقات هي وقود الرواية ولو بكلمة واحدة
نلتقي في الفصل القادم واعذروني على الأخطاء