قد يكون الفصل سوداويا قليلا، أحداثه تقع بعد فصل تداعيات.
..
القارة العظمى-إقليم الجان الغربي
في إحدى القلاع التي تبو وكأنها خارجة من إحدى القصص الخيالية..
رجل وسيم طويل القامة قليلا، بشعر أسود لامع، وأعين من نفس اللون..
بأذنين مدببتين تثبتان العرق الذي ينتمي إليه..
احد حكام الجان، ورجل من الفئة S+،ووالد احد الشخصيات الرئيسية في الرواية.
ألكسندر فير.
في غرفة تبدو وكأنها قاعة اجتماعات، كان الرجل يسير فيها ذهابا وإيابا، وكأنه ممسوس تماما..
"اللعنة!"
خرجت كلمة بصوت غليظ من بين شفتيه..
"الأمور تزداد سوءاََ"
منذ وفاة ابنه الوحيد، وكل شيء حوله يسير في اتجاه خاطئ..
لقد كان شعوراََ يؤرقه..
الخدم لم يعودوا مثل السابق، أعينهم تحكي الكثير..
أصدقائه قطعوا التواصل معه، بل حتى ان الملكة التي يوقرها بشكل كبير أصبحت تعامله كأنه لا شيء..
كأنه قطعة من الهراء.
انفجرت العروق في وجهه وهو يصرخ..
"سووول!! "
ناطقاََ باسم خادمه الوحيد، محاولا استدعاءه، ولكن..
"..."
لم تأتي الإجابة التي اعتاد على سماعها.
"سول"
كرر اسمه مرارََا وتكرارا ولكن بدون فائدة..
لأول مرة في حياته، لا يجيب سول نداءه..
خادمه بل ظله وذراعه اليمنى منذ نعومة اظافره، لم يرد عليه..
"ماذا يحدث"
شعر بشيء خاطئ، وتدريجيا، بدأ بالبحث عن البقية من الخدم..
"ايمي"
"رينان"
"مارك"
صرخ بأسماء الخدم الذين يعيشون معه، ولكن دون فائدة..
لم يكن هنالك شيء.
هدوء مطلق غريب..
خطوة!
خطوة!
خطوة!
تتابع صوت خطوات عملاقة..
ما لفت انتباه السيد فير إليها..
"ك... كيف"
خرج من بين الظلال رجل ضخم..
ببنية عضلية مبالغ فيها، ورأس أصلع..
على عكس الظلام المحيط به، كان يرتدي نظارة شمسية..
"روك"
مدركا لمن كان أمامه، ارتجف جسد ألكسندر، ولكنه سرعان ما استطاع تمالك نفسه..
"روك، لما تشرفني بالزيارة في هذا الوقت"
كان يحاول كسب الوقت قليلا، محاولاََ ان يحييك خطة للخروج من هذا الموقف..
ليس هنالك شخص يأتي في هذا الوقت المتأخر بخير إطلاقاََ..
"لا تتعب نفسك، روك قضى على الجميع في هذه القلعة المتهالكة"
شعر حاكم الإقليم بالرعب، مع العرق الذي بدأ يسيل مغطياََ كامل جسده، أدرك المأساة التي وقع فيها..
"الآن"
روك متقدماََ ناحيته..
"ستكون لديك محادثة جميلة مع روك"
غير آبه بما يحدث، تقدم روك، جاراََ لسلسلة من المعدن الصلب، ربط في آخرها كرة مدببة..
صوت احتكاكها بالأرض كان الشيء الوحيد المسموع في المكان..
مدركا لما يحدث، اخرج ألكسندر سيفا من الظلام، متقدما بسرعة مهولة لا تبصرها الأعين..
في غمضة عين كان فوق جسد روك الضخم..
سلاش!
بكل ما أوتي من قوة وجه ضربة إلى روك..
ذلك الأخير الذي وبكل هدوء، أوقف سيفه بيده العارية.
في تلك اللحظة تحديداََ، أدرك ألكسندر انه لن ينجو..
إدراكه الذي لم يخب حين رأى المانا تخرج من كامل جسد الروك، محيطة بالمكان، محطمة للنوافذ، مدمرة للأبواب، مهشمة للجدران..
قوة من الرتبة SS.
"الآن، روك مستعجل قليلا لذلك، سنجعل هذا مختصراََ أيها الفرخ اللعين"
كان هذا آخر ما سمعه ألكسندر قبل أن تتحول رؤيته إلى ظلام.
صفعة!
صفعة!
فتح اللورد فير عيناه بصعوبة، من آثار الصفعة التي جعلت وجهه محمراََ..
"استيقظ أيها الفرخ، يريد روك أن ننتهي من هذا سريعاََ"
بصعوبة وبعد أن فتح عينيه، أدرك ألكسندر انه موجود على أحد الكراسي..
محاولا للتحرك، ولكن أكتشف انه مربوطاََ بسلسلة إحاطت به بإحكام..
"ماذا تريد"
مشاعر الخوف والرهبة، لم تمنعه من السؤال..
ذلك السؤال الذي فتح أبواب الجحيم عليه..
مبتسماََ، اجابه روك..
"معلومات، كل ما يريده روك منك هو المعلومات، وقد يفكر في تركك تعيش بعد ذلك"
مخرجاََ لكرة بلورية شفافة اللون، واضعاََ اياها امام ألكسندر..
"اعلم ان عقلك الصغير لا يستطيع ادراك هذه الآلية البسيطة يا رأس النعامة"
سأله روك سؤالاََ بسيطاََ..
"ما اسمك"
" هاه"
استغرب السيد فير من السؤال الغير متوقع..
صفعة!
ولكن صفعة على وجهه إعادته إلى الواقع..
"ألكسندر... ألكسندر فير"
مجيباََ بصعوبة وأنفه يقطر دماََ، اضاءت الكرة الشفافة بلون أخضر زاهٍ..
" يجب أن يكون عقل النعامة الخاص بك قد أدرك آلية عمل هذه البلورة"
بإيماءة صغيرة، واصل روك الحديث..
"هل انت خادم مطيع للملكة أوليفيا"
وكأنه مبرمج على الإجابة..
" نعم.. نعم، سأقدم حياتي لأجلها."
مباشرة أضاءت نفس الكرة بلون أحمر..
مما جعل روك يرفع حاجبه وهو ينظر إلى ألكسندر.
"لا زلنا في البداية وانت تكذب بالفعل"
ألكسندر الذي لم يعرف ماذا يقول، كيف لا وهو احب وخدم ملكته منذ الصغر..
"لا لا انها الحقيقة"
مخرجا لسكين صغيرة من جيبه، روك اقترب من ذراع ألكسندر وثم..
قطع!
بدأ بقطع أحد أصابعه، مما جعل ألكسندر لا إراديا يبدأ بالصراخ..
" آااااه"
لم يهتم روك به، بل واصل بكل هدوء قطع أصبعه..
ثم بكل بساطة القاه بعيداََ..
"يبدو أن لدى روك ليلة طويلة"
..
وهكذا بدأت دورة السؤال والإجابة..
اي كذبة صغيرة من ألكسندر، يقابلها فقدانه لإحدى أطرافه..
تعذيب مستمر من روك لاستخراج المعلومات من الخائن..
ويالها من معلومات تلك التي توصل إليها.
"إذا بكل بساطة، بعت ابنك للشيطان، باحثاََ عن القوة، مساعداََ للشياطين، بائعا لمعلومات جنسك"
روك متحدثا بسرعة، أدرك انه لا يمكنه الخروج بشيء آخر..
بكل بساطة حمل سيف اللورد فير..
ذلك الأخير الذي من شدة الألم والخوف اللذان حلّا به، لا شعوريا قام بتبليل سرواله..
فاقدا لجميع أطرافه، قدميه بأصابعهما، يديه بأصابعهما، بل حتى ان اعضاؤه الخاصة تعرضت للقطع، بدأ وكأنه دمية أطفال مرقت أطرافها..
إهانة ليس بعدها إهانة لواحد من اقوى الأشخاص في عرق الجان..
" الا تجد هذا مثيرا للسخرية "
بضحكة مستفزة، اكمل روك قائلا..
" السيد فير يموت من الخوف"
لم يترك له مساحة للرد، بل قام بقطع أخر عضو خارج من جسده، رأسه الذي كان متورماََ من كثرة الضرب والدموع التي نزلت من عينيه..
روك مبتعداََ وهو يحمل رأس ألكسندر في يده وكأنه كرة مطاطية، بعد لعبة نفسية..
كيف لا وتلك الكرة كانت مزيفة، استطاع خداع ألكسندر بكل إتقان.
"الآن، روك لديه معلومات مثيرة للاهتمام"
رافعا لحاجبه بابتسامة مصطنعة..
"لونا هارت لاين، اكمل روك جزءه من الصفقة"
خارجاََ من المكان، تاركا بحراََ من الجثث الدماء.
بكل بساطة، اخرج كرة صغيرة من جيبه، وقام بإلقائها على القلعة..
انفجار!!
انفجرت القلعة بما فيها، انفجار ضخم قضى على كل ما تبقى فيها، ولم يبقي سوا رماد تذروه الرياح..
القلعة التي كانت يوماََ واقفة شامخة، أصبحت أرض قاحلة ممتلئة بالرماد.
في ذلك اليوم، مات ألكسندر فير بأشنع الطرق وأكثرها إيلاماََ.
...
في أكاديمية الشمس..
تلك الأكاديمية التي صنفت على أنها أعظم ما انتجت البشرية في سبيل التعليم بكل انواعه..
في غرفة خاصة جدا، لم يكن للكل حق للوصول لها..
غرفة جلست فيها واحدة من اقوى البشر..
غرفة مديرة الأكاديمية..
لونا هارت لاين.
بشعرها الأشقر الطويل، وأعينها الرمادية الباهتة.
جالسةََ في مكتبها تقوم ببعض الأعمال الورقية.
بدون ان ترفع رأسها، ولم يكن هنالك أثر لأي شيء، بصوت منخفض..
"ادخل"
فتح الباب الذي كان مغلقا، كاشفاََ عن شاب صغير ووسيم، بشعر أشقر قصير، وأعين حمراء قرمزية..
"اعذريني"
لوكاس، الذي انقذ إيرين سابقا،بكل ثقة دخل إلى غرفة المديرة..
"اعتذر على ازعاجك أيتها السيدة هارت لاين"
لوكاس متحدثا بكل أدب..
"ولكن، هنالك شيء بسيط اريد الحديث عنه"
جالسا في المقعد الذي يقابل السيدة ذات الأعين الرمادية..
"كما تعلمين، لدي معروف متواجد منذ فترة طويلة"
بادئاََ حديثه بطريقة مباشرة، لوكاس والذي كان ينظر بشكل مباشر إلى أعين السيدة الشقراء..
انحنى إلى الأمام قليلا متكئا على يديه الاثنتين..
"كما تعرفين، لقد أنقذت محبوبك الصغير إيرين من الموت قبل مدة"
لمعت اعينه الحمراء باستفزاز، مدركا انه بدأ يتعدى خطاََ غير مرسوم..
"وبصفتك شخصاً تقدر الأخذ والعطاء، لم تعطيني اي مكافأة حتى الآن"
نظرت إليه السيدة هارت لاين ثم أطلقت تنهيدة خافتة، لم يكن اي من كلامه خطأ سوا شيء واحد، كان هذا مفتعلاََ من شخص ما..
"إذا أيها الطالب لوكاس، ماالذي يجول بخاطرك"
دون أن ينتظر كثيرا، فتح فمه بسرعة ناطقاََ بكلمة واحدة..
"الأولمبياد"
واصل حديثه وابتسامة تعلو وجهه..
"حين تأتي الأولمبياد سأطلب منك طلباََ صغيراََ، وبالنظر إلى عينيك فاعتقد انكي عرفتي ما هو"
لمعت اعينها الرمادية بضوء مخيف..
"إذا أنت تريد أن تصنع حدثاََ لم يحدث من قبل، يا وريث السيلفر"
لوكاس ضاحكا قبل أن يقول..
"لا أجد فرضية تمكنني من الفوز سوا بهذه الطريقة، لا استطيع هزيمة تلك الوحوش مباشرة"
تفاهم غير معلن نشأ في تلك اللحظة بينهما، مما سمح للسيدة هارت لاين بالتفكير في لحظة من الصمت.
" لديك كلمتي، إذهب الآن"
حاسمة للنقاش، أكدت السيدة لونا ان طلب لوكاس تم قبوله، ما جعل ابتسامة تتكون على وجه ذلك الأخير..
منحنيا للأمام كإجراء شكلي...
"شكراََ لك سيدتي"
خرج لوكاس من الغرفة سعيداََ بتحقيق مبتغاه، تاركا السيدة الشقراء جالسة تفكر فيما حدث..
"انت مخيف حقاََ"
من الفراغ خلفه ظهر شكل بشري.
شاب صغير، ولكن شعره الأسود امتلأ بالشيب، وأعينه الصفراء الذهبية أصبحت تشع بضوء أسود داكن..
"هل كل هذا كان خطة منك"
نظر إليها الشاب دون أي تغيير في تعبيره، ولكنه نطق ببضعة كلمات..
"فكري فيها كما يحلو لك، المهم اننا وجهنا كل شيء على الطريق الذي اردناه"
لم تستطع السيدة هارت لاين من منع نفسها من الابتسام.
"لذلك انت مرعب حقاََ، إيرين"