قبل أن يجد كايلن نفسه وسط الحطام، قبل أن يرى الخيوط القرمزية تتراقص في السماء، قبل أن تبدأ الأسئلة تُطارده كأشباح مجهولة... كان يعيش في الظل.
ولد في مكان بلا اسم، حيث لم يكن لأحدٍ ماضٍ ولا مستقبل، فقط حاضرٌ هش يتلاشى مع كل غروب. نشأ في أحد مخيمات الناجين عند أطراف مدن الحطام، بين أناس فقدوا ذاكرتهم أو تناسوا ماضيهم عمداً. كان الجميع يتهامسون عن الاصطدام العظيم، عن الكوكب الذي لم يكن من المفترض أن يوجد، عن الأرواح التي لم تجد راحة بعد. لكن كايلن لم يهتم. كل ما كان يعرفه أنه مختلف.
كان يرى أشياءً لا يراها الآخرون.
عندما كان يلمس بقايا الأشياء القديمة – قطعة معدن صدئة، ورقة محترقة، جزءً من آلة مكسورة – كان يشعر بها تتحدث إليه. لم تكن كلمات حقيقية، بل ومضات من صور مشوشة، أصوات خافتة تهمس بأسرار منسية. لم يخبر أحدًا، لأن من كانوا مثله… اختفوا. بعضهم قُتل، وبعضهم فُقد، ولم يُعثر عليهم مجددًا.
في الليالي الباردة، عندما كان الأطفال الآخرون ينامون، كان يحدق في السماء المتشققة، حيث كانت الخيوط القرمزية تتوهج كجروح في نسيج الواقع. كان يعلم، في أعماق روحه، أن هناك شيئًا في انتظاره. شيءً قديمًا، شيئًا خطيرًا.
ثم، في إحدى الليالي، جاء الظل الأسود.
لم يكن شخصًا، بل كيانًا بلا شكل، مجرد بقعة من العتمة في ظلام الليل. وقف عند حافة المخيم، يراقب. لم يتحدث، لم يتحرك، لكنه جعل الهواء باردًا بطريقة غير طبيعية. وكايلن، رغم خوفه، لم يستطع الهرب.
"حان الوقت."
لم يكن الصوت صادرًا من الظل، بل من داخله، كأن أفكاره نفسها قد انكسرت لتترك مجالًا لهذا الصوت الغريب.
وفي اليوم التالي، وجد كايلن نفسه يتبع أثرًا لم يكن موجودًا من قبل، يقوده بعيدًا عن المخيم، بعيدًا عن حياته السابقة. لم يكن يعلم إلى أين هو ذاهب، لكن شيئًا في داخله أخبره أن الإجابة هناك، في قلب أطلنطا السديمية.
وهكذا بدأت قصته.
و سقوطه.