قبل ساعات في الميناء

"ليان، أتذكرين المكان الذي أقمنا فيه حفلة يوم قبولنا في المعهد ،خذي سي مار و اختبئوا هناك، حتى يستعيد عافيته "

صوت جين بدى هادئا كعادته، لكن الحقيقة أنه تحت قناع الهدوء كان هناك غضب عارم كفيل بإحراق الدنيا بما فيها.

بعد عودة جين من المستقبل تمكن من تغيير سير الأحداث لمصلحته، لكنه لم يتوقع أن تقع أخته الصغرى في أيدي الظلاميين.

أدركت ليان أن جين يقصد منزل السيدة التي استأجر غرفة من عندها قبيل أيام إمتحان الإلتحاق بالمعهد، فقد كانت أحد المدعوين في تلك الحفلة الصغيرة التي أقاموها بعد نجاحهم.

أومأت بالإيجاب و لم تعترض على الأمر، مقاتلان و ساحرة هذا أفضل تشكيل قتالي لإنقاذ الصغيرة .

في الوقت ذاته هذه الكلمات كانت مثل خنجر يمزق قلب سي مار، للمرة الثانية ما يعرف بأقوى ساحر في عالم البشر يفقد إبنته و يجد نفسه عاجزا عن إنقاذ فلذة كبده.

قبل عدة سنوات تعرض سي مار لإصابة بليغة، و انتشر خبر وفاة أقوى ساحر في عالم البشر في كل أرجاء عالم ألتانيا

" إذا كان ولدا فسيحمل إسم والده، و إذا كانت فتاة فليكن اسمها مي..............سي مي إبنة العظيم سي مار"

بعد الحادثة بشهرين أبصرت الصغيرة مي النور لأول مرة، و كانت هذه آخر كلمات والدتها التي توفيت مباشرة بعد إنجابها.

بعد سبعة أشهر من ذلك، عاد الرجل الذي ظنه الجميع ميتا باحثا عن زوجته و المولود الذي لا يعرف حتى إن كان ولدا أم بنتا، ليتفاجأ أن القرية أصبحت خرابا.

في عتمة الليل هاجم لصوص هذه القرية الصغيرة فقتلوا النساء قبل الرجال، و اختطفوا كل طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره، بعد البحث و التدقيق اكتشف سي مار أن أحد معارفه و الذي تولى تربية إبنته اليتيمة تمكن من الفرار، لكنه و للأسف عثر عليه هو الآخر ميتا دون أثر للرضيعة

من كان هؤلاء اللصوص؟، من أين أتوا و أين اختفوا؟، لا أحد تمكن من العثور على الإجابة.

إختطاف إبنته أمام عينيه أعاد لسي مار الكثير و الكثير من الذكريات المؤلمة ، و لم يكن أمامه سوى أن يظرف دمعة على حاله.

دمعة أب عاجز كانت أشد من أي كلام.

سي مار لم يناقش أمر جين في أن يتنحى جانبا، ففي حالته الآن و مع تضرر هيئته التي ستحتاج لأيام للشفاء فسيشكل عائقا عليهم ، استسلم الأب الحزين للأمر الواقع و ترك كل شيء على كاهل إبنه.

"جين أنت أيضا إبني فلا تخاطر "

" لا عليك ،أنا و الضخم هنا ثنائي لا يقهر"

دي وو مع قانون الإزالة خاصته، وجين مع جسده المعدل من سحر الماجي ،أي شخص و مهما بلغت قوته فعليه أن يكتب وصيته قبل أن يفكر في مواجة هذين الإثنين.

"لا تقلق فأنا سأشرف عليهما، سأستخدم تعويذتك و أحدد مكان الصغيرة و تأكد أننا سنعيدها سالمة"

بالطبع تان سو لم تكن لترضى أن تبقى خارج الصورة أمام والد من تحب، فقالت جملتها و هي ترفع صدرها بكل ثقة.

أما التعويذة التي تتحدث عنها فهي في الحقيقة الدائرة السحرية المنقوشة على مكعب الأبعاد.

المعروف عن مكعبات الأبعاد أنها تحتوي على دائرتين، واحدة للتخزين و الإستخراج و تسمى بالمفتاح،و الثانية فهي التي تستخدم لاسترجاع المكعب في حالة ضياعه.

و كما يقول المثل ((السمكة لا تأكل من نفس الطعم مرتين )) ، بعد أن فقد طفلته في الماضي قام سي مار بتعديل هذه الدائرة في مكعب إبنته في وقت سابق لتصبح تعويذة لتحديد المكان.

" جين..............كن حذرا "

و هكذا ودعت ليان جين و عادت رفقة سي مار إلى الليلة البيضاء عاصمة المملكة ،ليختبؤوا بمنزل متواضع في إنتظار استرجاع الساحر العظيم عافيته .

من خلال تتبع التعويذة التي تركها سي مار على إبنته، و مع سحر تان سو، تم قطع المسافات في رمشة عين ليصلوا أخيرا إلى حدود البوابة الشمسية،ما إن اكتشفت تان سو ذلك حتى تغيرت ملامحها

"هذا سيء لا يمكننا الدخول إلى البوابة الشمسية بلا تصريح "

منذ سنوات خسرت مملكة النجمة السماوية مدينة البوابة الشمسية لصالح أعدائها ،المدينة الساحلية تعتبر الآن أرضا تابعة لمملكة الأنهار اللامتناهية، و جنود هذه المملكة لا يستقبلون الضيوف برحابة صدر.

هز دي وو رأسه معلقا

"و هذا ما يجعله أفضل ملجأ لهؤلاء الأوغاد،يعيثون في أرضنا فسادا ثم يأتون هنا "

كلامه أصاب كبد الحقيقة فعلى الأغلب أن مملكة الأنهار تغض الطرف عن الظلاميين قصدا ، لتجعل مملكتهم في حال أسوء و دائمي الإنشغال بحروبهم الأهلية.

جين لم يعلق على كلامهما و استمر في التقدم ، وفقا لآخر مكان أشارت له البوصلة قبل أن تختفي الإشارة هو بالقرب من الجبل، سيحتاج الجنود وقتا لإكتشاف أن هناك غرباء متسللين.

و ما هي إلا أميال بعد أن التفوا خلف الجبل حتى كانوا وجها لوجه لمقاتل بجسد نحيل يرتدي عباءة سوداء.

رفع الظلامي قلنسوة العباءة ليكشف عن وجه طويل و هالات في غاية السواد تحت عينيه و تحدث متثائبا و هو يحسب على أصابعه

" مجرد أطفال، هذا مطمئن قلبي كاد أن يتوقف عندما اكتشفت أن أحدا يستخدم تعويذة التتبع للمعرفة مكان تلك الطفلة، كان هناك احتمال خمسة بالمئة أن الساحر العظيم خلفنا"

الظلامي تنهد بإرتياح في وجوههم، و هو يرمي إليهم بالمكعب الفضائي الذي تم تحويله لتعويذة تتبع.

أمال جين برأسه متجاهلا المقاتل ليفحص المكان، كان هناك أثر لعجلات عربة و أقدام صغيرة ، على ما يبدوا أن هناك أطفالا آخرين قد تم إختطافهم، و عند اكتشافهم للتعويذة أسرعوا بنقلهم، لكن السؤال هو إذا كانوا يملكون الوقت الكافي لنقل المختطفين فما الذي يفعله هذا المقاتل هنا

"أين نقلتم الفتاة ؟"

دخل جين صلب الموضوع بسؤال قصير و مباشر

"غريب،حسبت احتمال تسعة و تسعون بالمئة أنك ستقوم بالتهديد و الوعيد ، ألن تصرخ علي قائلا ((سأقتلك أيها اللعين )) ،(( سأمزق إربا إربا أيها المأفون)) "

" أنا رجل أفعال لا أقوال، و سأحطم تدريبك و أقطع أوصالك بعد أن آخذ البطاقة منك "

ملامح الساحر تغيرت، ليس خوفا من التهديد لكن بسبب ذكره للبطاقة

"لقد قرأت أفكاري، لكن كيف؟.... قواي أيضا لقد اختفت ؟"

كل شيء حدث في لحظة ، دي وو نشط قانونه بعد أن فعل هيئته الحلقة الحمراء لكن مع تعديل خفيف، جين و رفيقاه كانا خارج الحلقة مما سمح له بإلقاء سحر الوهم لإخفاء الهيئة و بعدها مباشرة ألقى سحر التلاعب بالعقل لقراءة أفكاره

و على الرغم من أن السحر الذي ألقاه جين لم يدم سوى لحظات قبل أن يختفي تحت تأثير قانون الإزالة لكن جين كان سريعا و استغل تلك الثواني المعدودات لمعرفة مكان أخته لكن قبل أن يقدم على خطوته الثانية أخرج المقاتل شيئا من كيس جلدي يحمله معه و ألقاه عليهم

*كووااااااا*

صوت بكاء المخلوق الذي يشبه لحد كبير نبات فجل مع وجه بشع تسبب في إجبارهم على غلق أذانهم و التراجع إلى الوراء، الصراخ كان قويا و مؤلما أكثر من اي مهارة هجوم صوتي،و كأن أحدهم غرز إبرة في أذنك

دي وو لم يعد قادرا على الاحتفاظ بهيئته، لتختفي حلقته الحمراء و معها قانون الإزالة.

استغل مقاتل الظلام الفرصة ليركض فارا بجلده، يحتاج المرء لبعض الوقت للتخلص من أثار قانون الإزالة و لذلك كان عليه الركض كأي شخص من العامة.

سرعان ما لحق به جين و في أول خطوة قام بها كان ذلك المخلوق البكاء بشع المظهر مسحوقا تحت قدمه، في الخطوة الثانية استخدم جين سحر الإنتقال ليظهر خلفه تماما

ألقى جين خطوة ثالثة و لم تبقى بينه و بين المقاتل سوى أن يمد ذراعه للإمساك به

*ووووش*

من العدم جاء سهم و إخترق كف جين مانعا إياه من الإمساك بغريمه

"عقوبة التسلل إلى البوابة الشمسية بلا تصريح قد تصل إلى عشرة سنوات سجن، لكن بما أنكم قصر فقد أفكر في العفو عنكم إذا قمتم بالإعتذار "

تحدث حامل القوس بنبرة متكبر، في حين تجاهل صاحب العباءة السوداء الذي استغل الوضع للإبتعاد و بالطبع ما إن تعافى من قانون الإزالة حتى استعاد قواه و اختفى عن أنظارهم.

وقف عشرة رجال في لباس حرس الحدود الرسمي خلف صاحب القوس، نظراتهم كانت تؤكد أن وصولهم لم يكن محض صدفة.

--------------------------------

تأليف: Magicien

2019/01/29 · 1,633 مشاهدة · 1237 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024