بعد هذه الرحلة الجنونية في نهر الزمن، استيقظت هان سول أخيرا و قد استرجعت كامل السيطرة على عقلها.

لكن مشاعرها كانت متضاربة، معرفتها بحقيقة العائلة الرئيسية و تخليهم عن وصية السلف للوصول للملك كان صادما لها، إلا أنه لا يزال أقل وطأة من تأثير ذكريات حياتها السابقة التي عاشتها و أحستها بكل تفاصيلها من حزن و ألم و خيبة.

كانت لا تزال جالسة على نفس الكرسي الهزاز ، رحلتها الطويلة لم تدم أكثر من دقائق في العالم الحقيقي، رغم ذلك عندما نظرت الفتاة لإنعكاس صورتها في المرآة و شعرت بأنها تنظر لشخص آخر.

" ما الأمر أبي، لماذا تتجول ذهابا و إيابا أمام باب غرفتي"

صوت خطوات والدها أعاد إليها تركيزها

" عزيزتي هل استرجعتي صوتك هذا خبر جيد"

" صوتي !...........آه، أجل"

عندما تم استبدال وعيها بوعي سيدة القوس و التي حديثها كله عبارة عن صوت حفيف أشجار، ادعى دو باي أنها حنجرتها قد تأذت و لا تستطيع الكلام.

" إبنتي، في ليلة الأمس عادت والدتك رفقة المقاتلين الذين تم إرسالهم لمساعدة السيدة الأولى ، لقد تعرضت لعدة إصابات لكن لا شيء يهدد حياتها، أما بالنسبة للسيدة الأولى فقد تمكن الظلاميون من أسرها في إحدى مكعباتهم"

نزل الخبر كالصاعقة على الفتاة، و همت بالذهاب لتفقد حال والدتها قبل أن تتفاجأ بسانغ واقف هو الآخر عند الباب، و الذي نظر مباشرة إلى والدها

" هل أخبرتها؟"

" هذا ليس الوقت المناسب لهذا الكلام، دعها تطمئن على والدتها أولا"

نظرت سول إلى الإثنين قبل أن تكتشف ما يحدث.

بفقدان السيدة الأولى فقدت العائلة الملكية دعامتها الرئيسية ، و هم الآن بصدد البحث عن البديل، و لذلك و حرصا أن تبقى هيئة المقاتل المسلح بين أيديهم تم طرح موضوع زواجها من هان سانغ ثانية.

" هل النبيل سانغ لا يزال راغبا في الزواج مني؟"

رفعن سول حاجبها مستغربة و أكملت حديثها قبل أن يجيب

" من المذهل أن أسر والدتك لم يؤثر فيك ، على كل حال لا مشكلة في ذلك .................أنا موافقة "

"ماذا؟"

جوابها ترك الإثنان في صدمة، خصوصا والدها الذي يعرف أن إبنته تفضل الموت على الإقتران بسانغ

" لا داعي للإستغراب ليس و كأننا سنتزوج قريبا، فعلي أن أبلغ الثامنة عشر أولا "

إندماج اليين و اليانغ، هو إندماج الطاقة الطبيعية المتواجدة بجسد المرأة و الرجل ، و هي من أهم تقنيات النمو المتعارف عليها و أكثرها نجاعة، و تساعد بشكل كبير في رفع المستوى و الإختراق لعوالم أعلى.

و كونه طاقة اليين و اليانغ تصبح في أقصى حدودها بعد الربيع الثامن عشر ، أصبح هذا أفضل أوقات الزواج لممارسي فنون الدفاع عن النفس.

" لكن سيد سانغ، هل تعتقد أنك تستطيع تحمل فكرة الزواج من فتاة أقوى منك؟"

فجأة تغير الجو المحيط بها و صدرت هالة ساحقة عن جسدها الضئيل، ببطئ إقتربت من خاطبها مع نظرة ساخرة في عينيها

'إنها على وشك الإختراق لعالم الإنصهار،منذ متى أصبحت بهذه القوة ؟'

كان ذلك الفرق في سرعة نمو مقاتل متعاقد مع هيئته الروحية ومقاتل عادي، بعد التواصل مع هيئتي إنفجرت قوتها الكامنة لتقفز عدة مستويات مرة واحدة.

ارتجف جسد سانغ و بلع ريقه أمام الضغط الهائل الذي يشعر به، في المدة الأخيرة تعرض من عرف بالمصنف الأول إلى عدة صدمات، خسارته أمام جين و عدم تمكنه من إنقاذ والدته ترك ظلاما في قلبه و الذي قد يأثر سلبا حتى على تدريبه، و الآن يتم سحقه من الفتاة التي اعتبرها لعبة بين يديه.

كان حانقا لدرجة أنه لم ينتبه لصوت طحن أسنانه و هو يصر عليها، بينما كانت هي مستمتعة بهذا الصوت و كأنه أجمل موسيقى سمعتها.

في النهاية كسرت الصمت و تحدثت بهدوء و بصوت خافض

" أتعرف ما يحدث للرجل الذي يتزوج إمرأة أقوى منه و لا تحبه.................ستلبسه القبعة الخضراء"

شد سانغ على قبضته و صر على أسنانه أكثر

" سول لا تستفزيني"

"ها ، و كأنه بإمكانك فعل شيء "

سخرت سول ضاحكتا قبل أن تخفض هالتها و تضيف قائلتا

" علي زيارة والدتي، لكن علي أن أعرج على حبيبي أولا ، هذه فرصة جيدة لأعرفها عليه بطريقة رسمية"

"حـ........حـ...........حبيب !!!"

فك والدها كان يلامس الأرض و هو ينطق بهذه الكلمة، بينما سانغ فحاله كان أسوء، و قد مسح رأسه لا شعوريا بعد أن أحس بأنه الزوج المخدوع الذي يرتدي القبعة الخضراء، بالرغم من انه لم يخطبها بعد.

" أجل، أنت تعرفه إنه دو باي تلميذ المشرف شيان"

" ماذا، أتواعدين ذلك النكرة صاحب الهيئة الغير مكتملة "

وجد أخيرا سانغ الفرصة للإنتقام من الإذلال الذي يشعر به، فراح يسخر من إختيارها لشخص عامي بهيئة ناقصة

" في كل مرة تتحدث تزيد خيبة أملي بك، ألا تعرف أن الهيئة الغير مكتملة هي آلية دفاع للطاقة المهولة بأجسادهم ، هيئة ذلك النكرة كما وصفته هي وحش غريفين الأسطوري، فهل تعتقد ان أسلحتك المئة هي ند لها "

ابتسمت سول ساخرة و هي تستمتع بملامح سانغ و قد قطعت المفاجأة لسانه.

هيئة الوحش الأسطوري هي هيئة استحقت إسمها، ستجعل مالكها يتربع على عرش المقاتلين السماويين، حتى هيئة المقاتل المسلح لا يمكن أن تقارن بها.

بعد مدة استفاق والدها من الصدمة ليسأل و هو في حيرة من تغير إبنته المفاجئ، حتى أن والدتها التي عرفت بمراسها الصعب تبدوا ملاكا بالمقارنة بها الآن

" إبنتي، لكن ألم تقولي انك موافقة على الزواج من سانغ؟ "

" حتى المحكوم عليه بالإعدام يتم تحقيق آخر أمانيه، أفلا تستحق تضحيتي أن أستمتع بسنواتي المتبقية مع رجل حقيقي"

بعد كل وابل الإهانات التي أمطرت سانغ منذ ان ولجت قدمه المكان، كان لابد ان ينفجر فيالنهاية فرايح يرغي و يزبد

" تضحية، تسميني الزواج مني بالتضحية، و تتفاخرين بهيئة ذلك النكرة ، فلتعلمي أن الجوهرة في يد الجاهل مجرد حجر، و...................."

قاطعت سول نوبة غضبه

" أنت فعلا ذو طبع نزق، بصراحة لا أستطيع أن أحدد من أكثر قبحا مظهرك أم طباعك، لا عجب أن البعض يشك في كونك إبن السيدة الأولى"

تعمدت سول أن تخرسه بأن تضع يدها على الجرح، و لعبت على أكثر وتر حساس بالنسبة لسانغ، فبإستثناء الشعر الأبيض لا أحد يصدق أن هذا الفتى صاحب الشفاه الغليظة و الملامح القبيحة هو إبن السيدة الأولى التي عرفت بجمالها قبل قوتها.

والحقيقة التي يجهلها الكثيرون أنها ليست مجرد إشاعات بل هي الحقيقة، فسانغ هو إبن الأمير المنفي و الأكثر من هذا هو يحمل جزءا من دم الأوريس في شرايينه.

و هذه إحدى الحقائق التي عرفتها سول أثناء رحلتها في الخط الزمني الأصلي، و ستستمتع كثيرا باللعب على هذا الوتر كلما سنحت لها الفرصة و لتنتقم من محاولة جعلها دمية في أيديهم يلهون بها في كل وقت بحجة مستقبل العائلة.

" كما سبق و قلت، لا زواج قبل سنوات ، إلى ذلك الحين لما لا تركز على تدريبك لتكون أهلا لي، و لا ضرر ان تشاور جدك الملك لمعرفة ما هو أفضل، الزواج بك أو إستمالة النكرة الذي سيصبح مقاتلا سماويا"

خطابها الأخير كان مقنعا لدرجة أن لا أحد قادر على لومها بعد الآن، ماذا سيرودون أكثر من هذا و قد فتحت الأبواب لكل الإحتمالات

سول لم تعد تلك الفتاة الغرة ، تجاربها في الزمن الأصلي جعلتها أكثر حكمة و نضجا و أيضا أكثر خطرا

" أنا سأحضر حبيبي دو باي و أذهب لزيارة والدتي، و الذي على الأغلب أنها تعرضت لكل هذا الضرر من أجل مساعدة فاشل مثلك"

في هذه اللحظة وصل دوباي و الذي إعتاد على زيارتها للإطمئنان عليها

" سول أنت بخير ، سعيد لأنك..............لأنك..............لأنك..............."

تجمد سول في مكانه قبل أن يتذكر ما سمعه عندما وصل قبل حين

" حبيبي دو باي !!!!!!!!! ................... أنا هو دو باي !"

دون تردد أخذت بمرفق الفتى الذي يشير لنفسه و جذبته إليها

" تعال عزيزي، عليك أن تأخذ مباركة أمي قبل أن نتواعد"

"نتواعد................نتواعد.............نتواعد............."

قلب دو باي طار من صدره و حلق في الفضاء بسعادة و كأنه في حلم جميل لا يريد ان يستيقظ منه ، بينما كانت سول بالكاد قادرة على كبت ضحكاتها بعد أن أفرغت و أخيرا كل غلها الذي خبأته طويلا في صدرها

' هان، هذه فقط البداية'

==================

2019/04/21 · 1,424 مشاهدة · 1248 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024