في شمال جزيرة الأسلاف التي سميت هكذا تكريما لأسلاف الأوريس الذين نزلوا بها.

تتربع شجرة عملاقة دائمة الإخضرار،أوراقها تلمع في المساء كالنجوم بالليل لتصنع منظرا بديعا يخطف الأنفاس.

هذه الشجرة هي الأشهر في عالم آلتانيا و تعرف بإسم السنديان المقدسة، و لها مكانة خاصة في قلوب شعب الأوريس.

فرغم أن أصولهم تعود لعالم موازي يعرف بإسم الأرض، و يظهر ذلك جليا في معتقاداتهم و ثقافاتهم إلا أنهم يقدسون هذه الشجرة و يؤمنون أن أرواح الموتى تسكن إليها قبل المضي إلى الوجهة الأخيرة.

يحيط بالشجرة المقدسة غابة شاسعة كافية ليتوه فيها أي شخص لأسابيع قبل ان يجد مخرجا

الطريق المباشر نحو السنديان، يتم عبر قرية صغيرة مسالمة تعرف باسم قرية الغصن، و لا داعي للتفكير مطولا حتى تكتشف من أين جاؤوا بهذا الإسم.

"ما الذي تفعله، لماذا تختبأ هناك ؟"

فتاة في العاشرة من عمرها كل من شعرها و عيونها الواسعة بنية اللون، كانت تحدق في الركن الظليل بحانب منزلها، المارة سيظنون قطعا أنها تلعب فلا أحد موجود هناك غيرها

"كيف تستطيع الإختباء في الظلال، هل أنت نينجا؟، ماذا تجيد أيضا هل تستطيع المشيء على الماء؟، و القفز فوق الأشجار،ما هو سلاحك أهو الشوركين؟،هل تتقن مهارة الإستنساخ؟"

بعد وابل الأسئلة ضمت الفتاة يديها حيث السبابة و الوسطى للأعلى و راحت تردد بلا توقف

"نين.....نين.....نين، مهارة الظل.... نين.....نين.....نين "

"توقفي"

دوى صوت الصراخ قبل أن تظهر من الظلال يدين إرتكزتا على الأرض و رفعت باقي الجسم و كأنه يسحب نفسه من حفرة

*بام*

مباشرة ضربت الفتاة على الأرض بقدمها في المكان الذي خرج منه تبحث عن الحفرة، و نظرت إلى الشاب بعيون تلمع

"أين اختفت الحفرة؟، النينجا مذهلون كيف فعلتها؟"

رمشت الفتاة بعيونها مرتين قبل أن تضيف سؤالا آخر

"أنت تشبه أمي كثيرا، هل أنت من أقاربنا؟"

مرر الفتى يده في شعره الأبيض الثلجي ليرفعه إلى الأعلى ثم خفض رأسه محدقا بالفتاة الفضولية

"حتى عيون الساحر العظيم لم ترصدني، فكيف تمكنت من رؤيتي و أنا في الظلال؟"

ابتسمت الصغيرة و أطلقت العنان لقوتها، رفرف شعرها البني و تجمعت المانا حولها ليعطي بريقها اللازوردي إحساسا بالسمو و الرفعة و كأنه في حضرة أميرة صغيرة من قصص الخيال، و لتكتمل الصورة ارتفعت هيئتها السحرية التي لا يمكن وصفها إلى بالظرافة

فهيئتها هي الأخرى فتاة صغيرة في لباس الكهنوت لا يناسب قياسها و ترتدي قبعة مدببة تخفي عينيها، و في يدها عصا سحرية بطول جسمها تقريبا.

الكاهنة المشاغبة، تماما كإسمها هيئة روحية مفعمة بالحياة، صغيرة ظريفة و مشاغبة، كل من راها سيتساءل من الأظرف هي أم مالكتها.

لكن الجاهل فقط من سينخدع بالمظهر اللطيف للصغيرة ذات الوجه البريء، فبينما أقرانها لم يشكلوا نجمة المانا الثالثة بعد و التي تخولهم مستقبلا أن يسبحوا سحرة مبتدئين، هذه العبقرية هي في رتبة ساحر متوسط.

"تسأل كيف يمكن أن أراك، هذا لأنني أنا ، الساحرة الأعظم في العالم و الماجي المستقبلية سي مي"

إبهام الطفلة كان يشير بكل فخر إلى صدرها.

الفتى الذي نسى أن هذه المغرورة الصغيرة هي شقيقته، شعر بمودة غريبة إتجاهها، حتى أنه ربت لا إراديا على رأسها

"ألم يخبرك والديك أن تحذري من الغرباء، حتى أنك أظهرتي هيئتك أمامي، ماذا لو كنت شخصا سيئا ؟"

من أجل إخافتها ضغط على رأسها بشدة رغم ذلك تحملت الصغيرة الأمر و أجابت مشيرة لهيئتها الروحية

"أعرف أنك لا تضمر لنا السوء، كما أن يومي أرادت أن تظهر أمامك"

الكاهنة المشاكسة أومأت برأسها مع قبعتها الطويلة المدببة و كأنها تحييه، أما جين فلم يجد غير أن يرفع حاجبه في استغراب، هذه الفتاة لا تملك هيئة ذات وعي و حسب بل يمكنها أيضا الإحساس بنوايا الآخرين.

بعدها وجد نفسه يبتسم لفكرة أن كلاهما منحا لهيئتهم الروحية إسما مغايرا

"يومي!!، اسم لطيف،و أنت يا صغيرة ساحرة مميزة"

"بالطبع فأنا سي مي، إبنة أبي ......"

"ما الأمر؟"

سأل جين و هو يرى نظراتها الحزينة

"أبي، لقد مرت شهور و لم يعد بعد"

هو على علم بإختفاء سي مار ، ما يريده فعلا هو معرفة أين و لماذا اختفى، و بما أن التسلل و المراقبة لم تنفع، فعليه استدراج الطفلة في الحديث، كما يقال خذوا الأسرار من أفواه الأطفال.

لكن و قبل أن ينبت ببنة شفا، جاء صوت دافئ ليقاطعهم

"مي، ماذا تفعلين في الخارج، مع من تتحدثين؟"

سيدة تعطي للنبل و الجمال بعدا آخر، عيونها التي فقدت نورها كانت مغمضة و أيديها كانت تتحسس الهواء بحثا عن إبنتها

*آي*

تأوهت لحظة تعثرها بحجر

"أمي، لا تمشي هكذا بتهور، قد تصابين"

كلمة أمي لم تخرج من فم إبنتها، بل من فم الشاب الغريب الذي كان هو نفسه مذهولا بردة فعله، لم يدرك حتى كيف أو لماذا هرع ليمسك بيدها و في اللحظة التي لمس يديها اختلجته مشاعر فياضة تسببت في نزول دمعة على وجنته.

" بني.......هذا أنت يا بني،هل عدت لوالدتك؟"

تحت وقع المفاجأة، أحس بيد دافئة و قد جذبته بقوة و هي تتلمس وجهه.

2020/01/22 · 700 مشاهدة · 752 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024