--------------------------------------
كان يفترض بالاختبار أن يتم الأسبوع الماضي، لكن و بدون مبررات تم تأجيله إلى هذا اليوم ، الكثير من سكان المقاطعات البعيدة لم يكن أمامهم سوى الإنتظار في العاصمة لأسبوع كامل متحملين غلاء المعيشة ،ففي مناسبة كهذه من الطبيعي أن ترتفع الأسعار عن المعتاد ، لكن هذا لم يكن كل شيء مبلغ الإشتراك هذه السنة وصل إلى الضعف،دون ذكر الثمن الذي دفعوه مقابل عشبة الناسك.
معظمهم قد صرفوا ما يفوق ألف فضية و بعضهم قام بالإستدانة حتى، و أخيرا تم ختم الوثائق بدائرة سحرية بسيطة.
فهم جين الوضع تماما ،كما يقال العالم يدور حول المال، و يستحيل أن تكون هذه صدفة إنها خطة مدروسة من قبل المسؤولين على ميزانية المسابقة لخفض التكاليف، إنهم يخدعون الفقراء و يتاجرون بأمال الشباب من أجل أهدافهم المالية
تنهد جين عابسا، فهذا تحيز واضح ضد الفقراء
" هل وصل بهم الجشع لدرجة التقليل عمدا من عدد المشاركين، ليقتصوا من ميزانية المعهد، حتى أنهم جعلوهم يدفعون كل فلس يملكونه ، و ما قصة ثلاثمائة فضية مقابل كسر ختم سحري ابتدائي، حتى أنا الذي لا يفعل شيئا بالمجان لا يمكنني أن أطلب أكثر من عشر قطع فضية مقابل ختم سخيف كهذا"
جين كان يعبر عن رأيه وحسب، لكن دو باي أخذ كلامه على محمل الجد، ليصيح بالجمع
" أيها الشباب أبشروا صديقي هنا يقول أنه سيكسر الختم مقابل عشر قطع فضية"
في لحظة تغيرت الوجوه الكئيبة إلى وجوه متحمسة، ليلتف الحشد حولهم
' إنهم حوالي المائتي شخص، ألفي فضية ليست مبلغا سيئا ' فكر جين قبل أن يعطي أوامره
" دو ،علي الإنتهاء منهم في ساعتين على الأكثر، لذلك اجعلهم يقفون صفا و ليحضروا أموالهم، أنت في الأمام أحضر لي كرسي و طاولة"
أومأ الفتى بالإيجاب و انطلق مسرعا ، لإحضار ما طلبه المهم الآن أن لا يغير جين رأيه و يستمر بفك أختام الدوائر السحرية.
بعد ساعة كان قد انتهى من كسر مئة ختم تقريبا ،لكن فجأة أحدهم صرخ موقفا العملية
" إنه الفتى ذو الشعر الأبيض، إنه اللص الذي سرق حقيبتي"
مشت الفتاة ذات الشعر الأزرق بخطوات ثابتة اتجاهه و خلفها رجل بعباءة بيضاء و الذي أشار للجمع بفتح الطريق أمامها ، نظرات الجميع أصبحت مركزة عليها متسائلين من تكون هذه الفتاة الجميلة، عندما اقتربت و تمكن دو باي من تفحصها جيدا انقلب على جين معاتبا
" جين كيف تفعل شيئا كهذا، كيف يعقل أن ترتكب جريمة كهذه، مستحيل أنا لا أصدق أنك ......... تتقرب من فتاة جميلة مثلها دون إشراكي، أين هي الأخوة أين صداقتنا، خائن أنت خائن....... تكلم قل شيئا ألديها أخت، هل هي بجمالها، أخت كبرى، كم تكبرها ؟ سنة ، سنتين....... "
"دو ، اخرص حالا"
صرخ جين بدو باي، وراح يحدق بالفتاة و من معها ،بالرغم من القوة البادية على الحارس ذو العباءة البيضاء إلا أن جين لم يلقي له بالا حتى أته لم يعدل من جلسته
"لا تحاول الكذب أو التهرب فلا فائدة من الإنكار، أين هي حقيبتي؟"
" و لما سأنكر، أنا أخذت الحقيبة "
الدهشة غطت وجوه الجميع للتو اعترف بجريمة سرقة أمام أحد حراس المعهد، لكن يبدوا أن جين لم ينهي كلامه
" مكعبك الفضائي تحطم جزئيا و تطايرت الأدوات من الدائرة التي بيدك ، ألم أساعدك بايقاف ختم المفتاح و منع تدمر المكعب بالكامل "
" أجل"
" أنت أعطيتني الحقيبة، و أنا اعتبرتها ثمن مساعدتي لك"
" كيف تكون حقيبة أعشابي الثمينة ،مقابل إصلاح دائرة سحرية كمفتاح المكعب، حتى السحرة لا يتقاضون أكثر من مئة فضية "
" ألا تعيشين في هذا العالم ،اليوم تم رفع الأسعار حتى مقابل ختم ابتدائي السحرة يتقاضون ثلاثمائة فضية، يمكني التحقق بنفسك ،السحرة لا يفعلون شيئا بالمجان"
في هذه اللحظة قاطعه الحارس و على وجهه نظرة ازدراء
" لكن لست مسجلا كساحر، أعني أنت لست طالبا حتى ، أخذت أعشابها و تتقاضى المال من المترشحين، القيام بهذا دون تصريح جريمة خطيرة"
ابتسم جين و قد لاحظ أنه الحارس لسبب ما ينظر إليها بحقد ، و يحاول النيل منه.
السبب في ذلك و قبل أن يتلقى الشكوى من الآنسة ذات الشعر الأزرق ، كان يخطط لكسر ختم الوثيقة مقابل مائتي فضية ، حتى أنه نشر الخبر بين المترشحين و جلس ينتظر قدومهم، بالرغم من أن الكثير من المترشحين لن يتحملوا هذه التكلفة ، لكن هناك دائما من سيرضخ و يدفع.
غير هذا فقد كان واحدا من الذين خططوا لاستبعاد العامة من المسابقة و كان هذا سيعود عليه بمكافئة كبيرة،و بالطبع لم يكن سعيدا بما فعله جين، و ضياع فرصة مكسب سهل، الآن وجد فرصته للتنفيس عن غضبه.
حتى أمام تهم الحارس ، جين لم تتغير ملامحه و بقي هادئا مكتفيا أن يلتفت إلى دو باي و يقول
" دو ،يبدوا أن صوتي لم يصل إليه ، أنت تمتلك صوتا قويا لما لا تشرح له"
هز دو رأسه و راح يتنحنح مستعدا للشرح
" الآنسة الجميلة هنا ، هي من عرضت الحقيبة على صديقي هو لم يسرقها، أما أصدقائنا هنا فما يقدموه لنا هو إ....ك...را.......م.......ي.........ة ، إكرامية ، لم نقم بفرضها عليهم و من لا يملك المال سنساعده مجانا"
"ماذا إكرامية...؟" تساءل الحارس مستغربا، لتتقدم احدى الفتيات من الصف
" أجل إكرامية ، كسر كل هذه الأختام سيرهقه ، و لا تنسى أن غدا يوم الإمتحان ، لذلك سيحتاج للراحة و حبوب الطاقة لاسترجاع قوته، ما نمنحه إياه هو تعويض بسيط لمجهوداته "
الحارس المنزعج صر على أسنانه و لم يقل شيئا ، فهم أن جين كان يعرف بشأن اللوائح التي تمنع السحرة العمل بلا تصريح ، فاتفق معهم على قصة الإكرامية هذه .
رفع جين يده و أشار للحارس و الفتاة بالإبتعاد
" أنتما ما نفعله هنا ليس من شأنكم، ألا تجدون أنه من الوقاحة تعطيل مصالح الناس الواقفين هنا منذ ساعات"
صرخت الفتاة غاضبة
" ألا تعرف مع من تتحدث، كيف تجرؤ؟"
"شعر أزرق و نبرة متعالية، هان الفرع، ها أنا عرفت من تكونين هل أنت سعيدة فلتبتعدي من هنا "
تدخل الحارس متظاهرا بأنه غاضب لأجل الفتاة
" لا زلت وقحا حتى بعد أن عرفت من تكون، إعتذر ، لن أذهب من هنا قبل أن أسمع كلمة آسف"
الحارس الآن تخلى عن المنطق و عن اللوائح، معاقبة شخص أساء لعائلة هان هو مرسوم غير مكتوب و يأتي فوق أي مرسوم الحارس الضخم ، أطلق دون تردد طاقته من عالم الروح مفرقا بذلك كل الجموع
"بالطبع أنا متأسف" نهض جين من على كرسيه و تقدم باتجاه الفتاة
ارتسمت ملامح الحزن على الحضور، فموقف جين الصامد و الهادئ ، قد تبدل بعد رؤية هالة الحارس داخل قلوبهم تمنوا لو أنه صمد أكثر، لكن ماذا يمكن لطفل أن يفعل ضد السلطة الغاشمة
الابتسامة الساخرة ارتسمت على محيا الحارس، عيونه كانت تحوم حول الجمع قائلة أنظروا إليه و هو يعتذر طالبا الغفران
جين اقترب أكثر من الفتاة هان سول و تحدث بصوت منخفض، لكنه قوي و عميق و كأنه يخاطب روحها
" فتاة من العائلة الفرعية، مما يعني أنك مجرد دمية خيوطها في يد العائلة الحاكمة، كيف يعقل أن لا أشعر بالأسف على شخص مثلك"
****** الحقيقة توجع******
في هذه اللحظة الفتاة عرفت أن الحقيقة هي الأكثر إيلاما، صدى كلامه كان يتردد في أذنها مع تأثير سحري
شعرت و كأن شخص انتزع قلبها من صدرها و سحقه، ذكريات عن زيارتها للعائلة الحاكمة، الحزن و الخوف في عيون والدها بينما الحاكم يبتسم بعيون مخيفة ظهرت أمامها.
الحقيقة التي يتجنب والداها ذكرها أمامها ، الحقيقة التي هي نفسها تتجنبها ،كل تلك المخاوف من المستقبل،و المكبوتة بداخلها ظهرت على السطح مرة واحدة.
جملة واحدة قلبت بالفعل كيانها، و ردت فعلها كان نوبة هلع مفاجئة جعلت أنفاسها غير منتظمة و اختفى معها حتى صوتها
' أنا غير قادرة على التنفس، ساعدوني أرجوكم '
--------------------------------------