عيونها صرخت طالبتا المساعدة، لكن لم تقابلها سوى عيون قرمزية باردة و مخيفة، بعد ثانية تلك العيون الباردة أصبحت دافئة و وجهه المخيف أصبح لطيفا ، و أحست بيدين قويتين و دافئتين تضغط على يدها الصغيرة

" كل شيء سيكون على مايرام، كافحي و مزقي الخيوط التي تقيدك"

* زفير*

الأنفاس المكتومة بصدرها خرجت أخيرا و اختفت الزرقة عن وجهها ، بعد أن عاد تنفسها لطبيعته تنبهت أن الفتى الذي يفترض أن يعتذر لها يمسك بيدها، و عيون الجميع تكاد تخرج من مقلتها دهشة للتغير السريع في الأحداث

وجهها الذي كان أزرقا منذ لحظات أصبح أحمرا ،لتسحب يدها صارخة

" كيف تجرؤ أن تمسك بيدي و للمرة الثانية "

" المرة الثانية، أول مرة التقينا كنت وسط الطريق مغمورة بالحقائب التي تطايرت من مفتاح المكعب، و أنت تصرخين طلبا للمساعدة، فكيف يفترض بي غلق دائرة المفتاح دون الإمساك بيدك"

" أنت لم تمسك بيدي و حسب، أنت أخذت حقيبة الأعشاب خاصتي "

" عندما يقوم شخص بمساعدة شخص آخر فإنه إما يقوم بشكره أو مكافأته، أنا لم أسمع كلمة شكر ، كل ما سمعته هو نبرتك المتعالية.......أنت قلت خذ الحقيبة........ و أنا اعتبرتها مكافئتي، لو علمت أن مساعدة شخص قام بخطأ فادح كحجز....."

" أنا آسفة"

صرخت الفتاة بأعلى صوتها لتقاطعه، فوق كل الإحراج الذي تعرضت له اليوم آخر ما تريده هو أن يسمع الناس بقصة سجنها لكائن حي داخل المكعب الفضائي، فلا يوجد أحد غبي كفاية ليرتكب خطأ كهذا

"أنا آسفة كل ما حدث كان سوء تقديري للوضع ، دعنا ننسى الموضوع، أيها الحارس أنا أسحب دعواي"

غادرت الجميلة المكان تاركتا الجميع في حيرة ،التفت جين إلى الحارس الذي كان يشعر بالإحراج أكثر من الفتاة ،فالوضع الذي هو أشبه بشجار العشاق جعله يخسر ماء وجهه بالطبع جين لم يكن ليشفق عليه.

"أنت سمعت الإعتذار الذي أردته، فتوقف عن إضاعة وقتي و ........"

أشار له بيده أن ينقلع ، و عاد إلى مقعده يستأنف عمله، الحارس و صل غضبه إلا أن خرج الدخان من أذنيه فالشيطان أبيض الشعر لم يفسد فرصته للحصول على بعض المال فقط بل قام بإهانته أمام الجميع.

و رغم كل هذا فهو غير قادر على لمسه بعد أن سرق اعتذارا من صاحبة الشكوى، لم يكن أمامه سوى الانسحاب في صمت، لكن عيونه كانت تؤكد أن لقصة اليوم بقية.

انتهى جين من كسر أختام كل اللفافات ، كان يشعر بالإرهاق و التعب، تذكر غرفته البسيطة التي استأجرها فشعر ببعض الندم

' ربما كان عليه اختيار غرفة أكثر راحة '

"أنت مذهل، أنت بالفعل بطلي، أنا لم أرى مثيلا لك"

دو باي الذي كان صامتا انفجر بوابل من المديح و عيونه تلمع بشدة

" لا تبالغ ، إنها مجرد دائرة سحرية أولية، أنا متأكد أن أي طالب سحر بالمعهد كان قادرا على إنهاء الأمر في نصف الوقت حتى"

عيون دو اتسعت أكثر و هو يهز رأسه نافيا

" أنا أتحدث عن الجميلة هان، أمسكت بيدها مرتين أمام كل الناس و جعلتها تعتذر فوق هذا. دون ذكر شجاركما إنه مئة بالمئة شجار أحبة، أيها اللعوب محطم قلوب العذارى"

رفع دو إبهامه محييا، " معلمي العظيم علمني بعضا من حركاتك" ( انت معلم و حنا منك نتعلم)

" كف عن سخافاتك و دعنا نرتح قليلا فغدا سيكون يوما طويلا"

بينما كان الشابان يغادران، كان هناك شخصان يراقبانهما من بعيد ،أحدهما هو الحارس الضخم بالرداء الأبيض و الثاني شخص قصير القامة غطى ملامحه بعباءة سوداء

" ذلك الوغد قد كسب ألفين فضية على الأقل ، إحرس على أخذها منه قبل أن تنهيه"

ابتسم صاحب العباءة السوداء كاشفا عن أسنانه الصفراء و راح يلعق شفتيه.

---------------------

ليلة قبل يوم الامتحان

كل متسابق حصل على وثيقة و علبة صغيرة بداخلها شارة سداسية الشكل صفراء أو ذهبية

كل وثيقة تحدد مكان و زمان و مهمة صاحبها ، و هناك ما يزيد عن عشرين مهمة مختلفة من صيدأنواع مختلفة من الوحوش إلى تجميع الشارات و غير ذلك

المترشحين تم تقسيمهم على خمس أماكن في أربع أوقات مختلفة.

في الغرفة المستأجرة ، دو باي فتح الوثيقة و قرأها بصوت مسموع

" الواحدة زوالا المنطقة الثالثة ، المهمة الوصول إلى البوابة مع الإحتفاظ الشارة بلونها الذهبي"

لف دو باي الوثيقة و فتح الوثيقة الثانية

" التاسعة صباحا، المنطقة الأولى، الوصول إلى البوابة مع شارتين باللون الأصفر، إذا هذا هو دور الشارات، و يبدوا أن المتسابقين بإمكانهم تبادل الوثائق فيما بينهم، لحسن حظي أنني حصلت على المهمة الأسهل، في حين عليك القتال للحصول على شارة الثانية و القتال للحفاظ عليها"

حدق دو باي بجين، منتظرا أن يطلب منه تبادل المهام، راح يتخيله و هو يترجاه و يتوسله ليساعده، ليأخذ هو دور البطل الشهم و ينقذ رفيقه،و كالعادة سرح دو باي بخياله و ارتسمت على وجهه تعابير سخيفة

" دو باي ، الشارة الذهبية تبهت بمجرد أن تخرجها من العلبة ،لما لا تحاول أن تعيد لونها الذهبي لها، سيكون هذا تدريبا جيدا للغد"

مشى دو باي متبخترا و أخرج الشارة من علبتها و هو كله ثقة بنجاحه، لكن كل تلك الثقة تبخرت بعد دقائق مهما حاول أن يركز قواه بداخل الشارة فهي بالكاد تلمع لثانية قبل أن تفقد لونها مرة أخرى

" ما الذي يحدث لماذا أنا عاجز عن جعلها تتحول إلى الذهبي؟"

على وثيقة المهمة ذكر أنه في حالة فقدان الشارة للونها الذهبي لمدة تزيد عن العشر دقائق، فستصبح بيضاء اللون و مالكها يخسر تلقائيا، اكتشف دو أنه في ورطة

" عزيزي دو باي، الامتحان بدأ بالفعل و الخطوة الأولى هي البحث عن المهمة المناسبة لقدراتك، مع سيطرتك السيئة لطاقتك، فهذه أسوء مهمة يمكن أن تحصل عليها، بالمناسبة الوصول بشارتين ليست وثيقتي قد سبق و بادلتها مع فتاة بارعة في استخدام القوس، مهمتي كانت صيد عشرة طيور زرقاء الريش"

أخذ جين الشارة من يده و في ثانية كانت تلمع بضوء ذهبي

" عندما لاحظت أنك لم تنتبه للأمر، بادلت وثيقتي بأخرى تحوي مهمة تناسبك، دو باي لا أمانع أن أساعدك لكن عليك أن تستخدم عقلك أكثر ،تذكر أساس النجاح في عالمنا ليس الموهبة و القوة فحسب الحظ و الذكاء عاملان أساسيان"

دو باي شعر لأول مرة بالنقص، فكيف يعقل أنه لم ينتبه للفخ، حتى أنه لم يتأكد إن كان قادرا على جعل شارته تلمع أم لا، اليوم تعلم درسا جديدا درسا لن ينساه طيلة حياته

" قلت أن الحظ أساس النجاح و أنا أكثر الناس حظا ، فمنذ لقائي بك تغيرت حياتي، تأكد أنني سأحسن من نفسي لأكون جديرا بالبقاء لجانبك"

أشاح جين بنظره و راح يتحدث بخجل مصطنع، و هو يقلد صوت فتاة

" او.. دو باي ، إعترافك هذا فاجأني كلامك المعسول حرك مشاعري، لكني رجل مثلك لذلك لا أستطيع أن أقبل اعترافك،....... أسف أووووبا"

تجمد دو باي في مكانه و هو يتذكر كلامه الذي يشبه الإعتراف ، ليدأ بالصراخ

" أنا أسحب كلامي ، لا يمكن أن يكون أول إعتراف لي لرجل، افعل شيئا إحذفه من رأسي أنت ساحر اصنع لي جرعة للنسيان، أتلوا تعويذة ، أرسم دائرة سحرية ، إفعل شيئا"

من الغرفة المجاورة قاطعه أحدهم غاضبا

" توقف عن الصراخ، امتحاني في السادسة صباحا"

صراخ جارهم عن موعد امتحانه جعل دو باي ينتبه لأمر أوقات الإمتحان المختلفة، فراح يتحقق من أمر خطر بباله

" جين بحكم أنك كسرت كل الأختام فقد قرأت كل أنواع الوثائق، هل يمكن أنك لم تنبهني مسبقا، كي تضمن حصولك على مهمتي التي موعدها بعد الغداء "

' اللعنة طلبت منه أن يستخدم عقله لكن لم أتوقع أن ينفذ كلامي بهذه السرعة'

وجه جين أصبح شاحبا لكنه تصنع الإبتسامة قائلا

" لا علاقة بطبق لحم الغزال المتبل التي ستقدمه صاحبة المنزل غدا ، أعني لا علاقة لذلك بالأمر"

صر دو باي على أسنانه و بدأ في الصراخ ثانية

" أيها الوغد، تقول هذا، و قد أغرقت الأرضية بلعابك"

*طاخ طاخ طاخ* زميلهم في الغرفة المجاورة كان يضرب الجدار بقوة و هو يصيح

" أنت أيها اللعين ، توقف عن الصراخ ، أرجوكم افهموا مأساتي ، إمتحاني سيكون فجرا و علي صيد البزاق العملاق كريه الرائحة أتعرفون كم هو مقزز الأمر ، أرجوكم على الأقل دعوني أحضى ببعض النوم"

نظر جين و دو لبعضهما و قد أدركا أن شجارهما بلا معنى ، من رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته

"جين تصبح على خير"

" و أنت كذلك، بعيدا عن ما كنا نتحدث عنه، أنت أكثر شخص تعرف أن نصائحي لا تقدر بثمن تذكر من لا يطرح السؤال،

لن يعرف الجواب"

=================================

تأليف: magicien

الفصل القادم: الإمتحان (2)

" أنا دو باي و قررت أن أكون مميزا، سأكون الشخص الذي شارك وحده في دفعته، لا أحد منكم سيعبر من هنا ، اتركوا شاراتكم و انقلعوا"

2018/03/25 · 2,173 مشاهدة · 1344 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024