في منزل صغير من طابقين لا يبعد كثيرا عن المعهد، كانت سيدة المنزل و هي إمرأة في الخمسينات بعيون ناعسة و مغمضة قليلا، كانت تحضر عشاءا خاصا و هي في غاية السعادة ،فإثنان من المستأجرين لديها نجحا في الامتحان الأول، و هذا يعني أنها فازت بالرهان .

كل سنة يقوم سكان مدينة الليلة البيضاء بتأجير غرفهم للمتسابقين، و أيضا يقومون بالرهان عليهم، في بادئ الأمر كانت السيدة مترددة في المشاركة بالرهان، لكن أبيض الشعر الذي كان يبدوا ضعيفا مقارنة بأقرانه أقنعها بالرهان عليه و على صديقه، و بما أن الشاب يقدس طبخها و يجهز على كل ما تضعه أمامه فهي نفذت طلبه، فوفقا لقاعدتها الخاصة

((الشباب الذين يأكلون جيدا، و يمتلكون اللباقة لقول كلمة شكرا، هم أشخاص جديرون بالثقة))

* طق طق *

أحدهم طرق الباب، لتجيبه السيدة من الداخل

" الباب مفتوح تستطيع الدخول"

" عفوا سيدتي ،هل السيد تاي جين يقيم هنا"

فتاة جميلة بشعر أسود طويل، سألت صاحبة المنزل بكل أدب، التي ردت بابتسامة

" فتاة أخرى ،هذا جين ليس بالشخص الهين بإمكانك الانتظار مع باقي الفتيات، العشاء سيجهز بعد قليل"

" باقي الفتيات......؟ "

استغربت الفتاة الأمر و التفتت حيث أشارت السيدة، لتجد فتاتين جالستين على مائدة الطعام، إحداهما كانت فتاة جميلة بشعر أزرق و أخرى كانت ترتدي سروالا و معطفا بقلنسوة تغطي وجهها

"عفوا سيدتي، لكني مشغولة هل يمكن ... .......... ...."

* اشششش*

الفتاة ذات الشعر الأزرق قفزت من مكانها و أشارت على صاحبة الشعر الأسود بالسكوت، لكن يبدوا أن الأوان قد فات فسيدة المنزل قد بدأت بالحديث بنبرة مخيفة، لكن الأكثر إخافة من نبرتها هما عيناها اللتان كانتا مغمضتان سابقا

سيدة المنزل فتحت عيناها اللتان كانتا بلون أزرق فاتح و يشعان بتهديد تقشعر له الأبدان

"هل قمت للتو برفض دعوتي على العشاء، اسمعي أيتها النحيلة لا أحد يجرؤ على رفض طعامي، قلت اجلسي هناك"

ارتعد فرائص الفتاة و تحرك جسدها لا إراديا حيث أمرت السيدة لتستقبلها هان سول بتنهيدة ،مغزاها أنها قبل لحظات تعرضت للموقف ذاته، بينما أطلقت ليان ضحكة مكتومة

الفتاة بالشعر الأسود لم تكن سوى لي تشوي، الساحرة المبتدأة التي استدعت جين من المستقبل.

" عفوا ، سيدتي عفوا هل........................"

سيدة شقراء في العشرينات من عمرها ترتدي نظارات، وجدت الباب مفتوح فدخلت هي الأخرى و قبل أن تكمل كلامها استقبلتها سيدة المنزل بابتسامة عريضة و هي تتفحصها من الأسفل إلى الأعلى

" جين يا لك من شقي ماكر، رابعة.............حتى أنها أكبر سنا، آه من الجميل أن يكون المرء شابا"

نبرة السيدة و تلميحاتها كانتا واضحتين للغاية، مما تسبب في إحراج الفتيات، لكن السيدة الشقراء كانت أكثرهم حرجا فيكفيها موقفها المحرج مع جين صباح هذا اليوم عندما ظنت خطأ أنه يغازلها، لتنفجر قائلة

" أنا...........أنا مشرفة بالمعهد،و أنا هنا بصفة رسمية"

" بالتأكيد، أنت كذلك........... إنتظري مع البقية ، العشاء سيكون جاهزا"

هزت السيدة رأسها و قامت بغمزها، مما زاد من إحراجها، لكنها في النهاية تنهدت و عدلت نظارتها متجاهلة تلميحاتها

" لا داعي للعشاء سأعـود في......................."

* اشششش*

* اشششش*

كل من هان سول و لي تشوي أشارا عليها بالسكوت، لتحدق بهما مستغربتا قبل أن تجتاحها موجة باردة اقشعر لها بدنها

" كيف تجرئين على رفض دعوتي لتناول طعامي؟"

" بالطبع لا أحد يجرؤ ، فقط الأحمق يفوت فرصة تناول عشاء من يدي أجمل و أفضل طباخة في المملكة"

في هذه اللحظة دخل جين رقفة دو باي إلى المنزل، مبادرا بالكلام و هو يحدق بالفتيات اللواتي ملأن المنزل بينما عانقت سيدة المنزل جين، بسعادة و هي تضحك

" أيها اللبق صاحب الكلام المعسول لا عجب أن كل تلك الفتيات هنا، و أنت أيها الأسمر الأحمق لما لا تتعلم من صديقك شيء أو إثنين، بهذه الطريقة لن تحصل على صديقة طيلة حياتك "

كلامها أغضب دو باي الذي أشار إلى جين بإصبعه منزعجا و هو يحدق بصاحبة الشعر الأسود

" هذه فتاة جديدة لم أرها من قبل ، هذا الوغد كل مرة يغيب فيها عن ناظري تظهر فتاة جديدة، و هو يرفض مساعدتي في الحصول على صديقة، في حين يواعد أربعة "

صرخت الفتيات في نفس الوقت

" الأمر ليس كذلك ، ......................."

*طاخ*

بينما صفعت المشرفة رأس دو باي، لتصيح به

" أربعة ، هل قمت بحسابي معهن أيها الصعلوك، أنا مشرفة بالمعهد كيف تجرؤ ؟"

" لقد كنت أتحدث عن فتاة أخرى ، فتاة بشعر أسود القصير شاركت معه الإختبار، و ليس عنك سيدتي"

دو باي كان يقصد القاتلة التي كانت متنكرة على شكل فتاة، فجين لم يخبره شيئا عن المسألة

" لا بأس في هذه الحالة، فلا علاقة لي بصديقاته هناك"

قالت المشرفة جملتها، لكن نظرات الفتاتين سول و تشوي في الزاوية و التي كانتا تحدقان بها في غضب جعلتها تتوقف عن الكلام و تشيح بنظرها بعيدا عنهما ، بينما كانت ليان لا تزال تحاول كتم ضحكاتها على هذا الموقف.

أمام هذا الوضع لم يكن أمام جين غير أن يتنهد قبل أن يشرح الوضع للجميع مزيلا سوء الفهم

" هناك أعمال عالقة بيني و بين الآنسات هنا ، فلا تفهموا الأمر بشكل خاطئ، لكن أولا علينا الإحتفال بنجاحنا "

حدق جين بالفتيات، و أضاف قائلا

" ما مشكلتكن، إنه وقت الإحتفال لما لا تقمن بمساعدة السيدة ،هيا بسرعة حضرن المائدة، أنا و دو سنحضر المشروبات"

ارتسمت ابتسامة عريضة على وجه سيدة المنزل و راحت تقول

" هذا شعور جميل، أشعر كأني أم جاء إبنها لزيارتها رفقة زوجاته ....................."

" كفي عن هذا الكلام..............."

صرخت الفتاتين بسيدة المنزل، بينما ليان لم تستطع أن تكتم ضحكاتها أكثر من ذلك

" ها ها ها، هذا مضحك جدا، في حياتي لم أضحك هكذا...............؟"

--------------------------------------

احتفال صغير في منزل دافئ ، لا شيء فيها غريب أو خارج عن المألوف لحظة جميلة يفترض أن تصبح قطرة من الماضي لتصب في نهر الزمن المتدفق اللامتناهي، لكنها لم تكن أي لحظة عابرة و لا قطرة عادية

للمرة الثالثة في غفلت من الجميع لمعت التميمة ذات نقش الطير باللون الذهبي .

و القطرة الصغيرة في نهر الزمن شكلت بداية مجرى جديد ،تلك اللحظة التي لمعت فيها التميمة كانت اللحظة التي تغير فيها خط الزمن.

خط الزمن قد تغير و بعض القوى أدركت ذلك

بعيدا في قصر مملكة الجزر العائمة، صرخت سيدة ترتدي عباءة سوداء بجنون ، قبل أن تنطلق راكضتا نحو ملكها

"مولاي لقد حدث شيء يفترض أن يكون مستحيلا...............( توقفت لحظة لتسترجع أنفاسها ) سيدي أنا لم أعد أراه، المستقبل أنا لا أراه ،أنا الساحرة العظيمة الوحيدة القادرة على التنبوء، عاجزة عن رؤية المستقبل........لقد تم إعادة كتابته ، لقد تشكل مجرى جديد للزمن".

و قف رجل ذو حضور مهيب، و هالة تفيض بالقوة جاعلتا أعتى الرجال يحني رأسه احتراما، ليسأل بصوت هز أرجاء المكان و سمع صداه كل من في القصر

" ما معنى هذا ؟، ما هي القوة التي ظهرت لتغير مجرى الزمن هل هو وحش أسطوري، مقاتل سماوي، ماجي........... من الذي غير مجرى الزمن ؟"

أجابت الساحرة و عيونها تملأها الحيرة و لا تعرف بما ترد

" لا شيء من هذا ، لحد الساعة لا يوجد أثر لأي قوة عظمى جديدة....................هو فقط تغير و نحن عاجزين عن معرفة السبب"

ضرب الملك الأرضية بقدمه ، مما تسبب في تشققها و عاد يصرخ

" لا يهمني إن تغير الزمن أو زال عن الوجود ، المهم عندي .........هي و فقط هي........ هل ستكون إمرأتي كما سبق و كان مخططا نعم أم لا ؟ "

" أنا لا ستطيع الجزم يا مولاي، فأنا لم أعد أرى المستقبل بعد الآن".

كل ذلك بدأ في هذا المنزل الصغير مع هذه المجموعة التي لم تخطط حتى لهذا اللقاء، مصير هؤلاء الشبان ارتبط ليغير مجرى التاريخ، لكن هذه قصة ستروى في يوم آخر.




=================================

تأليف: Magicien


الفصل القادم: الأداة الروحية

" إنها أداة روحية و هي مرتبطة بك أينما تركتها ستعود إلى يدك..............................."

ولاتبخلو علي بآرائكم و نقدكم ، انتظرونا في الفصل القادرم

2018/05/10 · 2,081 مشاهدة · 1220 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024