خسر ملك الجزر الطائرة المعركة ليقع أرضا يتقيأ دما، و معه فقد الجميع آخر فرصة لإنقاذ آخر ممالك البشر و مواردها الطاقوية، راح آخر خط دفاعي للبشر يشدون قبضاتهم على أسلحتهم و يرفعون أجسادهم المصابة في حين عقولهم تتخبط في محاولة معرفة خطوتهم القادمة

هل يقاتلون حتى النهاية و ينالوا شرف الإستشهاد ذودا عن أوطانهم ، أم يستسلمون للأمر الواقع و يحاولوا إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن يدخل عالم البشر في الفوضى.

و بالفوضى لا نقصد فقط خطر الوحوش الشيطانية عالية المستوى الذي ارتفعت أعدادها بعد إختفاء تنانين الظل، بل طبيعة البشر أنفسهم و الذين سيتقاتلون فيما بينهم على سلطة زائفة بدل الإتحاد في وجه الأزمة.

في هذه اللحظات الحرجة ظهر فتى ثلجي الشعر يجول ببصره متفحصا الجميع في فضول، ليتوقف عند الشاب الأسمر و الغريفين الخاص به

" دو باي هيئتك هي غريفين !!! "

" أووه السيدة زي يون هنا أيضا........ لحظة أنت لا تزالين برتبة ساحر عظيم فقط "

زي يون هي الأخرى حدقت بالفتى الواقف قبالتها بفم مفتوح، أكثر من ثلاثة عشر سنة مرت منذ إختفاءه الغامض و ها هو اليوم يظهر في ساحة القتال و لا يزال يبدوا في الخامسة عشر مع إبتسامته الواثقة التي عهدتها منه

" أنا لا أفهم لما لم تتمكني من تخطي جدار الماجي، هل كانت حساباتي خاطئة؟، بالرغم من أن قواك الروحية قد استيقضت و..........."

صمت تاي جين لبرهة قبل أن يحدق إليها بنصف عين

" آه، بالطبع ذلك هو السبب ......................أنت لا تزالين عذراء "

*------------------------*

صمت تام عم ساحة المعركة، و عشرات العيون نسيت الموقف الذي هي فيه و حدقت بمن وصفت بالعذراء.

زي يون الآن ليست معلمة المعهد المغمورة من الأمس، إنها الساحرة العظيمة القوية الشهيرة، الذي يحسب لها الأمراء و الملوك ألف حساب.

لكنها في هذه اللحظة، كان وجهه أحمر كالطماطم و تصرخ متلعثمة كالأطفال

" ما....ما....ما الذي تتفوه به أيها المعتوه؟"

"أستطيع الشعور بالعديد من المشاعر المتضاربة بوزن الجبال تجثم على صدرك ، الطريق التي يمشي عليها الساحر لا يجب أن تحتوي على عقبات من الندم و التحسر على ما فات، إلا أن ذلك مستحيل فما دام المرئ يتنفس إلا و لديه ما يندم عليه، خصوصا لسيدة مثلك مع قلب عطوف، لكن في المقابل إذا وجد المرئ من يشاطره هذا الحمل فسيتعلم التعايش مع ندمه"

تاي جين مع صوته الهادئ العميق و من مزاحه الثقيل إنتقل لتقديم دروس في داو القتال و السحر ،كلامه كان مفيدا، إن لم نقل تنويرا لحقائق تجاهل البعض أهميتها،الترابط الروحي بين الزوجين، و مشاركة أعباء الحياة له تأثير كبير على شخصية المرء و إستقراره العاطفي خصوصا عند النساء

*طاك* *طاك**طاك*

صوت التصفيق لفت إنتباه الحاضرين الذين كانوا في حيرة من أمر الفتى و معرفته

" جميل، لدينا ضيف مميز هنا، لكــ.............."

" أوووووووووووه، مستحيل هل هذا وحش من الرتبة السابعة، و هو مخلوق ظل فوق هذا؟؟؟"

صرخ جين قاطعا مديح أشتيريا له، مشيرا إلى الضباب الأسود المتموج للجزء الظاهر على سطح الأرض من تنين الظل

' أشتيريا و مخلوق ظل، الإثنان اللذان لم أؤمن يوما بوجودهما يقفان أمامي الآن.............اللعنة لو علمت ليان بهذا فستسخر من للمئة السنة القادمة '

همس جين لنفسه متذكرا كيف كان يجادل ليان باستمرار و لساعات حول حقيقة هذه الأساطير ،و كشخص لا يحب أن يكون على خطأ، ظهور هذه الأساطير قبالته ترك في نفسه شعورا بمرارة الخسارة، لكن لا يزال هناك طريقة للفوز في جداله الدائم ضد ليان

حدق جين بالمقاتل الأسطوري بنظرات ذات مغزى

' إذا هذا هو أشتيريا، إنه ليس مستخدم للهيئة الروحية كالبشر و لا صاحب بنية كثيفة كالأوريس بالرغم من ذلك كل ذرة في جسدي تصرخ بالهروب في الاتجاه الآخر'

تنهد جين على المصير الذي ينتظره إذا فشل في مهتمه،لكن الآن في باله سؤال عليه معرفة جوابه

"أسبق لك و أن زرت البوابة الشمسية؟، ما قولك في تلك القصة الطريفة التي تروى عنك؟ "

هز أشتيريا أكتافه مجيبا

"لماذا الجميع يستمرون في طرح هذا السؤال بالذات، ما الغريب في أن أكون طباخا ؟"

" اللعنة كان ذلك أملي الأخير ، لماذا مقاتل لا يشق له غبار يجيد الطبخ؟ ، تبا أستطيع رؤية إبتسامة الشماتة على وجه ليان من الآن "

في هذه اللحظة نسمة باردة غطت المكان، بخطوات بطيئة دو باي الذي كان صامتا من هول المفاجأة تحرك أخيرا باتجاه صديقه الذي اختفى في الماضي دون أثر

" جين صديقي، اشتقت اليك أين كنت غائبا ؟ "

دو باي جذب جسد جين الذي بدى ضئيلا مقارنة بجسده البالغ و حضنه بقوة إليه

"انتظرتك طويلا، كنت أحسب الأيام و الساعات لعودتك، أنا، ليان و تلامذتك الخمسة لم نفقد الأمل انتظرنا و انتظرنا"

راح جين يربت على كتف رفيقه ممازحا

"أيها الضخم ، لم أعهدك عاطفيا لهذه الدرج"

توقف جين عن الكلام عندما شعر بالبرودة تجتاح جسده، في ثواني طبقة من الجليد كانت تغطي المكان الذي التفت عليها ذراعي دو باي و الذي عاد مستئنفا كلامه

" انتظرنا طويلا و كلنا أمل أن تعود إلينا و تتمكن من تغيير الوضع لصالحنا و أن تجد حلولا سحرية كما كنت تفعل دائما "

" دو باي ،ما الذي تفعله؟"

تساءل جين الذي اخذت البرودة تتسلل إلى جسده في قلق، لكن صديقه الأسمر استمر فقط في الحديث و قد زاد من وتيرة تجميده

"لكنك لم تعد، اندلعت الحرب ، فتك الظلاميون بأصدقائنا و أهلنا و أنت و لم تعد.......... واحدا بعد الآخر رأيت رفاقي يموتون أمام عيناي، خسرت كل ما أهتم به و أعيش لأجله و أنت لم تعد "

"دو باي توقف "

صرخت زي يون و هرعت لإيقافه قبل أن يحول جين إلى تمثال جليدي بالكامل،لكن هدير الغريفين الذي قفز أمامها أجبرها على التوقف فلم تجد أمامها إلا الصراخ بحرقة

" دو أيها المجنون ما الذي فعلته،إنه جين ..... جين "

صراخها لم يعد بذا أهمية، و قد أصبح الفتى الذي كان بين يديه قطعة من جليد.

أرخى دو باي قبضتيه ليتصاعد دخان من الهواء البار عن التمثال الذي كان قبل لحظات صديقا ،والغريب في الأمر هو ملامح الحزن على وجهه و هو يخاطب التمثال

"أوان عودتك قد فات ، العالم الجديد على وشك البدء و لا مكان لك فيه.............صديقي اللدود "

2018/11/19 · 1,880 مشاهدة · 959 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024