وفي العربة , تنهد سلطان وقال بغضب : " من تسبب بهذه المشاكل ؟ "

كانت أسيل سوف تتحدث , لكن ماهر قاطعها وفي عينيه نظرة تعبر عن الجدية والحزن لتلقي العقاب , فقال : " أنا "

حملق سلطان فيه ثم قال : " والسبب "

قال ماهر بكل احترام وأسف : " غطرستي "

كان بقية التلاميذ فرحين بذلك , فماهر المتباهي تم اخراس غطرسته وغروره أمام سلطان.

كانت أسيل تريد الدفاع عن ماهر , لكن عندما نظرت لعينيه كانت تقول ( توقفي ).

سبب قتال ماهر لحسن هو غطرسته , لكنه أيضا كان لحماية أسيل , طفلا صغير ضعيف بدأ بافتعال المشاكل وقتال من هم أقوى منه بكثير دون الخوف منهم وتلقي العقاب من شخص مكانته في الدولة بأكملها عالية , ولقد رأى قوته بأم عينيه , فقط من أجلها.

هذا قد حرك مشاعر أسيل , وعينيها البنفسجتين بدأت باللمعان , فلقد تفوقت على جمال البنفسج فلقد أصبح جمال عينيها بالفعل يضاهي جمال الجمشت* , عندما ينظر أي شخص لعينيها سوف يسحر بجمالها , لكن الجميع كانوا ينظرون لماهر وسلطان , وما إن نظر سعد لأسيل حتى صمت وبدأ بالتأمل في وجهها , وكأنه ينظر للوحة من رسم دافنشي.

*الجمشت هو حجر كريم بنفسجي اللون.

نظر ماهر لأسيل , لكنه لم يسحر بجمالها فأبتسم.

كانت أسيل على وشك البكاء من تضحية ماهر , وعدم توريطها في العقاب , كان وكأنه فارس نبيل شجاع تحيط به النساء من جماله وشهامته , فعلى الرغم من كونه فقير ومعدوم الموهبة , لكنه كان وسيما , عينيه كانت مثل الياقوت الأحمر , وشعره مثل الدم القرمزي.

أبتسم ماهر أمام سلطان وكأنه لا يهاب سلطان , وهذا ما أغضب سلطان , فهو من أكثر الأشخاص موهبة في المدينة القرمزية , ويمتلك بنية أسد الجبال التي هي في أقوى الرتب في بنيات التحولات , ومع ذلك رمقه ماهر وكأنه لا شيء أمامه , وهذا جعل سلطان يستشيط غضبا , لكنه لو فقد هدوءه أمام طفل في التصنيف الأرضي, ستنزل مكانته وهيبته للحضيض , لذا أستعاد هدوئه وقال بوقار : " بما أنك جديد في هذه الطائفة , سأسامحك , لكن لا تظن بأنني سوف أسامحك مرة أخرى "

أبتسم ماهر ابتسامة ساخرة وقال باحترام : " سمعا وطاعة "

رغم أنه قال هذه الكلمتين باحترام , لكن الابتسامة الساخرة لم تذهب من على وجهه , وهذا ما جعل التلاميذ وسلطان يغضبون , فهو قد أستصغر للتو أكثر المواهب في هذه الدولة.

في الحقيقة , موهبة سلطان مقارنة مع ماهر في المستقبل لن تتجاوز أخمص قدمي موهبة ماهر.

فرحت أسيل لعدم وجود عقاب لماهر وابتسمت , فعاد البنفسج لطبيعته , كانت ابتسامتها تذهب كل شخص همه عندما يراها , حتى أخاها ندم لكونهم أخوة بالدم.

نظر ماهر للجميع باستصغار , فغضب أحدهم وقال : " من ترى نفسك أيها القمامة ؟! "

قال سلطان : " صمتا , على الرغم أن مستواه في الحضيض لكن موهبته ليس عليها غبار "

هذه الكلمات صدمت الجميع , فعلى الرغم بكون ماهر في التصنيف الأرضي بعمر الخامسة عشر , لكن سلطان قال بأنه موهوب !!

في الحقيقة , الشخص الذي بعمر الرابعة عشر ولا يزال في التصنيف الحجري يعتبر قمامة فما بالك بشخص بعمر الخامسة عشر , إذا قلت بأن هذه الشخص موهوب فأنت حقا قد جننت , لكن هذا الكلام لا ينطبق الآن , فالذي قال هذا الكلام هو أحد أكثر الأشخاص موهبة في الدولة القرمزية , فإذا قال هو الموهوب للغاية بأن شخصا ما موهوب , فذلك الشخص ستكون موهبته غير عادية , لكن عندما ينظرون لماهر لا يمكنهم سوى التعجب من كلام سلطان.

فلا أحد يعرف غير سعد وأسيل وسلطان عما فعله ماهر , فلقد هزم شخص أقوى منه بتصنيفين.

في الحقيقة , لو هزم ماهر شخص أقوى منه بثلاثة مستويات في المراحل الروحية سيكون أكثر موهبة من فوزه على شخص أقوى منه بتصنيفين في التصانيف الابتدائية.

الفارق بين كل مستوى في المراحل الروحية لا يتقارن بالتصانيف الأرضية نهائيا.

صمت الجميع بينما كان يفكرون بما قاله سلطان , فبعضهم من عصروا مخهم من التفكير , وبعضهم تجاهلوا الأمر , وبعضهم من ناموا.

كان ماهر يعلم بأن سلطان لن يعاقبه لكي يحافظ على مكانته , فكيف يعاقب طفل للتو دخل للطائفة , فهو على الأرجح جاهل.

كما أنه لم يورط أسيل حتى لا يتطور الأمر ويصبح أمرا مزعجا , فمع تصرفات أسيل , من الصعب توقع السيناريو.

لكن كان ماهر متفاجئا عندما قال سلطان أنه موهوب , فحتى لو شهد القتالين لما قال ذلك , لكي يبين أنه هو الموهوب الوحيد هنا.

لكن الشيء الذي لم يعلمه ماهر , أن سلطان قال ذلك الكلام لا إراديا , فهو لم يستطع احتمال قول أن شخص بمثل موهبة ماهر قمامة.

همست أسيل لماهر : " هذا أمر مفرح , كونك لم تعاقب "

قال ماهر : " نعم , كما أنني لم أرد توريط الأخت أسيل "

تلألأت عيني أسيل مثل الجمشت البنفسجي من كلام ماهر اللطيف.

في الحقيقة , قال ماهر هذه الكلام كمجاملة فقط , فهو قد خطط لسيناريو منذ زمن , لكنه لو ورط أسيل , فعليه أن يخطط لسيناريو أخر , وهذا أمر مزعج بالنسبة له , غير أن تصرفات أسيل لا يمكن التنبؤ بها , وهذا ما سيصعب تخطيط للسيناريو الجديد , هذا حقا مزعج !!!

إذا كان لا يهتم بأسيل , إذا لماذا قاتل حسن ؟

قاتل ماهر حسن لسببين , الأول هو لإصمات التلاميذ الذين جعلوه يحنق.

والسبب الثاني لأنه يريد استعراض موهبته أمام أسيل التي بدورها سوف تستدعي سعد , لكن الشيء الذي لم يكن مخطط له هو مشاهدة الموهوب الأول في طائفة النجمة اللامعة للقتال , وأيضا قوله بأنه موهوب , فهذا شيء كان خارج خطة ماهر وخارج توقعاته أيضا , ومع ذلك يعتبر شيئا جيدا.

وأخيرا وصلوا لطائفة النجمة اللامعة , كان في البوابة الرئيسية إياد , وكان كلما ينظر لماهر يغضب , فهو قد خسر رهانه لكون ماهر أجتاز الاختبار , وما زاد الطين بلة , هو أن حسام أختار أغلى المطاعم.

تقدم ماهر نحو إياد وقال بسخرية : " مرحبا , ألم تكن إذا لم تخني الذاكرة الشخص الأحمق الذي كان يظنني لن أجتاز الاختبار ؟ "

غضب إياد وكان سوف يبرح ماهر ضربا لو لم يكن سلطان موجودا , فقال بصوت خافت بينما كان يكبح غضبه : " نعم أنا هو "

قال ماهر بلا مبالاة : " لماذا لا تكون مثل ذلك الشخص النحيل فحسب ؟ فهو مكانته عالية لكنه نزل للأسفل من أجل حارس عادي مثلك " ومن ثم دخل من خلال البوابة.

غضب إياد من كلام ماهر , فكونه يتم تلقيبه بالحارس العادي من قبل قمامة لأمر يجلب الحنق , لكن غضبه ذهب عندما لاحظ أن ماهر أكتشف هوية حسام بالفعل , فنظر لداخل البوابة لكنه لم يجد ماهر.

يا ترى من هو ذلك الصبي فقط ؟!

دخل البقية من خلال البوابة وذهبوا ليستريحوا على الفور , على عكس ماهر الذي ذهب للمكتبة من أجل معرفة البنيات.

--------------------------------------

تأليف : الثعلب القرمزي


أعتذر لأنني لم أنزل فصل بالأمس, لكنني نسيت أن أخبركم بأنني مشغول لذا سأنزل بشكل يومي, يعني يوم فصل يوم لا ^^

2018/01/15 · 445 مشاهدة · 1123 كلمة
ScarletFox
نادي الروايات - 2024