الفصل 1924: الضغط
-----------
فهم ليكس. دعْ عنك محاولة عكس الزمن، فحتى الحديث عنه بجدّية، كأنّه أمر ممكن، سيجذب نوعًا خاطئًا من الانتباه. لم تكن عواقبه قابلة للقياس بعد، لكنّه آمن أنّه لو استمرّ في الحديث عن كونه ممكنًا في ظروف معيّنة، فسيلقى المتاعب.
لم يكن ليكس يعلم إن كان ما قاله دقيقًا، أو حتى ممكنًا. إنّما افترض فقط بناءً على معلوماته المحدودة. في هذا الكون، كان تدفّق الزمن ثابتًا لا يُردّ، يحكم كلّ الواقع. وبحسب هذا المنطق، لو ظهر كائن أو كيان أقوى من هذا الكون، لأمكن عكس الزمن؛ لأنّه سيكون قويًّا بما يكفي لمقاومة قوانين هذا الكون. أو أنّ الكون سيُدمَّر.
لم يكن لديه طريقة للمعرفة، لكنّها كانت نظرية معقولة؛ نظرية يفترض أن يصل إليها أيّ شخص يملك ذرّة من الخيال. ومع ذلك، أخبرته ردّة فعل كسوف والباقين أنّ الكلمات التي نطق بها ببساطة كانت أثقل بكثير ممّا تخيّل.
"إنّها مجرّد نظرية خطرت لي في التوّ واللحظة"، قال ليكس بصدق. "ليس كأنّني فكّرت يومًا في محاولة عكس الزمن، ولا أنا مهتمّ بذلك. بالطبع، قد تكون فهمي للكون بدائيًّا جدًّا لأدرك خطأ ما أقول. كنتُ فقط أذكر إمكانية مفرطة في التبسيط".
ابتسمت كسوف لليكس، رغم أنّ ابتسامتها بدت تحمل معنى خفيًّا لم يستطع ليكس إدراكه. ضربت جبهته بإصبعها، ومع أنّه لم يشعر بأيّ تغيير، أخبرته غرائزه أنّه يُحمى من شيء ما.
"هل تعلم أنّ هناك سجلًّا لكلّ حدث وقع في هذا الكون منذ الأزل؟"، سألته كسوف، وتغيّر نبرتها تغيّرًا خفيفًا من الهزل السابق إلى نبرة معلّمة أو مرشدة. "وأعني حقًّا كلّ شيء؛ سواء أفعال الكائنات الحيّة، أو حركة الجزيئات العشوائية في الهواء، أو انقسام الخلايا المختلفة؛ كلّ ذلك، في كلّ أنحاء الكون، يُسجَّل في كلّ ثانية. وهذا مستمرّ منذ لحظة خلق الكون".
فتح ليكس فمه ليجيب، لكنّه لم يجد كلمات. شعر أنّه سمع للتوّ شيئًا يفوق قدرته على الاستيعاب بكثير، لكنّه لم يشعر بأنّه على وشك الإغماء. ربما كان يُحمى من الإغماء كي تتمكّن كسوف من الحديث معه.
"لا تفهمني خطأ. لا أعني أنّ هناك دودة كتب في مكان ما في الكون تسجّل كلّ شيء. أعني أنّ حالة الكون ذاتها، في هذه اللحظة، هي نتيجة كلّ فعل سبقها. وبالتالي، وجود الكون نفسه هو سجلّ لكلّ ما وقع من قبل.
"إذًا، هل تعلم كمّ الطاقة التي يستهلكها الكون في كلّ ثانية؟ كم يخلق؟ يدمّر؟ يظهر؟ يحوّل؟ في كلّ ثانية؟"
أراد ليكس أن يجيب، لكنّه لم يفعل. من الواضح أنّه سؤال بلاغيّ. كيف يمكن لأحد أن يعرف ذلك؟ يجب أن يكون مستحيلًا، أليس كذلك؟
"كثيرًا جدًّا"، انتهى به الأمر إلى الإجابة، رغم أنّ إجابته، لسبب ما، جعلت كسوف تنفجر ضحكًا.
"نعم، أنت محقّ. الإجابة هي: كثيرًا جدًّا. كلّ ذلك يخلق ضغطًا معيّنًا على الكون، وضغطًا هائلًا إذا سمحتُ لنفسي بالقول. مثل هذا الضغط ليس بالضرورة سيّئًا؛ فهو، إلى حدّ كبير، ما يبقي الكون يعمل بشكل صحيح. لكن لا يمكن إنكار أنّ ضغطًا بهذا الحجم ليس سهل التحكّم به. لهذا يعطي الكون أهمّية كبرى للقوانين، وللنظم البيئية المنظّمة، وللقوانين، وأهمّ من ذلك كلّه، للسوابق.
"سواء سمّيتها قوانين أو قواعد أو غير ذلك، فإنّها تجعل إدارة ذلك الضغط الكونيّ أيسر. تخيّل أنّ على كتفيك ثقل عالم بأكمله وعليك أن تمشي. لن تحيد أبدًا عن الممرّ الموجود؛ فالثقل الذي تحمله لن يسمح لك بالانحراف لأنّ ذلك سيجعل الضغط أكبر".
"ستسلك طريق أقلّ مقاومة"، قال ليكس فجأة، متذكّرًا الكهرباء، أو جريان الماء، أو أمثلة كثيرة من حياته العاديّة قبل الزراعة.
"نعم، هذه طريقة جيّدة للقول. الضغط الهائل على الكون يجعل عمله يسلك طريق أقلّ مقاومة. القوانين تيسّر ذلك، وكذلك السوابق.
"سواء أدركتَ أم لا، فما قلته له منطق أعمق بكثير. الشيء لا يكون مستحيلًا إلّا حتى يجد أحدهم طريقة لفعله. لنقل، على سبيل المثال، إنّ هناك مادة تُدعى 'التيتانيوم-الزجاج'، وفي كلّ الكون، طوال تاريخه، معروف أنّ التيتانيوم-الزجاج لا يمكن كسره.
"ثم في يوم من الأيام، في عالم عشوائيّ، يجد أحدهم طريقة لكسره، ويخلق سابقة. هل تعلم أنّه في اللحظة التي يحدث فيها ذلك، في كلّ أنحاء الكون، حتى دون أن تُشار الطريقة، سيبدأ التيتانيوم-الزجاج في الكسر بنفس الطريقة بالضبط؟ لأنّ سابقة قد وُضعت، ومخطّط قد خُلق، والكون لن يتردّد أبدًا في اتّباع ذلك المخطّط".
توقّفت، ملاحظة أنّ ليكس قد غرق في التفكير.
"هل لهذا كنتِ متأكّدة جدًّا من قدرتك على خلق حديقة بدائيّة؟"، سأل ليكس فجأة. "لأنّه بما أنّ الطاقة البدائيّة خُلقت مرّة من قبل الكون، فكلّ ما احتجتِ إليه هو إعادة خلق الطريقة التي تكوّنت بها".
ابتسمت كسوف ابتسامة عريضة، تقترب ابتسامتها من عينيها وهي تنظر إلى ليكس. بدا كحفيد محبوب يسأل أسئلة أكثر حبًّا.
"نعم، بالضبط. لا أحد في الكون تجرّأ حتى على التفكير في مثل هذه الإمكانية، رغم السابقة الواضحة. لكن بما أنّني أردتُ فعلها، ذهبتُ ووجدتُ طريقة لفعلها. حتى فينتورا، ذلك الأحفورة العجوز، لم يزعج نفسه بمحاولة تقليدي. فقط صاحب النزل هو من حاول تقليد حديقتي، ولهذا أنا فضوليّة جدًّا بشأنه. لكن دعْ ذلك جانبًا.
"المهمّ الذي يجب التركيز عليه هو... في المرّة الأولى التي يُفعل فيها شيء، ينتبه الكون إليه. مثل هذا الشيء له تداعيات عميقة جدًّا لا تستطيع أنت، حاليًّا، حتى تخيّلها. لذا، بطريقة ما، أنت محقّ. الشيء مستحيل فقط حتى يُفعل. عكس الزمن سيظلّ مستحيلًا حتى ينجح أحدهم يومًا في فعله للمرّة الأولى. لكن في اللحظة التي يتحقّق فيها، سيصبح بإمكان أيّ أحد فعله".
تغيّر تعبير ليكس تغيّرًا خفيفًا وهو يحاول تخيّل كون يستطيع فيه كلّ سيّد داو عكس الزمن. هل سيبقى شيء ثابتًا؟ بالتأكيد يجب أن يبقى، فحتى لو أصبح عكس الزمن ممكنًا، فلا ينبغي أن يكون سهلًا.
"لهذا السبب"، تابعت كسوف، "فإنّ مجرّد محاولة عكس الزمن تُعاقب من الكون بكامل ثقل الضغط الذي يتحمّله الكون. وبالتالي، مهما كانوا، حالما يحاولون عكس الزمن، حتى قبل أن يحقّقوا نتيجة، يجب أن يتحمّلوا ضغط الكون بأكمله. إن لم يتمكّنوا، فسيفنون، وعواقب ذلك تتجاوز بكثير مجرّد الموت الشخصيّ. تنتشر إلى كلّ من له أدنى صلة بمن حاول، عبر الكارما، وعبر السببيّة، وعبر كلّ شيء، تاركةً الدمار في أثرها.
"لكن، كما قلتَ أنت، إن كان هناك من هو أقوى من الكون كلّه، فقد يتمكّن من تحمّل ذلك الضغط. في تلك الحالة، قد ينجح حقًّا في عكس الزمن. نظريتك... ليست خاطئة".