الفصل 1928: موقف صعب

-----------

ما إن انتهى ليكس من محادثته مع ماري حتى لم يُسرع في استدعاء شيرين، بل استلقى في كرسيه إلى الخلف. وإن كان لم يُظهر أيّ شيء غير طبيعيّ أثناء حديثه مع فيلمَا، فإنّ الواقع كان بعيدًا كلّ البعد عن أن يكون مقبولًا.

على السطح، بدا أنّ منتجع السيرافيم يكتفي بوضع واجهة بإدانته هو شخصيًّا بدل النزل، ممّا يمكّنهم من تجنّب المواجهة المباشرة مع النزل، لكن الحقيقة أنّ ليكس نفسه قد جُعل كبش فداء.

لو كان الأمر مجرّد ذلك لما كان الوضع بهذا السوء، لكن ليكس بات الآن أكثر تعرّضًا، فيعرف جيّدًا أنّ إرادة سيّد داو واحدة تكفي لقتله. ربما لو كان السيّد بعيدًا جدًّا لاستغرق الأمر وقتًا، لكنّه سيحدث لا محالة.

فكيف إذا كانت الإدانة صادرة من منظمة كاملة تمتلئ بسادة الداو؟ بل إنّ ليكس يشتبه أنّ السبب الوحيد الذي لم يجعله ينفجر بعد هو بعض العوامل الحاسمة.

عندما وقعت الإدانة كان داخل الحديقة البدائيّة، وخصوصيّة ذلك المكان حمته. ثم عاد إلى النزل، فمزيج من حماية النظام وربما حاجز العالم المحيط به يبقيه آمنًا.

لكن هذه كلّها تدابير مؤقّتة. فهمه للداو لا يزال في مستوى أوّليّ جدًّا، ولا يستطيع ليكس تخمين الشكل الذي قد تتّخذه هذه التهديدات.

الآن وقد بلغ الأمر هذا المدى... فربما حان الوقت للتوقّف عن اللعب بأمان مفرط واتّخاذ بعض المخاطر. لمع بريق حازم في عيني ليكس. لقد بذل قصارى جهده لتقييد نفوذ النزل وليكون في أقصى درجات الأمان، لكن ذلك في النهاية لم يكن سوى تكتيك تأخير. لقد وصل الآن إلى النقطة التي سيضرّه فيها البقاء حذرًا ومكبّلًا.

لا يستطيع لوم منتجع السيرافيم على إنهاء قضية هروب سجيناتهم بإدانته هو. ففي النهاية، يبدو أنّ عدن قد ابتليت مجدّدًا بالحرب. استخدام تلك الملائكة، أو حتى قتلهنّ، كان سيفيدهم في الحرب بطرق شتّى.

لكن بالمثل، لا يستطيعون لومه على أيّ إجراء يتّخذه الآن لحماية نفسه. ليس الأمر متعلّقًا بمن على حقّ ومن على باطل، بل مجرّد مصلحة ذاتيّة. من مصلحة ليكس ألّا يموت، فيجب عليه أوّلًا إيجاد وسيلة لحماية نفسه. ثم، حسناً، ليكس دائمًا ما كان من ينتقم، حتى لو اضطرّ للانتظار. بما أنّهم أدانوه، فعليهم تحمّل العواقب.

لكن كلّ شيء في وقته. جلس ليكس في كرسيه يضع خطّة. لم يدع الضغط والقلق من الموت الوشيك يزلزله؛ فقد كان ذلك حاله منذ أن دخل عالم الزراعة.

أوّل ما يجب عليه فعله هو ضمان حمايته. إحدى الطرق رفع مستوى الحاجز الدفاعيّ المحيط بعالم منتصف الليل، والأخرى الحصول على حماية شخصيّة من سيّد داو حقيقيّ لمواجهة أيّ تأثير محتمل ضده.

وبينما كان يضع خططه الخاصّة، قرّر ليكس استشارة من لديه فهم أفضل لسادة الداو.

"ماري، أيّ أفكار حول الوضع؟"، سأل ليكس بصوت عالٍ. لم يكن بحاجة للتوضيح؛ فهي امرأة ذكيّة، تعرف ما يعنيه.

ظهرت ماري أمامه مرتدية قميصًا مطبوعًا عليه صورة عضلات بطن، وجينز.

"أعتقد أنّ... هناك الكثير مما يمكنني قوله لك، لكن واحدًا فقط سيفيدك حقًّا في هذه المشكلة وفي المستقبل. يجب أن تُسرع وتصبح سيّد داو".

قهقه ليكس وهو يدحرج عينيه.

"لو كان أن أصبح سيّد داو رهن إرادتي لكنتُ وُلدتُ سيّد داو. أنا لستُ حتى قريبًا من عالم السماويّ، ناهيك عن ذلك. ناهيك عن أنّه حتى لو وصلتُ غدًا إلى ذروة عالم السماويّ فلن أتمكّن من الاندفاع إلى عالم الداو قريبًا. دعينا نركّز بدلًا من ذلك على ما أستطيع فعله فعلًا".

ضحكت ماري.

"أنت قلق من الإدانة، أليس كذلك؟ في الحقيقة، وضعك ليس سيّئًا كما تظنّ"، قالت وهي تبتسم ابتسامة ماكرة.

"ماذا تعنين؟"، سألها وفي صوته لمحة شكّ.

"أليس واضحًا؟ لديك إدانة من مجموعة من سادة الداو فوق رأسك، وهذا سيّء فعلًا. لكن لديك أيضًا «بركة السماء». هل ظننتَ أنّها مجرّد لقب أجمل للكارما؟"، سألت ماري وهي تمدّد ساقيها وتضعهما على مكتب ليكس.

"في الوقت الحالي، كلّ ما تحتاج معرفته هو أنّ بركة السماء ستحميك من الإدانة حتى تنفد، لكن ذلك سيكون إهدارًا كبيرًا. لذا، في الحقيقة، يجب عليك ابتكار طرق أفضل لحماية نفسك. من وجهة نظري، هناك فقط بضعة أمور خالية من المخاطر يمكنك فعلها، وأمر واحد فيه مخاطرة نسبيّة.

الأوّل هو رفع قوّتك. أعلم أنّك تمزّحت بشأن عدم قدرتك على الوصول إلى سيّد داو قريبًا، لكن يجب أن تجعل الزراعة أولويّة. من هذا المستوى فصاعدًا، من المحتمل أن تبطئ زراعتك. ما لم تبذل جهدًا مستمرًّا لرفع مستواك، فسيستغرق الأمر وقتًا طويلًا جدًّا.

تتذكّر راغنار، الجنرال البشريّ؟ يُعتبر عبقريًّا لأنّه يصل في المتوسّط إلى مستوى خالد سماء واحد كلّ قرن. حتى لو كنتَ أسرع منه بأضعاف، فالمقارنة يجب أن تجعلك تدرك أنّ الفجوة بين المستويات ستزداد صعوبة.

"حسنًا، موافق"، قال ليكس ملوّحًا بيده باستخفاف. "سأهتمّ بزراعتي. دعيني أخمّن، الشيء الثاني الذي يمكنني فعله هو تحسين النزل، والثالث الحصول على حماية سيّد داو".

عقدت ماري ذراعيها وعبست.

"إن أردتَ قول كلّ الإجابات بنفسك، فلِمَ تسألني أصلًا؟ نعم، هذه تقريبًا خياراتك. ما لم تتمكّن بطريقة ما من تعلّم تحمّل تأثير الداو بنفسك، فستظلّ دائمًا معتمدًا على أشياء خارجيّة لحمايتك".

رفع ليكس حاجبًا عند آخر جملة قالتها ماري. بسبب وجود كسوف، لم تهتمّ ماري كثيرًا بليكس وهو في الحديقة لئلّا تجذب الانتباه، ولهذا لم تعرف معظم ما فعله هناك أو ما قالته له كسوف. هذا يعني أنّها لا تعلم شيئًا عن محاولة ليكس تشكيل جسد داو، لذا قد تكون جملتها الأخيرة سخرية.

ولم تكن تعلم أنّ ليكس... قد بدأ بالفعل في فعل ذلك بالضبط.

2025/11/19 · 34 مشاهدة · 830 كلمة
نادي الروايات - 2025