الفصل 1935: لنبدأ العمل

-----------

نظرت شيرين إلى ليكس مذهولةً قليلاً. كان جزءٌ من ذهولها لا يزال ينبع من الإشارة العابرة إلى الملكة البدائيّة، لكنّ الجزء الأكبر من صدمتها كان بسبب عرض البيع الرائع، بصراحة، الذي قدّمه ليكس.

جزءٌ منها أراد أن يصدّق أنّ ليكس يبالغ فيما قال، لكنّ ذلك بدا مستحيلاً على نحوٍ ما. إنجازات ليكس اللافتة التي تعرفها بنفسها كانت شهادةً كافية على مدى تميّزه. منذ آخر لقاء بها، بحثت شيرين قليلاً عن بقيّة نزل منتصف الليل، واكتشفت آخرين يبدون استثنائيّين أيضًا. وإن لم يكن هناك غير ذلك، فإنّ شيوع سلالة الدم المرتبطة بالزمن في النزل كان أمرًا سخيفًا بحدّ ذاته.

في آخر مرّة التقت فيها بليكس، قالت له إنّ ما يبدو جيّدًا إلى حدّ الشكّ فهو بالتأكيد ليس حقيقيًّا. وصف ليكس لمدى روعة النزل مع عرضه وظيفةً عليها كان بالضبط نوع الأمر الذي كانت تشير إليه... ومع ذلك، وجدت نفسها تودّ التصديق.

بعد كلّ هذا الزمن الطويل، استطاعت أن ترى وميض أملٍ مجدّدًا. خبرتها تقول لها إنّه جيّد إلى حدّ الشكّ، وإنّ وميض أملٍ واحد كثير جدًّا بعد الاستنزاف الذي تعرّضن له على أيدي عدّة سادة داو. لكن في قلبها، وجدت نفسها تودّ التصديق.

أدارت شيرين وجهها عن ليكس ونظرت إلى أخواتها، مستخدمةً إحساسها الروحيّ لأخذ آرائهنّ. كانت قد قالت لليكس إنّهنّ لا يخفن الموت، فقد طال انتظارهنّ لحرّيّة اختيار موتهنّ. فهل كان السعي وراء حلمٍ كهذا قضيّةً جديرةً بالمخاطرة بحياتهنّ من أجلها؟ قال قلبها نعم، لكنّها، معتادةً على العقلانيّة، لم تستطع اتّخاذ قرارٍ من قلبها، فجمعت مجلسًا بين أخواتها.

ناقشن، تحاورن، وقارنّ الخيار المعروض أمامهنّ بخططهنّ السابقة. في الحقيقة، كان هناك عنصر مخاطرة حتى في هذا. لكن لا شيء في الحياة خالٍ من المخاطرة.

انتظر ليكس بصبر، حتى وإن تحوّلت الدقائق إلى ساعات. فقد عاشت الخالدات السماويّات أطول بكثير من أيّ شخص آخر يعمل في النزل. مفهومهنّ للزمن مشوّه بالتأكيد، غير مدركاتٍ للإلحاح الذي يحمله كلّ ثانية بالنسبة إلى ليكس. ومع ذلك، لم يستعجلهنّ. كانت هذه لحظةً حاسمةً بالنسبة إليه.

كان يريد، بل يحتاج، أن تعمل هؤلاء الملائكة الإثنتا عشرة في النزل، بغضّ النظر عن مدى ضعفهنّ الحاليّ. الطرق التي يمكنهنّ بها مساعدة النزل كثيرة جدًّا لا تُحصى.

[المترجم: ساورون/sauron]

فهمهنّ للكون على نطاقٍ واسع أعمق بكثير من أيّ شخص آخر في النزل حاليًّا. لقد قُتِلن في حروب كونيّة حقيقيّة. والأهمّ، عشن سنين لا تُحصى داخل منتجع السيرافيم، ففهمهنّ للضيافة على مدى فترات طويلة يفوق بمرّاتٍ ما يستطيع ليكس تخيّله.

على سبيل المثال، يمكن للنزل أن يقدّم خدمات أو باقات خدميّة تدوم أشهرًا، سنوات، وربما حتى قرونًا أو ألفيّات. يستطيع ليكس أن يفكّر في تلك الباقات بنفسه، لكن لعدم خبرته بفترات زمنيّة طويلة كهذه، سيكون خياله محدودًا مقارنةً بمن عاشها فعلاً.

لقد تعلّم ليكس من المنتجع، وبموجب متطلّبات مهمّة حصل عليها، نفّذ ثلاثة تغييرات من المنتجع داخل النزل، فجعله أفضل. نتيجةً لذلك، حصل على المكافأة المسمّاة الكمان البورغوندي، أداة قويّة جدًّا تستطيع أن تغرس قوانين معيّنة في الموسيقى بشكلٍ دائم. لكن بما أنّ ليكس لم يجد لها استخدامًا بنفسه، وبما أنّ جيرار يحبّ الموسيقى كثيرًا، خاصّةً وأنّه كان يذهب غالبًا ليُعزف على البيانو في القصر في أوقات فراغه، أعطاه ليكس إيّاها. أحبّ جيرار الهديّة، مدّعيًا أنّه سيستخدمها لتخليد النزل في عمل موسيقيّ خالد.

كان من الجميل رؤية أنّ التحسينات التي أجراها على النزل جلبت تغييرًا إيجابيًّا، لكنّه كان متأكّدًا أنّ الملائكة يمكنهنّ اقتراح أفكار أكثر روعةً من منظور يمنحه الزمن وحده.

والأهمّ من ذلك كلّه، أنّ هؤلاء الإثنتي عشرة ملاكًا فاتناتٍ جدًّا سيمتلكن طاقة إلهيّة، وليكس كان في أمسّ الحاجة إلى هذه الطاقة بالذات في هذا الوقت.

بعد ستّ ساعات من النقاش، استدارت شيرين لتنظر إلى ليكس بوقار.

"لقد ناقشتُ الأمر مع أخواتي"، قالت، وقد عاد صوتها إلى هدوئه السابق، وهيئتها مجدّدًا هيئة محاربة عظيمة. "رغم أنّ هذا القرار أكثر استعجالاً مما اعتدنا عليه، ففي هذه المرحلة لم يعد لدينا ما نخسره سوى حياتنا. وعليه، فلنقامر. نقبل عرضك بالانضمام إلى نزل منتصف الليل، وأطلب أن نُعامل بإنصاف، وألّا يُطلب منّا نحن الأخوات التفرّق".

صفق ليكس بيديه وقفز إلى الأمام، مستدعيًا اثني عشر مفتاحًا بلاتينيًّا يمكن استخدامها لإجراء اختبار الانضمام إلى النزل.

نادرًا ما كان ليكس يتجاوز شرط اجتياز اختبار النزل لتوظيف الموظّفين. ففي النهاية، يكفي شخصٌ أنانيّ واحد، بيضة فاسدة واحدة، مجازيًّا أو حرفيًّا بحسب وعي البيضة، ليفسد انسجام النزل. ومع ذلك، كان يأخذ بعض الحرّيّات من حين لآخر.

"ممتاز. هذه مفاتيح لإجراء اختبار الانضمام إلى النزل. ما إن تجتزن الاختبار، تصبحن عضواتٍ رسميّات في النزل. لكن، نظرًا لإلحاح الوضع، سأستخدم صلاحيّتي وأمنحكنّ فترة اختبار لمدّة ستّة أشهر كموظّفات تحت التجربة، لأنّنا لا نملك ترف إضاعة الوقت الآن. إن كان لديكنّ شيءٌ عليكنّ إنجازه، أقترح أن تُسرعن به، لأنّ لدينا عملًا ننجزه".

تفاجأت شيرين من استعجال ليكس.

"بهذه السرعة؟ ما الخطب؟ هل نُغزى؟"، سألت، مشيرةً فورًا إلى النزل بنحن دون أن تلحظ.

"هههه، كلّا على الإطلاق!"، صاح ليكس وبدأ يصدر الأوامر في ذهنه لمختلف العمّال. "الأمر فقط أنّ النزل جديد تمامًا، ولا يزال أمامنا الكثير ممّا يجب إنجازه. لا تقلقن، ستتعوّدن عليه، ومع الوقت ستتعلّمن حبّه. الأمور دائمًا إمّا هادئة جدًّا، أو مزدحمة جدًّا في النزل. هيّا الآن، إن لم يكن لديكنّ شيء، سأعرّفكنّ على إلهنا المقيم والحداد. لدينا وقتٌ قليل جدًّا، وعملٌ كثيرٌ متبقٍّ".

لم يعلمن الملائكة كيف يشعرن حيال استعجال ليكس، لكن بما أنّهنّ صُرن الآن موظّفات تحت التجربة، أخذن مهمّتهنّ بجدّيّة أمر عسكريّ.

ففي لحظة، كنّ الملائكة الإثنتا عشرة اللواتي كنّ يحصرن أنفسهنّ في قريتهنّ جاهزاتٍ للخروج والمواجهة العالم مجدّدًا.

2025/11/30 · 34 مشاهدة · 857 كلمة
نادي الروايات - 2025