1 - الوجه الآخر للشيطان المُنْزَوي

على شاشة سوداء بدأت إضاءة خافتة. كنت على تلك الشاشة. ليست هذه هي الشاشة الوحيدة في هذه الغرفة. العديد منها. تلك الشاشات العديدة يظهر عليها مختلف الأشخاص الذين قد يخطرون على بالك. شخص ما يجلس امام الشاشات بترقب و كأنه يشاهد عرضا ما.

.................

بدأت أستيقظ من نومي. أشعر بالصداع. صداع شديد للغاية. حاولت القيام من سريري. ثنيت ظهري المجهد من هذا السرير المهترئ المزعج. حاولت تمديد ذراعي فإذا بصوت سلسلة يرن في الأجواء. ذاك الرنين كان بسبب السلسلة التي قيدت معصم يدي اليسرى. ما هذا الألم المزعج!؟ اعتادت عيناي الظلام شيئا فشيئا. قمت من السرير الذي لم أستطع مغادرة محيطه سوى بمتر و نصف تقريبا. حاولت جذب السرير قليلا لأتقدم نحو باب هذه الغرفة اللعينة. صدقني لن تحب التواجد هنا مع هذا الجو المحيط.

غرفة ضيقة خانقة الجو تقيدك و تحبسك وسط أنفاسك. غرفة صغيرة جدا او هذا ما يهيئه لك هوائها الخانق و تلك الرائحة العفنة. رائحة أعرفها جيدا. انها رائحة كبريتيد الهيدروجين. إضافة للدماء المتناثرة في الغرفة و التي لم اتعرف على مصدرها بسبب الظلام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كبريتيد الهيدروجين: غاز يحمل الصيغة الكميائية H2S. رائحته تشبه البيض العفن و هي رائحة شائع التشبيه بها في مجال الطب. غاز قابل للاشتعال أيضا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بدأت محاولاتي للتحرر ربما شعرت ببعض الامل بسبب تزحزح السلسلة. في النهاية و بعد محاولات طويلة ربما لقرابة نصف ساعة من محاولاتي الحذرة لتحرير نفسي دون ان أصيب ذراعي؛ تحررت أخيرا!

عندها سمعت صوتا ذكوريا يناديني من خلف الباب: مرحبا أيها الأخ؟ كيف حالك؟؟

رددت: أخرجني حالا أيها اللعين و الا سأجعلك تندم!

فأجاب: لماذا العنف يا رجل؟ انا في مثل موقفك. الان ابحث في وسادتك عن كشاف و سكين جيب و افتح هذا الباب الصدئ و حررني قبل عودتهم!

سألت: من هم؟

فأجاب: الملاعين الذين احتجزونا هنا للاتجار في اعضائنا.

استجبت لكلامه و بحثت داخل الوسادة و بالفعل وجدتهما. استخدمت الكشاف لتفقد الغرفة لأتفاجئ برؤيته. جثة شاب مبقور البطن تتدلى أمعاؤه الدقيقة التي اسودت. لم يكن ذاك السواد غريبا علي. مزقت جزءا من ملابسي مستعملا اياه كقفاز طبي و مستعملا سكين الجيب كمشرط. رغبت في التدقيق اكثر فلا يعقل ان يكون هذا سبب الوفاة.

كانت الامعاء مصابة بغرغرينا اختزنت اكياس مائية او ما يعرف بـ (chronic moist intestinal gangrene) لكن من قام باستخراج الامعاء؟ ما علاقة موته هنا بالغرغرينا؟ و بالفعل كان شكي في محله. وجدت أثر خياطة فوق المعده. يبدو ان ذلك الشخص الذي فعل كل هذا توقع الشك لذا بظلا من استبدال الامعاء بأمعاء مصابة استبدل جزءا كبيرا من القناة الهضمية. و ترك الشخص يموت من الالم بين الغرغرينا و الزراعة الحديثة و نقص الغذاء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

chronic moist intestinal gangrene

حالة تموت فيها خلايا الامعاء و تتحول للون الاسود و تحتشي بالماء. تتميز بلون اسود نتيجة ترسيب كبريتيد الحديد إضافة لرائحة كالبيض العفن لاحتباس غاز كبريتيد الهيدروجين ذي الرائحة الكريهة. لا علاج لهذه الحالة غير التدخل الجراحي و اسنئصال موضع الاصابة اضافة لزيادة اجزاء من الاطراف احترازا من انتشار المرض.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أزحت الجثة جانبا و تقدمت نحو الباب الذي رسم عليه بالدم صورة ثعلب بثلاث ذيول كل ذيل منها كرأس حية. فتحت الباب لأراه أمامي. شاب في مقتبل العمر. ربنا عشريني مثلي يجلس مقيدا للسرير.

نظر الي متبسما قائلا: مرحبا أنا جمال و انت؟

أجبت بهدوء بينما اتقدم نحوه: فراس

ابتسم قائلا: هلا حررتني؟ يمكننا بعدها الحديث كما نشاء.

تقدمت نحوه و عندها غرزت سكيني في فخذه.

تعالت صيحاته بينما يقول: هل جننت؟!

فأجبته: لا تقلق لقد تجنبت الشريان الرئيسي في فخذك لكن المرة القادمة ساتركك تموت بسبب فقد الدم. أنا من يسأل هنا حسنا؟

أجاب بينما يومئ برأسه: حسنا!

سألت و سكيني تداعب عنقه: إذن أخبرني ماذا تفعلون بي في هذا المكان اللعين؟

أجاب مترددا: و ما أدراني؟! لماذا تتهمني!

طعنة أخرى اخترقت فخذه الاخر بينما أقول متهكما: تبا! لماذا لا أصيب هدفي اليوم. سأخبرك لماذا أتهمك!!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أولا: علمت أني ذكر رغم أني لم أتحدث على الاقل لتخمن من صوتي. حتى و إن كان دليلا ضعيفا.

ثانيا: كيف علمت أني سجين مثلك و لست خاطفا أعذب أحدهم و اسرق أعضاءه كما ادعيت؟

ثالثا: قلت أنهم يهتمون بأعضائنا لكن الجثة في غرفتي تثبت خلاف ذلك تماما!

أعضاؤه كلها موجودة بل و استبدل عضو سليم بعضو مصاب بالغرغرينا. على الاقل ما كانوا ليسمحوا بفساد الأعضاء السليمة بهذه الطريقة.

رابعا: علمت بمحتويات غرفتي و التي احتجتها لأصل إليك.

خامسا: هذه اللعبة اللعينة تعطي تلميحات. و كان التلميح لك هو ثعلب.

هل فهمت؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تعالت صيحته قائلا: سأخبرك بكل شيء! لا تقتلني فحسب!

تابع قائلا: هذه جزيرة معزولة جمعنا عليها مائة شخص مذنب. هذه جزيرة تطهيركم من خطاياكم العظمى التي ارتكبتموها! كلكم ستموتون و أنتم تمتعون الجمهور الذي يراقبكم!

تركته حينها و تأملت نواحي الغرفة و خصوصا الرسوم التي رسمت على حوائطها الأربعة. فوق الباب الجديد هنالك دائرة. على الباب الذي أتيت منه قفص. فوق السرير شمس. و على الحائط الخاوي ما خلا نافذة بقضبان حديدية توجد علامة جمجمة.

سألته حينها: كيف أخرج من هنا؟ و أجب بصدق فقد نفدت جميع فرصك.

أجاب مرتعدا: هل جننت؟ الباب أمامك!

اقتربت من الباب بينما أربط بين الرموز. كل هذا بغية فهم ماهية رمز الدائرة. و هنا كان القمر ساطعا على هذا الباب. و كان ضوء القمر هو ما أبرز لي حل هذا اللغز!

بدأت في سحب السرير بعيدا. كان ظني في محله. يوجد باب سري صغير للغاية.

عندها صاح جمال متوترا: ماذا تفعل؟!

أجبته: أعلن ضياع فرصتك الأخيرة. حملته على ظهري و فتحت الباب الذي ارتسم القمر فوقه. بينما ألقيه و هو عاجز عن الحركة.

تعالت أجراس بعد أن فتحت الباب لذا أغلقته فورا ظنا ان هنالك فخا.

بينما تعالت صيحته: أخرجني حالا! هذا الوغد سيقتلني!

لم أكترث و فتحت الباب المخفي تحت السرير. بينما يصيح قائلا: ستموت ميتة شنيعة! وجودك هنا هو دليل على خطيئتك العظيمة! أنت قاتل! في ملفك أنت مجرد قاتل لعين فهمت! تقتل مرضاك! أنت مجرد شيطان سيموت ميتة بشعة.

أجبت قائلا: حسنا يا جمال. أظنك بت تعرف الان هوية و شخصية من تسبب في قتلك. ماذا تريد؟ اغرب عن وجهي. إذا لم أمانع قتل مرضاي فلماذا أمانع قتل مجرد كلب؟

دخلت النفق بينما أسمع صوت منشار كهربائي. و لم تمر دقائق حتى رأيت دم جمال يسيل و صيحاته تصدح في المكان. كان مشهدا مرعبا لما رأيت جمال مبتور القدمين يتدفق الدم منهما يزحف محاولا الوصول للنفق. ما إن أدخل يديه للنفق محاولا إدخال ما تبقى من جسده داخلا حتى رأيت منشارا كهربيا يقده نصفين حتى يصل لرأسه لكي يجعل منه قطعتين يسيل منهما الدم. حينها رأيته. ذاك الوغد الأعور الذي يغطي دم جمال فمه و بدنه كله و بدأ في افتراس شرائح لحم من جسد جمال. و نظراته اللعينة لي. نظرة مختل! مختل يطمع في جعلي وجبته! تحركت أكثر داخل النفق حتى وصلت لغرفة أخرى.

لحسن حظي كان هناك طعام و ماء. كان الجوع يمزق احشائي فاندفعت نحو الطعام أنهمك بين طيات اللحم و الدجاج و الخبز. حينها أضاءت شاشة انتبهت لها توا.

ظهر شخص مرتد لقناع بلاستيكي و قال: مرحبا بك دكتور فراس. أتمنى أنك استمتعت بالمرحلة الاولى. و أتمنى أن الطعام نال إعجابك. يمكنك التحدث معي فيمكنني سماعك أيضا.

و أضاف مبتسما: كذلك جمهورنا العزيز

سألت حينها: ماذا يحدث هنا!؟

فأجاب: شخص بين جمهوري قدم طلبا باسمك للانضمام للعبتي الماتعة يمكنك شكره.

صحت فيه: تبا! ما سبب وجودي هنا!؟

فأجاب: أنت صديقي المسلي لذا سأخبرك. في بيان التحاقك يمكنني أن أرى كثيرا من المعلومات. هممم. وجدتها! أنت هنا لأنك قاتل.

وضع يده على فمه مدعيا الصدمة: ما هذا؟ دكتور فراس قاتل؟؟ لقد صدمتني!

ادعى الاستياء قائلا: للاسف! ظننت دكتور فراس لطيفا و مثيرا. تبين انه مجرم!

استشطت غضبا و قلت: كيف أخرج من هنا؟!

نظر مبتسما: حسنا حسنا يمكنك الخروج بعدة طرق. أولا ان تتخلص من الجميع، ثانيا: أن تنهي جميع الغرف

وضع يده على فمه قائلا: و ثالثا ان تنال فرصة خاصة

و تابع: احرص على امتاع جمهوري العزيز. و الان دعنا ندخل في صلب الموضوع. يمكنك أخذ بعض الطعام معك للمرحلة القادمة و لديك الحقائب المعدة لذلك. و هناك ساعة ذكية تمثل بطاقة دخولك في المراحل القادمة.

ابتسم بخبث قائلا: إن فقدتها فسيكون ذلك عرضا ممتعا.

انتهى العرض و تحولت الشاشة الى عداد. يوجك على العداد 22 ساعة تقريبا. أظن شيئا سيئا سيحدث عندها و لا رغبة لي بمعرفة ماهيته. التقطت الساعة و التي كانت عجيبة. يوجد عليها تقرير بحالتي الصحية كاملة.

ضغط الدم، معدل ضربات القلب، غازات الدم، حالتي الذهنية، حالتي الجسدية؛ بالطبع كنت مرهقا و مشتتا لكن الان لا بد أن أنجو! أعلم أنها ما زالت تنتظرني! هي تقاوم أيضا لذا ينبغي أن أقاوم مثلها!

خلدت للنوم لساعات بعد ان ضبطت منبهي. نمت لقرابة عشر ساعات. كنت مرهقا بالفعل. استيقظت و بدأت بإعداد المؤن. ربما لا أرى اي طعام لفترة. أخذت أربع زجاجات من الماء، زجاجتي عصير، بعض الخبز و علب طعام. حملت كل ذلك في الحقيبة و قررت الخروج. كانت الحقيبة ثقيلة بعض الشيء لكن سرعان ما اعتدت حملها.

حسنا ربما كان ينبغي ان افكر في الهرب منذ وقت أبكر. لم ألحظ عدم وجود باب للخروج. فغير الفتحة التي أتيت منها لا توجد منافذ أخرى. حسنا لا شيء واضح الان. لا علامات ولا أدلة. بدأت التفكير قليلا لا يشغلني سوى الساعة التي تقل أرقامها شيئا فشيئا. هذا هو عداد موتي! أظن ذلك.

رسالة أتتني على ساعتي الذكية الان. انها من ذلك المختل المقنع. تقول الرسالة "للخروج من الغرفة تحتاج أن تكون ملقى وسط العقارب بين الحياة و الموت. رغم اضطراب البحارة سيكون أسلم الطرق هو عين العاصفة"

تبا لكل هذا! لغز اخر ها؟ حسنا. سأفعلها! سأفعلها بطريقتك و أجاريك في لعبتك القذرة! ما دمت أجمع خمسة أدلة فسأتمكن من الفوز في ألعابك القذرة! هذا ما علمَتني إياه!

حسنا!

أولا: هناك لغزان.

لقد جعل لغزه من عبارتين غير مرتبطتين ظاهريا لذا هنالك لغزان او مرحلتان.

ثانيا: الرابط بين العبارتين هو ان أكون معرضا للخطر.

"ملقى وسط العقارب" "بين الحياة و الموت" "عين العاصفة" كلها توحي بذلك.

ثالثا: يمكنني تجاهل العبارة الثانية مؤقتا لأن "أسلم الطرق" توحي بوجود طريقين. أيا كان الطريق الذي أتخذه حينها سيوصلني للعبة التالية لكن أحدهما خطر و الاخر آمن.

ينقصني دليلان! سأعمل على حل هذه المعضلة يطريقة أو بأخرى.

للدقة الأدلة الثلاثة الأولى هي مفتاح اللغزين. و لكل لغز دليلان آخران لا بد أن أستنبطهما.

أخذت أفكر أكثر و أكثر. "أحتاج أن أكون ملقى وسط العقارب بين الحياة و الموت". لا يوجد عقارب هنا بأي شكل. لذا أحتاج ايجاد معنى الحياة و الموت أو مصدر الخطر.

الطعام ليس مسمما لذا لا يمكن أن يراد بالعقارب السم ولا يمكن أن يكون الطريق متعلقا بالطعام.

تبا! هل يمضي الوقت أسرع!؟ لا يمكنني التفكير إطلاقا!

و هنا خطرت ببالي فكرة! ماذا لو كانت العقارب هي عقارب الساعة؟ لكن هذه ساعة رقمية على شاشة! ماذا لو كانت تلميحا للساعة فحسب؟ أليس إنقضاء الوقت هو أكثر ما يهددني؟!

حسنا سأجرب. لا يمكنني تحطيم الشاشة. لكن ماذا عساي أفعل الان!؟

لحظة! " وسط العقارب" هل يعقل أنهما النقطتان الرئسيتان؟ بين الرقم المشير لعقرب الساعات و عقرب الدقائق. وسطهما!

بدأت بتحسس الشاشة و تحديدا النقطتين. بين النقطتين تحديدا كان هنالك زر مخفي. زر أسود! كان مخفيا بما أنهم طبقوا عليه تقنية الجسم الأسود. ما إن ضغطته حتى ظهر بابان مخفيان. أحدهما بجوار الشاشة و الاخر بجوار المدخل الذي أتيت منه.

حسنا إليك مفاجأة جديدة! تناقص الوقت و لا يبقى سوى 20 دقيقة تحديدا! أخيرا أدركت ماهية اللعبة الثانية. اختيار الباب الأسلم. في أسوأ الحالات سأختار أحدهما حتى لو كان شاقا فهو أفضل من الموت.

"أسلم الطرق هو عين العاصفة" ما معنى هذا؟ لا توجد رموز ولا اي توضيحات. فكرت و إذ بالمتبقي من الوقت 5 دقائق. هنا سمعته مجددا. ذلك الصوت. صوت أعرفه و لن أنساه ما حييت. صوت المنشار الكهربي الخاص بذلك المختل. كان صادرا من الباب الموجود بجوار المدخل الذي أتيت منه. حسنا هذا منطقي اكثر. إذن سأسلك الباب الموجود عند الشاشة.

اقتربت من الباب الموجود بجوار الشاشة. كانت يدي على المقبض الان. لكن توقفت. لم أستخدم التلميح لذا لا بد أن أتراجع. حسنا! "عين العاصفة" تعني مركز الخطر. إذن الباب الموجود بجوار الشاشة ليس عين العاصفة. تقدمت نحو الباب يتزايد صوت المنشار في أذني. بمجرد فتحي الباب بينما ترتعد أضلعي. لم أجد سوى ممر طويل. و عرفت مصدر الصوت و الذي كان مسجلا. كل هذا كان فخا إذن.

مضيت أكثر في الممر حتى وصلت الى الغرفة التالية. كان هناك فتاة في الغرفة.

ما إن دخلت الغرفة حتى صاحت: لا تتحرك!

نظرت إليها في عدم فهم متابعا المسير و هنا تقدمت نحوي و سحبتني نحو موضع وقوفها قائلة: هل أنت أصم؟!

كدت أشاجرها لولا رؤيتي للفخ الذي فعلته أثناء دخولي بغير قصد. لولاها لكنت ميتا بذلك السهم الذي كان موجها نحو رقبتي.

قلت لها: شكراً على تحذيري و أعتذر لأني لم أستجب.

فردت: لا مشكلة. أتفهم فعلك فأنا أيضا رأيت ذلك الوحش الصغير.

نظرت متسائلا: أي وحش صغير؟

فقالت مستغربة: ألم تر ذلك الصغير الغريب. أعلم أن له جسد بشري لكن أقسم أنه كان بلا ملامح. بالكاد لديه فم و أنف.

نظرت لعينيها و لم تكن تكذب بالفعل.

لذا قلت: إذن لا يمر الجميع في نفس المراحل. هذا منطقي أكثر.

قالت لي: أنا أثير. ماذا عنك؟

أجبت: ناديني فراس.

فردت: حسنا يا فراس.

سألتها: هل تعلمين سبب وجودنا؟ أعني المكان غريب فعلا.

أجابت: أظن أن ذلك الوغد مهووس الشاشة قال أن وجودنا هنا لأن أحد جمهوره قدم طلب التحاق بأسمائنا. و قال أن ذلك بسبب خطيئة. عندما سألته عن خطيئتي علمت من هو الشخص الذي يستهدفني.

سألتها: و ما هي خطيئتك؟

أجابت: لا شيء فقط قمت بإغلاق و حذف الحساب البنكي لأحدهم بعد أن تبرعت بمبلغ صغير لبناء دار أيتام.

نظرت لها قائلا: هل أنت روبن هود أو ما شابه؟

فأجابت: لا. ذلك الوغد اللعين كان يستمر بمضايقتي و مغازلتي من حين لاخر و يضغط علي باعتباره مديري في الشركة لذا قررت معاقبته بهذه الطريقة. لوددت أخذ المال لنفسي لولا حرمة السرقة.

نظرت مندهشا: هل تأثرت بسبب وجودك هنا لفترة فصرت مختلة؟ ما الفرق بين ما فعلتيه و السرقة؟

أجابت: أظن أن لديك وجهة نظر لكن كان بإمكانه استعادة المال لذا لا أظنني شخصا سيئا.

فسألتها: ما دام استعاده لماذا قرر ملاحقتك؟ و قام بإدراجك هنا؟

فأجابت و على وجهها نظرة بلهاء: ربما لأنني شهرت بتبرعه بملغ ضخم لبناء دار الأيتام لذا قرر حفظ ماء وجهه و عدم استعادة المال.

نظرت لها بينما أشعر بصداع بسبب هذه المجنونة و قلت لها: هل حقا لا تظنين نفسك مجرمة؟

فأجابت بنفس النظرة البلهاء: كلا! لم أترك دليلا خلفي! لم تتمكن الشرطة من ملاحقتي!

في نفس كنت أقسم أن هذه البلهاء مختلة فعلا.

2024/02/01 · 54 مشاهدة · 2293 كلمة
نادي الروايات - 2025