الفصل 13: طريق العودة والحساب

امتدّ الطريق إلى ميستيك فولز كأنه شريط من الذكريات والحقائق الملطّخة بالدماء، بينما ظلّت السيارة تهمهم تحت وطأة الصمت الذي خيّم على الإخوة الثلاثة.

كان ستيفان سالفاتور ممسكًا بالمقود بثبات، عينيه تراقبان الطريق دون تشتّت، بينما جلس دايمن إلى جواره، كعادته، لا يعرف للهدوء معنى.

في المقعد الخلفي، جلس ألكساندر يحدّق بصمتٍ من النافذة، وزجاجة دم الساحرة آمنة بين يدي بوني الجالسة إلى جانبه.

بوني كانت معهم منذ البداية ولكن خوفا عليها تم تركها في الخلف

بالطبع هي ساحره قوية جدا ولكن مع ذلك لم يرغب ستيفان بجعلها تشارك في القتال

الان كان لديهم ما جاؤوا لأجله.

ذلك الشيء الوحيد الذي قالت بوني إنه قادر على كسر اللعنة.

"سأحتاج إلى بضع ساعات لتحضير كل شيء حالما نصل،" قالت بوني بهدوء.

سخر دايمن، "متأكدة إنه ما لن يحوّله إلى مستذئب؟ أو ماعز؟ أو شيء أسوأ؟"

ابتسم ألكساندر ابتسامة باهتة، بالكاد تُرى. "هذا ما تتمناه."

فجأة، ضغط ستيفان على المكابح، فتوقّفت السيارة بعنف، واهتزّت بقوة أربكت الجميع.

انتصب ألكساندر في مقعده فورًا. "لماذا توقفت؟"

شدّ ستيفان قبضته على المقود، وصوته منخفض مشدود. "هناك شخص في الطريق."

التفت الجميع.

شخصٌ واحد، واقفٌ تحت سماء الشفق، معطفه الأسود يرفرف في النسيم كأجنحة ملاك ساقط.

ابتسامته كانت كل شيء ما عدا أن تكون ودودة.

وعيناه... تلتهبان غضبًا.

كول مايكلسون.

قال دايمن، وقد خفّض صوته، "رائع. الأصلي المختل الآخر."

اقترب كول بخطى بطيئة، محسوبة، مزيج من الغضب المتزن والأناقة الباردة.

"كنتم منشغلين جدًا في نيو أورلينز. أكثر مما يجب."

فتح ألكساندر باب السيارة وخرج قبل أن يتمكن أحد من إيقافه.

تعلّقت عينا كول به فورًا. "لا بد أنك الأخ غير الشرعي الشهير. ألكساندر، أليس كذلك؟ الأخبار تنتشر سريعًا. خصوصًا عندما تتعلق... بالقتل."

وقف ألكساندر شامخًا، صوته ثابت، "لم نقتل أحدًا لم يقاتلنا."

اختفت ابتسامة كول، وذبل صوته، كأنما يحترق من الداخل، "لقد قتلتها."

أمال ألكساندر رأسه قليلاً، "من؟"

"الساحرة. ساحرتي." صوته تشقّق في نهايته، بالكاد مسموع. "كانت تخصني."

وقف ستيفان خلف ألكساندر، وقال بحذر:

"هي من ألقت اللعنة على أخينا. وكادت أن تقتل ريبيكا، وإيلايجا، ودايمن، وأنا."

تصلّب نظر كول، واشتد بريق عينيه.

"كانت تحمي شيئًا قديمًا... شيئًا لا تفهمونه."

خرج دايمن من السيارة هو الآخر، رافعًا يديه بنصف حذر.

"كول، لا تفعل هذا. إن كنت تريد الحديث، فلنتحدث. لا تتحوّل إلى مزيج بين السفاح ودراكولا على طريق سريع."

لكن كول لم يكن ينوي الإصغاء.

أطلق حركة من يده، فاندفع دايمن بقوة إلى الوراء وارتطم بالأرض.

زمجر ستيفان: "يكفي!"

ثم انقض كول.

لكن ألكساندر كان له بالمرصاد، صدّه في منتصف اندفاعته، فتطايرت موجة صدمة عبر الإسفلت، واندفع الاثنان إلى داخل الغابة المجاورة، قبضاتهما تتبادل الضرب، والدماء سرعان ما لطّخت أيديهما.

كان كول يقاتل كمن تجسّد فيه الحزن—همجيًا، يائسًا، مدمّرًا.

أما ألكساندر، فكان يقاتل كمن تغذّى على الغضب لمئات السنين—غضب منضبط، وذكاء قاتل.

"لقد أخذتها مني!" صرخ كول وهو يرتطم بـ ألكساندر على جذع شجرة.

زفر ألكساندر، والدم يسيل من شفتيه.

"لقد لعنتني لأتعذّب قرنًا من الزمان. وأنت تبكي المرأة التي سجنتني في الجحيم."

لم يهتم كول. قبضاته واصلت الضرب بلا رحمة.

من السيارة، راقبت بوني المشهد وهي تهمس بتعاويذ الحماية تحسّبًا للأسوأ.

أما ستيفان، فاندفع ليسحب كول، لكنه رُمي بقوة إلى الخلف.

نهض دايمن من الأرض، يمسح الدم عن فمه، وعيناه تلمعان بالغضب.

"حسنًا. الآن... أنا غاضب."

اندفع الأخوان سالفاتور معًا، وأمسكا بـ كول، يحاولان تثبيته، بينما نهض ألكساندر من جديد، وجهه دامٍ، لكن عيناه تتقدان بنار لا تنطفئ.

كان كول قويًا.

لكن ألكساندر... كان قد سئم من أن يكون المطارد.

زأر واندفع إلى الأمام، وسدّد لكمةً قوية أطاحت بـ كول أرضًا، حيث بقي هناك، لا يتحرّك.

وقف ألكساندر يلهث، ينظر إليه

"هي اختارت. والآن، حان دورك لتختار."

حدّق به كول من الأرض، لاهثًا، "هذا... لم ينتهِ بعد."

استدار ألكساندر وعاد إلى السيارة.

"هذا لا ينتهي أبدًا. تذكر لم اقتلك هنا احتراما ل اخوتك الذين ساعدوني "

بصمت، صعد الإخوة إلى السيارة مجددًا.

وبقي كول في التراب، يراقبهم يبتعدون في الأفق.

كانت ميستيك فولز تنتظر.

والطقس بدأ يتهيّأ للطقوس.

أما الحرب... فلم تكن سوى في بدايتها.

.....

مرّت اللافتة المألوفة التي كُتب عليها "مرحبًا بكم في ميستيك فولز" كطيفٍ باهتٍ في عين العاصفة، بينما قاد ستيفان السيارة إلى داخل البلدة.

الهواء كان مشحونًا بالصمت، ثقيلاً كأنّه ينتظر الانفجار.

لم ينطق أحدٌ بكلمة منذ المواجهة مع كول.

ما زال الاحتكاك يشتعل تحت الجلد، والكدمات لم تبرُد بعد، والنفوس تتقلّب كالجمَر تحت الرماد.

كان ألكساندر يحدّق من نافذته، فكّه مشدود، وعيناه غارقتان في البعيد.

زجاجة دم الساحرة الآن بين يدي بوني، تمسكها كما لو كانت تحمل قنبلة زمنية، تهتزّ بنبض سحر قديم.

كان الدم أكثر من مجرد دم.

كان تاريخًا.

كان انتقامًا.

كان قوة نائمة.

وصلوا إلى منزل بوني عند الغروب، حين بدأت الشمس تذوب خلف الأشجار، فامتدّت الظلال الطويلة على الحديقة الأمامية.

ترجّلت بوني أولاً، حقيبتها في يدها، وقالت بنبرة أقرب للهمس، "لم يدخل البيت احد منذ يوم ذهابي."

المنزل بدا وكأنه شعر بما سيأتي.

الهواء من حوله ارتجف قليلاً، كأن الحماية القديمة قد استُدعيت مجددًا، استيقظت مع اقتراب القوة التي حملتها بوني معها.

"أحتاج وقتًا،" قالت والتفتت إليهم، "وصمتًا تامًا. لا مقاطعات."

رفع دايمن يده بتحية ساخرة، "ولا يهمّك، سوف آخذ قيلولة على شرفتك وأنتِ العبي مع قوى ما قبل التاريخ."

تجاهلته بوني ودخلت المنزل.

ألكساندر توقّف عند العتبات، مترددًا.

وضع دايمن يده على كتفه، وقال بلطف غير معتاد، "هي سوف تنجح. إذا كان هناك شخص من الممكن ان ينقذك... فهي بوني."

أومأ ألكساندر، "أعلم. من اجل ذلك ... أنا خائف."

في الداخل، دخلت بوني غرفة الطقوس القديمة الخاصة بجدتها، وبدأت التحضيرات.

الشموع اشتعلت من تلقاء نفسها، بلمسة من الهمس.

سكبت الدم في كأس من العظم والأوبسيديان.

رسمت دائرة من الملح، والنبات المُخدِّر، ورماد شجرة مقدسة.

بدأت تهمس باللاتينية، وصوتها يرتجف مرة واحدة فقط.

فأصدر البيت صوت أنين.

وكان الجواب.

تماسكت بوني، ووضعت قطرة من دم ألكساندر—التي أخذتها منه مسبقًا—داخل المزيج.

في الخارج، كان الإخوة ينتظرون.

اتكأ دايمن على الدرابزين، يحتسي من قارورته، وقال، "لو نجحت الخلطة، يجب ان نعمل حفلة. حفلة الأخ غير الشرعي."

نظر إليه ستيفان بتحذير. "دايمن…"

"ماذا؟ الرحلة كانت جنونية."

ألكساندر لم يكن يستمع.

كان سمعه موجّهًا بالكامل نحو الصدى الخافت للسحر في الداخل.

السحر كان يتضخم.

بصخب.

بتقلّب.

دقّ قلبه بقوة.

ثم جاء الصراخ.

بوني.

اندفع ألكساندر نحو الباب، والإخوة خلفه.

كانت بوني ملقاة على الأرض، الدم يسيل من أنفها، وعيناها مقلوبتان.

الكأس ترتجف بعنف.

صرخ ستيفان، "أوقفي الطقس!"

لهثت بوني، "لا أستطيع! هذا ليس مني—إنه هو!"

الدم بدأ يدور بشكل غريب، لا طبيعي.

ظهرت صور في الهواء فوقه—وجوه، ذكريات، لهب.

وتجسدت هيئة ما: امرأة بعيون داكنة وشفاه باردة.

الساحرة.

حتى في موتها، لعنتها لا تزال حيّة.

"إنها تحاول مقاومة العكس!" صرخت بوني. "هناك شيء يربط سحرها—شخص حي، من سلالتها!"

تقدّم ألكساندر نحو الدائرة.

اتسعت عينا بوني، "لا! أنتَ—"

"يجب أن أنهي هذا،" قال. "لن أكون دميتها بعد الآن."

دخل الدائرة، فتفجّرت العاصفة حوله، رفعت شعره، وشرّحت جلده كالسكاكين.

اهتزّ جسده بقوة.

"ألكساندر!" تحرّك دايمن، لكن ستيفان أمسكه.

"لا. يجب ان يفعلها بنفسه."

داخل عاصفة السحر، رآها.

الساحرة. تضحك. تمد يدها نحوه.

تذكّر صوتها، قسوتها، كيف مزّقت تعويذتها روحه إلى شظايا.

تذكّر عينيها حين قالت إنه وُلد كغَلطة.

"لا بعد الآن،" همس.

رفع يده—وظهر فيها وميض من اللهب.

قوة آش. اصبحت ملكه.

أطلقها بكل ما فيه من ألمٍ حمله مئة عام.

اشتعلت صورة الساحرة.

وساد السكون.

تحطم الكأس.

سقطت بوني مجددًا—لكن هذه المرة، أمسك بها ألكساندر قبل أن ترتطم بالأرض.

لقد انتهى الأمر.

اللّعنة... كُسرت.

لكن الأمور لم تنتهِ بعد.

في الخارج، حطّ غراب أسود على السياج.

يراقب بصمت، كأنّه يعلم.

وفي مكان بعيد، داخل سرداب مهجور تحت ميستيك فولز، شيء قديم... بدأ يستيقظ من نومه.

---

2025/05/21 · 21 مشاهدة · 1201 كلمة
نادي الروايات - 2025