16 - الاشباح الكامنة في الأعماق

الفصل 16: الأشباح الكامنة في الأعماق

هبّت الرياح على ميستيك فولز وهي تحمل في طياتها شيئًا غريبًا... حدة غير مألوفة.

برودة غير منطقية تسللت بين الأشجار، رغم أن الربيع قد حلّ منذ أسابيع.

أولئك الحساسون تجاه السحر شعروا بوخزة خفية تحت جلودهم...

كحكة لا يمكن الوصول إليها.

كان ألكسندر واقفًا عند حافة الغابة، عينيه ضيقتان تتأملان الأفق بصمت.

لم يذق طعم النوم منذ حديث أفلين... كلماتها لا تزال تتردد في رأسه، كأنها وُشمت بداخله.

> "أنت لم ترَ بعد أسوأ ما فعلوه بك، يا ألكسندر..."

ما زال لا يعرف ما الذي أزعجه أكثر…

أنها قالت ذلك، أم أن جزءًا منه، في أعماقه، صدّقها.

خلفه، تقدم كلاوس بخطوات هادئة، كعادته.

"ما زلت تفكر بها؟"

لم يرد ألكسندر.

قال كلاوس بنبرة هادئة، تحمل في طياتها شيء من النصيحة:

"ينبغي أن ترتاح. أيًّا يكن ما سيأتي... ستواجهه بشكل أفضل بذهن صافٍ."

همس ألكسندر بصوت منخفض كالغيم الثقيل:

"ماذا كانت تقصد، يا كلاوس؟ أنت تعرف شيئًا."

زفر كلاوس ببطء، ثم قال:

"ليس بالضبط. لكن الساحرات مثلها لا يتكلمن عبثًا.

إن قالت إن هناك ظلامًا أكبر قادمًا... فهي على الأرجح محقة."

استدار إليه ألكسندر فجأة:

"هل تقاطعَت عائلتك مع عائلتي قبل أن تُلقى عليّ اللعنة؟"

رفع كلاوس حاجبه مستغربًا:

"لا. فوضى آل سالفاتور... كانت دائمًا من صُنعكم وحدكم."

ابتسم ألكسندر بسخرية مرة:

"معلومة جيدة."

في منزل آل سالفاتور، كان ستيفان يمشي جيئةً وذهابًا بتوتر ظاهر.

أما دايمن فكان جالسًا، يشحذ سكينًا بنوع من اللامبالاة، وكأن الملل قد نال منه أكثر من القلق.

على الأريكة، جلست كارولاين بجانب بوني، وهما تعيدان قراءة التعاويذ مجددًا.

تمتم دايمن وهو يمرر إصبعه على حافة النصل:

"أكره الانتظار."

توقف ستيفان عن المشي، وقال بنبرة حذرة:

"هناك ما هو أعمق من ذلك. أشعر به. أفلين لم تأتِ من أجل انتقام... ما قالته كان تحذيرًا."

رفعت بوني نظرها من الورق:

"معك حق. كنت أراجع التعويذة الأصلية التي لعنت ألكسندر. تلك التي ساعد جوزيبي وكاثرين في إلقائها."

سحبت ورقة من بين الأوراق:

"هناك جزء لم أنتبه له من قبل...

التعويذة لم تحبس روح ألكسندر فقط، بل ربطتها بشيء آخر."

اقتربت كارولاين، وجهها مشدود:

"بِمَ؟"

اهتزت يدا بوني قليلاً وهي تمسك الورقة:

"بشخص."

تجمدت ملامح ستيفان، وصوته أصبح أكثر جدية:

"تقصدين أن هناك من يحمل جزءًا من روحه؟"

هزت بوني رأسها ببطء:

"أكثر من ذلك. الشخص الذي استخدموه كمرساة أثناء إلقاء اللعنة—ذلك الذي رُبط بألكسندر—ربما لا يزال حيًا حتى الآن.

وإن كان كذلك..."

أكمل دايمن الجملة، صوته مائل للسخرية المظلمة:

"فهو خطر... ظلّ لألكسندر."

في تلك اللحظة، دخل ألكسندر وكلاوس من الباب.

قال ألكسندر بنبرة ثقيلة:

"يبدو أننا نواجه مشكلة أكبر."

نهضت بوني من مكانها:

"كنا نناقش الأمر ذاته."

نظر إليها ألكسندر مباشرة:

"قولي لي ما اكتشفتِه."

شرحت بوني كل ما وصلت إليه: المرساة. الجسد الحي. الرابط الغامض.

صمت ثقيل خيّم على الغرفة.

ثم قال ألكسندر ببطء:

"رأيت حلمًا الليلة الماضية. رجلٌ ذو عينين حمراوين، واقف وسط النار... ناداني باسمي، وكأنه كان ينتظرني."

قال كلاوس بهدوء:

"ذلك ليس حلمًا... بل خيط.

شخص ما يحاول الوصول إليك عبر الحجاب."

تمتم ستيفان، نبرة صوته تشي باليقين:

"هذا يعني أن الأمر لم ينتهِ بعد... ولا حتى قريبًا."

وقف دايمن، ورمى السكين على الطاولة باستهانة:

"إذًا ما خطتنا؟ أن نعثر على هذه المرساة الغامضة وندمّرها؟"

هزت بوني رأسها بحزم:

"لا تدميره. يجب أن نعثر عليه أولًا. إن انكسر الرابط بطريقة خاطئة... قد يتمزق ألكسندر من جديد."

ساد الصمت للحظة.

ثم قال كلاوس بنبرة ساخرة خفيفة:

"يبدو أن الحفلة قد انتهت."

تقدم ألكسندر نحو النافذة، يحدق في البلدة من خلف الزجاج.

صوته جاء همسًا بالكاد يُسمع، لكنه حمل في طياته حسمًا واضحًا:

> "إن كان هناك من يحمل ظلي في هذا العالم... فقد حان الوقت لأن أواجهه."

---

كانت الليلة هادئة... أكثر من اللازم.

ذلك النوع من الصمت الذي يسبق الكارثة.

وقف كلاوس مايكلسون عند حافة شرفة منزل آل سالفاتور، الهاتف ملتصق بأذنه، وجسده جامد كأنما نُحت من حجر.

كان فكه يزداد انقباضًا مع كل كلمة تخرج من الصوت في الطرف الآخر.

وعندما انتهت المكالمة، لم ينبس بكلمة.

كل ما فعله هو أن حطم الهاتف في يده، فتناثرت أجزاؤه على أرضية الخشب.

"ما كان ذلك بحق الجحيم؟" سأل دايمن وهو ينهض.

زمجر كلاوس، وعيناه تقدحان شررًا:

"أمسكوا بهم... إيلايجا وريبيكا. خُطفا."

تقدم ستيفان خطوة:

"من؟"

ازدادت ملامح كلاوس ظلمة:

"لم يُفصح عن هويته. لكنه عرف كيف يصل إليّ، عرف متى نتواجد جميعًا هنا. قال إنه سيقتلهما إن لم آتِ وحدي."

هز دايمن رأسه ساخرًا:

"فخ تقليدي."

صرخ كلاوس بحدة:

"لا يهمني! إن تجرأ أحد على إيذاء إخوتي ولو بمقدار شعرة—"

استدار فجأة، مستعدًا للاندفاع نحو الليل.

لكن قبل أن يخطو خطوة واحدة، ظهر ألكسندر أمامه، واقفًا في طريقه بثبات.

"لن تذهب وحدك." قالها بصوت منخفض، لكنه كان كالسيف في صلابته.

رد كلاوس، محاولًا تجاوزه:

"هذه ليست معركتك."

لكن ألكسندر لم يتحرك من مكانه.

"بل هي كذلك. ريبيكا وإيلايجا ساعداني. وأنت أيضًا. هذا يجعلها معركتي أنا أيضًا."

ضاقت عينا كلاوس، وصوته ازداد برودة:

"لا أحتاج إلى دعم."

أجاب ألكسندر بثقة:

"لستُ دعمًا. أنا مدين لهم."

ساد الصمت بين الاثنين، والعيون من حولهما ترقب بصمت، والهواء مشحون بالتوتر.

ثم أومأ كلاوس بخفة:

"حسنًا. لكن إن أعقت طريقي، سأرميك إليهم أولًا."

ابتسم ألكسندر بسخرية:

"جرب فقط."

---

انطلقا في غضون ساعة، سرعة البرق والسحر تأخذهما عبر الليل.

كان كلاوس قد تتبع مصدر الاتصال، وبمساعدة بوني، حُدد الموقع: قصر مهجور يبعد ساعتين عن ميستيك فولز، وسط غابة كثيفة، خارج كل خرائط الزمن.

مع الركض، تلاشت الأشجار إلى ظلال باهتة.

"أتعتقد أنه المرساة؟" سأل ألكسندر، وهو يركض بجانب كلاوس.

اشتدّ فَكُّ كلاوس:

"ربما. أو ربما شيء أسوأ."

وصلا إلى القصر قبل بزوغ الفجر.

كان يقف شامخًا كجثة من قرنٍ مضى—نوافذ متهالكة، ستائر ممزقة، نباتات متسلقة كأنها عروق الموتى تلتف حوله.

بابه الأمامي كان مفتوحًا.

دخل كلاوس أولًا، بخطى صامتة، يتقدمه الحذر.

تبعه ألكسندر، عينيه تراقبان كل زاوية، كل ظل.

رائحة الدم... تسللت إلى أنف ألكسندر على الفور.

إسورة ريبيكا كانت على الأرض، مغطاة ببقع من الدم القاني.

انحنى ألكسندر، يلمسها بأصابعه:

"الدم طازج."

زمجر كلاوس، صوته أشبه بوحش:

"إنهم هنا."

فجأة، تغير الهواء.

صوت ناعم، بارد، انبعث من الظلال:

"كنت أسرع مما توقعت، نيكلاوس."

استدار كلاوس وألكسندر معًا.

رجل خرج من الظلام، يبدو في أوائل الثلاثينات.

قميص أبيض ملطخ عند الأكمام، شعره ممسوح إلى الخلف، وعيناه... كأنهما زجاج مهشّم، فيهما غضب لا حدود له.

قال كلاوس، صوته لا يخلو من الاشمئزاز:

"أفترض أنك من اتصل."

"أنا هو." أجاب الرجل بابتسامة باهتة. "اسمي مالاكاي. لكن أصدقائي ينادونني كاي."

ضاقت عينا ألكسندر:

"هجين سحري... لقد ضننت ان معشرك قام بحجزك في عالم سجن . او هذا ما سمعت من الاشاعات"

ابتسم كاي بدهاء:

"أنت تعرفني؟ يشرفني ذلك. كلامك صحيح لقظ فعلوا ذلك ولكن عندما تملك الاصدقاء المناسبين. حسنا لنقل فقط انا املك الاصدقاء المناسبين حقا "

"ماذا تريد؟" سأل كلاوس، صوته مائل للنفاد.

رد كاي بابتسامة عريضة:

"كنت أرغب بالحديث. لكنني أدركت لاحقًا أن الحديث ممل... لذا—"

رفع يده. انفجرت موجة سحرية هائلة.

طُرح كلاوس في الهواء واصطدم بالحائط بقوة.

اندفع ألكسندر إلى الأمام، ممسكًا بذراع كاي قبل أن يلقي تعويذة ثانية.

تصادما بعنف—لكمات، طاقة، سحر خام.

لكن كاي كان ماكرًا. اختفى في لمح البصر، وظهر خلف ألكسندر، يهمس بتعويذة غامضة.

اندفع الدم من صدر ألكسندر، فتراجع مترنحًا.

سخر كاي:

"ما زلتَ تتنفس؟ كنت أطمح للمزيد."

اشتعلت عينا ألكسندر بالغضب:

"تريد المزيد؟"

وانقض عليه، أطاح به عبر باب خشبي.

تحطما في الممر، والدماء تلطخ الجدران.

في الطرف الآخر من الممر، نهض كلاوس وهو يزمجر، وركض نحو الصوت.

دخل إلى الرواق في اللحظة التي كان فيها ألكسندر قد صرع كاي وثبته إلى الجدار.

"سأقتلع قلبك بيدي." همس ألكسندر.

ضحك كاي، وابتسامته تملؤها السخرية:

"لقد تأخرت... على أية حال."

صرخة دوت عبر الممر.

صرخة إيلايجا.

اتسعت عينا كلاوس، واندفع كالسهم.

وصل إلى الغرفة في نهاية الرواق—وهناك كان المشهد.

ريبيكا وإيلايجا، مقيدان إلى الجدران المتقابلة، جسداهما مغطى بالكدمات والدماء... لكنهما على قيد الحياة.

ساعة على الجدار تُصدر صوتًا منتظمًا.

بجانبها، محفور في الخشب كلمة واحدة:

"قربان."

ظهر كاي مجددًا في المدخل خلف كلاوس وألكسندر، يبتسم.

قال:

"قلت لكم إن الأمر لا يتعلق بكما فقط.

إنه عن الإرث، والخيانة... والدم."

ثم اختفى.

قال ألكسندر بحزم:

"حررهما."

ركض كلاوس نحو ريبيكا، وتوجه ألكسندر إلى إيلايجا.

وأثناء تحريرهم، نظر كلاوس إلى ألكسندر وقال بصوت خافت:

"هذا لم ينتهِ."

أومأ ألكسندر، ودمه يقطر من قبضته.

"لا. هذا مجرد بداية."

---

2025/05/21 · 21 مشاهدة · 1307 كلمة
نادي الروايات - 2025