الفصل 27: الخاتم الذي اشتعل
كان الخاتم مسندًا على الطاولة بين ستيفان ودايمن، كأنه شبح لم يرغب أيٌّ منهما في مواجهته.
كان يلمع بوميض فضيّ باهت، يلتقط آخر خيوط الضوء المنبعثة من الموقد المتوهج. لم يكن مجرد خاتم؛ بل آخر ما تبقّى من ألكسندر—روحه المشبعة بالدماء، مكثّفة داخل دائرة معدنية مسحورة. الخاتم ذاته الذي كان يضجّ يوماً بسحر آش الخام، صار الآن باردًا، خامدًا، بلا حياة.
ومنذ أن غادر كلاوس، لم يجرؤ أي منهما على لمسه.
جلس ستيفان يحدّق فيه بصمت، مرفقاه يستندان إلى ركبتيه، وأصابعه متشابكة بقوة. أما دايمن، فكان يتنقّل في الغرفة جيئة وذهابًا، كأسه في يده، وعقله غارق في بحر من الأفكار التي لا تُقال.
تمتم ستيفان، كاسرًا الصمت الثقيل:
"قال إن الأمر ربما لم ينتهِ بعد."
ضحك دايمن بسخرية مريرة:
"قال ربما. قد لا يكون الخاتم سوى تذكار سخيف يذكّرنا بمدى فشلنا."
"أتعتقد أن ألكسندر كان سيوافق على تركه هناك؟ مجرد خاتم على طاولة؟"
"أعتقد أن ألكسندر لم يكن ليقبل بأن نخاطر بحرب جديدة ونحن نطارد شبحًا."
خفض ستيفان صوته، لكنه بقي ثابتًا:
"وماذا لو لم نكن نطارد شبحًا؟ ماذا لو بقي جزء منه… من آش، أيا كان ما أصبحا عليه… محبوسًا بداخله؟"
لم يجب دايمن. وصمته كان أبلغ من أي كلام.
وحين حدّقا معًا في الخاتم، حدث ما لم يتوقعاه—
لقد نبض.
مرة واحدة. ضعيفة. أشبه بآخر نبضة في قلب يحتضر.
نهض ستيفان واقفًا في الحال. سقط كأس دايمن من يده وتهشّم على الأرض، لكنه لم يلتفت إليه.
نبض الخاتم مجددًا.
موجة سحرية خافتة اجتاحت المكان، أشبه بهمسة تحملها الريح. ارتجف لهب الموقد، وتذبذبت الأضواء العلوية.
قال دايمن، مذهولًا:
"ما...
اللعنة…؟"
من دون اي تاخير او تردد رفع ستيفان هاتفه و اتصل
بعد عشر دقائق تقريبا
اندفعت بوني عبر الباب الأمامي، لاهثة، وشعرها مبعثر من العاصفة في الخارج:
"هل… هل نبض؟"
استدار الشقيقان نحوها بدهشة.
"ما بداخل هذا الخاتم… لم يمت تمامًا."
رمقها دايمن بنظرة حادة:
"ماذا يعني هذا يا بوني؟ إن ألكسندر… محبوس؟"
اقتربت بوني من الطاولة بحذر.
"ربما ليس هو بالكامل. ربما مجرد جزء منه. ذكرى. بقايا من الكيان الذي أصبحه بعد اندماجه مع آش."
مدّت يدها فوق الخاتم، وسرت الطاقة عبر أطراف أصابعها.
قالت بصوت هادئ:
"خامد… لكنه لم يختفِ. ليس بعد."
اقترب ستيفان:
"هل يمكننا إعادته؟"
ترددت بوني، ثم أجابت:
"هذا يعتمد."
"يعتمد على ماذا؟"
"يعتمد على ما إذا كنتما مستعدّين… لخسارته مرة أخرى انا لا اعلم كيف حدث هذا حقا لدي فقط فرضيات غير معقولة ولكن مره اخرى منذ متى وانحن نتعامل مع المعقول ...
اللعنة كما نعلم قسمت روح الكسندر هو و اش بعد الاندماج اصبحوا واحد ولكن روحه كانت شبه ... حسنا ليس هناك وصف دقيق ولكن
كل بشري كل مخلوق روحه ملتصقة بجسده ولكن ألكسندر مختلف كليا روحه ملعونه مقسمه غريبه لذلك روحه ليست مرتبطة بجسده وليست مرتبطه باي شئ مادي حقا
لذلك افتراضي هو انه قبل الموت قام بنقل جزء من روحه إلى الخاتم ولكن كما اسلفت هل انتم مستعدين لخسارته مره اخرى فهذا الامر ليس بسيط حقا ربما سوف انجح و ربما سوف تختفي روحه كليا ."
سقط صمت مدوٍّ، أشد وطأة من أي كلام.
تقدّم دايمن الآن، شيء قاسٍ يلمع في عينيه:
"حسنا، ما المفروض فعله؟"
نظرت بوني إلى كليهما وقالت:
"أحتاج وقتًا. كتب. طقوس. وشيء يخص ألكسندر… شيء كان يعني له الكثير."
ضاق ستيفان عينيه، يفكّر:
"قد أملك شيئًا."
وضعت بوني الخاتم داخل كيس حريري، ونظرت إليهما مرة أخيرة قبل أن تغادر:
"سوف اجلب بعض الاشياء و الكتب من منزلي و اعود...
وان كانت هناك طريقة لكي نرجعه او جزء منه . سوف اجدها."
وحين غادرت بوني، خيّم على المنزل صمت جديد—لكنّه لم يكن الصمت الخانق الذي اعتادوه.
كان صمتًا من نوع آخر… صمتٌ فيه نَفَس من أمل.
التفت ستيفان إلى دايمن، الذي كان قد انحنى ليلتقط شظايا كأسه المكسور.
"تعتقد إننا مجانين لمحاولتنا هذه؟"
أجاب دايمن بصوت منخفض:
"أعتقد إننا يائسين. ولكن… اليأس هو كل ما بقي لنا."
في الخارج، استمرّت العاصفة في هديرها.
وفي الداخل، كانت نار جديدة توشك أن تشتعل.
وفي ظلّ خاتم محطم… كان هناك شيء يتحرّك.
---
تحرّك ستيفان عبر الممر، يحمل حقيبة ممتلئة عن آخرها بأعشاب سحرية عتيقة، وكتب تعاويذ مسروقة، وتمائم قديمة كانت كارولاين قد ساعدته في العثور عليها عبر معارفها خلفه مباشرة، تبعه دايمن بخطوات واثقة، وألقى بقارورة مشروخة في حقيبة أدوات بوني المفتوحة، بينما ارتسمت على وجهه ابتسامة ساخرة.
قال:
"جذر الماندريك مضاعف، ودم مستذئب طازج. قلتِ نادر، أليس كذلك؟ أحضرتُ ما هو أندر."
رفعت بوني نظرها بالكاد عن الرموز التي كانت ترسمها على الأرض:
"تقصد... خطير."
ابتسم دايمن، وقال بلهجة مازحة تحمل في طياتها جدية خفية:
"الخطير هو ما نجيده."
نظرت بوني إلى ستيفان، الذي أومأ برأسه بجدية.
قال:
"أحضرنا كل شيء. حتى القلادة التي كان ألكسندر يرتديها دائماً. وجدناها في غرفته… اعتقدت أنها قد تفيد و ايضا قمت ب اخراج مذكراته لقد قمنا ب دفنها سابقا ولكن انتي قلتي ان نحضر شئ يخصه لذلك احضرت كل شي."
تناولت بوني القلادة بعناية بالغة. ثم امسكت المذكرات
همست:
"هذا جيد… فكرة موفقة."
ومن ناحية المطبخ، ظهر مات دونوفان، يحمل بين ذراعيه عدداً من الجرار الزجاجية.
قال ساخطاً:
"حسنًا، الأمر بات غريبًا حتى بالنسبة لي. ما هو تراب المقابر هذا؟ ولماذا أضطر للحفر من أجله مرة أخرى؟"
أومأت له بوني بشكر مشتت، دون أن ترفع عينيها:
"أنت تؤدي عملاً ممتازًا، مات. فقط ضعه على الطاولة."
تمتم مات وهو يمرّ بجوارهم:
"في المرة القادمة، إن أراد أحدهم إحياء هجين ملعون بنصف شيطان… فليبعث لي برسالة تحذير مسبقة."
دخلت كارولاين كنسمة عاصفة، بسرعة مصاصي الدماء، تحمل بين يديها كتابين قديمين بجلد متين:
"حسنًا، حصلت على كتب تعاويذ من ثلاث ساحرات كنّ يرفضن التخلي عنها بشدة. إحداهن حاولت عضّي، لذا أنتِ مدينة لي بجلسة عناية بالأظافر يا بوني."
ابتسمت بوني لها ابتسامة مرهقة، وقالت بإخلاص:
"أنتم مذهلون… بحق."
ساعدها ستيفان على ترتيب الكتب داخل دائرة الطقوس. أما دايمن، فكان واقفًا عند النافذة، يراقب الغيوم الثقيلة المتجمعة في الأفق، بعينين ضيّقتين تشي بالقلق.
قال بصوت منخفض:
"الهدوء هذا مريب… لا أشعر بالراحة."
سألته كارولاين:
"تقصد الهدوء؟ السلام؟"
أجاب وهو لا يزال يحدّق في السماء الرمادية:
"لا. أقصد كول."
وبمجرد أن نُطق اسمه، بدا وكأن الغرفة بأكملها انخفضت حرارتها بدرجة.
كول مايكلسون… كان هو العاصفة التي تترصّد دومًا وراء كل سكون.
أنهت بوني رسم الرمز الأخير، ثم وقفت، ويداها ترتجفان قليلاً من الطاقة التي كانت تسحبها من العالم من حولها.
قالت لتوضح:
"هذه التعويذة ليست لإحياء الأموات… بل لإعادة الروح، إن كانت ترغب في العودة."
سأل ستيفان بصوت خافت:
"وإن لم ترغب؟"
كان صمت بوني جوابًا كافيًا.
توقّف الجميع عن الحركة. لحظة واحدة صامتة، اجتمع فيها كل شيء—منزل امتلأ بمحاربين، وعشاق منكسرين، وأصدقاء دفنوا من الأسماء ما يكفي لعمرٍ بأكمله.
ثم أومأت بوني، وقالت:
"لنبدأ."
خفَتت الأنوار. واشتعلت الشموع، ترسل ظلالاً متراقصة على الجدران، أشبه بأشباح قديمة أُعيد استدعاؤها.
رُسمت الدائرة. وُضعت المكونات بعناية. وُضعت القلادة في مركز الطقس.
رفعت بوني يديها—
لكن فجأة—
اهتز هاتفها.
قفز الجميع في أماكنهم. رمشت بوني بسرعة والتقطت الهاتف من على الطاولة.
قرأت الرسالة… وبهت وجهها.
كان دايمن عند جانبها في لحظة:
"ما الأمر؟"
ابتلعت ريقها، ونظرت إلى الأخوين:
"إنه إيلايجا."
أخذ ستيفان الهاتف وقرأ بصوت مسموع:
"كول عائد… وليس عائدًا للكلام. بل قادم للحرب."
ساد صمت ثقيل كالغيوم، يخنق الأنفاس.
تراجعت كارولاين نحو الباب، صوتها مشدود، مرتجف الحافة:
"إذًا… لم يتبقَّ لدينا الكثير من الوقت."
"تعتقدون كم عدد من سيجلبهم كول معه؟"
أجاب دايمن بصوت غليظ، يحمل ظلالاً من التهديد:
"ما يكفي لتحويل هذا إلى جحيم."
نظرت بوني مجددًا إلى القلادة المتوهجة في مركز الدائرة. و المذكرات
وفي تلك اللحظة، أدرك الجميع الحقيقة:
لديهم فرصة واحدة.
روح واحدة.
عاصفة تقترب من الاكتمال… وأخرى في طريقها إليهم.
—