الفصل 29 : لقد نهض الشيطان

ساد الصمت ميدان المعركة.

وقف كول مايكلسون شامخًا، ذراعه مرفوعة عاليًا، والسحر الأسود يلتف حول أصابعه كدخان على وشك أن يتحوّل إلى نار.

من حوله كان الدمار يرقد ساكنًا: كلاوس، محطمًا ومغطًى بالدماء؛ إيلايجا، يلهث بأنفاس متقطعة من رئتين ممزقتين؛ ربيكا، بالكاد قادرة على رفع رأسها؛ دايمن وستيفان، جسداهما يرتجفان، لكن أعينهما لا تزال مشتعلة بتصميمٍ لا يُقهر، لا يدفعهما للثبات سوى الغضب الأعمى والعناد المرير.

دوى صوت كول في الأجواء، يرن كلعنةٍ قديمة بُعثت من غياهب النسيان.

"هذه هي النهاية. سأمحُو هذا المكان من الوجود. سأحرق أسماءكم من التاريخ. لم يكن يجب أن—"

ضحكة قطعت ظلام الليل.

ضحكة عميقة، وحشية، فوضوية.

تجمّد الجميع في أماكنهم.

حتى السماء ارتجفت.

وميض سحر كول خفت للحظة.

ومن أقصى طرف الميدان الخالي، تحرّك شيءٌ ما.

سريع. متوهج.

شعاع من طاقة غير طبيعية اندفع نحوهم كنيزك مشتعل—لا، كعاصفةٍ تشكّلت على هيئة رجل.

استدار كول في اللحظة التي وصلت فيها تلك القوة إلى قلب الساحة.

عاصفةٌ من الرياح العاتية انفجرت عبر الأرض، الأشجار اهتزت، والتربة تصدّعت تحت الضربة.

ارتفع جسد من الحفرة التي خلّفتها الصدمة، البخار يتصاعد من كتفيه، والعروق السوداء تنبض بقوةٍ خارقة. كان قميصه ممزقًا، الدم يلطّخ صدره، لكنه لم يكن ينزف كما ينزف الآخرون—بل كان جسده يتوهّج بطاقةٍ مختلفة تمامًا.

كانت ابتسامته منقوشة بالجنون.

وعيناه تشتعلان بغضبٍ أسود.

وصوته شقّ الصمت كما لو كان صوت الموت نفسه.

"اشتقت إليّ؟"

كان ألكسندر.

عاد إلى الحياة.

ليس مجرد حيّ… بل مستيقظ بكل كيانه.

ترنّح كول إلى الوراء، والغضب والذهول يتصارعان على ملامحه.

"هذا مستحيل. لقد قتلتك—!"

أمال ألكسندر رأسه بخفة، وقال ببرودٍ لاذع:

"لقد حاولت. لكن يبدو أن بوني لديها بعض المفاجآت. انتزعت روحي من ذاك الخاتم الجميل، وأعادتني إلى هذا الجسد كما يُضرب الزجاج بالمطرقة. استغرقها الأمر بعض الوقت."

كانت بوني قد اتت ايضا مع ابتسامه على وجهها

حرّك الكسندر أصابعه ببطء. الأرض تحت قدميه اهتزّت.

"لكنني هنا الآن."

زمّ كول شفتيه، وقال بازدراء:

"وماذا في ذلك؟ حملٌ آخر يُقاد إلى الذبح؟"

ابتسامة ألكسندر اتّسعت—تحوّلت إلى شيءٍ متوحّش، منفلت من كل عقل.

"أنت لا تفهم، أليس كذلك؟ أنا لم آتِ لأُنقذهم. أنا هنا لأنك أغضبتني."

رفع كول يده، وأطلق موجةً عاتية من السحر الخالص، طاقة مدمّرة انبعثت من كفه.

أصابته الضربة مباشرة.

تشقّقت الأرض تحته. وغمر الظلام الميدان.

ارتفع الغبار في الهواء.

ثم—

ضحكة. ضحكته هو.

بدأ الغبار ينقشع—وألكسندر لا يزال واقفًا.

دون خدش.

وابتسامته؟ أعرض من أي وقتٍ مضى.

همس بصوتٍ منخفض وهو يخطو خطوة إلى الأمام:

"أوه... أنت في ورطة."

وهكذا، بدأت الحرب من جديد.

لكن هذه المرة... كان للعاصفة اسم.

ألكسندر.

كان المشهد فوضى.

لا—بل لم تكن فوضى.

كانت غضبًا متجسّدًا.

كما لو أن الحكام ذاتهم قد نزلوا إلى الأرض، غاضبة لا تعرف الرحمة، وجعلت من غضبها طوفانًا لا يمكن إيقافه.

وكان ألكسندر في عين تلك العاصفة.

تحرّك كما النار حين تجتمع بالرعد—جسده ضباب من السرعة، وضحكته تدوّي في السماء كأنها صرخة ملكٍ مجنون قد عاد من القبر.

مع كل خطوةٍ يخطوها، كانت العظام تتحطّم.

ومع كل ضربةٍ من ذراعه، كان يمزّق جيش كول كما لو كانوا دمىً ورقية.

مصاصو دماء، وسحرة، ومستذئبون—لم يصمد منهم أحد.

ولم يكن غاضبًا.

بل بدا… سعيدًا.

فرحًا خالصًا… مغموسًا بالدماء.

كان وجهه يضيء بنشوة الجنون.

وعند الطرف الآخر من ساحة القتال، وقف كول مايكلسون متجمّدًا في مكانه، والذهول يسري في ملامحه.

جيشه يُباد في دقائق معدودة.

وقت من التخطيط، وتعاويذ لا تُحصى، وقوة جمعها عبر الوقت—كلها كانت تتفكّك أمام عينيه.

والمخلوق الذي يفعل هذا... كان يبتسم.

كان الشقيقان سالڤاتور واقفين معًا، لا ينطقان بكلمة.

دايمن والدم ينزف من فمه، أحد أضلاعه المكسورة يثقب جسده من الداخل، لكنه لم يستطع أن يزيح عينيه عن ألكسندر.

همس ستيفان:

"لقد تغيّر."

وقفت ربيكا بجانبهما، تمسك بجانبها المتألم.

"هذا ليس نفس الرجل الذي رأيناه من قبل."

أما كلاوس، فقد حدّق في ألكسندر بانبهار، وارتسم على شفتيه أثر ابتسامة رغم الألم الذي ينهش صدره.

"لا. هذا شيء آخر تمامًا."

لكنها كانت بوني من نطقت بالحقيقة، بصوتٍ أجش لكنه ثابت:

"إنه لم يعد ملعونًا."

التفت الجميع نحوها.

كانت تراقب ألكسندر وهو يشقّ طريقه عبر عشرات مصاصي الدماء كإعصار من الموت، جسده يتوهّج بضوءٍ خافت في الظلام، أنيابه بارزة، وعيناه مشعتان بجنونٍ لا يُروّض.

قالت بوني:

". قبل أن أعيد روحه إلى جسده، أزلت اللعنة تمامًا. الألم، القيود، السلاسل—كل شي ذهب ."

تقدّم دايمن خطوة، وجهه متجهم:

"لكن ذلك لا يفسّر ما نراه. ما هو بحق خالق الجحيم؟"

نظرت إليه بوني، وفي عينيها رهبة وإعجاب قاتم:

"إنه لم يعد بشريًا. حين أعدت روحه... اتخذ القرار."

رمش ستيفان بدهشة:

"أي قرار؟"

همست بوني:

"أن يتحوّل. ألكسندر حوّل نفسه إلى مصاص دماء."

وسقط الصمت على الجميع كغطاء كثيف.

روح ملعونة، عادت إلى الحياة بلا قيود.

جسد تغذّى على الغضب، والسحر، والزمن.

والآن... ينهض بقوة الدم الخالد.

مصاص دماء... بلا حدود.

لم يكن هجين ولم يكن اي نوع اخر من المخلوقات الغريبة

هو بشري ملعون

انقسمت روحه الى عدة اقسام

مات

عاد الى الحياة و اختفت اللعنه من روحه

تجمعت الاقسام في جسد واحد و تغذى الجسد على طاقه مصاص دماء

كان ألكسندر الان شئ خارج نطاق تصورهم كليا

صرخ كول بغضب، وأطلق موجةً أخرى من الطاقة المظلمة—لكن ألكسندر لم يتراجع.

بل أمسك بها.

احتجز الطاقة في كفّه، نابضة للحظات... ثم تحوّلت إلى دخان، واختفت.

ابتسم ألكسندر لـكول، وعيناه تتلألآن بسخرية قاتلة.

"جيشك انتهى"، قال بهدوء، "والآن لم يتبقَ سوى أنا وأنت."

ترنّح كول إلى الوراء، خطواته مضطربة.

خلف ألكسندر، كان ميدان المعركة قد تحوّل إ

لى مذبحة.

الدم أغرق الأرض.

الجثث تناثرت كأوراق خريف ذابلة.

والريح ذاتها بدت كأنها تخشى أن تهبّ بقوة.

وألكسندر لم يتوقّف.

لا يزال يخطو إلى الأمام.

ولا يزال يبتسم.

ولا يزال يضحك.

ولا يزال... لم ينتهِ بعد.

2025/05/27 · 4 مشاهدة · 897 كلمة
نادي الروايات - 2025