الفصل 33— "دماء خُلِقَت للحكام"

بدات المطارده بسرعه ف التاخر في امساك كاثرين هو خطأ قاتل

ذهب الجميع بسرعه الى الموقع الذي ذكرته الساحرة صديقه بوني

هناك امام اعينهم كانت قبة

كانت القُبّة الحمراء تنبض كنَبض قلبٍ مريض—بطيئة، مشؤومة، عتيقة. الأرض داخلها كانت محترقة، والتربة نفسها اسودّت بفعل الطقس الملعون الذي أتمّته كاثرين. وقف كول في مركزها، لكن ما كان يرتدي ملامحه… لم يكن كول بعد الآن.

تشوّه جسده بسحرٍ مظلم، عروقه تتوهّج بضياء قرمزيّ تحت جلده، وعيناه تحوّلتا إلى جحيمين من اللهيب الأحمر. كانت القوة تنبعث منه كموجة عاصفة، كثيفة، خانقة. لم يطرف له جفنٌ واحدٌ حتى عندما اقترب الآخرون من حافة الدائرة، وتوقفت خطواتهم عند الحاجز غير المرئي، الذي كان يفرقع ويصدر أزيزًا كلما حاول أحدهم لمسه.

تراجعت ريبيكا إلى الوراء وقد شحب وجهها:

"ما الجحيم هذا؟"

زمجر كلاوس، وهو يحدق بعينين تشعان غضبًا وريبة:

"خدعة من خدع كاثرين... لقد استدعت شيئًا عتيقًا. شيئًا حتى أنا لا أعرفه."

كان إيلايجا يرمق كول بعينين متجهمتين، وملامحه مشدودة كأنما رأى شبحًا:

"هذا لم يعد كول. هذا... شيء آخر، يختبئ تحت جلده."

كانت بوني واقفة على حدود الأشجار، مدّت يدها نحو الحاجز، وما إن لامسته حتى ارتدّت للخلف وهي تصرخ من الألم.

"ليست مجرد طاقة سحرية... إنها حية. تلك الدائرة... إنها عقد دموي. ميدان معركة لا يقبل سوى اثنين."

تقدّم دايمن، عينيه مثبتتين على كول:

"دعني أخمن... سيسمح بدخول شخصٍ واحد فقط معه، أليس كذلك؟"

تقدّم ألكسندر بصمت نحو الدائرة. الهواء من حوله تغيّر، وكأن العالم نفسه كان يهمس له. السحر الذي رفض الآخرين... قبله.

لأن الأمر لم يكن مجرد طقس، بل كان تصميمًا... خطه وضعت منذ زمن طويل بالفعل ، لعنة منسية، جوعٍ ضائع، نشأ من أول قطرة دم أُريقت تحدّيًا للطبيعة.

قال كلاوس بصوت خفيض، وقد فقد كل أثر للسخرية المعتادة في نبرته:

"إنه يختار خصمه الأخير."

أومأ ألكسندر برأسه، عيناه تضيقان:

"إنه يريدني. أنا وحدي."

خطا ستيفان للأمام، واضعًا يده على صدر أخيه ليردعه:

"هل أنت متأكد من هذا؟"

ابتسم ألكسندر، ليس بتكبّر، بل بشيءٍ أعمق... القَبول.

"الأمر لم يكن يومًا يتعلق بإنقاذ العالم. ليس بالنسبة لي. هذا أمر شخصي. لقد قتلني مرة. وكاد أن يقتلكم جميعًا... سأعيد له الجميل."

نظر دايمن إلى البقية ثم قال، بابتسامة قاتمة:

"فقط لا تمت مرة أخرى... كانت المرة الأولى كافية لإحباطنا."

أخذ ألكسندر نفسًا عميقًا، وخطا إلى داخل الدائرة.

لم تكن هناك مقاومة. انشقّ الحاجز أمامه كضباب، ثم أُغلق خلفه على الفور.

داخل القبة، ساد صمت غريب. لا ريح. لا صوت من الخارج. فقط كول—أو ما تبقّى منه—واقفًا هناك، يبتسم بشفاه متشققة، وعيناه لا تزالان تتوهجان بذلك اللهيب القرمزيّ البدائيّ.

قال الكائن الذي يسكن جسد كول، بصوتٍ أجوف تتداخل فيه عدة نبرات:

"لقد أتيت."

أجابه ألكسندر وهو يخلع سترته ببطء ويرميها أرضًا:

"أنا دائمًا آتي. لنرَ أي نوع من الاوغاد تظنّ نفسك."

مال كول برأسه جانبًا، وقال:

"أنا لست... أنا ذكرى حاكم. منسيّ. مدفون. لكنني لم أمت."

زأر ألكسندر بنبرة خالية من الرحمة:

"إذًا سأدفنك مجددًا."

وانطلق نحوه.

اصطدامهما زلزل هواء القبة. قبضات تزمجر كالرعد، سحر مشتعل كالنار البرية، أنياب تتصادم كما الوحوش. لم يعودا بشرًا. ولا حتى مصاصي دماء. لقد تحوّلا إلى وحوش... عمالقة من الألم، والدم، والثأر.

في الخارج، كان الأصليون وآل سالفاتور يراقبون بعجز، وانعكاساتهم تتشوّه في وهج القبة الحمراء.

همس إيلايجا، كمن يشهد ملحمة أسطورية:

"نحن نشهد معركة الأساطير."

هزّت بوني رأسها ببطء، وهي تعتصر كتابها بين ذراعيها:

"لا... نحن نشهد نهاية قصة بدأت قبل زمن طويل."

أما داخل القبة، المغمورة بالدم، فقد وجه ألكسندر ضربة إلى كول شقّت الأرض تحتهما... لكن الوحش لم يتألم، بل ضحك، ودم يتقاطر من بين أسنانه، وذراعاه ممدودتان، كأنّه يرحّب بالعذاب.

لأن بالنسبة لدماء النسيان...

كانت هذه متعة.

تحوّل لون السماء داخل القبة إلى السواد، لا بسبب الغيوم، بل بفعل الضغط الهائل المنبعث من العملاقين الواقفين تحتها.

كان جسد كول، وقد ابتلعته لعنة "دماء النسيان"، ينبض بتوهّج قرمزي مريض. كل حركة تصدر عنه كانت تخلّف تموجات من طاقة فاسدة تعبر القبة كأنها سمٌ حي. وكان ابتسامه محفورًا على وجهه، عريضًا وغير طبيعي، كأن الألم يغذّيه.

على الجانب الآخر، وقف ألكسندر في صمتٍ مطبق. عينيه خاليتان من أي توهّج، لا وحشية ولا وهج سحري—بل صفاءٌ بشريّ بارد، صُقِل حتى صار سلاحًا قاتلًا. لم يعد الروح التائهة التي ضاعت في بؤسها. لقد أصبح شيئًا يتجاوز البشر. شيئًا مخيفًا في هدوئه.

ثم سقطت الضربة

تحرّك كول أولًا—كان ظلًّا من الظلام، أسرع من أن تلحقه العين. ارتطمت يده بأضلاع ألكسندر، فطارت جثته عبر الأرض الملطخة بالدماء. وقد خلّف سقوطه حفرةً عميقة في التراب.

لكن ألكسندر لم يبقَ طريح الأرض.

استدار ، وانزلق حتى توقّف، ثم سعل مرة واحدة، وابتسم.

"أسرع من المرة السابقة"، قالها بشفاهٍ دامية. "جيد. هذا سيجعل الأمر أكثر متعة."

وانطلق راكضًا.

تصادما في المنتصف بقوة زلزلت الحاجز. قبضات، مخالب، لكمات مشبعة بالسحر—كل ذلك تحوّل إلى طيفٍ غير واضح. كانت ضربات ألكسندر قاسية، يغذيها الانتقام والوضوح القاتل. أما ضربات كول فكانت متفجرة، غير متوقعة، يحرّكها شغف فوضويّ للدم.

صرخ كول وهو يمرّر مخالبه على صدر ألكسندر، ممزقًا الجلد في شرائط دموية. لكن ألكسندر لم يتراجع. احتمل الألم، وأمسك بعنق كول، وضربه في الأرض بارتطامٍ كالرعد، جعل التراب يرتفع كأمواج مضطربة.

ضحك كول من تحته، والدم يسيل من أنفه.

"أتظن أن هذا كافٍ لإيقاف حاكم؟"

لم يردّ ألكسندر. بل أمسك بعظمٍ حادّ من الأرض المحطّمة، وغرسه في كتف كول، مثبّتًا إياه في الأرض. صرخ كول، وهذه المرة لم يكن صراخ ألم، بل غضب نقيّ، فأطلق موجةً سحرية دموية دفعت ألكسندر بقوة إلى جدار القبة.

ارتطم جسده بقسوة، وتهشمت أضلاعه. ومع ذلك... نهض واقفًا.

في الخارج، وقف الأخوان سالفاتور مشدوهين لا يحركان ساكنًا.

همس دايمن:

"بحق الخالق... إنه لا يستخدم حتى سلاحًا."

تمتم ستيفان بنبرة مندهشة:

"هو السلاح."

امتلأت عينا ريبيكا بالدموع، ممزّقة بين الذهول والرعب:

"سيموت هناك..."

قالت بوني من جانبها، وهي لا تزيح نظرها عن المشهد:

"لا... هذه النسخة من ألكسندر لا تعرف الهزيمة."

في الداخل، نهض كول على قدميه. ذراعه اليسرى معلّقة، مكسورة لا فائدة منها، لكن السحر الدموي الذي يغمر جلده صار أكثر توهجًا.

"أنت قوي، ألكسندر. لكنك ما زلت ضعيفا. أما أنا... فقد أصبحت شيئًا آخر. انت كنت و لا زلت نفس الفتى الهش الضعيف التافه"

رفع يده، وانفجرت من الأرض خيوط سوداء تمسّكت بأطراف ألكسندر، تشدّه إلى الأسفل. سار كول نحوه ببطء، وشفتيه تتقوسان بسرور شرير.

"دعني أريك ما تتذكره دماء النسيان."

وبصرخة وحشية، غرس يده في صدر ألكسندر.

خارج القبة، صرخ دايمن:

"لااااا!"

تدفّق الدم على جانب ألكسندر بينما كانت مخالب كول تشق طريقها نحو قلبه—لكنها توقّفت. توقفت قبل أن تلامسه. لقد علقت يده.

نظر كول إلى الأسفل مذهولًا—فوجد ألكسندر يبتسم، والدم يتفوّر من فمه.

"ما كان ينبغي لك أن تقترب."

واندفعَت يد ألكسندر إلى الأعلى، وأمسكت وجه كول، وانطلقت من بشرته نيران بيضاء، نيران مصاصي دماء، ولدت من الغضب والسحر و اللعنة التي احرقت روحه ل ينوات عديدة.صرخ كول، وهو يتخبّط إلى الوراء، جلده يحترق ويتقشّر، بينما يترنّح مبتعدًا.

نهض ألكسندر، واضعًا يده على الجرح في صدره، يلهث بصعوبة.

"أنت لست حاكم..." قالها بأسنان مشدودة. "أنت خطأ."

تعثّر كول، نصف وجهه محترق، يزمجر بجنون:

"إذًا... لِنُنْهِ هذا!"

وانطلقا من جديد.

لقد بدأت المعركة النهائية—عنيفة، لا رحمة فيها، غارقة في الدماء والغضب. الأرض تشقّقت تحت أقدامهم، والهواء ذاته ارتجف مع كل صرخة، كل ضربة، كل صدام.

وفي قلب ذلك كله، ضحك ألكسندر—ضحكة عالية، جامحة، حرّة—زلزل صداها القبة كالرعد.

لم يكن ملعونًا بعد الآن.

لم يكن مطاردًا بالأشباح.

لقد كان حيًّا—وهذا كان غضبه.

---

2025/05/28 · 6 مشاهدة · 1165 كلمة
نادي الروايات - 2025