الفصل 37 – "العودة إلى البداية"
كان هواء الليل في نيو أورلينز مختلفًا.
نابضًا بالحياة.
يتنفس موسيقى الجاز والدماء والأسرار.
عادت عائلة مايكلسون الأصلية إلى منزلها بصمت. لا احتفال، لا ضجيج، فقط خطواتهم تتردد أصداؤها عبر أروقة القصر العتيق، المشبعة بذكريات أثقل من أن تُقال.
كول... رحل.
وهذه المرة، رحيله كان حقيقيًا. لا خنجر أغرقه في سبات، ولا اختفاء مؤقت. بل موت حقيقي، لا عودة منه.
جوزيبي سالفاتور هلك أيضًا. أخيرًا اقتُلِع من هذا العالم على يد ابنه... ذاك الابن الذي حاول سحقه منذ اللحظة التي وُلد فيها.
السلام عاد مجددًا — ولكن بثمنٍ باهظ من الدماء.
ألقت ريبيكا حقيبتها على أرضية الرخام، ثم انهارت على أقرب أريكة بأنفاس مرهقة. "يا إلهي، اشتقت لهذا المكان."
قال إيلايجا بنبرته الهادئة، وهو يصب لنفسه كأسًا من الويسكي: "لقد اشتقتِ لخزانة ملابسك في الغرفة."
أجابته بابتسامة صغيرة فيها شيء من الدلال: "واشتقت للمكان معها أيضاً."
وقف كلاوس عند النافذة، وذراعاه معقودتان أمام صدره. أنوار الربع الفرنسي في المدينة تتلألأ في البعيد، كنجوم سقطت إلى الأرض. قال بصوت منخفض: "لا يبدو الأمر كالنصر."
رد إيلايجا بثبات: "النصر لا يشعرنا بذلك أبدًا. لكننا ما زلنا أحياء. ومن استحق الموت... نال مصيره."
سكن الصمت بينهم.
تفاهم صامت، عميق. كلٌّ منهم خسر شيئًا... حتى أولئك الذين ظاهريًا انتصروا.
---
وفي تلك الأثناء، في ميستيك فولز، عاد الهدوء إلى منزل سالفاتور من جديد.
جلس ستيفان على شرفة المنزل، وبين يديه كتاب نادرًا ما يجد الوقت لقراءته في هذه الأيام.
أما دايمن، فكان بالداخل، يتصفح مجموعة الأسطوانات بكسلٍ معتاد، وفي يده كأس من الويسكي يحتسيه ببطء.
وأما ألكسندر...
فكان واقفًا في الغابة خلف المنزل، يتأمل انعكاس وجهه في جريان الماء الصافي في الجدول.
لم يعد هناك أثر للاحمرار في عينيه. اللعنة، الألم — انتهيا.
لم يعُد مجرّد إنسان ملعون.
ولا كان مجرد مصاص دماء.
لقد أصبح شيئًا آخر.
شيئًا... أعظم.
الغضب في داخله صار هادئًا، كأنما كُبِح بعد أن كان طوفانًا. والحزن؟ أصبح مجرد ندبة قديمة، لا جرحًا نازفًا.
جوزيبي... مات.
وروحه عادت ملكًا له.
وحين مرّت الرياح بين الأشجار تهمس كأنها تحمل أسرار الليل، رفع ألكسندر رأسه نحو السماء، وهمس: "نجوت."
وهذه المرة... كان يعنيها حقًا.
---
كان الليل هادئًا من جديد في ميستيك فولز. هادئًا... أكثر مما يجب.
وقف ألكسندر في غرفة المعيشة بمنزل سالفاتور، مكتوف اليدين، وملامحه جامدة يصعب قراءتها. أمامه جلس ستيفان على ذراع الأريكة، يراقب شقيقه بنظرة يغلب عليها الفضول المتأني. أما دايمن، فكان يستند إلى الحائط بكأس في يده، وقد لمح منذ اللحظة الأولى أن شيئًا ما يُغلي تحت السطح.
ريبيكا، كلاوس، وإيلايجا كانوا قد عادوا لتوّهم إلى نيو أورلينز، لكن أصداء الحرب الأخيرة لم تهدأ بعد. الجميع ما زال يلعق جراحه.
الجميع... عدا ألكسندر.
فهو لم يُنْهِ ما بدأه بعد.
ليس بعد.
قال أخيرًا بصوت خافت حاد النبرة:
"كنت أفكر."
غمغم دايمن دون أن يرفع نظره:
"وهذا لا يبشر بالخير أبدًا."
تجاهله ألكسندر وتابع، وقد بدأت ملامحه تتصلب أكثر:
"قضينا على كول. ودمرنا جوزيبي. لكن وسط كل تلك الفوضى... هناك من تسللت بعيدًا."
ضاقت عينا ستيفان، ونظر إليه بتركيز:
"من؟"
تلاقى نظره بنظر أخيه مباشرة، ونطق الاسم كأنه نطق بلعنة:
"كاثرين."
صمت قصير، ثم أضاف بنبرة ممزوجة بالاشمئزاز:
"عندما قطعت يدي... السيف الذي استخدمته..."
هبط السكون على الغرفة كستار ثقيل.
واصل ألكسندر، وعيناه تلمعان بشيء غامض:
"كان سيفًا مصنوعًا من الظل. وحضورها... لم يكن ينتمي إلى هذا العالم. إنها تعمل مع شيء آخر — شيء قديم. ربما أقدم حتى من اللعنة ذاتها. ولم تنتهِ منا بعد."
أشاح ستيفان بوجهه، متوترًا:
"لماذا الآن؟ لماذا تعود الآن؟"
قهقه دايمن بسخرية وهو يرفع كأسه:
"لأن حياتنا لا يُسمح لها بالهدوء لخمس دقائقٍ فقط، على ما يبدو."
تقدّم ألكسندر خطوة إلى الأمام، وعيناه تقدحان بالعزم:
"سأذهب خلفها. يجب أن أفعل."
قال ستيفان دون تردد، نبرته حازمة:
"لن تذهب وحدك."
رفع دايمن كأسه قليلاً وأضاف:
"مستحيل ذهابك لوحدك."
ارتسمت على وجه ألكسندر ابتسامة خفيفة، ملتوية، أشبه بابتسامة محارب عاد لتوه من الموت:
"إذًا... فلنطاردها."
في الزاوية، استمر حطب المدفأة في التهام النار.
وفي الخارج، دَوّى الرعد في السماء البعيدة، كأن
الطبيعة تنذر بأن العاصفة القادمة تقترب.
الحرب التالية لم تبدأ بعد...
لكن اسمها كان بالفعل على شفتي ألكسندر.
"كاثرين."
---