الفصل 43: الموعد الثاني
---
منزل سالفاتور – الصباح
تسلّلت أشعة الشمس الذهبية بتكاسل عبر الستائر، دافئة وناعمة، لكن السلام الذي كان يخيّم على منزل آل سالفاتور على وشك أن يُمزّق بسبب أمر نادر الحدوث أكثر من أزمات ما فوق الطبيعة: توتّر ألكسندر.
كان يجوب غرفة الجلوس ذهابًا وإيابًا، يعدّل ياقة قميصه كل خمس ثوانٍ، ويحدّق في انعكاسه في المرآة الزخرفية كما لو كانت عدوّه اللدود. أما دايمن، فقد كان يتكئ على الأريكة، يحتسي كأسًا من البوربون قبل الظهيرة كعادته، يراقب ألكسندر بعينين تلمعان بالسخرية. بينما كان ستيفان مستندًا إلى إطار الباب، عاقدًا ذراعيه، وابتسامة لا تخلو من الشماتة ترتسم على وجهه وكأنه انتظر هذه اللحظة طيلة حياته.
قال ستيفان، وقد بدت عليه الدهشة الحقيقية:
"هل... هل يتصبّب عرقًا؟"
رفع دايمن حاجبًا وقال:
"لم أكن أعلم أنه يستطيع التعرّق أصلاً. يبدو أن حتى حكام الشياطين يرتجفون قبل موعد غرامي."
رمقهما ألكسندر بنظرة قاتمة وقال:
"قولوا كلمة أخرى وسأمزق رأسيكما."
قال دايمن وهو يضحك:
"يا له من مزاج عصبي! ولا تنكر ذلك حتى. من كان يظن أن ألكسندر المرعب سيفقد أعصابه بسبب موعد؟"
تقدّم ستيفان وقد لمع في عينيه بريق المرح:
"لكن بجدية الآن… بوني؟ كيف بحق الجحيم حدث ذلك اعني انا لا زلت لا اصدق انك نجحت في الموعد الاول والان ثاني؟"
توقّف ألكسندر عن المشي وقال:
"مررنا بالكثير معًا. كانت موجودة عندما كنت ملعونًا، هي من أعادتني… إنها طيبة. قوية. أنا…" ثم تنحنح ليغيّر نبرة صوته، "أنا معجب بها."
كاد دايمن أن يختنق بشرابه:
"معجب بها؟ هذا لطيف جدًا لدرجة تثير القشعريرة."
أدار ألكسندر عينيه وقال:
"أنتما أسوأ من الأطفال."
رفع ستيفان يده بإشارة تهدئة وقال:
"لكن بصدق، نحن سعداء من أجلك. بوني مذهلة."
قهقه دايمن وقال:
"وربما تنجح أخيرًا في كسر ذلك الحائط من الكآبة الذي يحيط بك."
ابتسم ألكسندر بسخرية:
"لا أظن ذلك."
نظر دايمن اليه بغرابة
" ولكن حقا لم انت هكذا اعني انه الموعد الثاني ليس وكانك ذاهب معها للمره الاولى "
تنهد الكسندر" هذا هو الامر انا حقا اريد ان ينجح الامر بشكل تام واعني حرفيا
الموعد الاول كان جميل نعم. ولكن ماذا لو لم تحب الثاني. ماذا لو لم تبتسم ماذا لو"
وفجأة، اهتز هاتفه. اسم بوني ظهر على الشاشة، يترافق مع قلب صغير بجانبه. مال ستيفان لينظر، ثم شهق بمبالغة درامية.
"هل أضفت رمز قلب بجانب اسمها؟"
تمتم ألكسندر:
"اقتلوني الآن."
---
منزل بوني – في ذات الصباح
كانت كارولاين فوربس قد قطعت شوطًا في قلب خزانة ملابس بوني، وهي تقذف الفساتين على السرير يمينًا ويسارًا، حين دخلت إيلينا، لاهثة.
"هل هذا صحيح؟" سألت إيلينا.
تنهدت بوني، محاولة أن تُخفي ابتسامتها بينما كانت تسحب فستانًا أسود بسيطًا.
"نعم."
صرخت إيلينا بدهشة:
"ألكسندر؟!"
استدارت كارولاين، ممسكة بزوج لامع من الأقراط في يدها، وقالت:
"أنتِ ذاهبة في موعد. مع ألكسندر. الرجل الذي شقّ صدر مصاص دماء وهو يضحك؟"
قالت بوني بهدوء:
"لقد أنقذ حياتنا جميعًا أيضًا. وهو… تغيّر الآن. أصبح أكثر هدوءًا. إلى حدٍ ما."
رمشت كارولاين بدهشة وقالت:
"بوني. هذا الرجل يبدو وكأنه يتناول الفوضى على الإفطار."
جلست إيلينا على السرير، فمها لا يزال مفتوحًا من الذهول.
"أتحبينه حقًا؟"
أومأت بوني برأسها:
"لم يكن مخططًا له. لقد… حدث فحسب."
ابتسمت كارولاين ابتسامة عريضة وقالت:
"حسنًا، يبدو أن الجحيم قد تجمّد أخيرًا. وأنتِ سترتدين ذلك الفستان الذي اخترته، صحيح؟"
رمقت بوني كارولاين بنظرة ملؤها الإنزعاج المتصنّع، لكنها ابتسمت في النهاية:
"نعم."
قالت كارولاين بحماس:
"والكعب العالي."
"حسنًا."
"وملمع الشفاه اللامع—"
"كارولاين."
ضحكت إيلينا وقالت:
"تعرفين؟ أعتقد أنكِ ستكونين مناسبة له."
تلألأت عينا بوني بنعومة:
"وأنا أعتقد ذلك أيضًا."
---
في تلك الليلة – بداية الموعد
في منزل سالفاتور، كان ألكسندر يعدّل أكمام قميصه للمرة المليون. اقترب منه ستيفان وربت على كتفه بلطف.
"كن على طبيعتك فقط."
وأضاف دايمن بابتسامة واسعة:
"لكن حاول تخفيف تلك الهالة القاتلة الخاصة بحاكم الموت."
زمجر ألكسندر ساخرًا:
"كلامكما مفيد كالمعتاد."
ثم جاء الطَرق على الباب.
وقفت بوني عند العتبة، متألقة في فستانها الأسود، تشعّ بتلك الثقة الهادئة التي لطالما منحتها هالة من السحر. فتح ألكسندر الباب وتجمّد للحظة، ناسيًا تمامًا كيف يُفترض أن يتكلّم.
"تبدين…" بدأ، ثم توقّف، "رائعة."
ابتسمت بوني وقالت:
"وأنت لا تبدو سيئًا أيضًا."
خلفه، كان ستيفان ودايمن يتسلّلان من غرفة الجلوس ليشاهدا الموقف.
"كونا بخير!" صاح ستيفان.
"ولا تقتل أحدًا في الموعد الثاني! على الأقل انتظر الموعد الثالث!" أضاف دايمن.
استدار ألكسندر، ورفع إصبعه الأوسط نحوهما، ثم أغلق الباب بقوة.
ذهب الاثنان في موعدهم و لصدمه الكسندر
مر كل شي بسلاسة تامه و هدوء جميل
و انتهى الموعد الثاني
منزل بوني – الشرفة الأمامية – آخر المساء
تدلّى القمر منخفضًا فوق ميستيك فولز، ناشرًا ضوءه الفضي على الشارع الهادئ، بينما كان ألكسندر يصعد الدرجات برفقة بوني نحو شرفة منزلها. لم يتبادلا الكثير من الكلمات في طريق العودة. لكن بينهما ساد صمت مريح، صمتٌ ناعمٌ وسلس، صمت لم يتخيل ألكسندر يومًا أنه سيعرفه.
توقف عند بابها، ويداه في جيبي معطفه، وحدّق فيها بنظرة يصعب تفسيرها، تلك النظرة التي اعتاد أن يحملها في ملامحه، لكن الليلة... كانت مختلفة. كان في عينيه دفء. وسكينة لم يسبق له أن أظهرها من قبل.
استدارت بوني نحوه، تنظر في عينيه بتمعّن.
"شكرًا... على هذه الليلة."
أومأ برأسه قليلًا، ثم تردّد قبل أن يقول بصوت خافت:
"لم أظنّ يومًا أنني سأذهب في موعد. فضلًا عن أن أستمتع به."
ضحكت بوني برقة:
"أنت أفضل بكثير مما تظن."
قال بنبرة منخفضة:
"لقد كان لديّ معلمة جيّدة."
اقتربت منه خطوة.
"إذًا... هل هذه اللحظة التي نقول فيها تصبح على خير؟"
قابل نظرتها بثبات وقال:
"ليس بعد."
ثم، دون أن ينطق بكلمة أخرى، مال نحوها—بلطف، وكأنه متردد—وقبّلها.
لم تكن تلك القبلة شبيهة بأي شيء عرفه ألكسندر من قبل. لم تكن شغفًا جامحًا، ولا لهفة، ولا نارًا مشتعلة. كانت هدوءًا. كانت من النوع الذي يذيب الألم القديم ويزرع شيئًا جديدًا مكانه، شيئًا نقيًا.
ابتسمت بوني وهي لا تزال تلامس شفتيه، ثم تراجعت قليلًا وقالت:
"تصبح على خير، ألكسندر."
ابتسم—ابتسامة حقيقية هذه المرة—ثم استدار ونزل درجات الشرفة ببطء، فيما بقيت بوني واقفة في مدخل الباب، تتابعه بعينيها، وأصابعها ما زالت تلمس شفتيها.
---
منزل سالفاتور – الممر الخارجي
دخل ألكسندر إلى الممر بهدوء، وصوت محرك سياره دايمن الزرقاء انطفئ بسلاسة. ترجّل منها وهو يتوقع أن يكون المنزل غارقًا في الظلام والهدوء.
لكن المفاجأة كانت في انتظاره.
على درجات الباب الأمامي، كان دايمن وستيفان جالسين، ذراعيهما متقاطعتان، وابتسامات متربصة ترتسم على وجهيهما.
نهض دايمن أولًا، وهو يصفق ببطء:
"أوه، انظروا من عاد سالمًا من ثاني موعد له!"
قطّب ألكسندر حاجبيه وقال:
"هل أنتما جادان؟ انتظرتما عودتي؟"
قال ستيفان بنبرة جادة مزيفة:
"بالطبع. فأنت أخونا الصغير، على ما يبدو."
اقترب دايمن وهو يتمايل بخطواته:
"حسنًا؟ كيف كانت؟ هل كسرت قلبها؟ فجّرت شيئًا؟ تسبّبت بنهاية العالم مجددًا عن طريق الخطأ؟"
مرّ ألكسندر بجانبهما دون أن يرد.
نهض ستيفان قائلاً:
"انتظر، انتظر—لحظة. هل قبّلتها؟"
توقّف ألكسندر عند الباب، استدار وقال:
"ليس من شأنكما."
ضحك دايمن وهو يرمقه:
"لقد فعلها فعلًا. أنظروا إليه—إنه يشعّ من أثر القبلة! لم أتخيّل أنني سأشهد هذا اليوم."
"اصمت."
قهقه ستيفان وقال:
"إنه يحمرّ خجلًا."
فتح ألكسندر الباب الأمامي وقال مهددًا:
"سأطعنكما في نومكما."
تبعاه داخلًا، وقال دايمن دون أن يتراجع:
"يستحق ذلك."
دخل الثلاثة معًا إلى دفء منزلهم، وكان الهواء في الداخل أخفّ من المعتاد. لا حروب. لا أعداء. فقط إخوة—يتشاجرون، يمازحون، وربما، يبدؤون رحلة شفاء.
ولأول مرة منذ وقت طويل، لم يكن منزل آل سالفاتور مجرد مكان تبدأ فيه المآسي.
بل صار مكانًا بدأ فيه شيء جميل بالنمو أخيرًا.
---
-